٥٧ وَ لَأَجْرُ الْآخِرَةِ اى ثوابها خَيْرٌ من نعماء الدنيا لِلَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ (٥٧) و لما اطمان يوسف فى ملكه دبّر فى جمع الطعام و احسن التدبير- و بنى الحصون و البيوت الكثيرة و جمع فيها الطعام للسنين المجدبة- و أنفق بالمعروف حتّى خلت السنون المخصبة و دخلت السنون المجدبة بهول لم يعهد مثله- و روى انه كان قد دبر فى طعام الملك و حاشيته كل يوم مرة واحدة نصف النهار- فلما دخلت سنة القحط كان أول من اخذه الجوع هو الملك فى نصف الليل- فنادى يا يوسف الجوع الجوع- قال يوسف هذا أوان القحط- ففى السنة الاولى من سنى الجدب هلك كل شي ء أعدوه فى السنين المخصبة- فجعل اهل مصر يبتاعون من يوسف الطعام- فباعهم أول سنة بالنقود حتّى لم يبق بمصر دينار و لا درهم الا قبضه- و باعهم فى السنة الثانية بالحلى و الجواهر حتّى لم يبق فى أيد الناس منها شي ء- و باعهم فى السنة الثالثة بالمواشي و الدواب حتّى احتوى عليها اجمع- و باعهم فى السنة الرابعة بالعبيد و الإماء حتّى لم يبق بيد أحد عبد و لا امة- و باعهم فى السنة الخامسة بالضياع و العقار و الدور حتّى احتوى عليها- و باعهم فى السنة السادسة باولادهم حتّى استرقهم- و باعهم فى السنة السابعة برقابهم حتّى لم يبق بمصر حر و لا حرة إلا صار عبدا له- (قلت ان صح هذه الرواية لدلت على ان بيع الرجل نفسه و أولاده كان جائزا فى شريعة يوسف - كما كان استرقاق السارق جائزا- و قد افتى بعض العلماء فى القحط ببيع الحر نفسه و ولده- و لا اصل لهذا القول فى شريعتنا و اللّه اعلم) فقال الناس ما راينا كاليوم ملكا أجل و أعظم من هذا- ثم قال يوسف للملك كيف رايت صنع ربى فيما خولنى فما ترى- قال الملك الرأى رأيك و نحن لك تبع- قال فانى اشهد اللّه و أشهدك انى قد اعتقت اهل مصر عن آخرهم- و رددت عليهم املاكهم- و روى ان يوسف عليه السلام كان لا يشبع من الطعام فى تلك الأيام- فقيل له تجوع و بيدك خزائن الأرض- قال أخاف ان شبعت ان انسى الجائع- و امر يوسف طباخى الملك ان يجعلوا غداه نصف النهار- و أراد بذلك ان يذوق الملك طعم الجوع و لا ينسى الجائعين- فمن ثم جعل الملوك غداهم نصف النهار- قال و قصد الناس مصر من كل أوب يمتارون- فجعل يوسف لا يمكّن أحدا منهم و ان كان عظيما اكثر من حمل بعير- تقسيطا بين الناس و تزاحم الناس عليه- و أصاب ارض كنعان و بلاد الشام ما أصاب سائر البلاد من القحط و الشدة- و نزل بيعقوب عليه السلام ما نزل بالناس- و كان منزله بالغرمات من ارض فلسطين ثغور الشام و كانوا اهل بادية وابل و شياه فارسل بنيه الى مصر للميرة و قال بلغني ان بمصر ملكا صالحا يبيع الطعام فتجهزوا و اذهبوا لتشتروا منه الطعام و امسك عنده بنيامين أخا يوسف شقيقه. |
﴿ ٥٧ ﴾