٣٦

وَ اعْبُدُوا اللّه فى الصحاح العبودية اظهار التذلل و العبادة ابلغ منها لانها غاية التذلل و لا يستحقها الا من له غاية العظمة و نهاية الإفضال قلت و لهذا نهى عن الإشراك به تعالى فى العبادة و قال وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً منصوب على المفعولية و التنوين للتحقير و فيه توبيخ اى لا تشركوا به حقيرا مع عدم تناهى كبريائه إذ كل ممكن بالنسبة الى الواجب حقير جدّا او على المصدرية يعنى لا تشركوا به شيئا من الإشراك خفيا و لا جليا و العبادة ضربان عبادة بالتسخير لا يمكن لشى ء من الممكنات الاستنكاف عنها و عبادة بالاختيار و هو المأمور به فى الآية و المراد به امتثال أوامره و الانتهاء عما نهى عنه قال الصوفية العلية العبادة عبارة عن جعل العبد نفسه عديم الارادة و الاختيار كالميّت بين يدى الغسّال فى امتثال أوامره و نواهيه راضيا بما قضى فيه حتى يكون فى أوامره التكليفية و التكوينية على انهج واحد قال اللّه تعالى وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللّه وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ، عن معاذ بن جبل قال كنت رديف النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال يا معاذ هل تدرى ما حق اللّه على العباد قال قلته و رسوله اعمل قال حقه عليهم ان يعبدوه و لا يشركوا به شيئا ا تدرى يا معاذ ما حق الناس على اللّه إذا فعلوا ذلك قال قلت اللّه و رسوله اعلم قال فانّ حق الناس على اللّه ان لا يعذبهم قال قلت يا رسول اللّه الا ابشر الناس قال دعهم يعملون رواه البغوي و فى الصحيحين نحوه قلت و عند الصوفية معنى لا يعذبهم ان لا يعذبهم بعذاب الهجر و الفراق وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً يعنى أحسنوا بهما إحسانا،

