١٢

وَ لَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ اى زوجاتكم إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ اى صاحب فرض او عصبة من الأولاد سواء كان بواسطة او بلا واسطة فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَ لَهُنَّ اى للزوجات واحدة كانت او اكثر الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ من الصلب او ولد الابن فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ و كذا ترث المعتدة من الطلاق الرجعى دون البائن ان كان الزوج طلقها صحيحا و كذا ان طلقها فى مرض موته رجعيا اجماعا غير ان أبا حنيفة يقول ترث ان مات و هى فى العدة و قال احمد ترث و ان انقضت عدتها ما لم تتزوج قبل موته و قال مالك ترث و ان تزوجت و للشافعى اقوال كالمذاهب الثلاثة و كذا ان طلق فى مرض موته طلاقا بائنا عند ابى حنيفة و احمد الّا ان أبا حنيفة يشترط فى إرثها ان لا يكون الطلاق عن طلب منها لانها ان طلبت رضيت بابطال حقّها و للشافعى قولان اظهرهما انها لا ترث، روى احمد عن معمر ان غيلان بن سلمة اسلم و تحته عشر نسوة فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم اختر منهن أربعا فلما كان عهد عمر طلق نساءه و قسم ماله بين بنيه فبلغ ذلك عمر فقال انى لا ظن الشيطان مما يسترق من السمع سمع موتك فقذفه فى نفسك و أعلمك انك لا تمكث الا قليلا و ايم اللّه لتراجعن نساءك و لترجعن مالك او لاورثهن منك و لامرت بقبرك فيرجم كما رجم قبر ابى رغال و حكم البخاري بصحة الموقوف منه عن الزهري عن سالم عن أبيه بخلاف اوّل القصة قلت هذا الحديث سند للاجماع على الا يراث بعد الطلاق الرجعى و الحجة للجمهور على ايراثها بعد البائن ان عثمان رضى اللّه عنه ورث تماظر بنت الا صبغ بن زياد الكلبية و قيل بنت عمرو بن الشريد السلمية من عبد الرحمن بن عوف لمّا بتّ طلاقها فى مرضه و مات و هى فى العدة بمحضر من الصحابة و لم ينكر عليه أحد فكان اجماعا و قال ما اتهمته و لكن أردت السنة و بمذهبنا ذهب عمر و ابنه و عثمان و ابن مسعود و المغيرة و نقله ابو بكر الرازي عن على و ابى بن كعب و عبد الرحمن بن عوف و عائشة و زيد بن ثابت و لم يعلم عن صحابى خلافه و هو مذهب النخعي و الشعبي و سعيد ابن المسيّب و ابن سيرين و عروة و شريح و ربيعة بن عبد الرحمن و طاؤس بن شبرمة و الثوري و الحماد بن ابى سليمان و الحارث- وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يعنى الميت او الوارث يُورَثُ صفة رجل فان كان المراد به الميت فالمعنى يورث منه و ان كان المراد به الوارث فهو من أورث كَلالَةً خبر كان او خبره يورث و كلالة حال من الضمير فيه و جاز ان يكون كلالة مفعولا له ان كان المراد بالكلالة قرابة ليست من جهة الولاد و هو فى الأصل مصدر بمعنى الكلال اعنى الاعياء يقال كلّ الرجل فى مشيبه كلالا و السيف عن ضربته كلولا و كلالة و اللسان عن الكلام فاستعير لقرابة ليست بالبعضية يعنى ليس أحدهما متوالدا من الاخر لانها كالة بالاضافة إليها، ثم وصف بها من لا يرث منه والد و لا ولد و من يرث ممن ليس له والد و لا ولد بمعنى ذى كلالة كذا

قال البيضاوي و

قال البغوي هو اسم للمورث الذي لا ولد له و لا والد و هو قول على و ابن مسعود رضى اللّه عنهما لانه مات عن ذهاب طرفيه فكلّ عمود نسبه، و قال سعيد بن جبير هو اسم لوارث ليس والدا للميت و لا ولده لانهم يتكلّلون الميت من جوانبه و ليس فى عمود نسبه أحد كالاكليل يحيط بالرأس و وسط الرأس منه خال و عليه حديث جابر حيث قال انما يرثنى كلالة اى يرثنى ورثة ليسوا لى بولد و لا والد و سئل ابو بكر عن الكلالة فقال انى ساقول فيها برأيى فان كان صوابا فمن اللّه و ان كان خطأ فمنى و من الشيطان أراه ما خلا الوالد و الولد فلما استخلف عمر قال انى لاستحيى اللّه ان أرد شيئا قاله ابو بكر رواه البيهقي عن الشعبي و رواه ابن ابى حاتم فى تفسيره و الحاكم بإسناد صحيح عن ابن عباس عن عمر قوله و فى حديث مرفوع عن ابى هريرة فسّر الكلالة بانها غير الوالد و الولد رواه الحاكم

