١٠٢ وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ الاية قال فحضرت فامرهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاخذوا بسلاح قال فصففنا خلفه صفين قال ثم ركع فركعنا جميعا ثم رفع فرفعنا جميعا ثم سجد النبي صلى اللّه عليه و سلم بالصّف الذي يليه و الآخرون قيام يحرسونهم فلمّا سجدوا و قاموا جلس الآخرون فسجدوا فى مكانهم ثم تقدم هؤلاء الى مصاف هؤلاء و جاء هؤلاء الى مصاف هؤلاء قال ثم ركع فركعوا جميعا ثم رفع فرفعوا جميعا ثم سجد النبي صلى اللّه عليه و سلم ثم انصرف فصلّاها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مرتين مرة بعسفان و مرة بأرض بنى سليم و روى مسلم صلوة الخوف عن النبي صلى اللّه عليه و سلم مثل هذا من حديث جابر قوله تعالى وَ إِذا كُنْتَ يا محمد حاضرا فِيهِمْ و أنتم تخافون العدو قيدنا بهذا القيد للاجماع على كون الحكم مقيدا به و ان كان قوله تعالى ان خفتم الاية متصلا بما بعده كما قيل فهو قرينة على هذا التقييد و على هذا جاز ان يكون هذه الاية معطوفة على قوله ان خفتم و الشرط مجموع الامرين الخوف و كونه صلى اللّه عليه و سلم فيهم و بناء على اشتراط كونه صلى اللّه عليه و سلم فيهم كما ينطق به ظاهر النصّ قال ابو يوسف رحمه اللّه انّ صلوة الخوف كانت مختصة به صلى اللّه عليه و سلم غير مشروع بعده و عامة العلماء على انها ثابت الحكم بعد النبي صلى اللّه عليه و سلم و الائمة نواب عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى كل عصر فكان الخطاب متنا و لا لكل امام و هذا جرى على عادة القران فى الخطاب للنبى صلى اللّه عليه و سلم و ان كان المقصود جميع الامة كما فى قوله تعالى فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ و الحجة على جواز صلوة الخوف بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان الصحابة رضوان اللّه عليهم أجمعين صلوا صلوة الخوف بعد النبي صلى اللّه عليه و سلم من غير نكير بعضهم على بعض فصار اجماعا روى ابو داود انهم غزوا مع عبد الرحمن بن سمرة كابل فصلى بنا صلوة الخوف و روى عن على عليه السلام انه صلاها يوم الصفين و ذكر الرافعي انه صلى المغرب صلوة الخوف ليلة الهرير بالطائفة الاولى ركعة و بالثانية ركعتين و قال البيهقي يذكر عن جعفر ابن محمّد عن أبيه ان عليا صلى المغرب صلوة الخوف ليلة الهرير و قال الشافعي و حفظ عن علىّ انه صلى صلوة الخوف ليلة الهرير كما روى صالح بن خوات عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و روى البيهقي من طريق قتادة عن ابى العالية عن ابى موسى الأشعري انه صلى صلوة الخوف بأصبهان و روى البيهقي عن سعد بن ابى وقاص انه صلى صلوة الخوف بحرب مجوس بطبرستان و معه الحسن ابن على و حذيفة بن اليمان و عبد اللّه بن عمرو بن العاص و روى ابو داود و النسائي من طريق ثعلبة بن زهرم قال كنا مع سعيد بن العاص فقال أيكم صلى مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صلوة الخوف فقال حذيفة انا فصلى مع هؤلاء ركعة و مع هؤلاء ركعة فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ يعنى فاجعلهم طائفتين فليقم أحدهما معك فصل بهم وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ قال مالك يجب حمل السّلاح فى صلوة الخوف و هو أحد قولى الشافعي و قال اكثر العلماء الأمر للاستحباب فَإِذا سَجَدُوا يعنى إذا أتم المصلون ركعة مع الامام و جاز ان يكون معناه فاذا صلوا اطلق السجود و أريد به الصلاة بتمامها تسمية الكل باسم الجزء فَلْيَكُونُوا اى المصلون مِنْ وَرائِكُمْ ايها الائمة الى تجاه العدو وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فى محل الرفع صفة لطائفة فَلْيُصَلُّوا اى تلك الطائفة الاخرى مَعَكَ يحتمل ان يراد بالصلوة الصلاة بتمامها و ان يراد بالصلوة الركعة الثانية وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ المراد بالحذر ما يتحذر به من العدو كالدرع و الجنة و بالسّلاح ما يقاتل به- اعلم انه روى صلوة الخوف عن النبي