٤٧ يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ التورية آمِنُوا بِما نَزَّلْنا على محمد من القران مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ من التورية مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً التنوين عوض للمضاف اليه اى وجوهكم اصل الطمس ازالة الأثر و المعنى نمحوا اثار الوجوه من الانف و العين و الفم و الحاجب فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها اى نجعلها كالاقفاء و قيل نجعل الوجوه منابت الشعر كوجوه القردة لان منابت شعور الآدميين فى ادبار وجوههم قال ابن عباس نجعلها كخف البعير و قال قتادة و الضحّاك نعميها و المراد بالوجه العين فان قيل قد وعدهم اللّه تعالى بالطمس ان لم يؤمنوا يدل على ذلك ما روى ان عبد اللّه بن سلام رضى اللّه عنه لما سمع هذه الاية جاء الى النبي صلى اللّه عليه و سلم قبل ان يأتى اهله و يده على وجهه و اسلم و قال يا رسول اللّه ما كنت ارى ان اصل إليك حتى يتحول وجهى فى قفائى و كذلك ما روى عن كعب الأحبار لما سمع هذه الاية اسلم فى زمن عمر فقال يا ربّ امنت يا رب أسلمت مخافة ان يصيبه وعيد هذه الآية لكنهم لم يؤمنوا و لم يفعل بهم ذلك قلنا قيل هذا الوعيد يأتى و يكون طمس و مسخ فى اليهود قبل قيام السّاعة و قيل كان وعيدا بشرط عدم ايمان كلهم فلمّا اسلم عبد اللّه بن سلام و أصحابه رفع ذلك من الباقين و قيل أوعدهم اللّه بأحد الامرين على سبيل منع الخلو بالطمس او اللعن و قد لعنوا فثبت الوعيد و الصحيح عندى انه يطمسهم يوم القيامة ان لم يؤمنوا- اخرج ابن عساكر و الخطيب عن معاذ بن جبل ان النبي صلى اللّه عليه و سلم تلا يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً قال يحشر أمتي عشرة أفواج صنف على صورة القردة و صنف على صورة الخنازير و صنف على صورة الكلاب و صنف على صورة الحمر الحديث و قد ذكرنا فى تفسير تلك الاية و قال مجاهد أراد بقوله نَطْمِسَ وُجُوهاً اى نتركهم فى الضلالة فيكون المراد طمس وجه القلب و الرد عن بصائر الهدى لكن يرد عليه ان ذلك التأويل يقتضى كون قلوب اليهود نقية قبل ذلك و قال ابن زيد معناه نمحو اثارهم من المدينة فنردها على أدبارها حتى يعودوا الى حيث جاءوا منه و هو الشام، و قد مضى تأويله بإجلاء بنى نضير الى أذرعات و أريحا بالشام أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ من اليهود على لسان داود و عيسى بن مريم وَ كانَ أَمْرُ اللّه مَفْعُولًا (٤٧) نافذا كائنا لا محالة لا يقدر أحد على دفعه- اخرج الطبراني و ابن ابى حاتم عن ابى أيوب الأنصاري قال جاء رجل الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال ان لى ابن أخ لا ينتهى عن الحرام قال و ما دينه قال يصلى و يوحّد قال استوهب منه دينه فان ابى فاتبعه منه فطلب الرجل ذلك منه فابى عليه فاتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فاخبره فقال وجدته شحيحا على دينه فنزلت. |
﴿ ٤٧ ﴾