|
٤٥ لِيَجْزِيَ اللّه متعلق بيمهدون الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ظاهر موضع الضمير لبيان مناط جزائهم مِنْ فَضْلِهِ متعلق بيجزى قال ابن عباس رض ليثيبهم اللّه اكثر من ثواب أعمالهم اقتصر على جزاء المؤمنين للاشعار بانه المقصود بالذات و ان اللّه انما يريد الاثابة الا من ابى و ظلم على نفسه و اختار النار لاجل كفرهم كما يدل عليه قوله إِنَّهُ اى اللّه لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ فهم بكفرهم لم يستحقوا تفضله و قال الشيخ جلال الدين قوله ليجزى متعلق بيصّدّعون و قد ذكر جزاء الفريقين فان قوله إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ معناه انه يعاقبهم و اللّه اعلم. و قوله من فضله دالّ على ان الاثابة تفضل محض و تأويله بالعطاء او الزيادة على الثواب عدول عن الظاهر قلت و يؤيده ما اخرج احمد فى الزهد عن ابى الحارث قال اوحى اللّه تعالى الى داود انذر عبادى الصالحين فلا يعجبوا بانفسهم و لا يتكلوا على أعمالهم فانه ليس عبد من عبادى أنصبه للحساب و أقيم عليه عدلى الا عذبته و اخرج ابو نعيم عن على رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان اللّه تبارك و تعالى اوحى الى نبى من أنبياء بنى إسرائيل قل لاهل طاعتى من أمتك ان لا يتكلوا على أعمالهم فانى لا اناصب عبدا لحساب يوم القيامة أشاء أعذبه الا عذبته و قل لاهل معصيتى من أمتك لا يلقوا بايديهم فانى اغفر الذنوب العظيمة و لا أبالي- و اخرج الطبراني عن واثلة بن الأسقع رضى اللّه عنه يبعث اللّه يوم القيامة عبدا لا ذنب له فيقول اللّه تبارك و تعالى باىّ الامرين أحب إليك ان اجزى بعملك او بنعمتي عليك قال اى رب أنت اعلم انى لم اعصك قال خذوا عبدى بنعمة من نعمى فما يبقى له حسنة الا استغرقتها تلك النعمة فيقول بنعمتك و رحمتك. و اخرج البزار عن انس عن النبي صلى اللّه عليه و سلم يخرج لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين ديوان فيه العمل الصالح و ديوان فيه ذنوبه و ديوان فيه النعم من اللّه تعالى يقول اللّه تعالى لاصغر نعمة من ديوان النعم خذى منك من العمل الصالح فتستوعب العمل الصالح فيقول و عزتك ما استوعبت و يبقى الذنوب و قد ذهب العمل الصالح كله فاذا أراد اللّه تعالى ان يرحم عبدا قال يا عبدى قد ضاعفت و لك حسناتك و تجاوزت عن سياتك و وهبت لك نعمتى و اخرج الطبراني فى الأوسط عن ابن عمر رضى اللّه عنهما ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال من قال لا اله الا اللّه كان له بها عهدا عند اللّه و من قال سبحان اللّه كتب له بها مائة الف حسنة فقال رجل يا رسول اللّه كيف نهلك بعد هذا قال و الّذى نفسى بيده ان الرجل ليجى ء يوم القيامة بعمل لو وضع على جبل لاثقله فتقوم نعمة من نعم اللّه تعالى فكان كله يستنفد ذلك كله يوما يتفضل اللّه به من رحمته و اخرج الشيخان عن عائشة و عن ابى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال سددوا و قاربوا و ابشروا فانه لا يدخل الجنة أحدا عمله قالوا و لا أنت يا رسول اللّه قال و لا انا الا ان يتغمدنى اللّه بمغفرته و رحمته- و عند مسلم عن جابر نحوه و قد ورد هذا ايضا من حديث ابى سعيد أخرجه احمد و من حديث ابن ابى موسى و شريك بن طارق أخرجهما البزار و من حديث شريك بن طريف و اسامة بن شريك و اسد بن كرز أخرجها الطبراني. و هاهنا إشكالان أحدهما انه لا يبقى حينئذ فائدة فى الطاعة و ترك المعصية فان اللّه تعالى لو لم يتفضل عذّب اهل الطاعة و لو تفضل غفر اهل المعصية و ادخل الجنة و ثانيهما انه معارض لقوله تعالى ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فانه يدل على ان دخول الجنة مسبب بالأعمال- و الجواب عن الاول ان الطاعة يقتضى محبة اللّه عبده حيث قال اللّه تعالى إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّه فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّه وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حكاية عن اللّه سبحانه ما يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى أحببته رواه البخاري عن ابى هريرة فى حديث طويل و المحبة يقتضى التفضل و التفضل سبب لجلب كل خير و دفع كل ضرر و عن الثاني بان للجنة منازل تنال فيها بالأعمال فان درجات الجنة متفاوتة بحسب تفاوت الأعمال و اما اصل دخولها و الخلود فيها فبفضل اللّه و رحمته يؤيده ما أخرجه هناد فى الزهد عن ابن مسعود قال تجوزون الصراط بعفو اللّه و تدخلون الجنة برحمة اللّه و تقسمون المنازل بأعمالكم و اخرج ابو نعيم عن عون بن عبد اللّه مثله و اللّه اعلم .. |
﴿ ٤٥ ﴾