صلى اللّه عليه و سلم على وجوه أحدها ما ذكرنا من حديث ابى عياش الزرقي و حديث جابر قصة صلاته صلى اللّه عليه و سلم بعسفان إذا كان العدو بيننا و بين القبلة ثانيها ما رواه الشيخان فى الصحيحين عن جابر قال أقبلنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى إذا كنا بذات الرقاع و فيه فصلى بطائفة ركعتين ثم تاخروا فصلى بالطائفة الاخرى ركعتين قال فكانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اربع ركعات و للقوم ركعتان متفق عليه و هذا الحديث يحتمل الوجهين أحدهما انه صلى اللّه عليه و سلم صلى أربعا بتسليمة واحدة و كل طائفة صلى معه ركعتين ركعتين و ثانيهما ان النبي صلى اللّه عليه و سلم صلى بكل طائفة ركعتين و سلم على كل ركعتين كذا وقع صريحا فى حديث جابر ان النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يصلى بالناس صلوة الظهر فى الخوف ببطن نخل فصلى بطائفة ركعتين ثم سلم ثم جاء طائفة اخرى فصلى بهم ركعتين رواه البغوي من طريق الشافعي و شيخ الشافعي مجهول لكن وثقه الشافعي فقال أخبرني الثقة ابو عليّة او غيره، عن يونس عن الحسن عن جابر و رواه ابن الجوزي من طريق الدارقطني عن عنبسة عن الحسن عن جابر قال ابن الجوزي لا يصح قال يحيى بن معين عنبسة ليس بشى ء و قال النسائي متروك و قال ابو حاتم كان يضع الحديث و روى هذا الحديث ابو داود و ابن حبان و الحاكم و الدارقطني من حديث ابى بكرة ففى رواية ابى داود و ابن حبان انها الظهر و فى رواية الدارقطني انها المغرب و أعلها ابن القطّان بان أبا بكرة اسلم بعد وقوع صلوة الخوف قال الحافظ هذا ليس بعلة فانه يكون مرسل الصحابي ثالثها ما رواه الشيخان عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عن من صلى مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم ذات الرقاع و اخرج البخاري بطريق اخر عن صالح بن خوات عن سهيل بن ابى حثمة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم ان طائفة صفت معه و طائفة و جاه العدو فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما و أتموا لانفسهم ثم انصرفوا وصفوا و جاه العدو و جاءت الطائفة الاخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا و اتمّوا لانفسهم ثم سلم بهم رابعها ما رواه الترمذي و النسائي عن ابى هريرة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نزل بين ضحنان و عسفان فقال المشركون لهؤلاء صلوة هى احبّ إليهم من ابائهم و أبنائهم و هى العصر فاجمعوا أمركم فتميلوا عليهم ميلة واحدة و ان جبرئيل اتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فامره ان يقسّم أصحابه شطرين فيصلى بهم و يقوم طائفة اخرى وراءهم و ليأخذوا حذرهم و أسلحتهم فيكون لهم ركعة و لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ركعتان رواه الترمذي و النسائي و هكذا قال البغوي انه روى عن حذيفة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فى صلوة الخوف صلى بهؤلاء ركعة و بهؤلاء ركعة و لم يقضوا قال البغوي و رواه زيد بن ثابت و قال كانت للقوم ركعة ركعة و للنبى صلى اللّه عليه و سلم ركعتان و تاوّله قوم على صلوة شدة الخوف و قالوا الفرض فى هذه الحالة ركعة واحدة خامسها ما رواه البخاري فى الصحيح عن سالم بن عمر عن أبيه قال غزوت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قبل نجد فوازينا العدو فصاففنا فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يصلى لنا فقامت طائفة معه و أقبلت طائفة على العدو و ركع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم معه و سجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم يصل فجاءوا فركع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بهم ركعة و سجد سجدتين ثم سلم فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة و سجد سجدتين و روى نافع نحوه و زاد فان كان خوف هو أشد من ذلك صلوا رجالا على أقدامهم او ركبانا مستقبلى القبلة او غير مستقبليها قال