٦٩

وَ مَنْ يُطِعِ اللّه فى أداء الفرائض وَ الرَّسُولَ فى اتباع سننه فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّه عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ الاية

و اخرج الطبراني عن ابن عباس نحوه و ابن ابى حاتم عن مسروق قال قال اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما ينبغى لنا ان نفارقك فانك لو متّ لرفعت فوقنا فلم نرك اخرج ابن جرير عن الربيع انّ اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم قالوا قد علمنا ان النبي صلى اللّه عليه و سلم له فضل على من أمن به فى درجات الجنة فمن اتبعه و صدقه كيف لهم إذا اجتمعوا فى الجنة ان يرى بعضهم بعضا فانزل اللّه هذه الاية فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم ان الأعلين ينحدرون الى من هو أسفل منهم فيجتمعون فى رياضها فيذكرون ما أنعم اللّه عليهم و يثنون عليه

و اخرج مسلم و ابو داود و النسائي عن ربيعة بن كعب الاسلمىّ قال كنت أتيت النبىّ صلى اللّه عليه و سلم فاتيته بوضوئه و حاجته فقال لى سلنى فقلت يا رسول اللّه أسئلك مرافقتك فى الجنة قال او غير ذلك قلت هو ذلك قال فاعنّى على نفسك بكثرة السجود

و اخرج عن عكرمة قال اتى فتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال يا نبى اللّه ان لنا منك نظرة فى الدنيا و يوم القيامة لا نراك فانك فى الدرجات العلى فانزل اللّه تعالى هذه الاية فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنت معنى فى الجنة ان شاء اللّه تعالى

و اخرج ابن جرير نحوه من مرسل سعيد بن جبير و مسروق و الربيع و قتادة و السدى و ذكر البغوي انها نزلت فى ثوبان مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رضى اللّه عنه و كان شديد الحبّ لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قليل الصّبر عنه فأتاه ذات يوم قد تغير لونه يعرف الحزن فى وجهه فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما غيّر لونك فقال يا رسول اللّه ما لى مرض و لا وجع غير انى إذا لم أرك استوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ثم ذكرت الاخرة فاخاف ان لا أراك لانك ترفع مع النبيين و انى ان دخلت الجنة كنت فى منزلة ادنى من منزلتك و ان لم ادخل الجنة لا أراك ابدا فنزلت وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ ذكر اللّه سبحانه للذين أنعم اللّه عليهم اربعة اصناف على ترتيب منازلهم فى القرب و حثّ كافة الناس ان لا يتاخروا عنهم، اوّل الأصناف الأنبياء عليهم السلام الذين مبادى تعيناتهم صفات اللّه تعالى و هم المستغرقون فى التجليات الذاتية الصرفة الدائمية بلا حجاب الصفات المعبر عنها بكمالات النبوة الفائزون الراسخون فى هذا المقام بالاصالة المبعوثون لتكميل الخلائق و جذبهم الى مراتب القرب على حسب استعداد افراد الامة و كسبهم و حسب مشية اللّه تعالى المبلّغون من اللّه تعالى أحكامه الى الناس ما يصلح دنياهم و آخرتهم- و ثانيهم الصدّيقون و هم المبالغون فى الصدق المتصفون بكمال متابعة الأنبياء ظاهرا و باطنا المستغرقون فى كمالات النبوة و التجلّيات الذاتية الصرفة الدائمية بلا حجاب بالوراثة و التبعية و ثالثهم الشهداء الباذلون أنفسهم فى سبيل اللّه ليفاض عليهم نوعامن التجليات الذاتية بسبب بذلهم ذواتهم فى سبيل اللّه و رابعهم الصالحون الذين أصلحوا أنفسهم بازالة الرذائل و قلوبهم بشرب بحار الحبّ و دوام الذكر المانع عن الاشتغال بغير اللّه سبحانه و أبدانهم عن المعاصي فصلحوا لتجلّيات الظلال و الافعال بعد حصول الفناء و البقاء على الكمال و تحصلوا برخا من التجلّيات الذاتية ان شاء اللّه تعالى و لو من وراء حجب الصّفات و هم الذين سموا بلسان القوم بالأولياء و وعد اللّه سبحانه سائر المؤمنين بعد دخول الجنة معيتهم و زيارتهم على قدر ما أطاعوا اللّه و رسوله و المراد بالصّديقين هاهنا غير الأنبياء و كذا بالصالحين غير الأنبياء و الصدّيقين و لذلك فسرنا بما ذكرنا و الا فالصديق أعم من النبي و الصالح أعم من الجميع و لذا يطلق الصديق و الصالح على الأنبياء قال اللّه تعالى فى ابراهيم إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا و قال فى يحيى وَ سَيِّداً وَ حَصُوراً وَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ و فى عيسى وَ يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَ كَهْلًا وَ مِنَ الصَّالِحِينَ فائدة: لمّا استشهد شيخى و امامى قدسنا اللّه بسره السامي توجه قلبى الى تاريخ وفاته فوقع فى قلبى بغتة هذه الاية فاذا قوله تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّه تاريخ لوفاته اعنى النا «١» و مائة و خمسا و تسعين سنة سبحان من جعل للانسان بطاعته الى نفسه سبيلا وَ حَسُنَ أُولئِكَ الأصناف الاربعة المذكورون رَفِيقاً (٦٩) نصب على التميز او الحال و لم يجمع لاطلاقه على الواحد و الجمع.

(١) فى الأصل الف و مائة و خمس و تسعون سنة.

﴿ ٦٩