٨

لِيُحِقَّ الْحَقَّ متعلق بيقطع او بمحذوف تقديره فعل ما فعل ليثبت الإسلام وَ يُبْطِلَ الْباطِلَ يعنى الكفر و ليس في الكلام تكرير فان الاول لبيان المراد و بيان ما بين مراده تعالى و مرادهم من التفاوت و الثاني لبيان الداعي الى حمل الرسول الى اختيار ذات الشوكة و نصرة عليها وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨) يعنى المشركين ذلك رجعنا الى القصة ثم ارتحل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من ذفران فسلك ثنايا يقال له الاصافر «١» ثم الخط منها الى بلد يقال له الدية و ترك الجنان عن يمين و هو كثيب عظيم كالجبل العظيم ثم نزل قريبا من بدر فركب هو و ابو بكر الصديق رض حتى وقف على شيخ من العرب فسأله عن قريش و عن محمد و أصحابه و ما بلغه عنهم قال الشيخ بلغني ان محمدا و أصحابه خرجوا يوم كذا و كذا فانكان الذي أخبرني صدقنى فهم اليوم بمكان كذا للمكان الذي فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و بلغني ان قريشا خرجوا يوم كذا فانكان الذي أخبرني صدق فهم اليوم في مكان كذا للمكان الذي فيه قريش ثم قال من أنتما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نحن «٢» من ماء قال ابن إسحاق ثم رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى أصحابه فلما امسى بعث على ابن ابى طالب و الزبير بن العوام و سعد بن ابى وقاص في نفر من أصحابه الى ماء بدر يلتمسون الخبر له فاصابوا راوية لقريش فيها اسلم غلام بنى الحجاج و ابو يسار غلام بنى العاصي بن سعيد فاتوا بهما فسألوهما و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قايم يصلى فقالا نحن سقاط قريش بعثونا نسقيهم من الماء فكره القوم خبرهما و رجوا ان يكونا لابى سفيان فضربوهما فلما إذ «٣» لقوهما قالا نحن لابى سفيان فتركوهما و ركع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و سجد سجدتين و سلم و قال إذا صدقاكم ضربتموهما و إذا كذباكم تركتموهما صدقا و اللّه انهما لقريش اخبر انى عن قريش قالاهم وراء هذا الكثيب الذي يرى بالعدوة «٤» القصوى و الكثيب العقنقل

(١) جمع اصفر جبال قريب من الجحفه عن يمين الطريق الى مكة ١٢.

(٢) قاله توريه أراد من ماء دافق و أوهمه انه من ماء ١٢.

(٣) إذا لقوهما يعنى بالغوا في ضربهما ١٢.

(٤) العدوة الجانب المرتفع من الوادي ١٢ عه البعيد ١٢.

فقال لهما رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كم القوم قالا كثير قال ما عدتهم قالا لا ندرى قال كم ينحرون كل يوم قالا يوما تسعا و يوما عشرا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما بين التسعمائة و الالف ثم قال لهما رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من فيهم من الاشراف قالا عتبة و شيبة ابني ربيعة و ابو البختري بن هشام و حكيم بن حزام و نوفل ابن خويلد و الحارث بن عامر و طعيمة بن عدى و النضر بن الحارث و ربيعة الأسود و ابو جهل بن هشام و امية بن خلف و نبيه و منهه ابنا الحجاج و سهل بن عمرو و عمرو بن عبد ود فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هذه مكة قد القت إليكم أفلاذ «١» كبدها قال ابن عابد و كان مسيرهم و إقامتهم حتى بلغوا الجحفة عشر ليال و كان بسيس بن عمرو و عدى بن ابى الزغباء قد مضيا الى بدر فاناخا الى تل قريب من الماء ثم أخذ اشنانهما «٢» يستقيان فيه و مجدى بن عمر الجهني على الماء فسمع عدى و بسبس جاريتين من جوار الحاضر «٣» يتلازمان على الماء و الملزومة تقول بصاحبتها انما يأتي العير غدا او بعد غد فاعمل لهم ثم أعطيك الذي لك قال مجدى صدقت و سمع ذلك عدى و بسبس فجلسا على بعيرهما ثم انطلقا حتى أتيا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاخبراه بما سمعا قال ابن إسحاق و غيره و اقبل ابو سفيان بالعير و قد خاف خوفا شديدا حين دنوا المدينة و استبطأ ضمضم بن عمرو النضير حتى ورد بدرا و هو خائف و تقدم ابو سفيان امام العير حذرا حتى ورد الماء فرأى مجدى بن عمرو الجهني فقال له هل أحسست أحدا قال ما رايت أحدا أنكره الا انى رايت راكبين يعنى بسبسا و عديا قد أناخا الى هذا التل ثم استقيا في شن لهما ثم انطلقا فأتى ابو سفيان الى مناخنهما فأخذ من ابعار بعيرهما ففته فاذا فيه النوى فقال هذه و اللّه علائف يثرب فرجع الى أصحابه سريعا فضرب وجه عيره عن الطريق فساحل «٤» بها و ترك بدرا بيسار و انطلق و اسرع فسار ليلا و نهارا فرقا من الطلب فلما رأى ابو سفيان انه قد احرز عيره أرسل الى قريش قيس بن أمراء القيس انما خرجتم لتمتنعوا عيركم و رجالكم و أموالكم و قد نجاها اللّه تعالى فارجعوا فاتاهم الخبر و هم بالجحفة فقال ابو جهل و اللّه لا نرجع حتى نرد بدرا و كان بدرا موسما من مواسم العرب يجتمع لهم به سوق كل عام فنقيم عليه ثلثا فننحر الجزور و نطعم الطعام و نسقى الخمر و تعزف «٥» علينا القينات و يسمع بنا العرب و بمسيرنا فلا يزالون يهابوننا ابدا بعدها و كره