نافع لا ارى قال ابن عمر ذلك الّا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ليس فى رواية ابن عمر هذه اىّ الطّائفتين يتم صلاته اوّلا بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و اختار ابو حنيفة من وجوه صلوة الخوف هذا الوجه الأخير و لم يجوّز سواه و قال يذهب الطائفة الثانية بعد سلام الامام و جاه العدو و يجى ء الطائفة الاولى فيتم صلاته اوّلا ثم يجى ء الطائفة الثانية فيتم صلاته و يسلم لما ذكر محمد فى كتاب الآثار هكذا من رواية ابى حنيفة قول ابن عباس و الموقوف فيه كالمرفوع و لم يجوّز سواه اما الوجه الثاني صلاته عليه السلام ببطن نخل فهو يستلزم اقتداء المفترض بالمتنفل قال الطحاوي انه كان فى وقت كانت الفريضة تصلى مرتين ثم نسخ ذلك و لو كانت الفريضة مشروعة تكرارها لما احتيج الى شرع صلوة الخوف مع المنافى و امّا الوجه الثالث صلاته صلى اللّه عليه و سلم بذات الرقاع فهو يستلزم ان يركع المؤتم و يسجد قبل الامام و ذلك لم يعهد و ان انتظار الامام المأموم على خلاف مقتضى الامامة و امّا الوجه الرابع صلاته صلى اللّه عليه و سلم بين ضحنان و عسفان يكون للقوم ركعة واحدة فمتروك العمل بالإجماع لانهم اتفقوا على ان الخوف لا ينقص عدد الركعات و امّا الوجه الاوّل صلاته صلى اللّه عليه و سلم بعسفان حين كان العدو بينه و بين القبلة فهو مخالف لكتاب اللّه تعالى حيث قال اللّه تعالى فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ و فى هذا الوجه تقوم الطائفتان جميعا و قال اللّه تعالى وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا و فى هذا الوجه انهم قد صلوا و قال الشافعي و احمد و مالك جميع الصفات المروية عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فى صلوة الخوف معتد بها و انما الخلاف فى الترجيح و قال احمد بن حنبل ما اعلم فى هذا الباب الّا حديثا صحيحا و اختار الشافعي من الوجوه المذكورة اربعة أوجه و احمد ثلاثة ان كان العدو بينه و بين القبلة فالمختار عندهما الوجه الاول صلاته بعسفان و ان كان فى جهة غير جهة القبلة فالمختار عند الشافعي امّا الوجه الثاني صلاته عليه السلام ببطن نخل و اقتداء المفترض بالمتنفل صحيح عنده خلافا لاحمد و امّا الوجه الثالث صلاته عليه السلام بذات الرقاع و عند احمد هو المختار فحسب قالوا هذا الوجه أشدّ موافقة لظاهر القران و أحوط للصلوة و ابلغ للحراسة عن العدو و ذلك لان اللّه تعالى قال فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ اى إذا صلوا ثم قال وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا و هذا يدل على ان الطائفة الاولى قد صلوا و قال فليصلّوا معك، و مقتضاه ان بصلوا تمام الصلاة و ظاهره يدل على ان كل طائفة تفارق الامام بعد تمام الصلاة و فيه الاحتياط لامر الصلاة من حيث انه لا يكثر فيها العمل و الذهاب و المجي ء و الاحتياط لامر الحرب من حيث انهم إذا لم يكونوا فى الصلاة كان أمكن للحرب و الهرب ان احتاجوا اليه و الوجه الرابع للشافعى و هو الثالث لاحمد حين يلتحم القتال و يشتد الخوف فيصلى كيف أمكن راكبا و ماشيا و يعذر فى ترك القبلة و فى الأعمال الكثيرة لحاجة و ان عجز عن ركوع و سجود اومأ و السجود اخفض و قال ابو حنيفة لا يجوز الصلاة فى حالة القتال ماشيا و القتال و العمل الكثير يفسد الصلاة عنده و يجوز الصلاة راكبا يومى ايماء او قائما على قدميه و قد مرّت هذه المسألة فى سورة البقرة فى تفسير قوله تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً- (فائدة) قال الحافظ رويت صلوة الخوف عن النبي صلى اللّه عليه و سلم على اربعة عشر نوعا ذكرها ابن حزم فى جزء مفرد بعضها فى صحيح مسلم و معظمها فى سنن ابى داود و ذكر الحاكم منها ثمانية انواع و ابن حبان تسعة مسئلة يجوز صلوة الخوف فى الحضر عند الجمهور خلافا لمالك فيصلى بكل طائفة ركعتين و يصلى المغرب بالأولى ركعتين و بالثانية ركعة و اللّه اعلم- وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اى يتمنون لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَ أَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ عطف على تغفلون اى يحملون و يشدون عليكم مَيْلَةً واحِدَةً بجملتهم و كلمة لو للتمنى و الجملة بيان للوداد و جاز ان يكون لو مصدرية و الجملة فى محل النصب على انه مفعول ودوا و هذا بيان ما لاجله أمروا بأخذ السلاح و الصلاة بهذه الكيفية و اللّه اعلم، قال الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم غزى محاربا و بنى انمار فنزلوا و لا يرون من العدو واحدا فوضع الناس أسلحتهم و خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لحاجة له قد وضع سلاحه حتى قطع الوادي و السماء ترش فحال الوادي بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و بين أصحابه فجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى ظل شجرة فبصر به غويرث بن الحارث المحاربي فقال قتلنى اللّه ان لم اقتله ثم انحدر من الجبل و معه السيف قد سلّه من غمده فقال يا محمد من يعصمك منى الان قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثم قال اللّهم اكفنى غويرث بن الحارث بما شئت ثم أهوى بالسيف الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ليضربنه فانكب بوجهه من زلّخة «١» زلّخها بين كتفيه و ندر سيفه فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاخذ ثم قال يا غويرث من يمنعك (١) زلخة بضم الزاء و تشديد اللام و فتحها وجع يأخذ فى الظهر لا يتحرك الإنسان من شدته و اشتقاقها من الزلخ و هو الزلق نهاية- منه رحمه اللّه و فى القران ودّ. منى الان قال لا أحد قال تشهد ان لا اله الا اللّه و ان محمدا عبده و رسوله و أعطيك سيفك قال لا و لكن اشهد ان لا أقاتلك ابدا و لا أعين عليك عدوا فاعطاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سيفه فقال غويرث و اللّه لانت خير منى قال النبي أجل انا أحق بذلك منك فرجع غويرث الى أصحابه فقالوا ويلك ما منعك منه قال لقد أهويت اليه بالسّيف لاضربنه فو اللّه ما أدرى من زلخنى بين كتفى فخررت بوجهي و ذكر حاله فنزل قوله تعالى وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ يبلّ السلاح أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى لا تستطيعون حمل السّلاح لثقلها أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ اى فى ان تضعوا وقع الشرط فى خلال جملة تصلح للجزاء فحذف الجزاء استغناء تقدير الكلام و ان كان بكم أذى من مطر او كنتم مرضى فلا جناح عليكم فى ان تضعوا أسلحتكم، رخص اللّه سبحانه فى وضع الأوزار بعذر المطر او المرض و ذلك يدل على ان الأمر بأخذ السلاح فيما سبق للوجوب كما قال مالك و الشافعي دون الاستحباب وَ خُذُوا حِذْرَكُمْ من التحصن بالحصن او التحيز الى المنعة فى مثل هذه الحالة أمرهم فى تلك الحالة بأخذ الحذر كيلا يهجم عليهم العدو فان حفظ الأنفس عن الضياع بلا فائدة (يعود الى إعلاء كلمة اللّه) واجب و هذه الجملة اعنى الأمر بأخذ الحذر فى مثل تلك الحالة وجه المناسبة للاية بما ذكرنا من شأن نزولها كأنّ اللّه سبحانه ارشد نبيه صلى اللّه عليه و سلم ان لا يبعد عن المعسكر وحده لحاجة الإنسان عند خوف العدو إِنَّ اللّه أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (١٠٢) فى الدنيا بالقتل و الاسر و فى الاخرة بالنار و فيه وعد للمؤمنين بالنصر على الكافرين بعد الأمر بالحزم ليتقوى قلوبهم و ليعلموا ان الأمر بالحذر ليس لضعفهم و غلبة عدوهم بل لان الواجب التشبث بالأسباب على مقتضى جرى العادة و ان تحافظوا على التيقظ و التدبر مع التوكل على اللّه ثم الكلبي فى الرواية المذكورة قال و سكن الوادي فقطع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الوادي الى أصحابه و أخبرهم الخبر و قرا عليهم هذه الآية و اخرج البخاري عن ابن عباس قال نزلت إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى فى عبد الرحمن بن عوف كان جريحا يعنى رخص هو لاجل الجرح فى وضع الاسلحة. |
﴿ ١٠٢ ﴾