سُورَةُ الرَّحْمٰنِ مَكِّيَّةٌ اَوْ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ ثَمَانٍ وَسَبْعُونَ آيَةً مكيّة و هى ثمان و سبعون اية و ثلث ركوعات بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ _________________________________ ١ الرَّحْمنُ ٢ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ط جواب لقول الكفار و ما الرحمن فذكر اللّه تعالى انه مولى النعم الدنيوية و الاخروية كلها من بدء الخلق الى ابد الآبدين على ما يقتضيه لفظ الرحمن المبنى على كمال المبالغة فى الرحمة و قدم فى الدّكر ما هو اصل النعم الدينية و أجلها و هو تنزيل القران و تعليمه فانه أساس الدين و فيه صلاح الدارين ثم ذكر بعده خلق الإنسان اشارة الى ان الإنسان انما خلق لاجل تلقى القران و لذلك علمه البيان و لما كان اشراكهم و عبادتهم لغير اللّه تعالى و قولهم و ما الرحمن أ نسجد لما تأمرنا دليلا على انكارهم آلاء اللّه تعالى كرر التوبيخ عليهم فى السورة احدى و ثلثين مرة بعد ذكر بعض الآلاء ايقاظا و تنبيها و اما بعد الوعيد على الكفران زجرا و منعا عماهم عليه و اما بعد الوعد لمن خاف مقام ربه و شكر نعمائه تحريضا و تطميعا و قيل هذه الاية رد لقول الكفار انما يعلمه بشر و المعنى انه لا يستطيع البشر على تعليم مثل هذا القران البليغ المعجز بل علمه الرحمن الذي هو المنعم بالنعم الدنيوية و الاخروية كلها بمقتضى رحمة و هذا أجل النعم المفضى الى صلاح الدارين رحمن مبتدا و الجملة خبره. ٣ خَلَقَ الْإِنْسانَ قال ابن عباس و قتادة يعنى آدم عليه السلام علمه البيان يعنى اسماء كل شى ء علمه اللغات كلها فكان آدم يتكلم بسبعمائة الف لغة أفضلها العربية و قال ابو العالية و الحسن المراد جنس الإنسان. ٤ عَلَّمَهُ الْبَيانَ باللسان و الكتابة و الفهم و الافهام حتى يتميز عن سائر الحيوانات و صار قابلا للوحى و تنزيل القران و قال السدى علم كل قوم لسانهم الذين يتكلمون به و جاز ان يقال خلق الإنسان يعنى محمدا صلى اللّه عليه و سلم علمه البيان يعنى القران فيه بيان ما كان و ما يكون من الأزل الى الابد مطابقا لبيان من مضى من الرسل هداية للناس و اية على نبوته كذا قال ابن كيسان فعلى هذا الجملتان الأخيرتان بيان و تفصيل للاولى و لهذا لم يورد العاطف بينها و كلها اخبار مترادفة للرحمن قيل ترك العاطف لكون كل منها مستقلا بالخبرية و قيل بمجيئا على نهج التحديد. ٥ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ الحسبان اما مصدر كفغران و سبحان و كقران و رجحان و نقصان من حسبت حسبانا او جمع للحساب كالنسبان و الركبان و المعنى الشمس و القمر يجريان بحساب مقدر معلوم فى منازلهم يتنسق بتلك امور الكائنات السفلية و يختلف الفصول و الأوقات و يعلم السنون و الحساب و اوقات الصلاة و الصيام و الحج و الزكوة و آجال الديون. ٦ وَ النَّجْمُ اى ما ليس له ساق من النبات وَ الشَّجَرُ ما له ساق يبقى فى الشتاء يَسْجُدانِ اى ينقادان اللّه طبقا فيما يريد منهما انقياد الساجدين المكلفين طوعا يقال سجودهما سجود ظلمها- قال اللّه تعالى يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَ الشَّمائِلِ سُجَّداً للّه وَ هُمْ داخِرُونَ و الجملتان خبران آخران للرحمن و كذا ما بعدهما مما عطف عليهما و كان حق النظم فى الجملتين ان يقال و اجرى الشمس و القمر بحسبان و اسجد النجم و الشجر و الشمس و القمر بحسبانه و النجم و الشجر يسجدان له الوجوب العائد فى الخبر لكن حذف العائد منهما لوضوحه و ادخل العاطف بينهما و بين ما بعدهما لاشتراكهما فى الدلالة على وجود الصانع يحكم الذي يقدر و يدبر و يغير احوال الاجرام العلوية و السفلية على نهج بديع و اسلوب حكيم. ٧ وَ السَّماءَ منصوب بفعل مضمر يفسره رَفَعَها اى خلقها مرفوعة وَ وَضَعَ الْمِيزانَ قال مجاهد أراد بالميزان العدل و المعنى امر بالعدل و أثبته فى الذمم حتى انتظم امر العالم و استقام و قال الحسن و قتادة و الضحاك أراد ما يوزن الأشياء و يعرف به المقادير من الميزان و المكيال و الذراع و نحو ذلك فانها سبب الاتصاف و الانتصاف و اصل الوزن التقدير. ٨ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ اما مضارع منصوب بان فى قوة المصدر متعلق بوضع بتقدير اللام يعنى وضع الميزان لان لا تجاوزوا الحق فى الميزان و لا تظلموا و اما صيغة نهى و ان مفسرة تقديره أمران لا تطغوا فى الميزان. ٩ وَ أَقِيمُوا معطوف على تطغوا على تقدير كونه نهيا و على تقدير كونه مضارعا معطوف على وضع بتقدير قال الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَ لا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ اى قوموا وزنكم بالعدل و لا تنقصوا امر اللّه تعالى بالتسوية و نهى عن الطغيان الذي هو اعتداء و زيادة و من الخسران الذي هو تطفيف و نقصان و كرر لفظ الميزان ثلث مرات و لم يكتف بالضمير تشديد للتوصية و تقوية للامر باستعماله و الحث عليه فويل للمطففين- (مسئلة) من اشترى مكيلا مكايلة او موزونا موازنة فاكتاله او اتزنه ثم باعه مكايلة او موازنة لم يجز للمشترى الثاني ان يبيعه و لا ان يأكله حتى يعيد الكيل او الوزن لانه يجعل ان يزيد على المشروط و ذلك للبائع و التصرف فى مال الغير حرام يجب التحرز عنه و قد نهى النبي صلى اللّه عليه و سلم عن بيع الطعام حتى يجرى فيه الصاعان صاع البائع و صاع المشترى رواه ابن ماجة و ابن اسحق من حديث جابروا على يعبد الرحمن بن ابى ليلى و رواه البزار من حديث ابى هريرة و له طريقان ضعيفان عن انس و ابن عباس و روى عبد الرزاق عن يحيى بن كثير ان عثمان بن عفان و حكيم بن حزام كانا يبتاعان الثمر و يجعلان فى الغرائر ثم يبيعانه بذلك الكيل فنهاهما رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان يبيعا حتى يكيلا لمن ابتاعه منهما قال ابن همام هذا الحديث حجة لكثرة طرقه و قبول الائمة إياه فانه قد قال بقولنا هذا مالك و الشافعي و احمد- (مسئله) و لا معتبر بكيل البائع قبل البيع و ان كان بحضرة المشترى لانه ليس صاع البائع و المشترى و هو المشروط و لا بكيله بعد البيع بغيبة المشترى لان الكيل من باب التسليم لانه يصير به المبيع معلوما و لا تسليم الا بحضرته و لو كان البائع بعد البيع بحضرة المشترى قيل لا يكتفى به بظاهر الحديث فانه اعتبر صاعين و الصحيح انه يكتفى به لان المبيع صار معلوما بكيل واحد و لتحقق معنى التسليم و محل الحديث اجتماع الصفتين كما إذا اشترى المسلم اليه من رجل كرا و أمر رب السلم ان يقبضه فانه لا يصح إلا بصاعين لاجتماع الصفتين بشرط الكيل لشراء المسلم اليه لنفسه و قبض رب السلم. ١٠ وَ الْأَرْضَ منصوب بفعل مضمرة تفسيره- وَضَعَها اى خلقها و خفضها مدحوة لِلْأَنامِ اى للخلق فى القاموس الأنام كسحاب و سباط داير الخلق او الجن و الانس او جميع ما على وجه الأرض قال البيضاوي و قيل الأنام