٨٠ وَ أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما اى يغشاهما طُغْياناً عليهما وَ كُفْراً (٨٠) بعقوقه و سوء صنيعه و يلحقهما شرا و بلاء او يقرن بايمانهما طغيانه و كفره فيجتمع في بيت واحد مؤمنان و طاغ كافر- او يعذبهما بغلبته فيرتدا بإضلاله او بممالاته على طغيانه و كفره حبّا- قال سعيد بن جبير خشينا ان يحملهما حبه على ان يتّبعاه على دينه و انما خشى ذلك خضر باعلام من اللّه بالوحى- اخرج ابن ابى شيبة عن زيد بن هرمز عن ابن عباس ان نجدة الحرودى كتب اليه كيف قتله رقد نهى النبي صلى اللّه عليه و سلم من قتل الولدان فكتب اليه ان علمت من حال الولدان ما علمه عالم موسى فلك ان تقتل يعنى انما نهى النبي صلى اللّه عليه و سلم لعامة المسلمين الذين لا يوحى إليهم حتى يحصل لهم علم من حال الولدان و الوحى قد انقطع بعد النبي صلى اللّه عليه و سلم فليس نهى النبي صلى اللّه. عليه و سلم متوجها الى خضر و أمثاله- فان قيل مقتضى هذا الكلام ان اللّه تعالى كان يعلم ان ذلك الغلام ان عاش يكون كافرا طاغيا و المفروض المتحقق ان الغلام لم يعش و لم يكفر و لم يطغ حيث قتله الخضر و العلم يكون تابعا للمعلوم فلا بد ان يكون للعلم في الخارج مصداق- فكيف يتصور صحة هذا العلم- لا يقال في جوابه ان وجود الأشياء تابع لعلم اللّه تعالى بخلاف علوم العباد فان العلم هناك تابع للمعلوم مستفاد منه لانا نقول هذا القول لا يجديك نفعا فان العلم سواء كان تابعا للمعلوم او متبوعا له لا بد من مطابقتهما و عدم تخلف أحدهما عن الآخر- فاذا لم يعش الغلام و لم يكفر ظهر عدم تحقق القضية في الواقع فلا يجوز تعلق علم اللّه بالقضية حتى لا يلزم عدم مطابقة العلم بالواقع و الجواب الصحيح الّذي يحسم مادة الشبهة ان صدق الشرطية و تعلق العلم به يقتضى لزوم التالي للمقدم في الواقع- و لا يقتضى وجوده طرفيها فيه الا ترى ان قوله تعالى لو كان فيهما الهة الّا اللّه لفسدتا صادق و العلم به متحقق مع امتناع المقدم- فمقتضى هذا العلم لزوم كفر الغلام لبقائه بحيث لا يحتمل تخلفه- كما ان صدق قولنا ان كانت الشمس طالعة فالنهار موجود يقتضى لزوم وجود النهار لطلوع الشمس لا طلوعها و لا وجوده- فان قيل لزوم أحد الشيئين للاخر يقتضى ان يكون أحد الشيئين علة تامة للشي ء الاخر- او يكونان كلاهما معلولين لعلة واحدة تامة- فما وجه لزوم كفر الغلام لبقائه- قلنا وجه هذا اللزوم على ما قالت الصوفية العلية رضي اللّه عنهم ان وجودات الأشياء كلها في الخارج ظلال للاعيان الثابتة الّتي هى ظلال لصفات اللّه تعالى و لما كانت الأعيان الثابتة كائنة في مرتبة العلم فلذلك قالوا المعلوم تابع للعلم ثم صفات اللّه تعالى منها راجعة الى كونه تعالى هاديا و منها راجعة الى كونه تعالى مضلا فالاشياء الّتي مبادى تعيناتها راجعة الى الهداية ظهور الاهتداء لازم لوجودها لا يمكن ختمها الا على السعادة- و الّتي مبادى تعيناتها راجعة الى الضلالة ظهور الشقاوة و ختمها عليها لازم لوجودها لا يتصور منها الاهتداء و هذا معنى قوله صلى اللّه عليه و سلم كلّ ميسر لما خلق له اما من كان من اهل السعادة فتسييسر لعمل اهل السعادة و اما من كان من اهل الشقاوة فسييسر لعمل اهل الشقاوة- متفق عليه من حديث علىّ رضي اللّه عنه فمعنى قوله طبع الغلام على الكفر ان مبدء تعينه كان ضلال اسم المضل فموته صغيرا قبل ظهور اثر الضلالة فيه كان أصلح له و لوالديه و كان هذا تفضلا من اللّه تعالى على والديه لا على ما قالت المعتزلة بوجوب الأصلح على اللّه سبحانه إذ لو كان كذلك لم يوجد كافر حيث يجب على اللّه أمانته صغيرا و اللّه اعلم. |
﴿ ٨٠ ﴾