٩٨

إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ استثناء منقطع لعدم دخولهم فى الموصول و ضميره و الاشارة اليه فانهم ليسوا بظالمى أنفسهم إذ لا وجوب الا بعد القدرة لا يُكَلِّفُ اللّه نَفْساً إِلَّا وُسْعَها مِنَ الرِّجالِ كالشيخ الفاني و المريض و الضعيف و الزمن الذي لا يستطيع السفر راجلا و لا يقدر على الراحلة و ذى عيال لا يستطيع نقلهم و يخاف عليهم الضياع ان هاجر بدونهم وَ النِّساءِ فانهن مستضعفات غالبا وَ الْوِلْدانِ يعنى الصبيان ذكرهم فى الاستثناء مبالغة فى الأمر و الاشعار بانهم على صدد وجوب الهجرة إذا بلغوا و قدروا على الهجرة او المراد بالولدان أولياؤهم فان أولياءهم إذا قدروا على نقلهم من دار الشرك وجب عليهم ذلك و الا فهم من المستضعفين و لم يذكر العبيد فان العبد إذا كان قادرا على الهجرة يجب عليه ذلك و لا يمنعه حق المولى لان حقوق العباد لا تظهر فى الفروض على الأعيان قال محمد بن إسحاق فى رواية يونس بن بكير حدثنى عبد اللّه بن المكرم و محمد بن يحيى عن شيوخه قال نادى منادى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعنى إذا حاصر الطائف ايّما عبد نزل من الحصن و خرج إلينا فهو حر فخرج من الحصن بضعة عشر رجلا سماهم الحافظ محمد بن يوسف الصالحي الشافعي فى سبيل الرشاد و روى احمد عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من خرج إلينا من العبيد فهو حر فخرج العبيد فيهم ابو بكرة فاعتقهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و فى الصحيحين عن ابى عثمان النهدي قال سعد و هو اوّل من رمى بسهم فى سبيل اللّه و ابو بكرة «١» كان بسور حصن الطائف نزل الى النبي صلى اللّه عليه و سلم ثالث ثلاثة و عشرين من الطائف فشق ذلك على اهل الطائف مشقة شديدة و اغتاظوا على غلمانهم فاعتقهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و دفع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كل رجل منهم الى رجل من المسلمين يمونه و يحمله و أمرهم ان يقرءوهم القران و اعلموهم السنن فلما أسلمت ثقيف تكلمت اشرافهم فى هؤلاء المعتقين منهم الحارث بن كلدة يردونهم فى الرق فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أولئك عتقاء اللّه لا سبيل إليهم لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً الحيلة الحذق وجودة النظر و القدرة على التصرف يعنى لا يقدرون على الهجرة و لا يجدون أسبابها وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) اى لا يعرفون السبيل بنفسه و لا يجدون الدليل.

(١) فى الأصل أبا بكرة.

﴿ ٩٨