٢٣ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ يعنى أصولكم على عموم المجاز و قيل الام يطلق على الأصل لغة حقيقة فى القاموس أم كل شى ء أصله و منه أم القرى مكة و أم الكتاب الفاتحة او اللوح المحفوظ فيشتمل الجدات من قبل الأب او الام و ان علون اجماعا وَ بَناتُكُمْ يعنى فروعكم كذلك على عموم المجاز فيشتمل بنات الابن و بنات البنت و ان سفلن اجماعا وَ أَخَواتُكُمْ تعم ما كانت منها لاب او لام أولهما وَ عَمَّاتُكُمْ وَ خالاتُكُمْ تعم أخوات الأب لاحد الأبوين أولهما و أخوات الام لاحد الأبوين أولهما و تلحق بهن اجماعا عمات الأب و عمات الام و خالاتهما و العمات و الخالات للجد و الجدة و ان علون سواء كن من قبل الأب او من قبل الام و سواء كن اخت أبيه او امه او جده أوجدته لاحد الأبوين أولهما كأنّ المراد بهما على عموم المجاز الفرع القريب للاصل البعيد و يحل الفرع البعيد للاصل البعيد اجماعا كبنت العم او العمة او الخال او الخالة وَ بَناتُ الْأَخِ وَ بَناتُ الْأُخْتِ يعنى فروع الأخ و الاخت بناتهما و بنات ابنائهما و بنات بناتهما و ان سفلن سواء كان الأخ و الاخت لابوين او لاحدهما، ذكر اللّه سبحانه المحرمات من النسب سبعا و يؤل امرهن الى اربعة اصناف أصله و فرعه و فرع أصله القريب و ان بعد و الفرع القريب للاصل البعيد و اخصر من ذلك ان يقال يحرم النكاح بين الشخصين ان يكون بينهما و لا داو يكون أحدهما فرعا لاحد أبوي الاخر وَ أُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ و كذا العمات و الخالات و بنات الأخ و بنات الاخت من الرضاعة اجماعا على حسب ما فصلناه فى النسب لقوله صلى اللّه عليه و سلم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب و يروى ما يحرم من الولادة متفق عليه من حديث عائشة و عن على انه قال يا رسول اللّه هل لك فى بنت عمك حمزة فانها أجمل فتاة فى قريش فقال له اما علمت ان حمزة أخي من الرضاعة و ان اللّه حرم من الرضاعة ما حرم من النسب رواه مسلم و عن عائشة قالت جاء عمّى من الرضاعة فاستأذن علىّ فابيت ان اذن له حتى اسئل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فسالته فقال انه عمك فأذنى له قالت فقلت يا رسول اللّه انما أرضعتني المرأة و لم يرضعنى الرجل فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انه عمك فيلج عليك و ذلك بعد ما ضرب علينا الحجاب متفق عليه و عن عائشة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان عندها و انها سمعت صوت رجل يستأذن فى بيت حفصة فقالت عائشة قلت يا رسول اللّه هذا رجل يستأذن فى بيتك فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أراه فلانا لعم حفصة من الرضاع فقلت يا رسول اللّه لو كان فلان حيا لعمها من الرضاعة ادخل فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نعم ان الرضاعة يحرم ما يحرم من الولادة رواه البغوي، (فائدة:) احتج ابو حنيفة و مالك بهذه الاية و بقوله عليه السلام مطلقا يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب على ان الرضاع قل او كثر يحرم ما يحرم من النسب و هو أحد اقوال احمد و قال الشافعي لا يحرم إلا خمس رضعات مشبعات فى خمس اوقات جائعات متفاصلات عرفا و هو القول الثاني لاحمد و عن احمد ثلاث رضعات و به قال ابو ثور و ابن المنذر و داود و ابو عبيد وجه التقدير بثلاث حديث ابن الزبير عن عائشة ان نبى اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لا تحرم المصة و المصتان و عن أم الفضل مرفوعا