و اخرج ابو الشيخ عن البراء قال سالت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن الكلالة قال ما خلا الوالد و الولد و كذا اخرج ابو داود فى المراسيل عن ابى سلمة بن عبد الرحمن عنه صلى اللّه عليه و سلم قال من لم يترك والدا و لا ولدا فورثته كلالة قلت و المراد بالوالد و الولد فى تفسير الكلالة الذكر من الأصول او الفروع حتى انه إذا كان للميت بنت او أم فهو كلالة ايضا يدل عليه حديث جابر فان جابر بن عبد اللّه كان له عند نزول الاية بنت فقط و لم يكن له والد لان أباه عبد اللّه بن حرام مات يوم أحد قبل هذا و الاخوة و الأخوات ترث مع الام و البنت بالإجماع و المراد بالولد أعم من ولد الابن حتى لا يرث الاخوة مع ابن الابن بالإجماع و كذا المراد بالوالد اعمّ من الجدّ لعدم الفصل بين الوالد و الولد فى تفسير الكلالة و اللّه اعلم أَوِ امْرَأَةٌ عطف على رجل و نظم الاية و ان كان رجل او امراة يورث يعنى أحدهما كلالة وَ لَهُ الضمير عائد الى رجل لانه مذكر مبتدا به او الى أحدهما من رجل و امراة المذكورين و هو مذكر و الجملة الظرفية معطوف على خبر كان ان كان المراد برجل الميت و ان كان المراد به الوارث فالضمير عائد الى المورث المفهوم من السياق كضمير لامه و الجملة الظرفية حال من ضمير يورث و المعنى و ان كان رجل او امراة يورث أحدهما من الميت كلالة و هو يعنى الوارث للميّت أَخٌ أَوْ أُخْتٌ اجمعوا على ان المراد بالأخ و الاخت هاهنا الأخ و الاخت لام فقط يدل عليه قراءة أبيّ و سعد بن ابى وقاص روى البيهقي ان سعدا قال الراوي أظنه ابن ابى «١» وقاص كان يقرا و له أخ او اخت من امّ، و روى ابو بكر بن المنذر ايضا عن سعد كذلك و حكى الزمخشري عنه و عن أبيّ بن كعب و قيل قرا ابن مسعود كذلك قال الحافظ ابن حجر لم أره عن ابن مسعود و من هاهنا يظهر انه يجوز العمل بالقراءة الغير المتواترة كما هو مذهب ابى حنيفة إذا صح اسناده خلافا للشافعى فى الأصول،

قال البغوي قال ابو بكر الصديق فى خطبته الا ان الاية التي انزل اللّه فى أول سورة النساء فى بيان الفرائض أنزلها فى الولد و الوالد و الاية الثانية فى الزوج و الزوجة و الاخوة من الام و الاية التي ختم بها السورة فى الاخوة و الأخوات من الأب و الام و الاية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها فى اولى الأرحام بعضهم اولى ببعض فى كتب اللّه فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ اجمعوا على ان أولاد الام إذا كانوا اثنين فصاعدا يشتركون فى الثلث ذكرهم و أنثاهم فى الاستحقاق و القسمة سواء و اختلفوا فى مسئلة حمارية و هى زوج و أم و اخوان لام و أخ لابوين فللزوج النصف و للام السدس و للاخوة من أم الثلث و لا شى ء لاخ لابوين واحدا كان او اكثر عند ابى حنيفة و احمد و داود لانه عصبة و لم يبق من اصحاب الفرائض شى ء و قال مالك و الشافعي يشارك الأخ لابوين الأخوين لام فى الثلث الذي هو فرض لهما، ذكر الطحاوي ان عمر كان لا يشرك حتى ابتلى بمسئلة فقال له الأخ لاب و أم يا امير المؤمنين هب ان أبانا كان حمارا السنا من امّ واحدة فشركهم و لذلك سمّى المسألة حمارية و رواه الحاكم فى المستدرك و البيهقي فى السنن من حديث زيد بن ثابت و صححه الحاكم و فيه ابو امية

(١) فى الأصل ابن وقاص- [.....].

