٩٠ إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ استثناء من قوله فَخُذُوهُمْ وَ اقْتُلُوهُمْ فان قيل ما وجه صحة الاعتراض بين المستثنى و المستثنى منه مع انه لا مدخل له فى الاستثناء قلنا قوله تعالى لا تتخذوا ذكر تأكيدا للقتل كانه قيل فاقتلوهم و لا تتركوا قتلهم بطمع الولاية و النصرة و المعنى الّا الذين يتصلون و ينتهون إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ قال البغوي و هم الاسلميون و ذلك ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ادع هلال بن عويمر الأسلمي قبل خروجه الى مكة ان لا يعينه و لا يعين عليه و من وصل الى هلال من قومه و غيرهم و لجاء اليه فلهم من الجوار مثل ما لهلال كذا روى ابن ابى حاتم عن مجاهد و اخرج ابن ابى حاتم و ابن مردوية عن الحسن ان سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال لمّا ظهر النبي صلى اللّه عليه و سلم على اهل بدر و أحد و اسلم من حولهم قال سراقة بلغني انه يريدان يبعث خالد بن الوليد الى قومى بنى مدلج فاتيته فقلت أنشدك النعمة بلغني انك تريد ان تبعث الى قومى و انا أريد ان توادعهم فان اسلم قومك اسلموا و دخلوا فى الإسلام و ان لم يسلموا لم يخشين مغلوب قومك عليهم فاخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بيد خالد فقال اذهب معهم فافعل ما تريد فصالحهم خالد على ان لا يعينوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ان أسلمت قريش اسلموا معهم و انزل اللّه إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فكان من وصل إليهم كان منهم على عهدهم و اخرج ابن ابى حاتم عن ابن عباس قال نزلت إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فى هلال بن عويمر الأسلمي و سراقة بن مالك المدلجي و فى بنى خزيمة بن عامر بن عبد مناف و قال الضحاك عن ابن عباس هم بنو بكر بن زيد مناة كانوا فى الصلح و الهدنة و قال مقاتل هم خزاعة أَوْ جاؤُكُمْ عطف على الصلة اى الا الذين وصلوا الى قوم او جاءوكم او الا الذين يصلون الى قوم او يجيئونكم او عطف على صفة قوم يعنى الا الذين يصلون الى قوم معاهدين او قوم كافين عن القتال و الاول اظهر لقوله فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فان ترك التعرض للاعتزال عن القتال لا للاتصال بالمعتزلين حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ حال بإضمار قد او بيان لجاءوكم و قيل صفة لمحذوف اى جاءوكم قوما حصرت اى ضاقت صدورهم أَنْ يُقاتِلُوكُمْ اى عن ان أو لأن او كراهة ان يقاتلوكم أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ يعنى ضاقت صدورهم عن قتالكم للعهد الذي بينكم و بينهم و عن قتال قومهم قريشا معكم و هم بنوا مدلج كانوا عاهدوا ان لا يقاتلوا المسلمين و عاهدوا قريشا ان لا يقاتلوهم نهى اللّه تعالى عن قتال المرتدين إذا لحقوا بالمعاهدين لان من انضمّ الى قوم معاهدين فلهم حكمهم فى حقن الدّماء لان قتالهم يستلزم قتال المعاهدين و لا يجوز ذلك وَ لَوْ شاءَ اللّه لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ بازالة الرعب عنهم فَلَقاتَلُوكُمْ و لم يكفوا عنكم، أعاد اللام تنبيها على انه جواب مستقل و يس المجموع جوابا واحدا فانّ التسليط لا يستلزم المقاتلة بل بعد التسليط يتوقف المقاتلة على مشية اللّه تعالى و فى هذه الاية اشارة الى منة اللّه تعالى على المؤمنين حيث القى الرعب فى قلوب أعدائهم فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ اى اعتزلوا قتالكم فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ الصلح و الانقياد فَما جَعَلَ اللّه لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (٩٠) طريقا الى الاخذ و القتل و ذلك الطريق هو اباحة دمائهم-. |
﴿ ٩٠ ﴾