بلفظ لا يحرم الرضعة او الرضعتان و فى رواية اخرى عنها لا يحرم الاملاجة و الإملاجتان و فيه قصّة و هذه الروايات رواها مسلم و كذا روى احمد و النسائي و ابن حبان و الترمذي من حديث ابن الزبير عن أبيه عن عائشة و أعله الطبري بالاضطراب لما روى عن ابن الزبير عن أبيه و عنه عن عائشة و عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم بلا واسطة و جمع ابن حبّان بامكان ان ابن الزبير سمع من كل منهم و قال البخاري الصحيح عن ابن الزبير عن عائشة و ذكر الزبير تفرّد به محمد بن دينار و فيه ضعف و اختلاف و إسقاط عائشة فى بعض الروايات إرسال و لا بأس به و رواه النسائي من حديث ابى هريرة و قال ابن عبد البر لا يصح مرفوعا قالوا ثبت بهذا الحديث ان الرضعة و الرضعتان لا تحرمان فبقى التحريم فى ثلاث رضعات و وجه القول بالخمس حديث عائشة قالت كان فيما انزل من القران عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخ بخمس معلومات فتوفى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هى فيما يقرا من القران رواه مسلم و رواه الترمذي بلفظ انزل فى القران عشر رضعات فنسخ من ذلك خمس و صار الى خمس رضعات فتوفى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و الأمر على ذلك، قلنا حديث الآحاد لا يعارض نصّ الكتاب المتواتر و عند التعارض يقدم التحريم احتياطا و ايضا حديث عائشة كان فيما انزل من القران الحديث و ان كان صحيحا سندا لكنه متروك لانقطاعه باطنا فانه يدل على انه صلى اللّه عليه و سلم توفى و هى فيما يقرأ مع انه ليس كذلك قطعا و الا ثبت قول الروافض ذهب كثير من القرآن بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هذا القول كفر لاستلزامه انكار قوله تعالى انّا له لحفظون و التأويل بان معنى قولها توفى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعنى قارب الوفاة يقتضى نسخ الخمس قبيل الوفاة كما نسخ العشر قبل ذلك و هو الصحيح قال ابن عباس حين قيل له ان الناس يقولون الرضعة لا يحرم قال كان ذلك ثم نسخ، و عن ابن مسعود الى امر الرضاع الى ان قليله و كثيره يحرم و روى عن ابن عمران القليل يحرم و عنه قيل له ابن الزبير يقول لا بأس بالرضعة و الرضعتين فقال قضاء اللّه خير من قضاء ابن الزبير قال اللّه تعالى وَ أُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ و التأويل بان معناه توفى صلى اللّه عليه و سلم و هى فيما يقرأ تعنى حكمها فيما يقرا غير مرضى لان القراءة انما يتعلق باللفظ دون الحكم، (مسئلة) اجمعوا على ان الرضاع بعد مدة الرضاع لا يوجب التحريم لانه لا يحصل التوليد و النمو بالرضاع الا فى المدة فلا يطلق بعد تلك المدة على المرضعة امّا و قال داود يوجب التحريم ابدا لحديث عائشة قالت جاءت سهلة بنت سهيل امراة ابى حذيفة الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقالت يا رسول اللّه انى ارى فى وجه ابى حذيفة من دخول سالم و هو حليفه فقال صلى اللّه عليه و سلم ارضعى سالما خمسا تحرمى عليه رواه الشافعي و رواه مسلم و غيره بغير ذكر العدد و الجواب ان الإجماع يدل على كون الحديث منسوخا و قد صح عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال لا يحرم من الرضاع الا ما فتق الأمعاء فى الثدي و كان قبل الفطام رواه الترمذي من حديث أم سلمة و قال حديث صحيح و عنه عليه السلام لا يحرم من الرضاع الا ما أنبت اللحم و انشر العظم رواه ابو داود من حديث ابن مسعود و فى الصحيحين عن عائشة قالت دخل علىّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و عندى رجل فقال يا عائشة من هذا قالت أخي من الرضاعة قال يا عائشة انظرن من اخوانكن فانما الرضاعة من المجاعة، (مسئلة) مدة الرضاع التي يوجب فيها التحريم سنتان و به قال ابو يوسف و محمد بن الحسن و الشافعي و احمد و مالك و سعيد بن المسيّب و عروة و الشعبي و هو المروي عن عمر و ابن عباس رواهما الدارقطني و عن على و ابن مسعود أخرجهما ابن ابى شيبة و فى رواية عن مالك سنتان و شهر و فى اخرى عنه شنتان و شهران و فى اخرى عنه ما دام محتاجا الى اللبن و قال ابو حنيفة سنتان و ستة أشهر و قال زفر ثلاث سنين لنا قوله تعالى وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ جعل اللّه تعالى التمام بهما و لا مزيد على التمام و قوله تعالى وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً و ادنى مدة الحمل ستة أشهر فبقى للفصال سنتان و قوله تعالى و فصاله فى عامين و قوله صلى اللّه عليه و سلم لارضاع الّا ما كان فى الحولين رواه الدارقطني من حديث ابن عباس و قال تفرد برفعه الهيثم بن جميل و كان ثقة حافظا و كذا وثقه احمد و العجلى و قال ابن عدى كان يغلط و رواه سعيد بن منصور عن ابن عينية فوقفه، وجه قول ابى حنيفة انه تعالى قال وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ذكر شيئين و ضرب لهما مدة فكان لكل واحد منهما بكمالها كالاجل المضروب للدينين على شخصين الا انه قام المنقص فى مدة الحمل قول عائشة الولد لا يبقى فى بطن امه اكثر من سنتين و لو بقدر فلكة مغزل و فى رواية و لو بقدر ظل معزل و مثله لا يقال الا سماعا لان المقدرات لا تدرك بالرأى فبقى مدة الفصال على الظاهر و هذا ليس بشى ء بوجوه أحدها ان جعل قول عائشة منقصا لمدة الحمل ليس اولى من جعل قوله عليه السلام لارضاع بعد حولين و قوله تعالى يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ منقصا لمدة الرضاع ثانيها انه يلزم حينئذ الجمع بين الحقيقة و المجاز فى لفظ ثلاثين شهرا حيث أريد به باعتبار الحمل اربعة و عشرون شهرا و باعتبار الفصال ثلاثون، ثالثها انه يلزم من هذا التأويل استعمال ثلاثين فى اربعة و عشرين باعتبار الحمل مع انه لا يتجوز بشى ء من اسماء العدد فى الاخر نصّ عليه كثير من المحققين لانها بمنزلة الاعلام فى مسمّياتها و ذكر لقول ابى حنيفة و غيره وجه اخر انه لا بد من تغيير الغذاء لينقطع الا نبات باللبن و ذلك بزيادة مدة يتعود الصبى فيها بغيره و لم يحد ذلك الزيادة مالك وحده زفر بحول لانه يشتمل على فصول اربعة و قدّره ابو حنيفة بستة أشهر لانه ادنى مدة الحمل نظرا الى ان غذاء الجنين يغائر غذاء الرضيع، قلنا انّ الشرع لم يحرم اطعام الرضيع غير اللبن قبل الحولين ليلزم اعتبار زيادة مدة القعود على الحولين فجاز ان يتعود بالطعام مع اللبن قبل الحولين و هو مختار ابن همام و الطحاوي، وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ اشتملت كلمة الأمهات الجدّات سواء كن من قبل الأب او الام قريبة كانت او بعيدة و التحقت بهن بالحديث امّهاتهن و جداتهن من الرضاع و التحقت بالنساء الموطوءات بملك اليمين او بشبهة اجماعا و الموطوءات بالزنى عند ابى حنيفة رحمه اللّه و كذا الا حنيفة الملموسة بشهوة عنده وَ رَبائِبُكُمُ جمع ربيبة و الربيب ولد المرأة من غيره سمّى به لانه يربّه كما يربّ ولده فى غالب الأمر فعيل بمعنى المفعول و انما لحقته التاء لانه صار اسما و يشتمل الربائب بعموم المجاز او بالقياس بنات أبناء الزوجات و بنات بناتهن و ان