بن يعلى الثقفي ضعيف و رواه من طريق الشعبي عن عمر و على و زيد بن ثابت انه لم يزدهم الأب إلا قربا

و اخرج الدارقطني من طريق وهب بن منبه عن مسعود بن الحكم الثقفي قال اتى عمر فى امراة تركت زوجها و امّها و إخوتها لامها و إخوتها لابيها و أمها فبشرك الاخوة للام الاخوة للاب و الام فقال له رجل انك لم تشرك بينهم عام كذا فقال تلك على ما قضيبنا و هذه على ما قضينا و أخرجه عبد الرزاق و أخرجه البيهقي من طريق ابن المبارك عن معمر لكن قال عن الحكم عن ابن مسعود و صوبه النسائي

و اخرج البيهقي ايضا ان عمر أشرك «١» بين الاخوة و ان عليا لم يشرك-

(مسئلة) و يسقط أولاد الام بالولد و ولد الابن و الأب و الجد بالإجماع و انما الخلاف فى سقوط الاخوة من الأب او منهما مع الجد كما سبق و كان القياس سقوطهم مع الام لانه من يدلى الى الميت بشخص فانه يسقط مع ذلك الشخص لكن تركنا القياس بالإجماع و لان الام لا ترث جميع المال مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها قرا ابن كثير و ابن عامر و عاصم بفتح الصاد على البناء للمفعول و الباقون بكسر الصاد على البناء للفاعل أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ حال من فاعل يوصى على قراءة من قرا على البناء للفاعل و امّا على قراءة من قرا على البناء للمفعول فهو حال من فاعل فعل مضمر يدل عليه الكلام فان الفعل المبنى للمفعول يدل على فعل مبنى للفاعل كما فى قول الشاعر ليبك يزيد ضارع لخصومة اى غير مضار لورثته بالزيادة على الثلث فى الوصية او الإقرار بدين كاذبا او الوصية بقصد الإضرار بالورثة دون القربة عن ابى هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ان الرجل ليعمل و المرأة بطاعة اللّه ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضار ان فى الوصية فتجب لهما النار ثم قرا ابو هريرة من بعد وصيّة يّوصى بها او دين غير مضارّ الى قوله وَ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ رواه احمد و الترمذي و ابو داود و ابن ماجة و عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من قطع ميراث وارثه قطع اللّه ميراثه من الجنة يوم القيامة رواه ابن ماجة و رواه البيهقي فى شعب الايمان عن ابى هريرة و عن على لان اوصى بالخمس احبّ الىّ من ان اوصى بالربع و لان اوصى بالربع احبّ الىّ من ان اوصى بالثلث رواه البيهقي و روى ايضا عن ابن عباس انه قال الذي يوصى بالخمس أفضل من الذي يوصى بالربع الحديث ( (فائدة)) قيد اللّه تعالى الوصية و الدين

(١) فى الأصل شرك.

هاهنا بقوله غير مضار لا فيما سبق مع انه معتبر فى الجميع لان قرابة الولاد و حسن معاشرة الزواج مانع من الضرار غالبا و فى بنى الاخياف مظنة الضرار قوىّ فلذا قيده بذلك- ( (فصل)) الوصية منها الواجب و المندوب و المباح و الحرام و المكروه فمن كان عليه من دين او زكوة او نذر او حج او فائتة صلوة او صوم يجب عليه ان يوصى بأداء ما وجب عليه و بفدية الصلاة و الصوم من ماله فينفذ الديون من جميع ماله و يقدم من الديون ما هو معروفة الأسباب على غير ذلك عند ابى حنيفة و قال الشافعي هما سواء و ما عدا الدين ينفذ من ثلث ماله و لا يجوز ان يهمل مثل هذه الوصية، عن ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما حق امرئ مسلم له شى ء يوصى فيه يبيت ليلتين الّا و وصيته مكتوبة عنده متفق عليه و فى رواية لمسلم ثلاث ليال و من ليس عليه واجب يستحبّ ان يوصى بالتصدّق بما دون الثلث بالعشر او الخمس او الربع و يباح الى الثلث ان كان الورثة اغنياء لما مرّ من الأحاديث و ان كان الورثة فقراء فحينئذ يكره الوصية تنزيها و ترك الوصية اولى لما فيه من الصدقة على القريب، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الصدقة على المسكين صدقة و هى على ذى الرحم صدقة وصلة رواه احمد و الترمذي و ابن ماجة و الدارمي و يحرم من الوصية ما فيه مضار للورثة او قصد الإضرار بهم وَصِيَّةً مِنَ اللّه مصدر مؤكد اى يوصيكم وصية او منصوب بغير مضار على المفعول به يعنى حال كونه غير مضار وصية من اللّه و هو الثلث فما دونه بالزيادة او وصية بالأولاد و الأزواج و الأقارب بالإسراف فى الوصية و الإقرار الكاذب وَ اللّه عَلِيمٌ بالمضار و غيره حَلِيمٌ (١٢) لا يعاجل بالعقوبة.

﴿ ١٢