سُورَةُ الْأَنْفَالِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ آيَةًنحمد يا من لا اله الّا أنت و نسبّحك و نستعينك و نستغفرك و نشهد انّك مالك الملك تؤتى الملك من تشاء و تنزع الملك ممّن تشاء و تعزّ من تشاء و تذلّ من تشاء بيدك الخير انّك على كلّ شى ء قدير أنت ربّنا و ربّ السّموات و الأرض و من فيهنّ و نصلّى و نسلّم على رسولك و حبيبك سيّدنا و مولانا محمّد و على جميع النّبيين و المرسلين و على عبادك الصّالحين سورة الأنفال ستة او سبع و سبعون آية مدنية قيل الا سبع آيات من قوله تعالى وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا الى آخر سبع نزلت بمكة و الأصح انها نزلت بالمدينة و ان كانت الواقعة بمكة ربّ يسّر و تمّم بالخير بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ روى ابن ابى شيبة و ابو داود و النسائي و الحاكم و ابن حبان و عبد الرزاق في المصنف و عبد بن حميد و ابن عابد و ابن مردوية و ابن عساكر عن ابن عباس رضى اللّه عنهما قال لما كان يوم بدر قال النبي صلى اللّه عليه و سلم من قتل قتيلا فله كذا و كذا و من اسر أسيرا فله كذا و كذا و في رواية ابن مردوية من طريق فيه الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس و عن عطاء عن ابن عجلان عن عكرمة عنه بلفظ من قتل قتيلا فله سلبه فأما المشيخة فثبتوا تحت الرايات و اما الشبان فسارعوا الى القتل و الغنائم فقال المشيخة للشبان اشركونا معكم فانا كنا لكم ردا و لو كان منكم شى ء لجئتم إلينا فاختصموا الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و جاء ابو اليسر باسيرين فقال يا رسول اللّه قد وعدتنا فقام سعد بن معاذ فقال يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أعطيت هؤلاء لم يبق لاصحابك شى ء و انه لم يمنعنا من هذا زهادة في الآخرة و لا جبن عن العدو و لا ضعن بالحياة ان نصنع ما صنع إخواننا و لكنا رأينا قد أفردت فكرهنا ان تكون بمضيعة و انما قمنا هذا المقام محافظة عليك ان يأتوك من ورائك فتشاجروا فنزلت. _________________________________ ١ يَسْئَلُونَكَ يا محمد عَنِ الْأَنْفالِ يعنى ان الغنائم لمن هى و النفل الغنم لانها من فضل اللّه و عطائه قُلِ لهم يا محمد الْأَنْفالُ للّه ملكا وَ الرَّسُولِ تصرفا يقسمها الرسول على ما يأمره اللّه تعالى يعنى أمرها مختص بهما قال ابن عباس فيما رواه الائمة المذكورون فنزعه اللّه تعالى من أيديهم فجعله الى رسوله صلى اللّه عليه و سلم فجعله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بين المسلمين على بواء اى سواء فكان ذلك تقوى اللّه و طاعته و طاعة رسوله صلى اللّه عليه و سلم و إصلاح ذات البين كما قال اللّه تعالى فَاتَّقُوا اللّه في الاختلاف و المشاجرة وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ يعنى الصفة التي بينكم من المواسات و الالفة و المساعدة فيما رزقكم اللّه تعالى و تسليم امره الى اللّه تعالى و رسوله قال الزجاج يعنى ذات بينكم حقيقة وصلكم و البين الوصل وَ أَطِيعُوا اللّه وَ رَسُولَهُ فيما أمرتم به في الغنائم و غيرها إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١) شرط استغنى عن الجزاء بما مضى يعنى ان كنتم مومنين كاملى الايمان فافعلوا ذلك فان مقتضى كمال الايمان الاطاعة في الأوامر و الاتقاء عن المعاصي و إصلاح ذات البين بالعدل و الإحسان و الإيثار و ذكر البيضاوي الحديث بلفظ شرط رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لمن كان له غناء ان ينفله فتسارع شبانهم حتى قتلوا سبعين و أسروا سبعين ثم طلبوا نفلهم و كان المال قليلا فقال الشيوخ و الوجوه الذين كانوا عند الرايات كنا ردا لكم و فئته تتحازون إليها فنزلت فقسمها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بينهم على السواء ثم قال البيضاوي و لهذا لا يلزم الامام ان