٥ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ الذي بالمدينة او المراد بالبيت المدينة نفسها لانها مهاجره و مسكنه فهى مختصة به كاختصاص البيت بصاحبه بِالْحَقِّ متعلق باخرج اى إخراجا متلبسا بالحكمة و الصواب لقتال الكفار ببدر و قوله كما اخرجك اما خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا الحال يعنى كون الأنفال للّه و الرسول و تقسيم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الأنفال بين الناس على السواء و كراهة بعض الناس يعنى الشبان المقاتلة ثابت كحال اخراجك اللّه للحرب و كراهتهم له أو صفة لمصدر الفعل المقدر في قوله للّه و الرسول اى الأنفال ثبت للّه و الرسول مع كراهتهم ثباتا مثل ثبات اخراجك ربك من بيتك كذا قال المبرد و قيل تقديره امض لامر اللّه تعالى في الأنفال و ان كرهوا كما مضيت امر اللّه في الخروج من البيت- (قصة غزوة بدر) و السبب في خروج النبي صلى اللّه عليه و سلم انه سمع أبا سفيان ابن حرب مقبلا من الشام في الف بعير لقريش فيها اموال عظام و لم يبق بمكة قرشى و لا قرشية له مثقال فصاعدا الا بعث به في العير فيقال ان فيها خمسين الف دينار و فيها سبعين رجلا كذا ذكر ابن عقبة و ابن عابد قال البغوي قال ابن عباس و ابن الزبير و محمد بن إسحاق و السدى اقبل ابو سفيان من الشام في أربعين راكبا من كبار قريش فيهم عمرو بن العاص و مخرمة ابن نوفل الزهري فندب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم للخروج معه و قال هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا لعل اللّه ان يغتمكوها فانتدب الناس فخف بعضهم و ثقل بعضهم و تخلف عنه بشر كثير و كان من تخلف لم يلم و ذلك انهم لم يظنوا ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يلقى حربا و لم يحتقل لها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم احتقالا بليغا فقال من كان ظهره حاضرا فليركب معنا فجعل رجال يستأذنونه في ظهورهم في علو المدينة قال لا الا من كان ظهره حاضرا- و بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قبل خروجه من المدينة بعشر ليال طلحة بن عبيد اللّه و سعيد بن زيد الى طريق الشام يتجسسان خبر العير فبلغا ارض خوار فنزلا على كشد بن مالك الجهني فأجارهما و انزلهما و كنتم عليها حتى مرت العير ثم خرجا و خرج معهما كشد ضى أوردهما ذا المروة «١» فقد ما ليخبرا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فوجداه قد خرج فلما أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ينبع «٢» اقطعها لكشد فقال يا رسول اللّه انى كبير لكن اقطعها لابن أخي فاقطعه إياها فابتاعها منه عبد الرحمن بن سعد بن زرارة رواه عمر بن شيبة و أدرك أبا سفيان رجل من خدام بالرزقا فاخبره ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ينتظر رجوع العير فخرج ابو سفيان و من معه خايفين للرصد و لما دنا ابو سفيان من الحجاز جعل يتجسس الاخبار و يسأل من نقى من الركبان تخوفا على امر (١) قرية بينها و بين المدينة ثمانية برد ١٢. (٢) قرية جامعه بين مكة و المدينة ١٢-. الناس حتى أصاب خبرا من بعض الركبان ان محمد صلى اللّه عليه و سلم قد استنفر لك و لعيرك فحذر عند ذلك و استاجر ضمضم بن عمرو الغفاري بعشرين مثقالا فبعثه الى مكة و امره ان يجدع بعيره و يحول رحله و يشق قميصه من قبله و من دبره إذا يأتي مكة و يأتى قريشا و ليستنفرهم الى أموالهم و يخبرهم ان محمدا قد عرض لها في أصحابه فخرج ضمضم سرعا الى مكة و فعل ما امره به ابو سفيان (ذكر منام عاتكة) روى ابن إسحاق و الحاكم و البيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس و موسى بن عقبة و ابن إسحاق عن عروة و البيهقي عن ابن شهاب قالوا رات عاتكة بنت عبد المطلب فيما يرى النائم قبل مقدم ضمضم على قريش