كل ذى روح قلت الظاهر ان المراد به هاهنا الجن و الانس لان الخطاب معهما كما يدل عليه قوله تعالى فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ١١ فِيهِما فاكِهَةٌ قال ابن كيسان يعنى ما يتفكهون به من النعم التي لا تحصى الجملة تعليل لمضمون قوله تعالى وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ .... وَ النَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ جمع كم بكسر الكاف و هو وعاء الثمر. ١٢ وَ الْحَبُّ و هو ما يوكل من البذور كالحنطة و الشعير و ساير ما يتغذى به ذُو الْعَصْفِ و هو ورق الزرع و النبات اليابس كالتبن وَ الرَّيْحانُ ج اى الرزق و هو اللب كذا قال اكثر المفسرين من قولهم خرجت اطلب ريحان اللّه قال ابن عباس كل ريحان فى القران فهو الرزق و قال الحسن و ابن زيد و هو ريحانكم الذي يشم و هو فعلان من الروح فقلب الواو ياء و ادغم ثم خفف و قيل أصله روحان قلب واوها ياء للتخفيف قرا العامة و النخل ذات الاكمام و الحب ذو العصف و الريحان برفع الأسماء الثلاثة عطفا على الفاكهة و جاز ان يكون الريحان معطوفا على ذو الصف بتقدير ذو فحذف المضاف و أعرب المضاف اليه باعرابه و قرا حمزة و الكسائي و الريحان بالجر عطفا على العصف و ما عداه بالرفع عطفا على الفاكهة و قرا ابن عامر و الحبة و النخل ذات الاكمام و الحب و العصف و الريحان- بنصب الثلاثة عطفا على الأرض وضعها على تقدير و خلق النخل ذات الاكمام و خلق الحب و العصف و خلق الريحان و يجوز ان يراد ذالريحان فحذف المضاف و أعرب المضاف اليه باعرابه. ١٣ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ الخطاب للثقلين المدلول عليهما بقوله تعالى الأنام و قوله ايها الثقلان و قيل خطاب للواحد بلفظ التثنية على عادة العرب يخاطبون كذلك نظيره قوله تعالى القيا فى جهنم و إلقاء للسببية و الاستفهام لتقرير الالاء و انكار تكذيبهما فان ذكر الالاء سبب لاقرارها و شكر منعها و الرد عن تكذيبها و كذا الوعيد على الكفران و الوعد سببان للاقرار و الشكر روى الحاكم عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللّه قال قرا علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سورة الرحمن حتى ختمها ثم قال مالى أراكم سكوتا و الجن كانوا احسن منكم رد اما قرأت عليهم هذه الاية من مرة فباىّ آلاء ربكما تكذبن الا قالوا و لا بشى ء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد. ١٤ خَلَقَ الْإِنْسانَ يعنى آدم عليه السلام مِنْ صَلْصالٍ اى طين يابس به صلصلة اى تردد صوت و قيل الصلصال السنن من الطين كَالْفَخَّارِ اى الطين المطبوخ بالنار و هو الخذف قيل الفخر المباهات بالأشياء الخارجة عن الإنسان كالمال و الجاه و منه الفخار بمعنى الحراء لصوته إذا تقر كانه تصور بصورة من يكثر التفاخر به و لا اختلاف بين هذه و بين من حماء مسنون و من طين لازب و من تراب لاتفاقها معنى لانه تفيد انه خلقه من تراب ثم جعله طينا ثم حماء مسنونا ثم صلصال. ١٥ وَ خَلَقَ الْجَانَّ اللام للجنس يعنى جنس الجن و قيل هو علم لابى الجن و قال الضحاك هو إبليس مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ ج بيان لمارج و هو الصافي من لهب النار الذي لادخلن فيه و هو فى الأصل للمضطرب من مرج إذا اضطرب و قال مجاهد هو ما اختلط بعضه ببعض من اللّهب الأحمر و الأصفر و الأخضر الذي تعلوا النار إذا وقدت من قولهم مرج امر القوم إذا اختلط الجملة خبر اخر للرحمن. ١٦ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مما أفاض عليكما من أطوار خلقنكما حتى صرتما أفضل المركبات و خلاصة الكائنات. ١٧ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ج مشرق الصيف و مشرق الشتاء و مغربيهما خبر اخر للرحمن. ١٨ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مما فى ذلك من الفوائد لا تحصى كاعتدال الهواء و اختلاف الفصول و حدوث ما يناسب كل فصل فيه الى غير ذلك. ١٩ مَرَجَ اى أرسل الْبَحْرَيْنِ الملح و العذب من مرجت الدابة إذا أرسلتها خبر اخر للرحمن يَلْتَقِيانِ حال من البحرين اى يتجاوزان و يتملس سطوحهما. ٢٠ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ حاجز من قدرة اللّه تعالى حال اخر لا يَبْغِيانِ حال اخرى اى لا يبغى أحدهما على الاخرى بالممازجة و و ابطال الخاصية و قال قتادة لا يطغيان على الناس بالغرق و قال الحسن مرج البحرين يعنى بحر الروم و بحر الهند و عن قتادة ايضا بحر الفارس و بحر الروم بينهما برزخ يعنى الجزائر و قال المجاهد و الضحاك بحر السماء و بحر الأرض يلتقيان كل عام. ٢١ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مما فى ذلك من المنافع و ظهور قدرة اللّه تعالى جملة معترضة و قوله تعالى. ٢٢ يَخْرُجُ حال اخرى من البحرين قرا نافع و ابو عمر و يعقوب يخرج بضم الياء و فتح الراء على البناء للمفعول من الإخراج و الباقون بفتح الياء و ضم الراء من المجرد مِنْهُمَا اى من البحرين العذب و الملح قيل الدر انما يخرج من الملح دون العذب فقيل فى جوابه انه يخرج من مجتمع الملح و العذب و قيل لانهما لما اجتمعا صارا كالشى ء الواحد فكان المخرج من أحدهما كالمخرج منهما و قيل انه جايز فى كلام العرب ان يذكر شيئين ثم يخص أحدهما بفعل كما قال اللّه تعالى يا معشر الجن و الانس الم يأتكم رسل منكم و كان الرسل من الانس دون الجن و ان كان المراد بالبحرين بحر السماء و بحر الأرض كما قال مجاهد و الضحاك فالوجه انه إذا مطرت السماء فتحت الاصداف أفواهها فحيثما وقعت وقعت قطرة كانت لؤلؤ كذا قال ابن جرير اللُّؤْلُؤُ قرأ ابو بكر و يزيد بلا همزة و الباقون بهمزة و هى كبار الدرر وَ الْمَرْجانُ ج صغارها كذا فى القاموس و قال مقاتل و مجاهد على الضد يعنى اللؤلؤ صغار الدرر و المرجان كبارها و قيل المرجان الخزر الأحمر فهو نوع من الجواهر يشبه النبات و الحجر و قال عطاء الخراسانى هو البسد. ٢٣ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٢٤ وَ لَهُ تعالى الْجَوارِ السفن الكبار جمع جارية الْمُنْشَآتُ قرأ حمزة و ابو بكر بخلاف عنه بكسر الشين اى اللائي ابتدأن و انشأن السير و الباقون بفتح الشين اى المرفوعات اللاتي رفع خشبها بعض على بعض و قيل المنشآت المسخرات فِي الْبَحْرِ متعلق بالمنشئات و هى صفة للجوار و قوله كَالْأَعْلامِ ج صفة يعنى كالجبال جمع علم و هو الجبل الطويل الجملة معطوفة على مرج البحرين خبر للرحمن بتبعيتها و انما جعلها تابعة لها لكون الجواري تابعة للبحر. ٢٥ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٢٦ كُلُّ مَنْ عَلَيْها اى على الأرض من الحيوانات او المركبات او من كل شى ء حتى الجبال و البحار و المعادن و من للتغليب او من الثقلين فانٍ يوم القيامة او قيل ذلك متى شاء اللّه تعالى او فان فى حد ذاته موجود بوجود مستعار من اللّه تعالى. ٢٧ وَ يَبْقى وَجْهُ قيل هو من المتشابهات رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ اى ذو العظمة و السلطان و الاستغناء المطلق وَ الْإِكْرامِ ج الفضل العام قلت العام قلت عطف بقاء وجه ربك على فناء من الأرض و تخصيص ذكر الفناء بهم يقتضى ان المراد بالوجه هاهنا الجهة حتى يحصل المناسبة و المقارنة بين المعطوف و المعطوف عليه فان قيل معنى العطف هاهنا على المقابلة بين فناء الخلق و بقاء الخالق دون المقارنة قلنا لو كان كذلك لم يفد تقييد الفناء بمن على الأرض فالمعنى كل من على الأرض من الثقلين فانه فى حد ذاته لا يعبأ به و يبقى من جهاته جهته الى ربه و توجهه اليه فانه لا يطرء عليه فناء قال اللّه تعالى قل ما يعبأ بكم ربى لو لا دعاءكم و هذه الصفة من عظيم صفات اللّه تعالى روى الترمذي عن انس و احمد و النسائي و الحاكم بسند صحيح عن ربيعة بن عامر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الظوا بيا ذالجلال و الإكرام و فى الحصن الحصين انه صلى اللّه عليه و سلم مر برجل و هو يقول يا ذالجلال و الإكرام فقال عليه الصلاة و السلام قد استجيب لك فسل و الا لظاظ؟؟؟ به من كريم صفات الإنسان الجملتان خبران آخران للرحمن و العائد فى الجملة الاولى محذوف و فى الثانية وضع المظهر موضع المضمر و التقدير كل من عليها فان بافنائه او بقهرمانة و يبقى وجهه. ٢٨ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ منها توفيقه للتوجيه اليه تعالى و منها ما ذكر من بقاء الرب و ابقاء ما لا يحصى مما على صدد الفناء رحمة و فضلا و منها ما يترتب على فناء الكل من الاعادة و الحيوة الدائمة و النعيم المقيم. ٢٩ يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ط من الملائكة و الانس و الجن حوايجهم من المغفرة و العافية و توفيق العبادة و التجليات و البركات و الرزق و غير ذلك و قيل المراد بمن فى السموات و الأرض الموجودات كلها و أورد كلمة من تغليبا فانها كلها مفتقرة الى اللّه تعالى فى ذواتها و صفاتها و ساير ما يهمها و يهمن لها و المراد بالسؤال ما يدل على الحاجة الى تحصيل الشي ء نطقا كان او غيره كُلَّ يَوْمٍ اى وقت منصوب على الظرفية بيسأله او بمقدر دل عليه ما بعده و ما قبله يعنى يعطى مسؤلهم و يحدث امور كل يوم هُوَ يعنى اللّه تعالى فِي شَأْنٍ ج دائما و من شانه ان يحيى و يميت و يرزق و يعز قوما و يذل آخرين و يشفى مريضا و يمرض صحيحا و يفك عانيا و يرهن فارغا و يفرج مكروها و يجيب داعيا و يعطى سائلا و يغفر ذنبا للمؤمنين و يدخل جهنم الكافرين و يعذبهم بانواع التعذيب و يدخل الجنة من خاف مقام ربه و يكرمهم بانواع التكريم اى مالا يحصى من انعامه و احداثه فى خلقه ما يشاء قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من شانه ان يغفر ذنبا و يفرج كربا و يرفع قوما و يضع آخرين رواه ابن ماجة و ابن حبان فى الصحيح من حديث ابى الدرداء و اخرج ابن جرير مثله من حديث عبد اللّه بن منيب و البزاز مثله من حديث ابن عمر رض و روى البغوي بسنده عن ابن عباس قال ان مما خلق اللّه عز و جل لوحا فى درة بيضاء دفتاه ياقوتة حمراء قلمه نور و كتابه نور ينظر اللّه عز و جل فيه كل يوم ثلاثمائة و ستين نظرة يخلق و يرزق و يحيى و يميت و يعز و يذل و يفعل ما يشاء فذلك قوله عز و جل كل يوم هو فى شان قال الحسين ابن الفضل هو سوق المقادير الى المواقيت قال ابو سليمان الداراني فى هذه الاية كل يوم له الى العبيد بر جديد و قال سفيان بن عيينة الدهر كله عند اللّه يومان أحدهما مدة ايام الدنيا و الاخر يوم القيامة فالشان الذي هو فيه اليوم الذي هو مدة الدنيا الاختيار بالأمر و النهى و الاحياء و الاماتة و الإعطاء و المنع و شان يوم القيامة الجزاء و الحساب و الثواب و العقاب و قيل شانه جل ذكره انه يخرج فى كل يوم و ليلة ثلاث عساكر عسكرا من أصلاب الآباء الى أرحام الأمهات و عسكرا من الأرحام الى الدنيا و عسكرا من الدنيا الى القبور ثم يرتحلون جميعا الى اللّه عز و جل قال مقاتل نزلت الاية فى يهود حيث قالوا ان اللّه لا يفضى يوم السبت شيئا. ٣٠ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مما يسعف سوالكما و ما يخرج لكما من ممكن العدم حينا فحينا. ٣١ سَنَفْرُغُ لَكُمْ و قرا حمزة و الكسائي بالياء على الغيبة و الضمير عايد الى الرب و الباقون بالنون على التكلم قيل معناه سنجرد لجزائكم و ذلك يوم القيامة فانه تعالى لا يفعل فيه غيره قيل انه تهديد مستعار من قولك لمن تهدده سافرغ لك فان المتجرد للشى ء كان أقوى عليه و ليس المراد منه الفراغ من شغل فانه تعالى لا يشغله شان عن شان كذا قال ابن عباس و الضحاك و قيل معناه سنقصدكم بعد الترك و الامهال و ناخذ فى أمركم و قيل ان اللّه وعد اهل التقوى و أوعد اهل الفجور ثم قال سنفرغ لكم مما وعدناكم و اخبرناكم يعنى نحاسبكم و ننجز لكم ما وعدناكم فيتم ذلك و نفرغ منه و الى هذا ذهب الحسن و مقاتل أَيُّهَ قرأ ابن عامر ايها بضم الهاء و الباقون بفتح الهاء و وقف ابو عمرو و الكسائي بالألف و الباقون بغير الالف الثَّقَلانِ اى الانس و الجن سميا بذلك لثقلهما على الأرض أحياء و أمواتا و قال جعفر الصادق بن محمد الباقر رض لانهما مثقلان بالذنوب و قيل لانهما مثقلان بالتكليف و المناسب لهذه المعاني لثقلين التأويلات المذكورة فى قوله تعالى سنفرغ لكم اعنى التهديد او إتمام الوعد و الوعيد و إنجازهما و قال اهل المعاني كل شى ء له قدر و وزن ينافس فيه فهو ثقل قال النبي صلى اللّه عليه و سلم انى تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتى فجعلهما ثقلين إعظاما لقدرهما فانهما مستعدان لصعود مدارج القرب و التجليات و المناسب لهذا المعنى ان يقال فى تاويل قوله تعالى سَنَفْرُغُ لَكُمْ انا نخلوا بكم خلوة لا يكون يقره من يخلو به هناك مدخل عن ابى ذر عن العقيلي قال قلت يا رسول اللّه أكلنا يرى ربه مخليا به يوم القيامة قال بلى قلت و ما اية ذلك فى خلقه قال يا أبا ذر أ ليس كلكم يرى القمر ليلة البدر مخليا به قال بلى قال فانما هو خلق من خلق اللّه و اللّه أجل و أعظم رواه ابو داود و احسن قول الشاعر بالفارسية جهانى مختصر خواهم كه دروى همين جاى من و جاى تو باشد -. ٣٢ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ الأمر ظاهر على تاويل المتأخرين كان المراد بالفراغ التهديد و نحو ذلك فالمعنى انه فلا تكذبا بآلاء ربكما فان التكذيب يوجب التعذيب و المراد بالآلاء كل نعمة بالإنسان و ان لم يكن شيئا منها مذكورا فى الاية و قيل التهديد ايضا نعمة يتزجر به المكلف و هذا تكلف. ٣٣ يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ اى ان قدرتم ان تخرجوا من جوانب السموات و الأرض هاربين من اللّه فارين من قضائه فَانْفُذُوا فاخرجوا امر تعجيز و قيل معناه ان استطعتم ان تهربوا من الموت بالخروج من أقطار السموات