يفي بما وعدهم و هو قول الشافعي رحمه اللّه و روى ابن ابى شيبة و احمد و عبد بن حميد و ابن مردوية عن سعد بن ابى وقاص رضى اللّه عنه قال لما كان يوم بدر و قتل أخي عمير و قتلت سعيد بن العاص و أخذت سيفه و كان يسمى ذا الكتيفة فاتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقلت يا رسول اللّه قد شفانى اللّه تعالى اليوم من المشركين فنفلنى هذا السيف فانا من قد علمت حاله قال هذا السيف لا لك و لا لى ضعه فوضعته ثم رجعت قلت عسى ان يعطى هذا السيف اليوم من لا يبلى بلائي فرجعت فقال اذهب فاطرحه في القبض «١» فرجعت و بي مالا يعلمه الا اللّه تعالى من قتل أخي و أخذ سلبى فرجعت به حتى إذ أردت ان ألقيه لا ميتنى نفسى فرجعت اليه فقلت أعطنيه فشد بي صوته فما جاوزت الا يسيرا حتى نزلت سوره الأنفال فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اذهب فخذ سيفك و في رواية فجأنى الرسول انك (١) قبض بالتحريك قبض ما أخذ من اموال الناس. سألتنى و ليس لى و انه قد صار لى و هو لك و روى البخاري في تاريخه عن سعد بن جبير ان سعدا و رجلا من الأنصار خرجا ينتفلان فوجدا سيفا ملقى فخرا عليه فقال سعد هو لى و قال الأنصاري هو لى لا أسلمه حتى اتى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاتياه فقص عليه القصة فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ليس لك يا سعد و لا للانصارى فنزلت و يسألونك عن الأنفال الآية ثم نسخت هذه الاية بقوله تعالى و اعلموا انما غنمتم من شى ء فان للّه خمسه و للرسول و لذى القربى و روى ابن جرير و ابن المنذر و ابن ابى حاتم و البيهقي في السنن عن ابن عباس قال الأنفال المغانم كانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خالصة ليس لاحد منها شى ء ما أصاب من سرايا المسلمين من شي ء أتوه فمن حبس ابرة او سلكا فهو غلول فسألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان يعطيهم منها شيئا فانزل اللّه تعالى يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لى جعلتها لرسولى ليس لكم منها شي ء فاتقوا اللّه و أصلحوا ذات بينكم الى قوله ان كنتم مومنين ثم انزل اللّه و اعلموا انما غنمتم من شى ء الآية ثم قسم ذلك الخمس لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لذى القربى و اليتامى و المساكين و المهاجرين في سبيل اللّه و جعل اربعة أخماسه للناس فيه سواء للفرس سهمان و لصاحبه سهم و للراجل سهم قال محمد بن يوسف الصالحي في سبيل الرشاد و لما امر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان يقسم الغنائم على السواء قال سعد ابن معاذ يا رسول اللّه أ تعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطى الضعيف فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثكلتك أمك و هل تنصرون الا بضعفائكم و نادى مناديه صلى اللّه عليه و سلم من قتل قتيلا فله سلبه و من اسر أسيرا فهو له كان يعطى من قتل قتيلا سلبه و روى سعيد بن منصور و احمد و ابن المنذر و ابن حبان و الحاكم و البيهقي في السنن عن عبادة بن الصامت قال التقى الناس فهزم اللّه العدو و انطلقت طائفة الى آثارهم يأسرون و يقتلون و اكبت طايفة على العسكر يجوزونه و يجمعونه و أحدقت طايفة برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يصيب العدو منه غرة حتى إذا كان الليل و أفاء الناس بعضهم الى بعض قال الذين جمعوا الغنائم نحن جمعناها و حويناها فليس لاحد فيها نصيب و قال الذين خرجوا في طلب العدو لستم بأحق منا نحن نفينا عنها العدو و هزمناهم و قال الذين احدقوا برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لستم بأحق بها منا نحن احدقنا برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حفظنا ان يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به فنزلت يسألونك عن الأنفال الآية. |
﴿ ١ ﴾