سفلن و بنات الموطوءات بملك يمين او بشبهة و لو بواسطة او وسائط اجماعا و بنات المزّنيات و ان سفلن عند ابى حنيفة اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ هذه الصفة خارجة مخرج العادة لا مفهوم لها اجماعا و قال داود لا يحرم من الربائب الا اللاتي فى حجورهم كذا روى عبد الرزاق و ابن ابى حاتم بسند صحيح عن على رضى اللّه عنه فالمراد بالإجماع الإجماع بعد القرن الاول، مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ الموصول مع الصلة صفة لنسائكم مقيدة لها اجماعا و لا يجوز ان يكون صفة للنسائين لان عامليها مختلفان و لا يجتمع عاملان على معمول واحد الّا فى رواية عن الفراء و قوله من نسائكم ظرف مستقر جاز كونها صلة للموصول الاول و يكون قوله فى حجوركم متعلّقا به و جاز كونها منصوبا على الحالية من الضمير فى حجوركم و الأظهر انه حال من ربائبكم و على تقدير كونه حالا من ربائبكم لا يجوز تعليقها بالأمهات ايضا لان كلمة من إذا علقتها بالربائب كانت ابتدائية و إذا علقتها بالأمهات لم يجز ذلك بل يجب ان تكون بيانا لنسائكم و الكلمة الواحدة لا يحمل على معنيين عند جمهور الأدباء و ان جوّز الشافعي عموم المشترك و ايضا يوجب كونها بيانا لنسائكم كونها حالا منها و لا يجوز ان يكون شى ء «١» واحد حالا من ربائبكم و من نسائكم مع اختلاف العامل فيهما عند أحد فان ربائبكم مرفوع لقيامه مقام الفاعل و نسائكم مجرور بالاضافة قال البيضاوي الّا إذا جعلتها للاتصال (١) فى الأصل شيئا واحدا. يعنى جعلت كلمة من اتصالية لا ابتدائية و لا بيانية فلا يكون المعنيان مختلفين بل تكون من مستعملة فى القدر المشترك بينهما و هو الاتصال اى الملابسة و حينئذ يكون الظرف حالا من الأمهات و الريائب و هما مرفوعان من جهة واحدة و هذا التأويل مع بعده مردود بالحديث المرفوع و الإجماع عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جدّه ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال أيما رجل نكح امراة فدخل بها فلا يحل له نكاح ابنتها و ان لم يدخل بها فلينكح ابنتها و أيما رجل نكح امراة فلا يحل له ان ينكح امّها دخل بها او لم يدخل رواه الترمذي و قال هذا حديث لا يصح من قبل اسناده انما رواه ابن لهيعة و المثنى بن الصبّاح عن عمرو بن شعيب و هما يضعفان فى الحديث قال الشيخ ابن حجر و فى الباب عن ابن عباس من قوله أخرجه ابن ابى حاتم فى تفسيره بإسناد قوى اليه انه كان يقول إذا طلق الرجل امراة قبل ان يدخل بها او ماتت لم يحل له أمها و نقل الطبراني فيه الإجماع «١» لكن اختلفت الرواية فيه عن زيد بن ثابت ففى مسند ابن ابى شيبة عنه انه كان لا يرى بأسا إذا طلقها و يكرهها او ماتت عنه و روى مالك عن يحيى بن سعيد عنه انه سئل عن رجل تزوج امراة ثم ماتت قبل ان يصيبها هل يحل له أمها قال لا الام مبهمة و انما الشرط فى الربائب و روى عن على كرم اللّه وجهه تقييد التحريم فيهما أخرجه ابن ابى حاتم و به قال مجاهد و كذا روى ابن ابى شيبة و غيره عن زيد بن ثابت و ابن عباس و كذا روى عبد الرزاق و ابن ابى حاتم عن ابن الزبير فلو صح الرواية عن على و مجاهد و غيرهما فى تقييد التحريم فلعل المراد من قول الطبراني اجماع من بعد القرن الاوّل و الثاني، و الباء فى قوله دخلتم بهن للتعدية او للمصاحبة اى ادخلتموهن الستر او دخلتم معهن الستر و هى كناية عن الجماع كقولهم بنى عليها و ضرب عليها الحجاب و اللمس بشهوة و النظر الى فرجها الداخل بشهوة حكمها حكم الجماع عند ابى حنيفة فَإِنْ (١) روى ان