٣٩ وَ قاتِلُوهُمْ يعنى الكفار ايها المؤمنون حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ اى فساد في الأرض يعنى حتى يسلموا او يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للّه ليس المراد بالدين هاهنا ملة الإسلام و ما يتعبد اللّه به و الا يلزم التعارض بين هذه الآية و بين قوله تعالى حتى يعطوا الجزية بل المراد منه القهر و الغلبة و الاستعلاء و السلطان و الملك و الحكم ذكر تلك المعاني للدين في القاموس عن المقداد بن اسود انه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر و لا وبر الا ادخله اللّه كلمة الإسلام بعز عزيز او ذل ذليل اما يعزهم اللّه فيجعلهم أهلها او يذلهم فيدينون لها فيكون الدين كله للّه رواه احمد و معنى قوله عليه السلام فيدينون لها اى يطيعون لاحكامها و يكونون من اهل الذمة فَإِنِ انْتَهَوْا عن الكفر و اسلموا فَإِنَّ اللّه بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) فيجازيهم على حسب أعمالهم عن ابن عمر رضى اللّه عنهما قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أمرت ان أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا اللّه و ان محمدا رسول اللّه و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكوة فاذا فعلوا ذلك عصم منى دمائهم و أموالهم الا بحق الإسلام و حسابهم على اللّه تعالى متفق عليه الا ان مسلم الم يذكر الا بحق الإسلام و رواه اصحاب الكتب الستة عن ابى هريرة قال السيوطي حديث متواترا و المعنى انتهوا عن القتال اما بالإسلام او بإعطاء الجزية فان اللّه بما يعملون بصير يعنى لا تقاتلوهم أنتم لكن اللّه يجازيهم على إسلامهم و كفرهم و أعمالهم الحسنة و السيئة و عن يعقوب انه قرا تعملون بالتاء على الخطاب للمؤمنين يعنى اعملوا بهم ما تعاملون بالمؤمنين و لا تظلموهم فان اللّه يجازيكم على حسب أعمالكم عن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن آبائهم عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال الا من ظلم معاهدا او انتقصه او كلفه فوق طاقته او أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فانا حجيجه يوم القيامة رواه ابو داود هذا التأويل لقراءة يعقوب يصح على كلا التقديرين سواء كان المراد بالانتهاء الانتهاء عن الكفر بالإسلام او الانتهاء عن القتال بأحد الامرين اما بالإسلام او بإعطائه الجزية و قال البيضاوي تاويل قراءة يعقوب ان اللّه بما تعملون ايها المؤمنون من الجهاد و الدعوة الى الإسلام و الإخراج من ظلمة الكفر الى نور الايمان يصير يجازيكم و يكون تعليقه بالانتهاء دلالة على انه كما يستدعى اثابتهم للمباشرة يستدعى اثابة مقاتليهم بالتسبيب و هذا التأويل يختص بما إذا كان الانتهاء بمعنى الانتهاء من الكفر و مع ذلك بعيد جدا فان قوله بما تعملون يعم الحسنة و السيّئة و اللّه اعلم. |
﴿ ٣٩ ﴾