٩٠

أُولئِكَ المذكورون من الأنبياء مبتدأ خبره الَّذِينَ هَدَى اللّه يعنى هديهم اللّه الى التوحيد و اصول الدين و الى الإتيان بما امر اللّه به و الانتهاء عما نهى اللّه عنه فَبِهُداهُمُ اى بطريقتهم

اقْتَدِهْ الظرف للحصر يعنى لا تقتد الا بهديهم فيه تعريض على المشركين فى اقتدائهم بآبائهم الضالين و المراد بالاقتداء بطريقتهم الاخذ بها لا تقليدهم فان التقليد ليس من شأن اهل الاجتهاد من الامة فكيف يليق بالأنبياء لا سيما بسيدهم يعنى اسلك على طريق الهداية و اتباع الشرع المويد بالعقل كما سلكوا ففيه تنبيه على ان طريقهم هو الحق الموافق للدليل العقلي و السمعي

قال البيضاوي المراد بهداهم ماتوا فقوا عليه من التوحيد و اصول الدين دون الفروع المختلف فيها فانها ليست مضافة الى الكل و لا يمكن التأسى بهم جميعا فليس فيه دليل على انه صلى اللّه عليه و سلم كان متعبدا بشرائع من قبلنا قلت كلهم كانوا مامورين فى الفروع بامتثال امر نزل من اللّه تعالى ما لم ينزل نسخه فيحصل التأسى بجميعهم فى الفروع ايضا بإتيان ما ثبت نزوله من اللّه تعالى بالوحى المتلو او غير المتلو و لم يثبت نسخه فيجب التعبد بشرائع من قبلنا و اللّه اعلم و الهاء فى اقتده هاء سكت و لذا حذفه حمزة و الكسائي و يعقوب و صلا و أثبتها الباقون فى الحالين تبعا للخط

و قرا ابن عامر بكسر الهاء و ابن ذكوان عنه بالإشباع و هشام عنه بالكسر بلا صلة تشبيها بهاء الضمير او هى ضمير راجع الى المصدر يعنى اقتد الاقتداء قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ اى على التبليغ او القران أَجْراً من جهتكم كما لم يسأل من قبلى من النبيين و هذا مما امر بالاقتداء بهم فيه و فيه دليل على ان أخذ الاجر على تعليم القران و الفقه و رواية الحديث لا يجوز إِنْ هُوَ اى التبليغ او القران إِلَّا ذِكْرى تذكيرا و عظة لِلْعالَمِينَ ع للانس و الجن اخرج ابن ابى حاتم عن سعيد بن جبير مرسلا قال جاء رجل من اليهود يقال له مالك ابن الضيف يخاصم النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم أنشدك بالذي انزل التورية على موسى هل تجد فى التورية ان اللّه يبغض الحبر السمين و كان سمينا فغضب فقال و اللّه ما انزل اللّه على بشر من شى ء فقال له أصحابه ويحك و لا على موسى فانزل اللّه تعالى.

﴿ ٩٠