رجلا تزوج امراة و لم يدخل بها ثم راى أمها فاعجبته فاستفتى ابن مسعود فامره ان يفارقها ثم يتزوج أمها ففعل فولدت له أولادا ثم اتى ابن مسعود المدينة فسال عمر و فى لفظ فسال اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم فقالوا لا يصلح فلما رجع الى الكوفة قال للرجل انها عليك حرام ففارقها، قلت هذا يدل على الإجماع منه رحمه اللّه. لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ تصريح بعد اشعار دفعا للقياس وَ حَلائِلُ جمع حليلة و هى الزوجة سميت حليلة لانها تحل للزوج او تحل فراشه و يلتحق بالزوجات الموطوءات بملك اليمين او بشبهة اجماعا و الموطوءات يزنى عند ابى حنيفة أَبْنائِكُمُ يشتمل بعموم المجاز الفروع من أبناء الأبناء و البنات و ان بعدوا الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ خروج بهذا القيد المتبنى فانهم كانوا يطلقون الابن على المتبنى و لو مجازا اخرج ابن جرير عن ابن جريح قال قلت لعطاء قوله تعالى وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ قال كنا نتحدث انها نزلت فى محمد صلى اللّه عليه و سلم حين نكح امراة زيد بن حارثة قال المشركون فى ذلك فنزلت وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ و نزلت وَ ما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ و نزلت ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ و اما ابن الابن و ابن البنت بواسطة او بلا واسطة فلم يخرجا بهذا القيد لانهما من الأصلاب و لو بالواسطة و اما الابن بالرضاع و فروعه فانهم و ان خرجوا بهذا القيد لكن حرمة حلائلهم ثبتت بنص الحديث اعنى قوله صلى اللّه عليه و سلم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب و عليه انعقد الإجماع وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فى محل الرفع عطفا على أمهاتكم و بناتكم يعنى حرمت عليكم الجمع فى النكاح و فى الوطي بملك اليمين بين الأختين «١» بالنسب و يلتحق «٢» بهما بنصّ الحديث الأختان بالرضاع سواء كانتا لاب او لام أولهما من النسب او من الرضاع و لا يحرم الزنى باحده الأختين النكاح بالأخرى كما لا يحرم نكاح الاخرى بعد موت أحدهما او انقضاء العدة من الطلاق و التحقت به بالسنة و الإجماع حرمة الجمع بين امراة و عمّتها و امراة و خالتها و كذا عمة أبيها او أمها او خالة أحدهما و عمات أجدادها و جداتها و ان بعدن عن اىّ جهة كن، عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يجمع بين المرأة و عمّتها و لا بين المرأة و خالتها متفق عليه و رواه ابو داود و الترمذي و الدارمي بلفظ لا تنكح المرأة على عمّتها و لا العمة على بنت أخيها و لا المرأة على خالتها و لا (١) اخرج احمد و ابو داؤد و الترمذي و حسنه و ابن ماجه عن فيروز الديلمي انه أدركه الإسلام و تحته اختان فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم طلق أيهما شئت منه رحمه اللّه-. (٢) فى الأصل التحقق-. الخالة على بنت أختها لا الكبرى على الصّغرى و لا الصّغرى على الكبرى و رواه النسائي الى قوله بنت أختها و صححه الترمذي و روى البخاري عن جابر نحوه قال ابن عبد البر طرق حديث ابى هريرة متواترة عنه و فى الباب عن ابن عباس رواه احمد و ابو داود و الترمذي و ابن حبان و عن ابى سعيد رواه ابن ماجة بسند ضعيف و عن على رواه البزار و عن ابن عمر رواه ابن حبان و فيه ايضا عن سعد بن ابى وقاص و زينب امراة ابن مسعود و ابى امامة و عائشة و ابى موسى و سمرة بن جندب و روى ابن حبان فى