بثلث ليال رويا فاصبحت عاتكة فاعظمتها فبعثت الى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له يا أخي لقد رأيت رؤيا أفظعتني «١» ليدخلن على قريش منها شر و بلاء فقال و ما هى قالت لن أحدثك حتى تعاهد في انك لا تذكرها فانهم ان يسمعوها آذونا و اسمعونا ما لا نحب فعاهدها العباس فقالت رأيت ان رجلا اقبل على بعير فوق الأبطح فصاح بأعلى صوته انفروا يا آل عذر الى مصارعكم في ثلث ثلث صيحات ما رأى الناس اجتمعوا اليه ثم دخل المسجد و الناس يتبعونه ثم مثل به بعيره فاذا هو على راس الكعبة فصاح ثلث صيحات فقال انفروا «٢» يا ال «٣» عذر الى مصارعكم في ثلث ثم ارى بعيره مثل على راس ابى قيس فقال انفروا يا آل عذر الى مصارعكم في ثلث ثم أخذ صخرة عظيمة فنزعها من أصلها فارسلها من اصل الجبل فاقبلت الصخرة تهوى لها حس شديد حتى إذا كانت في أسفل «٤» ارفضت فما بقيت دار من دور قومك و لا بيث الا دخل فلقه فقال العباس و اللّه ان هذه لرويا فاكتميها لئن بلغت هذه قريشا ليؤذوننا فخرج العباس من عندها فلقى الوليد بن عتبة بن ربيعة بن عبد الشمس و كان صديقا له فذكرها له و استكتمه إياها فذكرها الوليد لابيه عتبة فتحدث بها و فشى الحديث بمكة حتى تحدثت به قريش قال العباس فغدوت أطوف بالبيت و ابو جهل بن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برويا عاتكة فلما رانى قال يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فاقبل إلينا فلما فرغت أقبلت حتى جلست معهم فقال لى ابو جهل يا بنى عبد المطلب متى حدثت فيكم هذه النبية قلت و ما ذاك قال رؤيا عاتكة قلت و ما رأت قال يبنى عبد المطلب ما رضيتم ان تنبأ رجالكم حتى تنبا نساءكم و لفظ ابن عقبة اما رضيتم يا بنى هاشم يكذب الرجال حتى جئتم بكذب النساء انا كنا و آباؤكم كفرسى «٥» رهان فاستبقنا المجد منه فلما تحاكت الركب قلتم منا نبى فما بقي الا ان تقولوا منا نبية فما اعلم في قريش اهل بيت أكذب امرأة و لا رجلا منكم و آذاه أشد الاذاء قد زعمت عاتكة (١) أفظعتني على يقال فظع الأمر فظاعة فهو فظع الى شديد شنيع حادر المقدر ١٢. (٢) انفروا سارعو. (٣) غذر بضم العين معدول عن عافد القدر ترك الوفاء ١٢ [.....]. (٤) ارفضت تقطعت ١٢. (٥) اى يتساقان الى غدر-. في روياها انه قال انفروا في ثلث فسنتربص بكم هذه الثلث فان يك حقا ما تقول فسيكون و ان تمضى الثلث و لم يكن كتبنا عليكم كتابا انكم أكذب اهل بيت في العرب قال العباس فو اللّه ما كان منى اليه كثيرا الا انى جحدت ذلك و أنكرت ان تكون رأت شيئا و عند ابى عقبة في هذا الخبر ان العباس قال لابى جهل هل أنت منته فان الكذب فيك و في اهل بيتك فقال من حضرهما ما كنت جهولا يا أبا الفضل و لا أحمق خرقا و كذلك قال ابن عابد و زاد مهلا يا مصفر استه «١» و لقى العباس عاتكة أذى شديدا حين افشا حديثها لهذا الفاسق قال العباس فلما أمسيت لم تبق امرأة من بنى عبد المطلب الا أتتني قالت أقررتم لهذا الخبيث الفاسق ان يقع في رجالكم ثم قد تناول نساءكم و أنت تسمع ثم لم يكن عندك كبير شي ء مما سمعت قلت قد و اللّه قد ما فعلت ما كان منى اليه كبير شي ء مما سمعت و ايم اللّه لا تعرض له فان عاد لا كفيكنه قال فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة و انا جديد مغضب ارى انى قد فاتنى منه امر أحب ان أدركه منه قال فدخلت المسجد فرأيته و اللّه انى لأمشي نحوه اتعرضه ليعود لبعض ما قال فاقع به و كان رجلا خفيفا «٢» حديد «٣» الوجه جديد اللسان حديث النظر إذ خرج نحو باب المسجد يشتد «٤» قلت في نفسه ما له لعنه اللّه أكل هذا فرقا «٥» منى ان اشاتمه قال و إذا هو قد سمع ما لم اسمع صوت ضمضم بن عمر يصرخ في بطن الوادي واقفا على بعيره قد جدع بعيره و حول رجله و شق قميصه و هو يقول يا معشر قريش يا ال لوت بن غالب اللطيمة اللطيمة «٦» أموالكم