و الأرض فاهربوا و اخرجوا و المعنى حيثما كنتم يدرككم الموت و قيل يقال هذا يوم القيامة اخرج ابن جرير و ابن مبارك عن الضحاك قال إذا كان يوم القيامة امر اللّه السماء الدنيا فتشققت باهلها فيكون الملائكة على أرجائها حين يأمرهم الرب فينزلون فيحيطون بالأرض و من عليها ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة فصفوا صفا دون صف فينزل الملك الا على بجنته اليسرى جهنم فاذا راها اهل الأرض ندوا فلا يأتوا قطرا من أقطار الأرض الا وجدوا سبعة صفون من الملائكة فرجعوا الى المكان الذي كانوا فيه و ذلك قوله تعالى إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ و قوله تعالى وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَ جِي ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ و قوله تعالى يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا و قوله تعالى وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ وَ الْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها يعنى ما نشقق منها فبينما كذلك إذا سمعوا الصوت فاقبلوا الى الحساب لا تَنْفُذُونَ اى لا تقدرون على النفوذ و الخروج إِلَّا بِسُلْطانٍ ج اى الا بقوة و قهر و انى لكم ذلك او المعنى الا بسلطان منى فانه لا قدرة لاحد الا مستفادة من اللّه تعالى لا حول و لا قوة الا باللّه كما ان النبي صلى اللّه عليه و سلم نفذ ببدنه ليلة المعراج من السموات السبع الى سدرة المنتهى و الصوفي ينفذ من دايرة الإمكان الى مدارج القرب بحول اللّه و قوته و قيل معناه حيثما توجهتم كنتم فى ملكى و سلطانى اى الى سلطانى كقوله قد احسن بي اى الى و روى عن ابن عباس قال معناه ان استطعتم ان تعلموا ما فى السموات و الأرض فاعلموا و لن تعلموا الا بسلطان اى بينة من اللّه عز و جل نصبها. ٣٤ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فان التكذيب يوجب التعذيب و أنتم لا تقدرون على الفرار منه و قيل من آلاء اللّه التنبيه و التحذير و المساهلة و العفو مع كمال القدرة و منها ما نصب من المصاعد العقلية و المعارج الثقلية و اسباب الترقيات فينفذون لها الى ما فوق السموات قال البغوي و فى الخبر يحاط على الخلق بالملائكة و بلسان من نار ثم ينادون يا معشر الجن و الانس ان استطعتم ان تنفذوا الاية فذلك قوله عز و جل. ٣٥ يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ يعنى حين بعثتم من القبور قرا ابن كثير بكسر الشين و الباقون بضمها و هما لغتان و هو اللّهب الذي لا دخان فيه كذا قال اكثر المفسرين و قال مجاهد هو اللّهب الأخضر المنقطع من النار مِنْ نارٍ وَ نُحاسٌ قرأ ابن كثير و ابو عمرو بالجر عطفا على النار و الباقون بالرفع عطفا على شواظ قال سعيد بن جبير و الكلبي و النحاس الدخان و هو رواية عن ابن عباس فمعنى الرفع يرسل شواظ تارة و نحاس اخرى و يجوز ان يرسلا معا من غير ان يمتزج أحدهما الاخرى عن ابن جرير يرسل شواظ من نار و شى ء من نحاس و جاز ان يكون نحاس فى محل الرفع مجرورا للجوار حكى؟؟؟ ان الشواظ لا يكون الا من النار و الدخان جميعا و قال المجاهد و قتادة النحاس هو الصفر المذاب يصب على رؤسهم و هو رواية العوفى عن ابن عباس و قال ابن مسعود النحاس المهل فَلا تَنْتَصِرانِ اى لا تمنعان من اللّه فلا يكون لكم منه تعالى ناصر حين يسوقكم الى المعشر. ٣٦ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فان التكذيب يوجب التعذيب و قيل من الالاء التهديد على موجبات العذاب فيجتنب منها و التميز بين المطيع و العاصي بالجزاء. ٣٧ فَإِذَا انْشَقَّتِ اى انفرجت السَّماءُ فصارت أبوابا لنزول الملائكة الفاء تدل على ان إرسال شواظ من نار يكون قبل انشقاق السماء فهذا الانشقاق ليس للافناء بل لنزول الملائكة بعد البعث من القبور كما ذكرنا فى حديث الضحاك فَكانَتْ عطف على انشقت يعنى كانت السماء حينئذ وَرْدَةً اى كلون الورد الأحمر و قيل كلون الفرس الورد و هو بين الكميت و الأشقر كذا فى القاموس و قال البغوي هو الأبيض الذي يضرب الحمرة او الصفرة قال قتادة السماء اليوم خضر او يكون لها يومئذ لون اخر الى الحمرة قيل انها تتلون الوانا يومئذ كلون الفرس الورد يكون فى الربيع اصفر و فى أول الشتاء احمر فاذا اشتد الشتاء كان اغبر فشبه السماء فى تلونها انشقاقها بهذا الفرس فى تلونه اخرج البيهقي عن ابن مسعود قال السماء تكون الوانا تكون كالمهل و تكون وردة كالدهان و تكون واهية و تشقق فيكون حالا بعد حال كَالدِّهانِ جمع دهن صفة وردة شبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل و شبه الورد فى اختلاف ألوانها بالدهن و اختلاف ألوانه كذا قال الضحاك و مجاهد و قتادة و الربيع و قال عطاء بن ابى رباح كالدهان كعصر الزيت يتلون فى الساعة الوانا و قال مقاتل كدهن الورد الصافي و قال ابن جريج يطير السماء كدهن الزيت و ذلك حين يصيبها حرجهنم و قال الكلبي كالدهان كالادم الأحمر و جمعه ادهنته و دهن و جاز ان يكون خبرا بعد خبر لكانت يغنى كانت السماء متلونة كلون الورد الأحمر و كلون الفرس الورد و كانت مذابة كالدهن و هو اسم لما يدهن به و جواب الشرط محذوف المعنى فما أعظم الهول و جاز ان يكون قوله تعالى. ٣٨ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ معترضة بين الشرط و الجزاء و الجزاء قوله تعالى. ٣٩ فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ الضمير راجع الى قوله إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ لتقدمهم رتبة يعنى لا يسالون هل عملتم كذا حتى يدخلهم جهنم بعد السؤال لان اللّه تعالى اعلم بهم منهم و الكرام الكاتبون من الملائكة كتبوا عملهم و الملائكة العذاب يعرفونهم بسيماهم كما سيجيئ فيما بعد و هذا لا ينافى سوالهم لم عملتم كذا بعد ما نهتكم يدل عليه قوله تعالى فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ كذا قال مجاهد عن ابن عباس و نحو ذلك قال الحسن و قتادة و هو المعنى لما روى عن ابن عباس فى الجمع بين الآيتين حيث قال انه لا يسالون سوال شفعة و رحمة و انما يسالون سوال تقريع و توبيخ و عن عكرمة عن ابن عباس فى الجمع بين الآيتين ان فى القيامة مواطن يسالون فى بعضها و لا يسالون فى بعضها و قال ابو العالية معناه لا يسال غير المجرم عن ذنب المجرم. ٤٠ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٤١ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ جملة مستانفة كانها فى جواب سائل يقول إذا لا يسئل عن ذنبه انس و لا جان فيم يعرف ملائكة العذاب المجرمين فقال يعرفهم بسيماهم و هى سواد الوجوه و زرقة العيون قال اللّه تعالى يوم تيبض وجوه و تسود وجوه اخرج المختفى؟؟؟ فى الديباج عن ابن عباس مرفوعا أخبرني جبرئيل ان لا اله الا اللّه انس للمسلم عند موته و فى قبره و حين يخرج من قبره يا محمد لو تراهم حين يقومون من قبورهم هم ينقضون رؤسهم هذا يقول لا اله الا اللّه و الحمد للّه فتبيض وجهه و هذا ينادى يا حسرتا على ما فرطت فى جنب اللّه مسودة فى وجوههم و روى ابو يعلى عن ابن عباس فى قوله تعالى الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا الاية قال يعرف يوم القيامة بذلك لا تستطيعون القيام الا كما يقوم المتخبط و اخرج ابن ابى شيبة و ابن ابى حاتم و ابو يعلى عن ابى هريرة مرفوعا يبعث اللّه تعالى يوم القيامة قوما من قبورهم تأجج أفواههم نارا فقيل من هم يا رسول اللّه قال قال اللّه تعالى الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما انما يأكلون فى بطونهم نارا و اخرج البزاز عن ابى هريرة و نحوه عن جابر يحشر المتكبرون يوم القيامة فى صورة الذرو فى الباب أحاديث كثيرة و اخرج الاربعة و الحاكم عن ابن مسعود مرفوعا من سال و له ما يغنيه جاء يوم القيامة و فى وجهه كلاوح؟؟؟ و خناوش؟؟؟ و فى الصحيحين نحوه و اخرج ابن ماجة عن ابى هريرة مرفوعا من أعان على قتل مومن بشطر كلمة لفى اللّه مكتوبا بين عينيه ايس من رحمة اللّه و روى ابو نعيم عن عمرو البيهقي عن ابنه نحوه و اخرج ابن خزيمة و ابن حبان و ابن عمر يبعث ملقى النخامة فى القبلة يوم القيامة و هو فى وجهه و اخرج الطبراني فى الأوسط عن سعد بن وقاص مرفوعا ذو الوجهين فى الدنيا يأتي يوم القيامة و له و جهان من نار و الطبراني و ابن ابى الدنيا عن انس مرفوعا من كان ذا اللسانين جعل اللّه يوم القيامة له لسانين من نار و الاربعة و الحاكم و ابن الحبان عن ابى هريرة مرفوعا من كان عنده امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة و شقه مائل و فى لفظ ساقط و حديث يحشر أمتي عشرة أفواج صف على صورة القردة الحديث ذكرناه فى تفسير قوله تعالى فتاتون أفواجا فى سورة عم يتساءلون و ورد فى الأحاديث الصحاح يحشر الناس حاملين على أعناقهم ما أخذوه بغير حق و فى الصحيحين مرفوعا فى الغلول يجى ء يوم القيامة و على رقبته بعير الحديث فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ اخرج البيهقي عن ابن عباس هذه الاية قال يجمع بين راسه و رجله ثم يقصف كما يقصف الحطب و اخرج هناد عن الضحاك فى الاية قال يجمع بين ناصيته و قدميه فى سلسلة من وراء ظهره. ٤٢ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فان التكذيب بآلاء يفضى الى ما ذكر من التعذيب. ٤٣ هذِهِ جَهَنَّمُ مبتداء و خبره الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ اى المشركون يكذبونها فى الدنيا الموصول مع الصلة صفة لجهنم و الجملة مقولة ليقال المقدر و جملة يقال اما مستانفة او حال بمعنى انه يوخذ نواصيهم و أقدامهم فى حال يقال لهم هذه جهنم التي كنتم تكذبونها-. ٤٤ يَطُوفُونَ اى المجرمون بَيْنَها اى جهنم يحرقون فيها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ ماء حار آنٍ بالغ الى النهاية فى الحرارة يعنى يسعون بين الحميم و الجحيم اخرج الترمذي و البيهقي عن ابى الدرداء مرفوعا يلقى على اهل النار الجوع فيستغيثون بالطعام فيتغاثون بطعام من ضريع لا يسمن و لا يغنى من جوع و يغاثون بطعام ذى غصة فيذكرون انهم كانوا يخيرون الغصص فى الدنيا بالشراب فيستغيثون بالشراب فيرفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد فاذا دنت من وجوههم شوت وجوههم فاذا دخلت فى بطونهم الحديث و روى احمد و الترمذي و ابن حبان و الحاكم و البيهقي عن ابى سعيد الخدري مرفوعا فى قوله تعالى وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ قال تعسكر؟؟؟ الزيت فاذا قرب اليه سقطت فروة وجهه فيه الحديث و قال كعب الأحبار ان واد من اودية جهنم يجتمع فيه صديد اهل النار فينطلق به فى الاغلال فيغمسون فى ذلك الوادي حتى يتخلع او صالهم ثم يخرجون منه و قد أحدث اللّه لهم خلقا جديدا فيلقون فى النار فذلك قوله تعالى ليطوفون بينها و بين حميم ان. ٤٥ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فان التكذيب بآلاء اللّه يوجب التعذيب قيل من قوله تعالى كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ الى هاهنا مواعظ و مزاجر و تخويف و كل ذلك نعمة من اللّه لانها يزجر من المعاصي و الظاهر ان هذا القول تكلف و المراد بالآلاء كل نعمة لواحد منهم من الإيجاد و الإبقاء و الترزيق و الهداية و نحو ذلك أورد اللّه سبحانه التوبيخ بهذه الاية فى هذه السورة احدى و ثلثين مرة ثمانى مرة بعد ذكر عجائب الخلقة و بدائع الصنعة على عدد الصفات الثمانية الحقيقية للّه تعالى الى قوله كل يوم هو فى شان و تنبيها على انه لا ينبغى تكذيب آلاء من هذا شانه فى الخلق و القدرة و سبع مرات عدد أبواب جهنم بعد ذكر الوعيدات من قوله سنفرغ لكم الى قوله يطوفون بينها و بين حميم ان تنبيها على انه لا ينبغى كفران آلاء قادر فتقم كذلك خوفا من انتقامه و ثمانى مرات بعد ذكر نعيم الجنة عدد أبواب الجنة و كذلك ثمان اخر بعد ذكر جنته اخرى تنبيها على انه لا ينبغى كفران آلاء قادر منعم كذلك طمعا فى انعامه و اللّه تعالى اعلم اخرج ابن ابى حاتم و ابو الشيخ فى كتاب العظمة عن عطاء ان أبا بكر الصديق رض فكر ذات يوم فى القيامة و الموازين و الجنة و النار فقال وددت انى كنت خضرا من هذه الخضر يأتي على بهيمة تأكلني و انى لم اخلق فنزلت. ٤٦ وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ الاية و اخرج ابن ابى حاتم عن ابن سوذب قال نزلت هذه الاية فى ابى بكر الصديق و المقام اما ظرف و المعنى خاف الموقف الذي يقف فيه العباد للحساب او موقف القائم عند ربه للحساب و قال قتادة ان المؤمنين خافوا ذلك المقام تعملوا للّه و دانوا بالليل و النهار او مصدر ميمى و المعنى خاف قيام ربه على أحواله من قام عليه إذا راقبه كما فى قوله تعالى أ فمن هو قائم على كل نفس بما كسبت او قيامه عند ربه للحساب فالاضافة الى الرب للتفخيم و التهويل و قيل لفظ المقام مقحم و المعنى لمن خاف ربه جنتان مبتدا خبره لمن خاف او فاعل للظرف و الجملة الظرفية معطوفة على قوله يرسل عليكما شواظ من نار فانها مع ما يليها بيان الجزاء للشرار و هذه مع ما بعدها بيان الجزاء للخيار و كلتاهما بيان لقوله تعالى سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ الذي هو خبر للرحمن قال الضحاك هذا يعنى الانعام بالجنتين لمن راقب اللّه فى السر و العلانية بعلمه ما عرض له من محرم تركه من خشية اللّه تعالى و ما عمل من خير افضى به الى اللّه تعالى لا يحب ان يطلع عليه أحد و الاية تحتمل المعنيين أحدهما و هو الظاهران لمجموعهم جنتان قال مقاتل جنته عدن و جنة نعيم و قيل جنة للخائفين من الانس و جنة للخائفين من الجن فان الخطاب للفريقين و ثانيهما ان لكل واحد من الخائفين جنتان قال محمد بن على الترمذي جنة لخوفه ربه و جنة لتركه شهوته و قيل جنة بعقيدته و اخرى لعمله او جنة يثاب بها و اخرى