١٥١

قُلْ يا محمد تَعالَوْا امر من التعالي و أصله فيمن كان فى علو يقول لمن كان فى سفل ثم اتسع فيه بالتعميم أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ ما موصولة او مصدرية منصوبة باتل او استفهامية منصوبة بحرم و الجملة مفعول اتل يعنى اتل اى شى ء حرم ربكم عَلَيْكُمْ متعلق بحرم او اتل اسم فعل للاغراء بمعنى الزموا أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ ان مصدرية على تقدير كون عليكم بمعنى الزموا و الا فمفسرة بفعل التلاوة يعنى اتل عليكم لا تشركوا و جاز ان يكون مصدرية فى محل الرفع تقديره المتلو ان لا تشركوا او فى محل النصب تقديره أوصيكم ان لا تشركوا و يؤيد هذا التقدير قوله تعالى ذلكم وصيكم و ان يكون ان مصدرية و لا زائدة و محلها النصب على انه بدل من الموصول او من عائده المحذوف و تقديره حرم عليكم ان تشركوا او محلها الرفع تقديره المحرم ان تشركوا به شَيْئاً من الإشراك جليا و لا خفيا او شيئا من الالهة الباطلة وَ أحسنوا بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً معطوف على لا تشركوا وضع الأمر موضع النهى عن الاساءة إليهما للمبالغة و الدلالة على ان ترك الاساءة فى شانهما غير كاف و ترك الإحسان بهما اساءة و ان كان لا فى لا تشركوا زائدة فالتقدير حرم عليكم ان تشركوا و ان تسيئوا بالوالدين بل أحسنوا إحسانا وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ «١» يعنى لا تئدوا البنات مِنْ خشية إِمْلاقٍ فقر نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَ إِيَّاهُمْ فى حديث معاذ أوصاني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعشر كلمات قال لا تشرك باللّه و ان قتلت و حرقت و لا تعقن والديك و ان امراك ان تخرج من أهلك و مالك الحديث رواه احمد

(١) عن على بن ابى طالب قال لما امر اللّه نبيه صلى اللّه عليه و سلم ان يعرض نفسه على قبائل العرب خرج الى منى و انا معه و ابو بكر و كان ابو بكر رجلا نسابة فوقف على منازلهم و مضاربهم بمنى فسلم عليهم و ردوا السّلام و كان فى القوم مغروق بن عمر و هانى بن قبيصة و المثنى بن حادثة و النعمان ابن شريك و كان اقرب القوم الى ابى بكر مفروق قد غلب عليهم بيانا و لسانا فالتفت الى رسول اللّه عليه و سلم فقال الى ما تدعونا يا أخا قريش فتقدم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قام ابو بكر يظله بثوبه فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم أدعوكم الى شهادة ان لا اله الا اللّه وحده لا شريك له و انى رسول اللّه و لا توذونى و تضربونى و تمنعونى حتى أؤدي عن اللّه الذي أمرني به فان قريشا قد تظاهرت على امر اللّه و كذبت رسوله و اعانت الباطل على الحق و اللّه هو الغنى الحميد قال له و الى ما تدعونا ايضا يا أخا قريش فتلا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم ان لا تشركوا به شيئا الى قوله تتقون قال له مفروق و الى ما تدعونا ايضا يا أخا قريش فو اللّه ما هذا من كلام اهل الأرض و لو كان من كلامهم لعرفناه فتلا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان اللّه يأمر بالعدل و الإحسان الاية فقال له مفروق دعوت و اللّه يا قرشى فى مكارم الأخلاق و محاسن الأعمال و لقد افك قومك كذبوك و ظاهروا عليك و قال هانى بن قبيصة قد سمعتك مقالتك و استحسنت قولك يا أخا قريش و أعجبني ما تكلمت به ثم قال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لن تلبثوا الا يسيرا حتى يمنحكم اللّه بلادهم و أولادهم يعنى ارض فارس و انهار كسرى و يفرشكم نباتهم تسبحون اللّه و تقدسونه قال له النعمان بن شريك اللّهم و انى ذلك لك يا أخا قريش فتلا له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا و داعيا الى اللّه باذنه و سراجا منيرا ثم نهض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قابضا على يد ابى بكر ١٢ [.....].

و فى حديث ابن مسعود قال قال رجل يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اى الذنب اكبر عند اللّه قال ان تدعو للّه ندا و هو خلقك قال ثم اى قال ان تقتل ولدك خشية ان يطعم معك الحديث متفق عليه وَ لا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ كبائر الذنوب و الزنا ما ظَهَرَ مِنْها من افعال الجوارح علانية وَ ما بَطَنَ يعنى افعال الجوارح سرا و افعال القلوب من النفاق و غيره و رذائل النفس قوله ما ظهر و ما بطن بدل من الفواحش وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّه قتله من مومن او معاهد أَلَّا قتلا متلبسا بِالْحَقِّ اى بحق يبيح قتله من ردة او قصاص او زنا بعد إحصان او نقض عهد او بغى او قطع طريق عن عبد اللّه بن مسعود قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يحل دم امرئ يشهد ان لا اله الا اللّه و انى رسول اللّه الا بإحدى ثلث الثيب الزاني و النفس بالنفس و التارك لدينه المفارق للجماعة رواه البغوي و قال اللّه تعالى و ان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم و طعنوا فى دينكم فقاتلوا ائمة الكفر الاية و قال اللّه تعالى فان بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغى و قال اللّه تعالى انما جزاء الذين يحاربون اللّه الاية ذلِكُمْ من الأوامر و النواهي وَصَّاكُمْ بِهِ أمركم بحفظه لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ترشدون فان كمال العقل هو الرشد و ضده السفه

﴿ ١٥١