١٧١

يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ قيل الخطاب للفريقين اليهود و النصارى فاليهود غلت فى تنقيص عيسى حتى كذبوه و سبوا امه و النصارى فى رفعه حتى اتخذوه الها و اصل الغلو مجاوزة الحد و

قال البغوي نزلت فى النصارى و هم اصناف اربعة اليعقوبية و الملكائية و النسطورية و المرقوسية فقالت اليعقوبية و الملكائية ان عيسى هو اللّه و قالت النسطورية عيسى ابن اللّه و قالت المرقوسية ثالث ثلاثة و يقال الملكائية يقولون عيسى هو اللّه و اليعقوبية يقولون ابن اللّه و النسطورية يقولون ثالث ثلاثة علمهم رجل من اليهود يقال له بولس سيأتى فى سورة التوبة ان شاء اللّه تعالى وَ لا تَقُولُوا عَلَى اللّه إِلَّا الْحَقَّ يعنى نزهوه عن الشريك و الصاحبة و الولد و كونه جسما محتاجا الى الاكل و غير ذلك إِنَّمَا الْمَسِيحُ مبتدا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عطف بيان من المسيح رَسُولُ اللّه خبر مبتدا يعنى ليس كما قالت النصارى انه ابن اللّه و لا كما قالت اليهود انه كذاب بل هو رسول اللّه وَ كَلِمَتُهُ يعنى اثر قوله كن فكان بشرا من غير اب أَلْقاها حال بتقدير قد يعنى أوصلها إِلى مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ عطف على الخبر اى ذو روح صادر منه تعالى بخلقه كسائر الحيوانات لا يمكن ان يكون الها و استد الى نفسه تشريفا و قيل سمى روحا لانه كان يحيى الموتى او القلوب الميتة و قيل الروح هو النفخ الذي نفخه جبرئيل فى درع مريم فحملت بإذن اللّه سمى النفخ روحا لانه ريح تخرج من الروح و اضافه اليه تعالى لانه كان بامره من غير مادة و قيل و روح منه يعنى رحمة منه و قد كان رحمة لمن اتبعه و أمن به و قيل الروح الوحى الى مريم بالبشارة و الى جبرئيل بالنفخ و الى عيسى ان كن فكان و قيل أراد بالروح جبرئيل و هو معطوف على الضمير المستتر فى القاها و يجوز العطف للفصل يعنى القاها اللّه سبحانه الى مريم و ألقاه جبرئيل بامره، أسند الإلقاء الى اللّه سبحانه لكونه امرا و الى جبرئيل لكونه فاعلا او الى اللّه لكونه خالقا و الى جبرئيل لكونه كاسبا، عن عبادة رضى اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم من شهد ان لا اله الا اللّه و ان محمدا عبده و رسوله و ان عيسى عبد اللّه و رسوله و كلمته القاها الى مريم و روح منه و الجنة حق و النار حق ادخله الجنة على ما كان من عمل متفق عليه فَآمِنُوا بِاللّه كما يليق بتنزيهاته وَ رُسُلِهِ و منهم عيسى وَ لا تَقُولُوا الالهة ثَلاثَةٌ اللّه و المسيح و مريم كما يدل عليه قوله تعالى أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّه و قيل كانوا يقولون بالأقانيم الثلاثة اللّه و عيسى و جبرئيل و يسمونهم بالأب و الابن و روح القدس قالوا كانت ذات لها العلم و الحيوة فانتقلت صفة العلم و استعلت و صارت جسما و سميت بعيسى و صفة الحيوة فسميت جبرئيل انْتَهُوا عن التثليث و ائتوا امرا خَيْراً لَكُمْ مما أنتم عليه او انتهاء خيرا لكم او يكن الانتهاء خيرا لكم إِنَّمَا اللّه مبتدا إِلهٌ خبره واحِدٌ صفة للتأكيد يعنى لا تعدّد فيه بوجه ما سُبْحانَهُ اى أسبحه سبحانا من أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ فانه انما يكون لمن يتصور له مثل و يتطرق اليه فناء و لذلك سمى اللّه سبحانه ذلك القول شتما فى حقه، عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال اللّه تعالى كذبنى ابن آدم و لم يكن له ذلك و شتمنى و لم يكن له ذلك و امّا تكذيبه إياي فقوله لن يعيدنى كما بدانى و ليس أول الخلق باهون عليّ من إعادته و امّا شتمه إياي فقوله اتخذ اللّه ولدا و انا الأحد الصمد الذي لم الد و لم اولد و لم يكن لى كفوا أحد و فى رواية ابن عباس فقوله لى ولد و سبحانى ان اتخذ صاحبة او ولدا رواه البخاري لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ يعنى جميع من عداه ملكا و خلقا فمن يماثله حتى يتصور كونه ولدا له فهذه الجملة كانه تعليل لما سبق وَ كَفى بِاللّه وَكِيلًا (١٧١) حافظا و مدبرا لكل من سواه فهو تعالى غنى عن الولد فان الحاجة الى الولد ليكون وكيلا لابيه قائما مقامه و اللّه اعلم،-

قال البغوي (و عزاه الواحدي فى اسباب النزول الى الكلبي) انه قال وفد نجران يا محمد انك تعيب صاحبنا قال و اىّ شى ء أقول قال تقول انه عبد اللّه و رسوله قال انه ليس بعار لعيسى ان يكون عبد اللّه فنزلت.

﴿ ١٧١