(١) جمع فلذ و هى القطعة يعنى صميم قريش و لبابها ١٢.

(٢) الشن القربة ١٢ [.....].

(٣) الحاضر القوم النزول على ماء يقيمون عليه و لا يرحلون ١٢.

(٤) فساحل يعنى سلك طريق ساحل البحر ١٢.

(٥) تعزف يعنى تلعب بالمعازف اى الملاهي ١٢.

اهل الرأي المسير و مشى بعضهم الى بعض و كان ممن ابطاهم عن ذلك الحارث بن عامر و امية بن خلف و عتبة و شيبة ابنا ربيعة و حكيم ابن حزام و ابو البختري و على بن امية بن خلف و ابو العاصي حتى بكتهم «١» ابو جهل بالجبن و أعانه عقبة بن ابى معيط و النضر بن الحارث و الجارث بن كلدة و اجمعوا على المسير قال الأخنس بن شريف و كان حليف بنى زهرة يا بنى زهرة قد نجا اللّه أموالكم و خلص لكم صاحبكم محزمة بن نوفل و انما نفرتم لتمنعوه و ماله فارجعوا الى مكة و كانوا نحو مائة و يقال ثلاثمائة فلم يشهدها زهرى الا رجلين هما عما مسلم بن شهاب الزهري و قتلا كافرين قال ابن سعد و لحق قيس بن امرأ القيس أبا سفيان فاخبره بمجى قريش فقال وا قوماه هذا عمل عمرو بن هشام يعنى أبا جهل و اغتبطت بنو زهرة بعد براى الأخنس فلم يزل فيهم مطاعا معظما و أرادت بنو هاشم الرجوع فاشتد عليهم ابو جهل و قال لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع و مضت قريش حتى نزلت بالعدوة القصوى من الوادي خلف العقنقل «٢» و بطن الوادي و نزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بالعدوة الدنيا و غلب المشركون المسلمين في أول أمرهم على الماء فظمى ء المسلمون و أصابهم ضيق شديد و القى الشيطان في قلوبهم الغيظ فوسوس إليهم تزعمون انكم اولياء اللّه و فيكم رسوله و قد غلبكم المشركون على الماء و أنتم مصلون مجنبين فانزل اللّه تعالى تلك الليلة المطر و كان على المشركين وابلا شديدا منعهم من التقدم و كان على المسلمين طلا طهرهم اللّه تعالى به و اذهب عنهم لو جز الشيطان و طابهم «٣» الأرض و صلب الرمل و ثبت الاقدام و مهدبه المنزل و ربط «٤» به على قلوبهم و لم يمنعهم عن المسير و سأل الوادي فشرب المؤمنون و ملاؤا الاسقية و سقوا الركاب و اغتسلوا من الجنابة و أصاب المسلمين تلك الليلة نعاس القى عليهم فناموا حتى ان أحدهم وقفه بين يديه و ما يشعر حتى يقع على جنبه روى ابو يعلى و البيهقي في

(١) بكتهم عيرهم و قبح فعلهم ١٢.

