٨٨

فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ قوله «١» فئتين حال عاملها الظرف المستقر يعنى لكم او معنى الفعل اى ما تصنعون حال كونكم فئتين و فى المنفقين حال من فئتين اى متفرقين فيهم او من الضمير اى فما لكم تفترقون فيهم و معنى الافتراق يستفاد من فئتين و الفاء للتفريع على كونه تعالى اصدق حديثا يعنى فما لكم تختلفون فيه لم لا تفوضون الأمر الى من هو اصدق حديثا فاعتقدوا بما أخبركم و امتثلوا بما يأمركم

و اخرج سعيد بن منصور و ابن ابى حاتم عن سعد بن معاذ قال خطب «٢» رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال من لى بمن يوذينى و يجمع فى بيته من يوذينى فقال سعد بن معاذ ان كان من الأوس قتلناه و ان كان من إخواننا من الخزرج امرتنا فاطعناك فقام سعد بن عبادة فقال ما بك يا ابن معاذ طاعة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لقد عرفت ما هو منك فقام أسيد بن حضير فقال انك

(١) نقل الناسخ فى الأصل على حاشيته حديثا انها طيبة إلخ و أشار ان موضعه بعد قوله تعالى فِئَتَيْنِ فنقله الناقلون هاهنا لكن السياق السياق يأتى عن ذلك و عندى ان موضع هذا الحديث بعد قول الرجال الذين خرجوا من المدينة شاكين من وبائها و حماها او بعد قول ناس من قريش و لكنا اجتوينا المدينة إلخ فلهذا الوجه نقلناه على حاشية ص ٨٣٤ ٢ بو محمد عفا اللّه عنه-.

(٢)

و اخرج ابن ابى حاتم عن زيد بن اسلم ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خطب فقال كيف ترون فى الرجل يجادل بين اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و يسئ القول لاهل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قد برّاها اللّه ثم قرا ما انزل اللّه فى براءة عائشة فنزل القران فى ذلك فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ منه رحمه اللّه [.....].

يا ابن عبادة منافق و تحبّ المنافقين فقام محمد بن مسلمة فقال اسكتوا ايها الناس فانّ بيننا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو يأمرنا فننفذ امره فانزل اللّه تعالى هذه الاية

و اخرج احمد عن عبد الرحمن بن عوف رضى اللّه عنه ان قوما من العرب أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بالمدينة فاثابهم و باء المدينة و حماها فاركسوا و خرجوا من المدينة فاستقبلهم نفر من الصحابة فقالوا ما لكم رجعتم قالوا أصابنا وباء المدينة «١» فقالوا ما لكم فى رسول اللّه أسوة حسنة فقال بعضهم نافقوا و قال بعضهم لم ينافقوا فانزل اللّه تعالى هذه الاية و فى اسناده تدليس و انقطاع

قال البغوي قال مجاهدهم قوم خرجوا الى المدينة و اسلموا ثم ارتدوا و استأذنوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها فخرجوا و أقاموا بمكة فاختلف المسلمون فيهم فقيل هم منافقون و قيل هم مؤمنون و قال بعضهم هم ناس من قريش قدموا المدينة و اسلموا ثم ندموا على ذلك فخرجوا كهيئة المتنزهين حتى تباعدوا من المدينة فكتبوا الى رسول اللّه صلى اللّه انا على الذي فارقناك عليه من الايمان و لكنا اجتوينا المدينة و اشتقنا الى ارضنا ثم انهم خرجوا فى تجارة لهم نحو الشام فبلغ ذلك المسلمين فقال بعضهم نخرج إليهم فنقتلهم و نأخذ ما معهم لانهم رغبوا عن ديننا و قالت طائفة كيف تقتلون قوما على دينكم بان لا يذروا ديارهم فنزلت و قال بعضهم هم قوم اسلموا بمكة و لم يهاجروا و كانوا يظاهرون المشركين فنزلت وَ اللّه أَرْكَسَهُمْ اى ردّهم الى الكفر اصل الركس ردّ الشي ء مقلوبا بِما كَسَبُوا اى عملوا الردة و اللحوق بدار الحرب أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللّه اى تجعلوه من المهتدين او تقولوا هؤلاء مهتدون و قد أضلّهم اللّه و فى الاية دليل على ان خالق افعال العباد هو اللّه تعالى و الكسب من العبد وَ مَنْ يُضْلِلِ اللّه فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (٨٨) طريقا الى الحقّ-.

(١) فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انها طيبة و انها تتفى الخبث كما تنفى النار خبث الفضة منه رح.

﴿ ٨٨