صحيحه و ابن عدى من حديث عكرمة عن ابن عباس الحديث المذكور و زاد فى آخره انكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامهن و اخرج ابو داؤد فى المراسيل عن عيسى بن طلحة قال نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من ان تنكح المرأة على قرابتها مخافة القطيعة و رواه ابن حبان بلفظ انكن إذا فعلتن ذلك «٢» قطعتن أرحامهن و الإجماع على حرمة الجمع بين الأختين من الرضاع يدل على انه كما يحرم قطيعة و صلة الرحم يحرم قطيعة و صلة الرضاع و روى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم إكرام المرضعة عن ابى الطفيل الغنوي قال كنت جالسا مع النبي صلى اللّه عليه و سلم إذا قبلت امراة فبسط النبي صلى اللّه عليه و سلم رداءه حتى قعدت عليه فلما ذهبت قيل هذه أرضعت النبي صلى اللّه عليه و سلم رواه ابو داؤد و الحاصل انه يحرم من النسب و الرضاع ما يكون أحدهما فرعا للاخر او ذاعا لاصله القريب و من المصاهرة يحرم على المرأة اصول الزوج و فروعه مطلقا و على الرجل اصول الزوجة مطلقا و فروعها بشرط الدخول بها و لا يحرم من أقارب الزوج و الزوجة بالمصاهرة ما عدى عمودى النسب الا الجمع بين امراة و فرع أصلها القريب «١» للاحتراز عن قطعية الرحم او قطعية و صلة الرضاع و اللّه اعلم إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ قيل استثناء من المعنى اللازم للنهى يعنى يعذبون بنكاحهن الا بما قد سلف و الظاهر ان الاستثناء منقطع بمعنى لكن يعنى لكن ما قد سلف فان اللّه يغفره و لا يؤاخذ به إِنَّ اللّه كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٣) يغفرهم و يرحمهم لعذر الجهل عن الشرائع (٢) سئل عن عمر عن جاريتين أختين توطا أحدهما بعد الاخرى قال عمر ما احبّ ان اجيزهما جميعا و نهاه و اخرج مالك و الشافعي عن قبيصة بن ذويب ان رجلا سال عثمان بن عفان عن الأختين فى ملك اليمين هل يجمع بينهما قال احلّتهما اية و حرمتهما اية و ما كنت اصنع ذلك فخرج من عنده فلقى رجلا من اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم أراه على بن ابى طالب فساله عن ذلك فقال لو كان لى من الأمر شى ء ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا و روى هذا الشك عن على من ابى صالح عن على قال فى الأختين المملوكتين احلّتهما اية و حرّمتهما اية و لا امر و لا انهى و لا أحل و لا احرم و لا افعل انا و لا اهل بيتي رواه ابن ابى شيبة و البيهقي و روى ابن المنذر و البيهقي عن ابن مسعود قال تحرم من الإماء ما تحرم من الحرائر الا العدد و كذا روى عبد الرزاق عن عمار بن ياسر قلت ما روى عن على انه أحلتهما اية و حرمتهما اية ليس مبنيا على الشك بل مراده ترجيح المحرم على المبيح و قد روى عنه ابن عبد البر فى الاستذكار ان إياس بن عامر ساله ان لى أختين أمتين اتخذت إحداهن سرية و ولدت لى أولادا ثم رغبت فى الاخرى فما اصنع قال تعتق التي كنت تطأ ثم تطأ الاخرى ثم قال انه يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك فى كتاب اللّه من الحرائر الا العدد او قال الا الأربع و يحرم عليك من الرضاع ما يحرم عليك فى كتاب اللّه من للنسب منه رحمه اللّه تعالى. قال اللّه تعالى وَ ما كانَ اللّه لِيُضِلَّ قَوْماً «١» ... حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ و قال اللّه تعالى وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا. (١) و فى القران بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى إلخ [.....]. |
﴿ ٢٣ ﴾