(٢) العقنقل الكثيب العظيم المتداخل الرمل ١٢.

(٣) طابه الأرض مهدا ١٢.

(٤) ربط على القلب قواه ١٢-.

الدلائل عن على قال ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد و لقد رايتنا و ما فينا الا نائم الا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يصلى «١» تحت شجرة حتى أصبح و كانت ليلة الجمعة و بين الفريقين فوز «٢» من الرمل و بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عمار بن ياسر و عبد اللّه بن مسعود فاطافا بالقوم و رجعا فاخبر ان القوم مذعورون و ان السماء تسيح عليهم و ساد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عشاء يبادرهم الماء فسبقهم اليه و منعهم من السبق اليه المطر حتى جاء ادنى ماء من بدر فنزل به فقال الحباب ابن المنذر بن الجموح فيما رواه ابن إسحاق يا رسول اللّه ارايت هذا لمنزل أ منزل نزلكه اللّه ليس لنا ان نتقدمه و لا نتاخر عنه أم هو الرأي و المكيدة قال بل الرأي و الحرب و المكيدة قال يا رسول اللّه ليس هذا بمنزل فانهض بالناس حتى تأتي ادنى ماء من القوم فتنزله ثم نغور «٣» ما وراه من القليب ثم نبنى عليه حوضا فنملاه ماء فنشرب و لا يشربون فقال صلى اللّه عليه و سلم لقد أشرت بالرأى و ذكر ابن سعد ان جبرئيل نزل على النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال الرأي ما أشار به الحباب فنهض صلى اللّه عليه و سلم و من معه من الناس حتى إذا اتى ادنى ماء من القوم نزل عليه نصف الليل ثم امر بالقليب فغورت و بنى حوضا على القليب الذي نزل عليه فملى ماءا ثم قذفوا فيه الآنية فقال سعد بن معاذ يا رسول اللّه الا نبنى لك عريشا «٤» تكون فيه و نعد عندك ركائيك ثم نلقى عدونا فان أظهرنا اللّه على عدونا كان ذلك ما أحبنا و انكانت الاخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن و رأينا فقد تخلف عنك أقوام يا نبى اللّه ما نحن أشد لك حيا منهم و لو ظنو انك تلقى حربا ما تخلفوا عنك يمنعك اللّه عز و جل بهم يناصحونك و يجاهدون معك فأثنى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خيرا و دعا له ثم بنى لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عريشا على تل مشرف على المعركة فكان فيه هو و ابو بكر و ليس معهما غيرهما و قام سعد ابن معاذ على بابه متوشحا بالسيف و مشى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في موضع المعركة و جعل

(١) يصلى تحت شجرة حتى أصبح و كانت ليلة الجمعة و بين الفريقين فوز ما في الرمل و بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ١٢.

(٢) الفوز العالي في الرمل كانة جبل ١٢.

(٣) نغور من رواية بغين معجمة فمعناة ندهنه و ندفنه و من رواه بالمهملة فمعناه فقد ١٢.

(٤) العريش شبهه الخيمة يستظل به ١٢.

يشير بيده هذا مصرع فلان هذا مصرع فلان إنشاء اللّه فما تعدى منهم أحد موضع إشارته رواه احمد و مسلم و غيرهما و روى الطبراني عن رافع بن خديج ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال يوم بدر و الذي نفسى بيده لو ان مولود اولد من اهل الدين يعمل بطاعة اللّه كلها الى ان يرد الى أرذل العمر لم يبلغ أحدكم هذه الليلة و قال ان الملئكة الذين شهدوا بدرا في السماء لفضلاء على من تخلف منهم رجاله ثقات الا جعفر بن معلاص فانه غير معروف و أصبح رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ببدر و ارتحلت قريش بحدها و حديدها تحاد «١» اللّه عز و جل و تحاد رسوله و جاؤا على حرد «٢» قادرين و على حمية و غضب و حنق على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه لما يريدون من أخذ عيرهم و قتل من فيها و قد أصابوا بالأمس عمرو بن الحضرمي و العير التي كانت معه و ذلك ما ذكرنا قصته في سورة البقرة في تفسير قوله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه فلما راها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تصوب من العقنقل و هو الكثيب الذي جاؤا منه الى الوادي و كان أول من طلع زمعة بن الأسود على فرس له يتبعه ابنه فاستجال «٣» بفرسه يريد ان يتبوأ «٤» للقوم منزلا فقال صلى اللّه عليه و سلم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها «٥» و فخرها تجادل و تكذب رسولك اللّهم فنصرك الذي وعدتني اللّهم أمتهم بالغداة و لما راى صلى اللّه عليه و سلم عتبة بن ربيعة على جمل احمر قال ان بك في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر ان يطيعوه يرشدوا فقال هو عتبة ينهى عن القتال و يأمر بالرجوع و يقول يا قوم اعصبوها «٦» اليوم برأسي و قولوا جبن عتبة و ابو جهل يأبى و بعث خفاف بن أيما بن رحضة الغفاري او أبوه و اسلم الثلاثة بعد ذلك الى قريش بجزائر أهداها لهم مع ابنه و قال ان احببتم ان نمدكم بسلاح و رجال فعلنا فارسلوا اليه ان وصلتك زحم قد قضيت الذي عليك فلعمرى لئن كنا انما نقاتل الناس ما بنا من ضعف عنهم و لئن كنا نقاتل اللّه كما يزعم محمد ما لاحد باللّه من طاقة فلما نزل الناس اقبل نفر من قريش حتى وردوا حوض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم منهم حكيم بن حزام فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دعوهم