يتفضل بها عليه و هذا التأويل مستبعد جد و يلزم منه ان يكون عدد الجنات على ضعف عدد الخائفين بل على ضعف ضعفهم لان قوله تعالى و من دونهما جنتان معطوف على هذه الجملة فيكون لكل واحد ممن خاف مقام ربه اربع جنات و قد ورد فى الأحاديث ان الجنات كلها اربعة عن ابى موسى الأشعري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جنتان من فضة آنيتها و ما فيها و جنتان من ذهب آنيتها و ما فيها و ما بين القوم و ان ينظروا الى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه فى جنة عدن رواه الشيخان فى الصحيحين و رواه البغوي عن عبد اللّه بن قيس عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و روى احمد و الطيالسي و البيهقي عن ابى موسى مرفوعا بلفظ جنات الفردوس اربع جنات من ذهب حليهما و آنيتهما و ما فيهما و جنتان من فضة حليهما و آنيتهما و ما فيهما و ما بينهم ان ينظروا ربهم الحديث نحوه روى البغوي بسنده عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من خاف ادلج و من ادلج بلغ الا ان سلعة اللّه غالية الا ان سلعة اللّه الجنة ورد ايضا بسنده عن ابى الدرداء انه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول و لمن خاف مقام ربه جنتان فقلت و ان زنى و ان سرق يا رسول اللّه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لمن خاف مقام ربه جنتان فقلت الثالثة و ان زنى و ان سرق يا رسول اللّه قال و ان رغم انف ابى الدرداء. ٤٧ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ. ٤٨ ذَواتا واصله ذو و للمذكر و ذات أصله ذوات للمؤنث و تثنته ذواتا على الأصل و يقال فى الجمع ايضا ذوات تخفيفا و لا يستعمل شيئا منها الا مضافا فانها وضعت ليتوصل بها الى الوصف بأسماء أجناس و هاهنا صفة للجنتان أَفْنانٍ جمع فنن و هى الغصنة التي يتشعب من فروع الشجر و تخصيصها بالذكر لانها تورق و تثمر و تمد الظل و هو قول مجاهد و الكلبي و قال عكرمة ظل الاغصان على الحيطان قال الحسن ذواتا ظلال او جمع فن و المراد به ألوان الفواكه و انواع الأشجار و الثمار من قولهم افنن فلان فى حديثه إذا أخذ فى فنون منه و ضروب و هو قول سعيد بن جبير و الضحاك و المروي عن ابن عباس. ٤٩ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٥٠ فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ حيث شاؤا الى الا عالى و الأسافل و الجملة صفة لجنتان يعنى فى كل واحدة من الجنة عين يعنى شى ء من هذا الجنس لا ان فى كل واحدة منهما او فى مجموعهما عينان فحسب لا مزيد عليهما و كيف قد قال اللّه تعالى فيها انهار من ماء غير أسن و انهار من لبن لم يتغير طعمه و انهار من خمر لذة للشاربين و انهار من عسل مصفى فلا بد ان يكون من كل نوع من الأنواع الاربعة أنهارا كثيرة و ذكر البغوي عن الحسن قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اربع عيون فى الجنة عينان تجريان من تحت العرش التي ذكرها اللّه تعالى يفجرونها تفجيرا و الاخرى الزنجبيل و الأخريان نضاختان من فوق إحداهما التي ذكر سلسبيلا و الاخرى التسنيم. ٥١ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٥٢ فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ صنفان غريب و معروف و قيل رطب و يابس و الجملة صفة اخرى لجنتان قال البغوي قال ابن عباس ما فى الدنيا ثمرة حلوة و لا مرة الا و هى فى الجنة حتى الحنظل الا انه حلو كذا اخرج ابن ابى حاتم و ابن المنذر عنه و اخرج ابن جرير و ابن ابى حاتم فى مسنده و هناد فى الزهد و البيهقي عن ابن عباس قال ليس فى الدنيا مما فى الجنة الا الأسماء. ٥٣ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٥٤ مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ منصوب على المدح لمن خاف او حال منه لان فى معنى الجمع بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ط صفة لفرش و الإستبرق ما غلظ من الديباج اخرج ابن جرير و ابن ابى حاتم و البيهقي عن ابن مسعود قال أخبرتم بالبطائن فيكف بالظواهر و ذكر البغوي نحوه عنه و عن ابى هريرة و اخرج ابو نعيم عن سعيد بن جبير قال ظواهرها من نور جامد و ذكر البغوي انه قيل لسعيد بن جبير البطائن من إستبرق فما لظواهر قال هذا كما قال اللّه عز و جل فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين و ذكر البغوي عن ابن عباس قال وصف البطائن و ترك الظواهر لانه ليس فى الأرض أحد يعرف ما الظواهر وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ حال من الضمير المستتر فى لمن خاف اسم بمعنى مجنى و هو ما يجتنى من الثمار يعنى ثمارها دانية لا يصعب تناولها و اخرج سعيد بن المنصور و البيهقي و هناد عن البراء بن عازب فى قوله تعالى وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا قال ان اهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة قياما و قعودا او مضطجعين على اى حال شاؤا و ذكر البغوي عن ابن عباس قال تدنو الشجرة حتى يجتنبها ولى اللّه إنشاء قائما و ان شاء قاعدا و ذكر عن قتادة انه قال لا ترد أيديهم عنها بعد و لا شوك. ٥٥ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فِيهِنَّ اى فى أماكن الجنة و قصورها التي دلت عليها الجنتان او فى هذه الالاء المعدودة ٥٦ من الجنتين و العينين و الفواكه و الفرش قاصِراتُ الطَّرْفِ اى نساء قصرت أبصارهن على أزواجهن كذا اخرج البيهقي عن مجاهد لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَ لا جَانٌّ اى لم يجامع الا نسيان انس و لا الجنيات جن و اصل الطمث الدم و منه يقال للحيض اخرج ابن ابى حاتم و البيهقي من طرق ابن ابى طلحة عن ابن عباس فى قوله تعالى لَمْ يَطْمِثْهُنَّ قال لم يدمهن يعنى بالجماع جملة لم يطمثهن حال من قاصرات الطرف و هو فاعل للظرف المستقر و الجملة الظرفية صفة للجنتان و قال الزجاج و غيره فيه دليل على ان الجن يتغشى كما يتغشى الانس و قال مجاهد إذا جامع الرجل فلم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه قال مقاتل فى قوله تعالى لم يطمثهن انس قبلهم و لا جان لانهن خلقن فى الجنة فعلى قوله هؤلاء ... من حور الجنة و اخرج سعيد بن منصور و البيهقي عن الشعبي قال هن نساء اهل الدنيا خلقهن اللّه فى الخلق الاخرى كما قال إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً لم يطمثهن حين عدن فى الخلق الاخر انس قبلهم و لا جان و ذكر البغوي قول الكلبي نحوه قرا ابو عمرو عن الكسائي لم يطمثهن بضم الميم و ابو الحارث عنه فى الثاني كذلك قال الداني هذه قراءتى و الذي نص عليه ابو الحارث كرواية الدوري و قال البغوي قرا الكسائي إحداهما بالضم فان كسر الاولى ضم الثانية و و ان ضم الاولى كسر الثانية لما روى ابو اسحق السبيعي قال كنت أصلي خلف اصحاب على رض ... فاسمعهم يقرؤن لم يطمثهن بالرفع يعنى بالضم و كنت أصلي خلف