٥٥ قالَ يوسف اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ اى خزائن طعام ارض مصر و أموالها إِنِّي حَفِيظٌ للخزائن بما لا يستحقها عَلِيمٌ (٥٥) بوجوه مصالحها- وصف يوسف عليه السلام نفسه بالامانة و الكفاية و طلب الولاية- ليتوصل بها الى إمضاء احكام اللّه و اقامة الحق و بسط العدل مما يبعث لاجله الأنبياء الى العباد- لعلمه ان أحدا غيره لا يقوم مقامه فى ذلك- فما كان طلبه الولاية الا لابتغاء وجه اللّه لا لحب الجاه و الدنيا- و من هذا القبيل اشتغال «٢» الخلفاء الراشدين بامر الخلافة- و معارضة علىّ رضى اللّه عنه معاوية فى هذا الأمر- لكونه أحق و أقوى و اقدر على نفسه و أقوم على إنفاذ الشرائع- و قال البيضاوي لعل يوسف عليه السلام لمّا راى ان يستعمله الملكفى امر لا محالة اثر ما يعم فوائده و يجل عوائده- و فيه دليل على جواز طلب الولاية و القضاء- و اظهار انه مستعد لها (٢) فى الأصل خلفاء الراشدين. ان كان أمنا على نفسه- و على جواز ان يتولى الإنسان عملا من يد سلطان جائر او كافر- إذا علم انه لا سبيل الى اقامة الحق و سياسية الخلق الا بتمكين ذلك الكافر او الجائر- و قد كان السلف من هذه الامة يتولون القضاء من جهة الظلمة- و قيل كان الملك يصدر عن رايه و لا يعترض فى كل ما راى فكان فى حكم التابع له- روى البغوي بسنده عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رحم اللّه أخي يوسف لو لم يقل اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ لاستعمله من ساعته- و لكنه اخر ذلك السنة فاقام فى بيته سنة مع الملك- و بإسناده عن ابن عباس قال لما انصرمت السنة من يوم سال الامارة- دعاه الملك فتوجّه و ردّاه بسيفه- و وضع له السرير من ذهب مكلّلا بالدر و الياقوت- و ضرب عليه كلة من إستبرق- و طول السرير ثلاثون ذراعا و عرضه عشرة اذرع- عليه ثلاثون فراشا و ستون مقرمة- ثم امره ان يخرج فخرج متوّجا لونه كالثلج و وجهه كالقمر يرى الناظر وجهه فى صفاء لون وجهه- فانطلق حتّى جلس على السير و دانت له الملوك- و دخل الملك بيته و فوض اليه امر مصر- و عزل قطفير عما كان عليه و جعل يوسف مكانه قاله ابن إسحاق- و قال ابن زيد و كان لملك مصر ريان خزائن كثيرة فسلم سلطانه كله اليه- و جعل امره و قضاءه نافذا- و اخرج ابن جرير و ابن ابى حاتم عن ابن إسحاق قال ذكروا ان قطفير هلك فى تلك الليالى- فزوج الملك يوسف زليخا امراة قطفير- فلما دخل عليها قال أ ليس هذا خيرا مما كنت تريدين- فقالت ايها الصديق لا تلمنى فانى كنت امراة كما ترى حسنا و جمالا- ناعمة كما ترى فى ملك و دنيا- و كان صاحبى لا يأتى النساء- و كنت كما جعلك اللّه فى حسنك و هيئتك- فغلبتنى نفسى على ما رايت- فزعموا انه وجدها يوسف عذراء- فاصابها فولدت له رجلين افرائيم- و ميثا- و استوثق ليوسف ملك مصر و اقام فيهم و أحبه الرجال و النساء فذلك قوله عز و جل. |
﴿ ٥٥ ﴾