(١) تحاد اللّه قعاديه و تخالف امره ١٢.

(٢) استحال اى طاف به غير مستقر ١٢.

(٣) الحرد الغضب ١٢ [.....].

(٤) ينبؤا منزلا اى يتخذه ١٢.

(٥) بالخيلاء التكبر و الاعجاب ١٢.

(٦) اعصبوها اجعلوا عارها متعلقا بي ١٢.

فما شرب منهم أحد الا قتل الا ما كان من حكيم بن حزام فآنه لم يقتل و اسلم بعد ذلك و حسن إسلامه فكان إذا اجتهد في يمينه قال لا و الذي نجانى يوم بدر فلما اطمأن القوم بعثوا عمير بن وهب الجمحي و اسلم بعد ذلك فقالوا له احرز لنا اصحاب محمد فجال بفرسه حول العسكر ثم رجع إليهم فقال ثلاثمائة رجل يزيدون قليلا او ينقصون لكن أمهلوني حتى انظر للقوم كمين «١» مدد فضرب «٢» فى الوادي حتى ابعد فلم يرشيئا فرجع إليهم فقال ما رأيت شيئا و لكن رأيت يا معشر قريش البلا «٣» يا تحمل المنايا نواضح «٤» يثرب تحمل الناقع «٥» قوم ليس لهم منعة و لا ملجاء الا سيوفهم اما ترونهم حرسا يتكلمون يتلمظون «٦» تلمظ الأفاعي و اللّه ما ارى ان يقتل رجل منهم حتى يقتل منكم فاذا أصابوا منكم اعدادهم فما في العيش خير بعد ذلك فرأو آرائكم فبعثوا أبا سلمة الحشمى فاطاف بالمسلمين على فرسه ثم رجع فقال و اللّه ما رأيت جلدا و لا عدوا و لا حلقة و لا كراعا و لكن رأيتهم قوما لا يرونهم يولوا الى أهليهم قوما مسلمين مستميتين ليست لهم منعة و لا ملجاء الا سيوفهم زرق الأعين كانهم الحصا تحت الحجف فرأو آرائكم فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى في الناس فاتى عتبة بن ربيعة فكلمه يرجع بالناس و قال يا أبا الوليد انك كبير قريش و سيدها و المطاع فيها هل لك من الأمر لا تزال تذكر منه يخبر الى اخر الدهر قال و ما ذاك يا حكيم قال ترجع بالناس و تحتمل امر حليفك عمرو الحضرمي قال قد فعلت أنت على بذلك انما هو حليفى فعليّ عقله «٧» و ما أصيب من ماله فأت ابن حنظلة فابى لا أخشى ان يسحر امر الناس غيره يعنى أبا جهل ثم قال عتبة خطيبا في الناس فقال يا معشر قريش انكم و اللّه ما تضعون فان تلقوا محمدا و أصحابه شيئا و اللّه لئن أصبحتموه لا يزال الرجل في وجه رجل يكره النظر اليه قتل ابن عمه او ابن خاله او رجلا من عشيرته فارجعوا و خلوا بين محمد و سائر العرب فان أصابوه فذلك الذي أردتم و ان كان غير ذلك القاكم «٨» و لم تعرضوه منه بما تريدون انى

(١) المستخفى في الحرب حيلة ١٢.

(٢) ضرب في الوادي سار فيه ١٢.

