٤٦ وَ لا تُجادِلُوا يعنى لا تخاصموا عطف على أقم الصّلوة اى و لا تجادل أنت و المؤمنون أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي اى بالخصلة التي هِيَ أَحْسَنُ الخصال يعنى بالقرءان و الدعاء الى اللّه باياته و التنبيه على حججه فالمستثنى مفرغ او المعنى الا بالتي هى احسن مما يفعله الكافرون يعنى معارضة الخشونة باللين و الغضب بالكظم و المشاغبة بالنصح فالمستثنى منقطع لان النصح ليس بمجادلة إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ بنبذ العهد او عدم قبول الجزية فقاتلوهم حتى يسلموا او يعطوا الجزية عن يدوّهم صاغرون كذا قال سعيد بن جبير ان المستثنى اهل الحرب و الباقي بعد الثنيا اهل الذمة و الظاهر انه كان الحكم بحسن المجادلة قبل الأمر بالقتال لان الاية مكية فالمراد حينئذ بالذين ظلموا المفرطون فى الاعتداء و العناد و القائلون بإثبات الولد و بان يد اللّه مغلولة و بانّ اللّه فقير و نحن اغنياء فحينئذ جاز مجادلتهم بالعنف و على هذا قال قتادة و مقاتل هذه الاية منسوخة باية السيف وَ قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ بيان لحسن المجادلة. و يحتمل ان يكون المعنى و لا تجادلوا اهل الكتاب إذا أخبروا مما ذكر فى كتبهم يعنى لا تكذبوهم الّا الّذين ظلموا منهم يعنى الا من اخبر بشئ معلوم قطعا انه كاذب فيه كقولهم بتأبيد دين موسى او قتل عيسى او كون عيسى ابن اللّه و نحو ذلك فحينئذ يجب تكذيبه و المباهلة عليه وَ قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ اى مطيعون له خاصة و فيه تعريض باتخاذهم أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون اللّه عن ابى هريرة رضى اللّه عنه قال كان اهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية و يفسرونها بالعربية لاهل الإسلام فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا تصدقوا اهل الكتاب و لا تكذبوهم و قولوا آمنّا باللّه و ما انزل إلينا و ما انزل إليكم الاية- رواه البخاري و عن ابى نملة الأنصاري انه بينما هو جالس عند رسول ال لّه صلى اللّه عليه و سلم جاءه رجل من اليهود و مر بجنازة فقال يا محمد هل يتكلم هذا الميت فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا اعلم فقال اليهودي انها تتكلم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما حدثكم اهل الكتب لا تصدقوهم و لا تكذبوهم و قولوا امنّا باللّه و كتبه و رسله فان كان باطلا لم تصدقوهم و ان كان حقّا لم تكذبوهم. |
﴿ ٤٦ ﴾