١٦٣

إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ بدا بذكره عليه السلام لانه كان أبا البشر مثل آدم قال اللّه تعالى وَ جَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ و لانه أول نبى من أنبياء الشريعة و أول نذير على الشرك و أول من عذبت أمته لردهم دعوته و أهلك اهل الأرض بدعائه و كان أطول الأنبياء عمرا و جعل معجزته فى نفسه فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً و لم يسقط له سن و لم يشب له شعر و لم ينقص له قوة و صبر على أذى قومه على طول عمره وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ إدريس و هود و صالح و شعيب و غيرهم وَ كما أَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ و هم أولاد يعقوب اما ابناؤه اثنا عشر او أنبياء بنى إسرائيل من ذريتهم- وَ عِيسى وَ أَيُّوبَ وَ يُونُسَ وَ هارُونَ وَ سُلَيْمانَ خص هؤلاء من الأسباط لمزيد الفضل وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (١٦٣) عطف على أوحينا قرا الأعمش و حمزة زبورا بضم الزاء و هو اسم للكتاب الذي انزل عليه

قال البغوي كان فيه التحميد و التمجيد و الثناء على اللّه عز و جل و كان داود يخرج الى البرية فيقوم و يقرا الزبور و يقوم معه علماء بنى إسرائيل فيقومون خلفه و يقوم الناس خلف العلماء و يقوم الجن خلف الانس الأعظم فالاعظم و يجى ء الدواب التي فى الجبال فيقمن بين يديه تعجبا لما يسمعن منه و الطير ترفرف «١» على رءوسهم عن ابى موسى الأشعري قال قال لى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لو رايتنى البارحة و انا اسمع لقراءتك لقد أعطيت مزمارا من مزامير ال داود قال اما و اللّه يا رسول اللّه لو علمت

(١) يقال رفرف الطائر بجناحيه إذا بسطهما عند السقوط الى شى ء يحوم عليه ليقع فوقه- نهايه منه رحمه اللّه.

انك تسمع لحبرّته «١» تحبيرا و كان عمر رضى اللّه عنه إذ أراه يقول ذكرنا يا أبا موسى فيقرا عنده.

(١) يقال حبرت الشي ء تحبيرا إذا احسنته نهاية منه رحمه اللّه-.

﴿ ١٦٣