(٣) البلايا جمع بلية و هى الفاقة و الداية تخف بيدها حضرة و يشد راسها الى خلفها و تبلى اى تترك على قبر الميت فلا تعلف و لا تسقى حتى تموت و كان بعض العرب ممن يقر بالبعث يزعم ان صاحبها يحشر عليها راكبا و إذا لم يفعل بها ذلك يحشر ما شيئا ١٢-.

(٤) الناضح الإبل تسقى عليها الماء ١٢.

(٥) الناقع البالع و يقال الثابت ١٢.

(٦) التلمظ إدارة اللسان في القم تتبع اثر ما كان.

(٧) عقل الدية ١٢.

(٨) القاكم اوحدكم ١٢-.

ارى أقواما مستميتين لا تصلون إليهم و فيكم خير يا قوم اعصبوها اليوم برأسي و قولوا جبن عتبة و أنتم تعلمون انى لست بأجبنكم فانطلقت حتى أتيت أبا جهل فوجدته قد نتل «١» درعا له من جرامها فهو يهيئها فقلت له يا أبا الحكم ان عتبة قد أرسلني لكذا و كذا اللذى قال فقال انتفخ «٢» و اللّه سجره حين رأى محمد او أصحابه كلا و اللّه لا يرجع حتى يحكم اللّه بيننا و بين محمد و ما بعتبة ما قال و لكنه قد رأى ان محمدا و أصحابه أكلته جزور فيكم ابنه قد تخوفكم عليه ثم بعث الى عامر الخضرمي فقال و اللّه هذا حليفك عتبة يريد ان يرجع بالناس فقم فانشد «٣» حفرتك و مقتل أخيك فقام عامر بن الخضرمي فكشف عن استه ثم صرخ وا عمراه فحميت الحرب و احقب «٤» امر الناس و استو «٥» سقوا على ما هم عليه من الشر و أفسد على الناس الرأي الذي دعاهم اليه عتبة و لما بلغ عتبة قول ابى جهل انتفخ و اللّه سجره قال سيعلم مصفر استه من انتفخ سجره انا أم هو ثم التمس عتبة بيضة ليدخلها في راسه فما وجد في الجيش تسعة من عظم هامته فلما رأى ذلك اعتجر ببرد على راسه و سل ابو جهل سيفه فضرب متن فرسه فقال له أيما بن رحضة بئس الفال هذا و ذكر محمد بن عمر الأسلمي و البلاذري و صاحب الامتناع ان قريشا لما نزلت بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عمر بن الخطاب إليهم يقول لهم ارجعوا فانه ان يلى هذا الأمر منى غيركم أحب الى من ان تلوه بنى فقال حكيم بن حرام قد عرض نصحا فاقبلوه فو اللّه لا تنصرون عليه بعد ما عرض من النصف «٦» فقال ابو جهل و اللّه لا نرجع بعد ما أمكننا اللّه منهم روى ابن المنذر و ابن ابى حاتم عن ابن جريج ان أبا جهل قال يوم بدر خذوهم أخذا و اربطوهم في الجبال و لا تقتلوا منهم أحدا فنزل انا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة الاية في سورة ن يعنى انهم في قدرتهم عليهم كما اقتدر اصحاب الجنة على الجنة و لما أصبح رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صف أصحابه فكانما يقوم بهم القداح «٧» و معه يومئذ قدح يشير الى هذا تقدم و الى هذا تأخر

(١) نتل اى استخرج ١٢.

(٢) كلمة يقال للجبان الشدة و القوة.

(٣) اى اطلب في قريش الوفاء بخفرهم لك اى عندهم و كان حليفا لهم ١٢ [.....].

(٤) اى اشتد ١٢.

(٥) بسينين مهملتين اى اجتمعوا و استقر رأيهم ١٢.

(٦) النصف العدل ١٢.

(٧) القداح خرد أسهم بلا فصل و ريش ١٢.

