٢٠٠ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا على دينكم و مشاق التكليفات و مخالفة الهوى و على محبة ربكم و طاعته لا تدعوها فى شدة و لا رخاء و على جهاد أعدائكم و على البليات و الشدائد- قال جنيد الصبر حبس النفس على المكروه بغير جزع وَ صابِرُوا يعنى غالبوا اعداء اللّه فى الصبر على شدائد الحرب فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللّه ما لا يَرْجُونَ تخصيص بعد التعميم- و المصابرة كما يوجد فى مقابلة الكفار فى الجهاد الأصغر يوجد فى مقابلة النفس فى الجهاد الأكبر ايضا فان النفس يتحمل من الشدائد و المكاره فى طلب الدنيا و شهواتها ما لا يخفى و قد يتحمل لنيل النعيم الباقية فى الجنات العلى فلا بد للصوفى ان يتحمل اكثر من ذلك كلها فى طلب المولى جلّ و على وَ رابِطُوا أبدانكم و خيولكم فى الثغور مترصدين للغزو- او أنفسكم و قلوبكم و أبدانكم فى ذكر اللّه و الطاعات و انتظار الصلاة بعد الصلاة فى المساجد و حلق الذكر واصل الربط الشد يعنى شد الخيل فى الثغور ثم قيل ذلك لكل مقيم فى ثغر يدفع عمن وراءه و ان لم يكن له مركب ثم قيل لكل مقيم على شى ء يدفع عنه ما يمنعه- و المرابطة المغالبة فى الرباط على من عداه يعنى ان الأعداء يربطون لمحاربتكم فانتم غالبوهم فى ذلك- عن سهل بن سعد الساعدي ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال رباط يوم فى سبيل اللّه خير من الدنيا و ما عليها و موضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا و ما عليها و الروحة يروحها العبد فى سبيل اللّه او الغدوة خير من الدنيا و ما عليها- رواه البغوي من طريق البخاري و الفصل الاول فى الصحيحين عن سهل و الفصل الثالث فيهما عن انس- و عن سلمان الخير ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال من رابط يوما و ليلة فى سبيل اللّه كان له اجر صيام شهر مقيما و من مات مرابطا اجرى له مثل ذلك الاجر و اجرى عليه من الرزق واو من من الفتان رواه البغوي- و رواه مسلم بلفظ رباط يوم و ليلة خير من صيام شهر و قيامه و ان مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله و اجرى عليه رزقه و أمن من الفتان- و أخرجه احمد و ابن ابى شيبة بلفظ من رابط يوما او ليلة فى سبيل اللّه كان كعدل صيام شهر رمضان و قيامه لا يفطر و لا ينفتل عن صلاته الا لحاجة- و عن فضالة بن عبيد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال كل ميت يختم على عمله الا الذي مات مرابطا فى سبيل اللّه فانه ينمى له عمله الى يوم القيامة و يأمن فتنة القبر رواه الترمذي و ابو داود و رواه الدارمي عن عقبة بن عامر- و عن عثمان رضى اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال رباط يوم فى سبيل اللّه خير من الف يوم فيما سواه من المنازل رواه الترمذي و النسائي- و قال البغوي قال ابو سلمة بن عبد الرحمن لم يكن فى زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم غزو يرابط فيه و لكنه انتظار الصلاة خلف الصلاة- و دليل هذا التأويل حديث ابى هريرة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال الا أخبركم بما يمحوا اللّه به الخطايا و يرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره و كثرة الخطا الى المساجد و انتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط رواه البغوي و روى مسلم و الترمذي عن ابى هريرة نحوه وَ اتَّقُوا اللّه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠) الفلاح الفوز بالمحبوب بعد الخلاص من المكروه- و لعل لتغيّب المال لئلا يتكلوا على الآمال عن تقديم الأعمال- عن عثمان بن عفان من قرا اخر ال عمران فى ليلة كتب له قيام ليلة رواه الدارمي- و عن ابى امامة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اقرءوا الزهراوين البقرة و ال عمران فانهما تأتيان يوم القيامة كانهما غمامتان- او كانهما غيابتان او كانهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما رواه مسلم و عن النواس بن سمعان قال سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول يؤتى بالقران يوم القيامة و اهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة و ال عمران كانهما غمامتان او ظلتان سوداوان بينهما شرق او كانها فرقان من طير صوافّ تحاجّان عن صاحبهما رواه مسلم- و عن مكحول قال من قرا سورة ال عمران «١» يوم الجمعة صلت عليه الملائكة الى اللّيل رواه الدارمي- الحمد للّه ربّ العلمين و صلى اللّه تعالى على خير خلقه محمد و اله و أصحابه أجمعين- وقع الفراغ من تفسير سورة ال عمران يوم الاثنين ثامن ذى القعدة سنة الف و مائة و سبع و تسعين من هجرة النبي صلى اللّه عليه و سلم- يتلوه تفسير سورة النساء ان شاء اللّه تعالى- (١) و روى الطبراني بسند ضعيف عن ابن مليك من قرا السورة التي تذكر فيه ال عمران يوم الجمعة صلى اللّه عليه و ملائكته حتى تحجب الشمس لشخص- منه رحمه اللّه تعالى-. |
﴿ ٢٠٠ ﴾