١٧٣ الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ ان كان نزول الآيتين معا فيكون الّذين قال لهم النّاس بدلا من الّذين استجابوا و ان كان نزولهما على التعاقب و التفرق فالموصول هاهنا ايضا اما منصوب على المدح او خبر مبتدا محذوف تقديره هم الذين قال لهم الناس او مبتدا خبره فانقلبوا قال اكثر المفسرين المراد بالناس هاهنا الركب من عبد القيس الذين جاءوا من ابى سفيان و النبي صلى اللّه عليه و سلم فى حمراء الأسد كما مرّ ذكره و قال مجاهد و عكرمة المراد بالناس هاهنا نعيم بن مسعود الأشجعي الذي جاء فى المدينة بخبر ابى سفيان و المشركين و النبي صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه يتجهزون لغزوة البدر الصغرى للموعد و اطلق عليه الناس لانه من جنسه كما يقال فلان يركب الخيل و ما له الا فرس واحد او لانه انضم اليه ناس من المدينة و أذاعوا كلامه- و الظاهر عندى ان نزول هذه الاية فى غزوة بدر الصغرى و المراد بالناس نعيم بن مسعود الأشجعي و الاية الاولى نزلت فى غزوة حمراء الأسد و بينهما سنة و وجه قولى ان الظاهر نزول هذه الاية فى بدر الصغرى ان قوله إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ يدل على حدوث جمعهم الان بعد ما لم يكن و ذا لا يتصور الا فى بدر الموعد و اما حين انصرافهم من المدينة بعد وقعة أحد فهم كانوا مجتمعين فلا يناسبه قوله قد جمعوا لكم و اللّه اعلم و كذا قال الامام الرازي حيث قال مدح اللّه تعالى المؤمنين على غزوتين يعرف أحدهما بغزوة حمراء الأسد و هى المذكورة فى الاية المتقدمة و الثانية بغزوة البدر الصغرى و هى المذكورة فى هذه الاية و اللّه اعلم إِنَّ النَّاسَ يعنى أبا سفيان و غيره من المشركين قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ جموعا و آلات «١» الحرب فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً عطف على قال لهم النّاس و الضمير المستكن للّه تعالى او للمقول او لمصدر قال او لفاعله ان أريد به نعيم وحده- و البارز راجع الى الموصول و المعنى انهم لم يلتفتوا و لم يضعفوا (١) فى الأصل و الآلات الحرب- [.....]. و أظهروا حمية الإسلام و بهذا العمل اقتربوا الى اللّه سبحانه و صعدوا مدارج الرفعة و زيادة الايمان بزيادة مدارج القرب و من قال ان الايمان لا يزيد و لا ينقص فنظره مقصور على الايمان المجازى وَ قالُوا عطف على زادهم حَسْبُنَا اللّه حسب مصدر بمعنى الفاعل اى محسبنا و كافينا من احسبه إذا كفاه و يدل على انه بمعنى المحسب انه لا يستفيد بالاضافة تعريفا فى قولك هذا رجل حسبك كما لا يستفيد اسم الفاعل وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) اى نعم الموكول اليه الأمور هو المخصوص بالمدح محذوف و فى عطف نعم الوكيل و هو إنشاء على جملة حسبنا اللّه و هو خبر مبارزة بين الفحول فقيل العطف من الحاكي و لا عطف فى الكلام المحكي تقديره قالوا حسبنا اللّه و قالوا نعم الوكيل يعنى قالوا هذا القول و هذا القول و الظاهر ان المحكي هو المشتمل على العطف لما روى عن ابن عباس قال حسبنا اللّه و نعم الوكيل قالها ابراهيم حين القى فى النار و قالها محمد صلى اللّه عليه و سلم حين قالوا انّ النّاس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا و قالوا حسبنا اللّه و نعم الوكيل رواه البخاري فان افراد الضمير فى قوله قالها ابراهيم يدل على ان الواو من المحكي و لو كان من الحكاية لقال حسبنا اللّه و نعم الوكيل قالهما ابراهيم بضمير التثنية فقال بعض الأفاضل فى توجيه العطف ان قولهم حسبنا اللّه كناية عن قولهم اعتمدنا على اللّه و قولهم نعم الوكيل كناية عن قولهم انا و كلنا أمورنا الى اللّه- و الصحيح عندى ان الجمل التي لا محل لها من الاعراب جاز ان يعطف بعضها على بعض من غير مبالاة بالاختلاف خبرا و إنشاء و قد ورد فى الحديث انه جاءت امراة فقالت يا رسول اللّه ان ابى زوجنى ابن أخيه و نعم الأب هو الحديث و قال اللّه تعالى أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ. |
﴿ ١٧٣ ﴾