اصحاب عبد اللّه بن مسعود فاسمعهم يقرؤن بكسر الميم فكان الكسائي يضم إحداهما و يكسر الاخرى لئلا يخرج عن هذين الأثرين و قرا الجمهور بكسر الميم. ٥٧ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٥٨ كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَ الْمَرْجانُ قال مرادف للجملة السابقة اخرج البيهقي عن ابى صالح و السدى فى هذه الاية قال بياض اللؤلؤ و صفاء الياقوت و المرجان قال صفاء لهن كصفاء الدر فى الاصداف و الذي لا تمسه الأيدي و ذكر البغوي عن قتادة قال صفاء الياقوت فى بياض المرجان عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أول زمرة يلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر لا يتفلون فيها و لا يتمخطون و لا يتغوطون و فى رواية لا يسقمون آنيتهم و امشالمهم من الذهب و الفضة و مجامرهم من الالوة و رشحهم المسك و لكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن و لا اختلاف بينهم و لا تباغض قلوبهم على قلب واحد يسبحون اللّه بكرة و عشيا متفق عليه و اخرج الترمذي و صححه هو و البيهقي عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أول زمرة تدخل الجنة كالقمر ليلة البدر و الزمرة الثانية كاحسن كوكب درى فى السماء لكل امرأ منهم زوجتان على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقهن من وراء الحلل و اخرج الطبراني و البيهقي عن ابن مسعود قال ان المرأة من الحور العين ليرى مخ ساقها من وراء اللحم و العظم من تحت سبعين حلة كما يرى الشراب الأحمر فى الزجاجة البيضاء و ذكر البغوي نحوه عن عمر بن ميمون و اخرج احمد و ابن حيان و البيهقي عن ابى سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه و سلم كانهن الياقوت و المرجان قال ينظر الى وجهها فى خدرها أصفى من المرآة و لان ادنى لؤلؤ عليها لتضى ء ما بين المشرق و المغرب و انه يكون عليها سبعون ثوبا ينقدها بصرة فيرى مخ ساقها من وراء ذلك و روى البغوي بسنده عن ابن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه و سلم ان المرأة من اهل الجنة ليرى ساقها من وراء سبعين حلة من حرير و مخها ان اللّه يقول كانهن الياقوت و المرجان فاما الياقوت فانه حجر لو دخلت فيه سلكا ثم ستصفيته لرايته من ورائه. ٥٩ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٦٠ هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ فى العمل فى الدنيا إِلَّا الْإِحْسانُ فى الثواب فى الاخرة روى البغوي بسنده عن انس قال قرا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هل جزاء الإحسان الا الإحسان ثم قال هل تدرون ما قال ربكم قالوا اللّه و رسوله اعلم قال عليه السلام يقول اللّه عز و جل هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد الا الجنة و قال ابن عباس هل جزاء من قال لا اله الا اللّه و عمل بما جاء به محمد صلى اللّه عليه و سلم الا الجنة. ٦١ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٦٢ وَ مِنْ دُونِهِما اى الجنتين المذكورين جَنَّتانِ عطف على جنتان و قوله تعالى لمن خاف مقام ربه جنتان عطف المفرد على المفرد و من دونهما حال مقدم عليه و المعنى لمن خاف مقام ربه اربع جنات و لم يفعل هكذا ليدل على ان كون الأولين أفضل من الأخريين و جاز ان يكون من دونهما جنتان جملة معطوفة على جملة تقديره و من دونهما جنتان لاربابهما قال ابن عباس من دونهما فى الدرج و قال ابن زيد من دونهما فى الفضل قال ابو موسى جنتان من ذهب للسابقين و جنتان من فضة للتابعين رواه الحاكم و البيهقي عنه و اخرج البيهقي عن ابى موسى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال جنتان من ذهب للسابقين و جنتان من ورق لاصحاب اليمين كذا ذكر البغوي قول ابن جريج و اخرج البيهقي عن ابن عباس قال كان عرش اللّه تعالى على الماء ثم اتخذ لنفسه جنة ثم اتخذ فيها اخرى ثم اطبقها بلؤلؤ واحدة قال و من دونهما جنتان قال البغوي و قال الكسائي من دونهما اى امامهما و قبلهما يدل عليه قول الضحاك الجنتان من ذهب و الأخريان من ياقوت. ٦٣ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ. ٦٤ مُدْهامَّتانِ اى خضرا و ان تضربان الى السواد من شدة الخضرة فيه اشعار بان الغالب على هاتين الجنتين النبات و الرياحين المنبسطة على الأرض و على الأولين الأشجار و الفواكه دلالة على ما بينهما من التفاوت. ٦٥ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٦٦ فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ اى فوارتان بالماء و هو ايضا اقل مما وصف به الأولين لانه ذكر هناك تجريان يعنى من فوق من العرش و هاهنا نضاختان من تحت اخرج ابن ابى حاتم عن البراء بن عازب قال عينان تجريان هما خير من نضاختان. ٦٧ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٦٨ فِيهِما فاكِهَةٌ وَ نَخْلٌ وَ رُمَّانٌ قال بعضهم ليس النخل و الرمان من الفاكهة فان العطف يدل على المغايرة و الفاكهة ما يقصد منها التفكه لا غير و ثمرة النخل غذاء و ثمر الرمان دواع و لهذا قال ابو حنيفة من حلف لا يأكل فاكهة فاكل رطبا او رمانا لا يحنث و قال أكثرهم هما من الفاكهة و انما عطف تخصيصها بعد تعميم لمزيد فضلها كما عطف جبرئيل و ميكائيل على الملائكة روى البغوي بسنده عن ابن عباس قال نخل الجنة جذوعها زمرد اخضر ورقها ذهب احمر سعفها كسوة لاهل الجنة منها مقطعاتهم و حللّهم و ثمرها أمثال القلال او الدلاء أشد بياضا من اللبن و احلى من العسل و ألين من الزبد ليس له عجم و اخرج ابن ابى الدنيا عن ابن عباس قال ان التمر من ثمر الجنة طولها اثنى عشر ذراعا ليس لها عجم و اخرج ايضا عنه قال الرمانة من رمان الجنة يجتمع حولها بشر كثير يأكلون منها فاذا جرى على ذكر أحدهم شى ء يريده و جده فى موضع يره حيث يأكل و اخرج ابن ابى حاتم عن ابى سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال نظرت الجنة فاذا الرمانة من رمانها مثل البعير المقتب. ٦٩ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٧٠ فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ ج اى خيرات بالتشديد فخففت لان خير الذي بمعنى أخير لا يجمع و الجملة صفة اخرى لجنتان اى فى أماكنها و قصورها قال البغوي روى الحسن عن أبيه عن أم سلمة قال قلت يا رسول اللّه أخبرني عن قوله تعالى خيرات حسان قال خيرات الأخلاق حسان الوجوه رواه الطبراني و اخرج ابن المبارك عن الأوزاعي قال خيرات بذيات اللسان و لا يعزن و لا يوذين. ٧١ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ. ٧٢ حُورٌ و حوراء بالتحريك ان تشتد بياض العين و سواد سوادها و تشتد سود حدقتها و و برق جفونها و يبيض ما حولها الا شدة بياضها و سوادها فى شدة بياض الجسد او اسود او العين كلها مثل الظباء و لا يكون فى بنى آدم بل يستعار لها كذا فى القاموس اخرج