مع ابى سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا ارى تدركوها الغوث الغوث و اللّه ما ارى ان تدركوها ففزعت قريش أشد الفرع و اشفقوا «٧» من رويا عاتكة فشغله ذلك غنى و شلغنى عنه ما جاء من الأمر و قلت عاتكة (شعر) الم تكن رويا بحق و جاءكم بتصديقها قل «٨» من القوم هارب فقلت و لم أكذب كذبت و انما يكذبنا بالصدق من هو كاذب فتجهز الناس (١) رماه بالأبنة و هى تهمة الفاحشة ١٢. (٢) خفيفا سريعا ١٢. (٣) حديد الوجه قوية ١٢. (٤) يشتد يعدو ١٢. (٥) فرقا خوفا ١٢. (٦) الجمال انى تحل العطر و البز غير المسيرة ١٢. (٧) و اشفقوا خافوا ١٢. (٨) القل القوم المنهزمون ١٢-. سراعا و قالوا يظن محمد و أصحابه ان يكون كعير ابن الخضرمي كلا و اللّه ليعلمن غير ذلك فكانوا بين رجلين اما خارج و اما باعث مكانه رجلا و كان جهازهم في ثلثة ايام و يقال يومين و أعان قويهم ضعيفهم و لم يتركوا كارها للخروج يظنون انه في صفو محمد و أصحابه و لا مسلما يعلمون إسلامه و لا أحدا من بنى هاشم الا من لا يتهمونه الا أشخصوه معهم و كان ممن اشخص العباس بن عبد المطلب و نوفل بن الحارث و طالب و عقيل ابني ابى طالب في آخرين و لم يتخلف أحد من قريش الا بعث مكانه بعثا الا أبا لهب مشوا اليه فابى ان يخرج او يبعث أحدا و يقال انه بعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة و اسلم بعد ذلك و كان قد لاط «١» له باربعة آلاف درهم كانت له عليه فاستاجره بها على ان يجرى عنه بعثه فخرج عنه و تخلف ابو لهب منعه من الخروج رويا عاتكة فانه كان يقول رويا عاتكة تأخذ باليل و استقسم امية بن خلف و عتبة بن شيبة و زمعة بن الأسود و عمير بن وهب و حكيم بن حزام و غيرهم عند هبل بالأمر و الناهي من الأزلام فخرج القدح الناهي من الخروج فاجمعوا المقام حتى أزعجهم «٢» ابو جهل و لما اجمع امية بن خلف القعود و كان شيخا جليلا جسيما ثقيلا انى عقبة بن ابى معيط و هو جالس في المسجد بين ظهرانى قومه فيها نار و مجمر حتى وضعها بين يديه ثم قال يا بأعلى فانما أنت من النساء فقال قبحك اللّه و قبح ما جئت به ثم جهز و خرج مع الناس قال ابن إسحاق و غيره و لما فرغوا من جهازهم و اجمعوا السير و خرجوا على الصعب «٣» و الزلول معهم القيان «٤» و الدفوف ذكروا ما بينهم و بين بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة من الدماء فقالوا انا نحشى ان يأتينا من خلقنا فكاد ذلك ان يثيتهم «٥» فسدى لهم عدو اللّه إبليس في صورة سراقة بن مالك الكناني و كان من اشراف بنى كنانته فقال انا جار لكم من ان يأتيكم كنافة من خلفكم شي ء تكرهونه تخرجوا في خمسين و تسعمائة مقاتل و قيل في الف و كان معهم مأتا فرس و ستمأة درع و لم يتخلف عنهم أحد من يطون قريش الا بنى عدى فلم يخرج معهم منهم أحد فقال ابن عقبة و ابن عابد و اقبل للمشركون و معهم بليس يعدهم (١) اربى و اللياط أبا ١٢. (٢) أزالهم عن رايهم ١٢. (٣) عن الإبل الذي لا ينقاد و الزلول ضده ١٢. (٤) قيان جمع قينة يقال للامة المعنية ١٢ [.....]. (٥) اى يصرفهم عن السفر ١٢. ان بنى كنانة ورائهم قد اقبلوا لنصرهم و انه لا غالب لكم من الناس و انى جار لكم قال في الامتناع فلما نزلوا بمر الظهران نحر ابو جهل عشر جزور فما بقي خباء من اخبية العسكر الا أصابه من دمها و راى ضمضم بن عمرو ان وادي مكة يسيل دما من أسفله و أعلاه و نحر لهم امية بن خلف بعسيف تسعا و نحر سهيل بن عمرو بقديد عشرا و اسلم بعد ذلك ثم ذلك ثم مالوا من قديد الى مياه نحو البحر فظلوا فيها فاقاموا بها فنحر لهم يومئذ عقبة بن ربيعة عشرا ثم أصبحوا بالأبواء فنحر لهم نبيه و منبه ابنا الحجاج عشرا عشرا ثم أكلوا من أزوادهم فلما وصلوا الجحفة عشاء نزلوا هناك روى البيهقي عن ابن شهاب و ابن عقبة و عروة بن الزبير قالوا لما نزلت قريش بالحجفة كان فيهم رجل من بنى