حتى استووا و دفع رايته الى مصعب بن عمير فتقدم حيث امره رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان يضعها و وقف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ينظر الى الصفوف فاستقبل المغرب و جعل الشمس خلفه و اقبل المشركون فاستقبلوا الشمس و نزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بالعدوة الشامية و نزلوا بالعدوة اليمانية و لما عدل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الصفوف تقدم سواد بن غزية امام الصف فدفع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في بطنه و قال استويا سواد قال يا رسول اللّه أوجعتني و الذي بعثك بالحق نبيا أقدني فكشف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن بطنه قال استقد فاعتنقه و قبله فقال ما حملك على ما ضعت قال حضر من امر اللّه ما قد ترى و خشيت ان اقتل فاردت ان أكون اخر عهدى بك و حينئذ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا كثبوكم فارموهم و لا تسلوا السيوف حتى يغشوكم كذا روى ابو داود عن ابى أسيد و خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فحمد اللّه و اثنى عليه و احث الناس على الصبر في القتال و ابتغاء وجه اللّه و تعتبب قريش للقتال و الشيطان لا يفارقهم فثبت المسلمون على صفهم و شد عليهم عامر بن الحضرمي فكان أول من خرج من المسلمين مهيجع بن عايش مولى عمر بن الخطاب فقتله ابن الحضرمي و كان أول قتيل من الأنصار حارثة بن سراقة قتله حيان بن عرفة و خرج عتبة بن ربيعة بن أخيه شيبة و ابنه الوليد و دعوا لى المبارزة فخرج ثلثة من الأنصار عوذ و معوذا بنا الحارث و أمها العفراء و عبد اللّه بن رواحة فقالوا اكفاء كرام ما لنا بكم حاجة ثم نادوا يا محمد اخرج إلينا أكفاءنا من قومنا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قم يا عبيدة بن الحارث قم يا حمزة قم يا على فاما حمزة فلم يمهل شيبة ان قتله و اما على فلم يمهل الوليد ان قتله و اختلف عبيدة و عتبة بينهما ضربتين كلاهما اثبت صاحبه فكر حمزة و على بأسيافهما على عتبة فذففا عليه و احتملا صاحبه و في الصحيحين ان فيهم نزلت هذان خصمان اختصموا في ربهم في سورة الحج قال ابن إسحاق ثم رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى العريش و معه ابو بكر و ليس معه غيره و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يناشدد به عز و جل ما وعده من النصر يقول فيما يقول اللّهم ان تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد في الأرض و ابو بكر يقول يا رسول اللّه بعض منا شدتك ربك فان اللّه منجز لك ما وعدك روى ابن جرير و ابن ابى حاتم و الطبراني عن ابى أيوب الأنصاري ان عبد اللّه بن رواحة قال يا رسول اللّه انى أريد ان أشير عليك و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أعظم من ان بشار اليه ان اللّه تبارك و تعالى أجل و أعظم من ان ينشده وعده فقال يا ابن رواحة لانشدن اللّه وعده ان اللّه لا يخلف الميعاد و روى ابن سعد و ابن جرير عن على بن ابى طالب و قال لما كان يوم بدر قاتلت شيئا من قتال ثم جئت مسرعا الى النبي صلى اللّه عليه و سلم لا نظر ما فعل فاذا هو ساجد يقول يا حى يا قيوم لا يزيد عليها ثم رجعت الى القتال ثم جئت و هو ساجد يقول ذاك ثم ذهبت الى القتال ثم جئت و هو يقول ذلك ثم ذهبت الى القتال ثم رجعت و هو ساجد يقول ذلك ففتح عليه و روى البيهقي عن ابن مسعود حديث المناشدة قال ثم التفت كان وجهه القمر فقال كانما انظر مصارع القوم العشية و روى سعيد بن منصور عن عبيد اللّه ابن عبد اللّه بن عتبة قال لما نظر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى المشركين و تكاثرهم و الى المسلمين و استقلهم ركع ركعتين و قام ابو بكر عن يمينه فقال صلى اللّه عليه و سلم و هو في صلوته اللّهم لا تخذلنى اللّهم أنشدك ما وعدتني روى ابن ابى شيبة و احمد و مسلم و ابو داود و الترمذي و غيرهم عن عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر نظر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى المشركين و هم الف و أصحابه ثلاثمائة و تسعة عشر رجلا فاستقبل نبى اللّه القبلة ثم مديديه فجعل يهتف بربه عز و جل يقول اللّهم أنجز لى ما وعدتني اللّهم آتني ما وعدتني اللّهم ان تهلك هذه العصابة من الإسلام لا تعبد في الأرض فما زال يهتف بربه عز و جل مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط ردائه عن منكبه فاتاه ابو بكر فاخذ ردائه و ألقاه على منكبه ثم التزمه من ورائه فقال يا نبى اللّه كذاك «١» تناشدك لربك فانه سينجز لك ما وعدك فانزل اللّه تعالى.

(١) يعنى كفاك ١٢.

﴿ ٨