البيهقي عن أم سلمة قال قلت يا رسول اللّه أخبرني من قول اللّه تعالى حور عين قال بياض اضخام شعر العين بمنزلة الحوراء جناح النسر و اخرج ابن ابى الدنيا عن ابن عمر قال لشفرات من حور العين أطول من جناح النسر و اخرج الطبراني عن ابى امامة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلق الحور العين من الزعفران و اخرج البيهقي مثله عن انس مرفوعا و عن ابن عباس و مجاهد موقوفا و اخرج ابن المبارك عن زيد بن اسلم قال ان اللّه تبارك تعالى لا يخلق الحور العين من تراب انما خلقهن من مسك و كافور و زعفران و اخرج ابن ابى الدنيا عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لو ان حورا بزقت فى بحر لعذب ذلك البحر من عذوبة ريقها و اخرج عن ابن عباس قال ان امرأة من نساء اهل الجنة لو بصقت فى سبعة أبحر لكانت تلك الأبحر كلها احلى من العسل و عن انس عن النبي صلى اللّه عليه و سلم لقاب قوس أحدكم فى الجنة خير من الدنيا و ما فيها و لو ان امراة من نساء الجنة اطلعت الى الأرض لاضاءت ما بينها و لملات ما بينها ريحا و لنصيفها على راسها خير من الدنيا و ما فيها رواه البخاري و اخرج ابن ابى الدنيا عن كعب لو ان يدا؟؟؟ من الحور دليت من السماء لاضاءت بها الأرض كما يضى ء الشمس لاهل الدنيا مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ ج يعنى محبوسات مستورات فى الحجال قال البغوي قصرن طرفهن و انفسهن على أزواجهن فلا تبغين بهم بدلا و روى البيهقي عن مجاهد فى هذه الاية قال محبوسات لا يبرحنه و الخيمة لؤلؤة و قضة و اخرج البيهقي عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لما اسرى بي دخلت الجنة موضعا يسمى البيدح عليه خيام اللؤلؤ و الزبرجد الأصفر و الياقوت الأحمر فقلن السلام عليك يا رسول اللّه قلت يا جبرئيل ما هذا النداء قال هؤلاء المقصورات فى الخيام استاذن ربهن فى السلام عليك فاذن لهن فطفقن يقلن نحن الراضيات فلا نسخط ابدا و نحن الخالدات فلا نظعن ابدا و قرا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حور مقصورات فى الخيام و الخيام جمع خيمة روى البغوي بسنده عن عبد اللّه بن قيس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ان فى الجنة خيمة من لؤلؤ مجوفه عرضها ستون ميلا فى كل زاوية منها اهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمنون و فى الصحيحين نحوه عن ابى موسى الأشعري مرفوعا و اخرج ابن ابى الدنيا و البيهقي عن ابن عباس قال الخيمة درة مجوفة فرسخ فى فرسخ لها اربعة آلاف مضارع من ذهب و اخرج ابن جرير و ابن ابى حاتم عن ابن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه و سلم الخيام درة مجوفة و اخرج مثله عن عمر موقوفا و ابن جرير مثله عن ابى مجلز مرسلا و قال ابن ابى حاتم عن ابى الدرداء قال الخيمة لؤلؤة فيها سبعون بابا من در و اخرج هناد عن عمر بن ميمون قال الخيمة در مجوفة و مثله عن مجاهد و ابن احوص و اخرج ابن ابى حاتم و ابن ابى الدنيا عن ابن مسور لكل مسلم خيرة و لكل خيرة خيمة و لكل خيمة اربعة أبواب ندخل عليه كل يوم تحفة و كرامة و هدية لم يكن قبل ذلك لا مرحات و لا طمحات و لا بخرات و لا دفرات حور عين كانهن بيض مكنون. ٧٣ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٧٤ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ يعنى قبل اصحاب الجنتين دل عليهم ذكر الجنتين وَ لا جَانٌّ ٧٥ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (فائدة) نساء الدنيا خير من الحور العين لحديث اخرج البيهقي عن أم سلمة قالت قلت يا رسول اللّه نساء الدنيا أفضل أم حور العين قال نساء الدنيا أفضل من حور العين كفضل الظهارة على البطانة قلت و بم ذلك قال بصلوتهن و صيامهن البس اللّه وجوههن النور و أجسادهن الحرير بيض الألوان خضر الثياب صفر الحلي مجامرهن الدر و امشاطهن الذهب يقلن الا نحن الخالدات فلا نموت ابدا الا نحن الناعمات فلا نبأس ابدا الا نحن المقيمات فلا نطقن ابدا و نحن الراضيات فلا نسخط ابدا طوبى لمن كنا له و كان لنا قلت يا رسول اللّه المرأة تزوج الزوجين و الثلاثة و الاربعة فى الدنيا ثم تموت فتدخل الجنة و يدخلون معها من يكون زوجها منهم قال انها تخير فتختار أحسنهم خلقا فى دار الدنيا فزوجته إياه فقالت أم سلمة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا و الاخرة و اخرج هناد عن حيان بن جبلة قال ان نساء اهل الجنة إذا دخلن الجنة فضلن على الحور العين بأعمالهم فى الدنيا-. ٧٦ مُتَّكِئِينَ حال من قوله و لمن خاف مقام ربه و المعنى لمن خاف مقام ربه جنتان كذا حال كونهم متكئين فيها على كذا لهم من دون هاتين الجنتين جنتان أخريان كذا حال كونهم متكئين على كذا او حال من أربابهما المقدر يعنى حال كون أربابهما متكئين عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ فى القاموس الرفرف ثياب خضر يتخذ منها المجالس و بسط و فضول المجالس الفرش و الوسادة و فى الصحاح ضرب من الثياب شبه بالرياض و قيل طرف الفسطاط و الخباء الواقع على الأرض دون الاطناب و الأوتاد و اخرج البيهقي من طريق ابى طلحة عن ابن عباس فى قوله تعالى رفرف خضر قال المجالس و اخرج هناد و البيهقي عن سعيد بن جبير قال رياض الجنة قال البغوي قيل الرفرف البسط و هو قول الحسن و مقاتل و القرطبي روى العوفى عن ابن عباس قال الرفرف فضول المجالس و البسط و قال قتادة هو مجالس خضر فوق الفرش و قال ابن كيسان هى المرافق و قال ابن عيينة الزرابي و قال غيره كل ثوب عريض عند العرب فهو رفرف وَ عَبْقَرِيٍّ حِسانٍ ج عطف على خضر فى القاموس عبقر موضع كثير الجن و ثيابها غاية الحسن و لا و العبقري الكامل من كل شى ء و السيد و الذي ليس فوقه شى ء و الشديد و ضرب من البسط و قال البيضاوي منسوب الى عبقر يزعم العرب انه اسم بلد الجن فينسيون اليه كل شى ء عجيب و المراد به الجنس و لذلك جمع حسان حملا على المعنى و كذا ذكر فى الصحاح و اخرج البيهقي عن ابن عباس عبقرى حسان قال الزرابي قال القتيبي كل ثوب موشى عند العرب عبقرى و قال ابو عبيدة هو منسوب الى الأرض يعمل بها الوشي قال الخليل كل جليل نفيس فاخر من الرجال و غيرهم عند العرب عبقرى و منه قول النبي صلى اللّه عليه و سلم فى عمر رض فلم ار عبقر يا يفرى فريه. ٧٧ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٧٨ تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ قرأ ابن عامر ذو الجلال بالواو اجراء على الاسم و الباقون بالياء و المعنى انه تعالى اسمه من حيث انه مطلق على ذاته فما ظنك بذاته و قيل الاسم بمعنى الصفة او مقحم روى البغوي بسنده عن عائشة قالت كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا اسلم من الصلاة لم يقعد الا مقدار ما يقول اللّهم أنت السلام و منك السلام تبارك يا ذى الجلال و الإكرام و روى مسلم ايضا. |
﴿ ٠ ﴾