المطلب بن عبد مناة يقال له جهيم بن الصلت بن مخزمة و اسلم بعد ذلك في حنين فوضع جهيم راسه فاغفا فقال لاصحابه هل رايتم الفارس الذي وقف على آنفا قالوا لا انك مجنون قال قد وقف على فارس آنفا فقال قتل ابو جهل و عتبة بن ربيعة و شيبة و زمعة و ابو البختري و امية بن خلف وعد رجالا ممن قتل يوم بدر من اشراف قريش ثم رأيته ضرب في لبة بعيره ثم أرسله في العسكر فما بقي خباء ممن اخبية العسكر الا أصابه من دمه فقال أصحابه انما لعب بك الشيطان و رفع الحديث الى ابى جهل فقال قد جئتم بكذب بنى المطلب مع كذب بنى هاشم فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من المدينة و استخلف ابن أم مكتوم على الصلاة و رد أبا لبابة من الروحاء و استخلفه على المدينة قال ابن سعد خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم السبت لاثنتى عشرة ليلة خلت من رمضان و قال ابن هشام لثمان و ضرب عسكره ببئر ابى عتبة على ميل من المدينة فعرض أصحابه و رد من استصغر منهم فرد عبد اللّه بن عمرو اسامة بن زيد و رافع بن خديج و البراء بن عازب و أسيد بن حضير و زيد بن أرقم و زيد بن ثابت و عمير بن ابى وقاص فبكى عمير فاجازه فقتل يوم بدر و هو ابن ستة عشرة سنة و امر أصحابه ان يستقوا من بير السقيا و شرب من مائها و صلى عند بيوت السقيا و امر قيس بن ابى صعصعة حين فصل من السقيا ان يعد المسلمين فوقف بهم عند بير ابى عتبة فعدّهم ثم اخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بانهم ثلاثمائة و ثلثة عشر ففرح بذلك و قال عدة اصحاب طالوت و دعا يومئذ للمدينة فقال اللّهم ان ابراهيم عبدك و خليلك و نبينك دعا لاهل مكة و انى محمد عبدك و نبيك أدعوك لاهل المدينة ان تبارك لهم في صاعهم و مدهم و ثمارهم اللّهم حبب إلينا المدينة و اجعل ما بها من الوباء بخم «١» اللّهم انى حرمت ما بين لابتيها «٢» كما حرم ابراهيم خليلك مكة و كان خبيب بن اساف و لم يكن (١) خم موضع على ثلثة أميال من جحفه ١٢. (٢) لابتين تثنية لابة و هى الحرة و هى ارض ذات حجارة سود نخرة كانها أحرقت بالنار. اسلم خرج منجد «١» القومة من الخزرج طالبا للغنيمة فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يصحبنا الا من كان على ديننا فاسلم و ابلى بلاء حسنا راح عشية الأحد من بيوت السقيا و قال صلى اللّه عليه و سلم حين فصل منها اللّهم انهم حفاة فاحملهم و عراة فاكسهم و جياع فاشبعهم و عالة فاغنهم بفضلك و كانت ابل اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سبعين بعيرا فاعتقبوها روى احمد و ابن سعد عن ابن مسعود قال كنا يوم بدر كل ثلثة على بعير و كان ابو لبابة و على زميلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قالا اركب يا رسول اللّه نحن نمشى عنك فقال ما أنتم باقوى منى على المشي و ما انا اغنى عن الاجر منكما قال في البداية و العيون هذا قيل ان يرد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أبا لبابة من الروحاء ثم كان زميلاه علبا و زيدا و كان معهم فرسان فرس للمقداد بن الأسود و فرس لزبير بن العوام و عند ابن سعد في رواية كان معهم ثلثة افرس فرس لمرثد بن ابى مرثد الغنوي قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لسعد بن ابى وقاص و هو بتربان «٢» انظر الى الظبى فعوق «٣» له بسهم و قام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فوضع ذقنه بين منكب سعد و اذنه ثم قال ارم اللّهم سدد رميته فما أخطأ سعد عن نحر الظبى فتبسم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و خرج سعد يعدو فاخذه و به رمق فزكاه و حمله فامره رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقسم بين أصحابه و نزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذا سنجسج و هى بين الروحاء ثم ارتحل منها حتى