|
١٥٢ وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ فضلا من ان تأكلوه او تضيعوه بفعله إِلَّا بِالَّتِي اى بالفعلة التي هِيَ أَحْسَنُ ما يفعل بماله من حفظه و تثميره و صلاحه قال مجاهد هى التجارة فيه حَتَّى يَبْلُغَ اليتيم أَشُدَّهُ جمع شد كفلس و أفلس يعنى صفات كماله من البلوغ و الرشد بعد البلوغ المنافى للسفه و قيل هى مفرد بمعنى كماله هذا القيد خرج مخرج العادة تأكيدا لا مفهوم له عند أحد فانه كان معتاد اهل الجاهلية التصرف فى ماله من ايام صباه حتى يبلغ أشده فاذا بلغ أشده منع غيره من ماله فقال اللّه تعالى لا تقربوا مال اليتيم فى شى ء من زمان صباه و اما بعد ذلك فلا يمكن لكم التصرف فيه لاجل ممانعته و قال البغوي تقدير الاية لا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هى احسن ابدا حتى يبلغ أشده فادفعوا اليه ماله إن كان رشيدا قلت و جاز ان يكون غاية للمستثنى يعنى افعلوا بما له الفعلة التي هى احسن حتى يبلغ أشده وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَ الْمِيزانَ بِالْقِسْطِ بالعدل و التسوية وضع الأمر موضع النهى يعنى لا تنقصوا المكيال و الميزان لكمال الاهتمام فى الإيفاء فان النهى يقتضى الأمر بضده التزاما و الاهتمام فى المطابقة و اللّه اعلم لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها اى الا ما يسعها و لا يعسر عليها ذكر هذه الجملة بعد الأمر بالإيفاء بالقسط اشارة الى ان الأفضل ان يعطى من عليه الحق اكثر و أفضل مما وجب عليه تجوز او اخرج ابن مردويه بسند ضعيف من مرسل سعيد بن المسيب قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من اوفى على يده و الميزان و اللّه يعلم صحة نيته بالوفاء فيهما لم يواخذ و ذلك تاويل وسعها قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى أداء ثمن فرس وجب عليه زن و أرجح رواه احمد و ابو داؤد و الترمذي و ابن ماجة و الحاكم و صححه عن سويد بن قيس و فى الصحيحين عن ابى هريرة ان رجلا اتى النبي صلى اللّه عليه و سلم يتقاضاه فاغلظ له فهم به بعض أصحابه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دعوه فان لصاحب الحق مقالا ثم قال أعطوه سنا مثل سنه قالوا يا رسول اللّه لا نجد الا أمثل من سنه قال أعطوه فان خيركم أحسنكم قضاء و هو عند مسلم من حديث ابى رافع بمعناه و عن ابى هريرة قال اتى النبي صلى اللّه عليه و سلم برجل يتقاضاه قد استسلف منه شطر وسق فاعطاه وسقا فقال نصف وسق لك و نصف وسق من عندى ثم جاء صاحب الوسق يتقاضاه فاعطاه و سقين فقال وسق لك و وسق من عندى رواه الترمذي و سنده لا بأس به و كذا الأفضل ان يرضى صاحب الحق من حقه سماحة عن جابر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رحم اللّه رجلا سمحا إذا باع و إذا اشترى و إذا اقتضى رواه البخاري لكن اللّه سبحانه لم يوجب إعطاء اكثر مما وجب عليه و لا الرضا باقل مما له تفضلا فان ذلك شاق على النفوس و ذلك قوله تعالى لا يكلف اللّه نفسا الا وسعها و هذه الأحاديث يؤيد مذهب الشافعي حيث قال ان اهدى المستقرض الى المقرض شيئا او حمله على دابة او اسكنه فى داره و لم يكن ذلك عادة بينهما او اعطى اكثر مما أخذ منه او أجود يجوز ذلك ان كان بغير شرط سبق خلافا للائمة الثلاثة فان ذلك يكره عندهم و لا يحل له أخذ ذلك و قد مر المسألة فى سورة البقرة فى تفسير اية المداينة وَ إِذا قُلْتُمْ فى الحكم او الشهادة فَاعْدِلُوا فيه وَ لَوْ كانَ المقول له او عليه ذا قُرْبى لكم هذا ايضا امر وضع موضع النهى عن الجور و الكذب تأكيدا فى العدالة حتى لا يجوز الشهادة على الظن و التخمين بل على كمال العلم كما يدل عليه لفظة الشهادة قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عدلت شهادة الزور بالاشراك باللّه ثلث مرات ثم قرا فاجتنبوا الرجس من الأوثان و اجتنبوا قول الزور حنفاء للّه غير مشركين به رواه ابو داؤد و ابن ماجة عن خريم بن فاتك و احمد و الترمذي عن ايمن بن خريم الا ان ابن ماجة لم يذكر القراءة و عن بريدة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم القضاة ثلثة واحد فى الجنة و اثنان فى النار فاما الذي فى الجنة فرجل عرف الحق فقضى به و رجل عرف الحق فجار فى الحكم فهو فى النار و رجل قضى للناس على جهل فهو فى النار رواه ابو داؤد وَ بِعَهْدِ اللّه يعنى بما عهد إليكم من ملازمة العدل و تادية احكام الشرع من الأوامر و النواهي او بالنذر و اليمين أَوْفُوا هذا ايضا امر فى موضع النهى تأكيدا يعنى لا تنقضوا عهد اللّه بعد ميثاقه و لا تنقضوا الايمان بعد توكيدها و مقتضى التأكيد و المبالغة فى إتيان الأوامر و النواهي ان يجتنب الشبهات قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الحلال بين و الحرام بين و بينهما امور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشتبهات استبرأ لعرضه و دينه و من وقع فى المشتبهات وقع فى الحرام كراع يرحى حول الحمى يوشك ان يوقعه الحديث متفق عليه من حديث النعمان بن بشير و روى الطبراني فى الصغير بسند صحيح عن عمر مرفوعا الحلال بين و الحرام بين دع ما يريبك الى ما لا يريبك ذلِكُمْ ما ذكر وَصَّاكُمْ أمركم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ قرا حمزة و الكسائي و حفص بتخفيف الذال حيث وقع فى القران إذا كان بالتاء الفوقانية بحذف احدى التاءين من التفعل و الباقون بتشديد الذال و أصله تتذكرون |
﴿ ١٥٢ ﴾