عن معاذ قال أوصاني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعشر كلمات قال لا تشرك باللّه و ان قتلت او حرقت و لا تعقن والديك و ان امراك ان تخرج من أهلك و مالك الحديث رواه احمد وَ بِذِي الْقُرْبى مصدر بمعنى القرابة يعنى أحسنوا بذي القرابة عن سلمان بن عامر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الصدقة على المسكين صدقة و هى على ذى الرحم صدقة و صلة رواه احمد و النسائي و ابن حبان و الحاكم و الترمذي و حسنه و ابن ماجة و ابن خزيمة و صححه و لفظه و على القريب صدقتان صدقة و صلة و بهذه الاية يظهر وجوب نفقة الوالدين و الأقارب لكن يشترط ان يكون غنيا لقوله تعالى يسئلونك ما ذا ينفقون قل العفو يعنى الفاضل عن حاجته و قال عليه السلام خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى و ابدأ بمن تعول رواه البخاري عن ابى هريرة و حكيم و مسلم عن حكيم و يشترط لوجوب نفقة الأقارب غير الوالدين كونه عاجزا عن الكسب بان يكون صغيرا او زمنا او امراة و لا يشترط ذلك فى الوالدين وجه الوجوب انه ليس من الإحسان ان يكون هو غنيا و يموت قريبه جوعا وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ و الإحسان الواجب فى هؤلاء ان يؤتيهم زكوة ماله و ما زاد على ذلك فمستحبّ عن سهل بن سعد قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انا و كافل اليتيم فى الجنة هكذا و أشار بالسبابة و الوسطى و فرج بينهما شيئا رواه البخاري و عن ابى امامة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال من مسح رأس يتيم لم يمسحه الا للّه كان له بكل شعر تمرّ عليها يده عشر حسنات و من احسن الى يتيمة او يتيم عنده كنت انا و هو فى الجنة كهأتين و فرق بين إصبعيه رواه البغوي وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى يعنى الجار الذي قرب جواره او يكون جارا و ذا قرابة فى النسب او فى الدين وَ الْجارِ الْجُنُبِ يعنى الجار الذي بعد جواره او يكون جارا بلا قرابة و بلا اشتراك فى الدين عن جابر بن عبد اللّه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الجيران ثلاثة فجادله ثلاثة حقوق حق الجوار و حق القرابة و حق الإسلام و جارله حقان حق الجوار و حق الإسلام و جادله حق واحد حق الجوار و هو المشرك من اهل الكتاب رواه الحسن بن سفيان و البزار فى مسنديهما و ابو الشيخ فى كتاب الثواب و ابو نعيم فى الحلية و روى ابن عدى فى الكامل من حديث عبد اللّه بن عمر و نحوه و الحديثان كلاهما ضعيفان و عن عائشة قالت يا رسول اللّه انّ لى جارين فالى أيهما اهدى قال الى أقربهما منك بابا رواه البخاري و عن ابى ذر قال قال النبي صلى اللّه عليه و سلم إذا طبخت عرقة فاكثر مائها و تعاهد جيرانك رواه مسلم و عن ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما زال جبرئيل يوصينى بالجار حتى ظننت انه سيورثه رواه البخاري وَ الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ قال ابن عباس و مجاهد و عكرمة و قتادة هو الرفيق فى السفر و قال ابن جريح و ابن زيد الذي يصحبك رجاء نفعك فيشتمل التلميذ و تلميذ استاده و قال على و عبد اللّه و ابراهيم النخعي هو المرأة تكون مع جنبه وَ ابْنِ السَّبِيلِ قيل هو المسافر و الأكثرون على انه الضيف عن ابى شريح الخزاعي ان النبىّ صلى اللّه عليه و سلم قال من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فليحسن الى جاره و من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فليكرم ضيفه و من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت رواه البغوي و فى الصحيحين عن ابى شريح الكعبي ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فليكرم ضيفه جائزته يوم و ليلة و الضيافة ثلاثة ايام فما بعد ذلك فهو صدقة و لا يحل له ان يثوى عنده حتى يحرجه و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فليكرم ضيفه و من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يؤذ جاره و من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت متفق عليه وَ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ اى العبيد و الإماء، قلت و يدخل فيه البهائم ايضا، عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم للمملوك طعامه و كسوته و ان لا يكلف من العمل ما لا يطيق رواه مسلم و عن ابى ذر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إخوانكم جعلهم اللّه تحت ايديكم فمن جعل اللّه أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل و ليلبسه ممّا يلبس و لا يكلف من العمل ما يغلبه فان كلفه ما يغلبه فليعنه عليه متفق عليه و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا صنع لاحدكم خادمه طعامه و قد ولى حره و دخانه فليقعده معه و ليأكل فان كان الطعام مشفوها قليلا فليضع به فى يده منه أكلة او اكلتين رواه مسلم و عن ابى مسعود الأنصاري قال كنت اضرب غلاما لى فسمعت من خلفى صوتا اعلم أبا مسعود للّه اقدر عليك منك عليه فالتفت فاذا هو رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقلت يا رسول اللّه هو حرّ لوجه اللّه تعالى فقال اما لو لم تفعل للفحتك النار او لمسّنتك النار رواه مسلم و عن أم سلمة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم انه كان يقول فى مرضه الصّلوة و ما ملكت ايمانكم رواه البيهقي فى شعب الايمان و روى احمد و ابو داؤد عن علي نحوه و عن جابر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال ثلاث من كن فيه يسر اللّه حقه و ادخله الجنة رفق بالضعيف و شفقة على الوالدين و احسان الى المملوك رواه الترمذي و عن عبد اللّه بن عمرو قال جاء رجل الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال يا رسول اللّه كم نعفو من الخادم فسكت ثم أعاد عليه الكلام فصمت فلما كانت الثالثة قال اعفوا عنه كل يوم سبعين مرة رواه الترمذي و روى ابو داؤد عن عبد اللّه ابن عمرو و عن سهل بن حنظلة قال مرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه فقال اتقوا اللّه فى هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة و اتركوها صالحة رواه ابو داود و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الا أنبئكم بشراركم الذي يأكل وحده و يجلد عبده و يمنع رفده رواه رزاين و عن ابى سعيد قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا ضرب أحدكم خادمه فذكر اللّه فارفعوا ايديكم رواه الترمذي، إِنَّ اللّه لا يُحِبُّ اى يبغض ذكر عدم الحبّ و أراد به البغض مَنْ كانَ مُخْتالًا متكبرا يأنف عن أقاربه و جيرانه و أصحابه لا يلتفت إليهم فَخُوراً (٣٦) يتفاخر عليهم، عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بينما رجل يتبختر فى بردين و قد أعجبته نفسه خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة (كذا بياض فى الأصل) و عن ابن عمر قال ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لا ينظر اللّه يوم القيامة الى من جرّثوبه خيلاء متفق عليه و عن عياض بن حمار الأشجعي ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ان اللّه اوحى الىّ ان تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد و لا يبغى أحد على أحد رواه مسلم و عن جابر بن عبد اللّه ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال يا معشر المسلمين اتقوا اللّه فان ريح الجنة يوجد من مسيرة الف عام و انه لا يجد عاق و لا قاطع رحم و لا شيخ زان و لا جار إزاره خيلاء و انما الكبرياء لربّ العلمين، الحديث رواه الطبراني فى الأوسط.

﴿ ٣٦