إذا كان بالمنصرف ترك طريق مكة بيسار و سلك ذات اليمين النازيه يزيد بدرا فسلك في ناحية منها حتى إذا جزع «٤» واديا يقال زحفان بين النازية و بين مضيق السفراء ثم على المضيق ثم انصب به حتى إذا كان قريبا من الصفراء بعث بسيس ابن عمرو الجهني حليف بنى ساعدة و عدى بن ابى الرغباء حليف بنى البخار الى بدر يتجسان له الاخبار عن ابى سفيان (١) يعنى ناصرا ١٢. (٢) وادي على ثمانية عشر ميلا في المدينة. (٣) اى وضع السهم في الوتر ليرمى به ١٢. (٤) اى قطع ١٢. و لما سار رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من الصفراء بيسار و سلك ذات اليمين على واد يقال له ذفران و جزع فيه ثم نزل أتاه الخبر بمسير قريش ليمنعوا عيرهم فاستشار الناس فتكلم المهاجرون فاحسنوا فاستشارهم فقام ابو بكر فقال فاحسن ثم قام عمر فقال فاحسن ثم قام المقداد بن الأسود فقال يا رسول اللّه امض لما أمرك اللّه فنحن معك و اللّه ما نقول كما قال قوم موسى لموسى اذهب أنت و ربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون و لكن اذهب أنت و ربك فقاتلا انا معكما مقاتلون عن يمينك و شمالك و بين يديك و خلفك و الذي بعثك بالحق لو سرت بنا برك الغماد لجالدنا «١» معك من دونه حتى نبلغه فاشرق وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قال له خيرا و دعا له ثم استشارهم ثالثا ففهمت الأنصار انه يعينهم و ذلك انه عدد الناس فقام سعد بن معاذ جزاه اللّه خيرا فقال يا رسول اللّه كانك تعرض بنا قال أجل فقال سعد يا رسول اللّه قد أمنا بك و صدقناك و شهدنا ان ما جئت به هو الحق و أعطيناك على ذلك عهودنا و مواثيقنا على السمع و الطاعة فامض لما أردت و لعلك يا رسول اللّه تخشى ان يكون الأنصار لا ينصروك الا في ديارهم و انى أقول عن الأنصار و أجيب عنهم فاظعن حيث شئت وصل حبل من شئت و اقطع حبل من شيئت و خذ من أموالنا ما شئت و أعطنا ما شئت و ما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت و ما أمرت فيه من امر فامر فاتبع لامرك فو اللّه لئن سرت حتى تبلغ برك من عمدان و في رواية برك الغماد من ذى يمن لنسيرن معك و و اللّه لو استعرضت بنا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد و ما نكره ان نلقى عدونا غدا انا بصير في الحرب لعل اللّه يريك منا ما تقربه عينك و لعلك خرجت لامر فاحدث اللّه غيره فسر بنا على بركة اللّه فنحن عن يمينك و شمالك و بين يديك و خلفك و لا نكونن كالذين قالوا لموسى اذهب أنت و ربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون و لكن اذهب أنت و ربك فقاتلا انا معكم متبعون فاشرق وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بقول سعد رضى اللّه عنه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سيروا على بركة اللّه و ابشروا فان اللّه وعد احدى الطائفتين و اللّه لكانى الان انظر الى مصارع القوم و كره جماعة لقاء العدو كما قال اللّه تعالى وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥) قال البيضاوي و غيره هذه الجملة في محل النصب على الحال من كاف اخرجك اى اخرجك من بيتك في حال كراهتهم خروجك (١) الجالد المضاربة بالسيوف ١٢. قلت و الظاهر انه استيناف و لا يجوز ان يكون في موضع الحال لوجوب اتحاد زمان الحال و صاحبه و لا شك انهم انما كرهوا الخروج إذا اتفق لهم القتال مع النضير و اما وقت الخروج فكانوا راغبين في الخروج الى العير طمعا في المال مع عدم القتال روى ابن ابى حاتم و ابن مردوية عن ابى أيوب الأنصاري رضى اللّه عنه قال لما سرنا يوما او يومين قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما ترون في قتال القوم فانهم قد أخبروا بمخرجكم فقلنا و اللّه ما لنا طاقة بقتال القوم و لكن أردنا العير ثم قال ما ترون في قتال القوم فقلنا مثل ذلك-. |
﴿ ٥ ﴾