١٩

أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ الآية

و اخرج الفريابي عن ابن سيرين قال قدم على بن ابى طالب مكة فقال للعباس اى عم الا تهاجر الا تلحق برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال اعمر المسجد الحرام و احجب البيت فانزل اللّه تعالى هذه الآية

قال البغوي قال ابن عباس قال العباس حين اسر يوم بدر لئن سبقتمونا بالإسلام و الهجرة و الجهاد لقد كنا نعمر المسجد الحرام و نسقى الحاج فانزل اللّه تعالى هذه الآية و اخبر ان عمارتهم المسجد الحرام و قيامهم على السقاية لا ينفعهم مع الشرك باللّه و الايمان باللّه و الجهاد مع النبي صلى اللّه عليه و سلم خير مما هم عليه و

قال البغوي قال الحسن و الشعبي و محمد بن كعب القرظي و كذا اخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي انها نزلت في على بن ابى طالب و العباس بن عبد المطلب و طلحة بن شيبة افتخروا فقال طلحة انا صاحب البيت بيدي مفاتيحه و قال العباس انا صاحب السقاية و القائم عليها و قال على ما أدرى ما يقولون لقد صليت الى القبلة ستة سنة يعنى قبل الناس و انا صاحب الجهاد فانزل اللّه أ جعلتم سقاية الحاج وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّه وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّه السقاية و العمارة مصدر ان من أسقي و عمر فلا بد هاهنا من تقدير ما يقال بحذف المضاف في المشبه او في المشبه به فيقال أ جعلتم اهل سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام كمن أمن او يقال أ جعلتم سقاية الحاج و عمارة المسجد كايمان من أمن باللّه و جهاد من جاهدوا ما ان يقال المصدر بمعنى الفاعل يعنى ساقى الحاج و عامر المسجد الحرام كقوله تعالى و العاقبة للتقوى يويده قراءة عبد اللّه بن الزبير أ جعلتم سقاة الحاج و عمرة المسجد الحرام ...

على جمع الساقي و العامر و الاستفهام للانكار فان كان نزول الآية في اختلاف المؤمنين بالمشركين كما يدل عليه قول ابن عباس و محمد بن كعب و غيرهما فلا خفاء في انكار المشابهة بين المشركين و أعمالهم المحبطة بالمؤمنين و أعمالهم المثبتة و إن كان نزولها في اختلاف المؤمنين كما روى مسلم عن النعمان بن بشير فالمراد بعمارة المسجد بنائها دون ادامة الذكر و الصلاة فيها فان دوام الذكر أفضل من الجهاد لقوله صلى اللّه عليه و سلم ما من شي ء أنجى من عذاب اللّه من ذكر اللّه رواه مالك و الترمذي و ابن ماجة من حديث معاذ بن جبل و رواه البيهقي في الدعوات الكبير من حديث عبد اللّه بن عمر و زاد قالوا و لا الجهاد في سبيل اللّه قال و لا الجهاد في سبيل اللّه الا ان يضرب بسيفه حتى ينقطع و قوله صلى اللّه عليه و سلم الا أنبئكم بخير أعمالكم و أزكاها عند مليككم و ارفعها في درجاتكم و خير لكم من انفاق الذهب و الورق و خير لكم من ان تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم و يضربوا أعناقكم قالوا بلى قال ذكر اللّه رواه احمد و الترمذي و ابن ماجه عن ابى الدرداء و رواه مالك موقوفا على ابى الدرداء و عن ابى سعيد ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سئل اى العباد أفضل و ارفع درجة عند اللّه يوم القيامة قال الذاكرون اللّه كثيرا و الذاكرات قيل يا رسول اللّه و من الغازي في سبيل اللّه قال لو ضرب بسيفه في الكفار حتى ينكسر او يختضب دما فان الذاكر للّه أفضل منه درجة رواه احمد و الترمذي و قال حديث غريب و اللّه اعلم لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّه تقرير لعدم المشابهة وَ اللّه لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩) هذا يؤيد قول من قال ان المراد عدم الاستواء بين فعل المؤمنين من الايمان و الجهاد و فعل المشركين من سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام و المعنى و اللّه لا يهدى القوم الظالمين بالشرك فكيف يساوون الذين هديهم اللّه و وفقهم للحق و الصواب و قيل المراد بالظلمين الذين يحكمون بالمساواة بينهم و بين المؤمنين و اللّه اعلم (قصّه استقاء من زمزم) روى البخاري و غيره عن ابن عباس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جاء الى السقاية فاستسقى فقال العباس يا فضل اذهب الى أمك فان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بشراب من عندها فقال اسقني فقال يا رسول اللّه انهم يجعلون أيديهم فيه قال اسقني فشرب منه ثم اتى زمزم و هم يسقون و يعملون فيها فقال اعملوا فانكم على عمل صالح ثم قال لو لا ان تغلبوا لنزلت حتى اصنع الحبل على هذه و أشار الى عاتقه و روى مسلم عن بكر بن عبد اللّه المزني قال كنت جالسا مع ابن عباس رضى اللّه عنهما عند الكعبة فاتاه أعرابي فقال مالى ارى بنى عمكم يسقون العسل و اللبن و أنتم تسقون النبيذ ا من حاجة بكم أم من بخل فقال ابن عباس رضى اللّه عنهما الحمد للّه ما بنا من حاجة و لا بخل قدم النبي صلى اللّه عليه و سلم على راحلته و خلفه اسامة فقال أحسنتم و اجملتم كذا فاضعوا فلا نريد نغير ما امر به رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.

﴿ ١٩