٤ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ الرقبة و لا يقدر على اكتسابها بالشراء اما بفقد قيمتها او بفقد رقبة يمكن تملكها بالشراء او لكون ماله مشغولا بالدين او محتاجا اليه لنفقته او لنفقة عياله عند ابى حنيفة و الشافعي و احمد خلافا لمالك و الأوزاعي فعندهما من ملك قيمة رقبة و يمكنه شراها يلزمه الاعتاق و ان كانت قيمة مشغولة بدينه او محتاجا اليه لنفقته و لا يجوز له الانتقال الى الصوم لنا انه مشغول بحاجة الاصلية فكانه ليس فى ملكه (مسئله) و من كانت له رقبة لكنه محتاج الى خدمته فعند الشافعي و احمد له ان ينتقل الى الصوم اعتبارا بالماء المعد للعطش يجوز له التيمم و المال المشغول بالدين و عندنا يلزمه الاعتاق و لا يجوز الانتقال الى الصوم و الفرق لنا ان الماء مامور بامساكه لعطشه و استعماله محظور عليه و كذا الدين مامور بادائه بخلاف الخادم فانه غير مامور بامساكه لخدمته (مسئله) المعتبر اليسار و العسار وقت التكفير اى الأداء و به قال مالك و قال احمد و الظاهرية وقت الوجوب و للشافعى اقوال كالقولين و الثالث يعتبرا غلظ الحالين فَصِيامُ شَهْرَيْنِ اى فعليه صيام شهرين ليس فيها رمضان و لا يوم الفطر و النحر و ايام التشريق لان صوم رمضان لا يقع من الظهار لما فيه من ابطال ما أوجبه اللّه و صوم الأيام المنهية لا ينوب عن الوجوب الكامل و قد قيد اللّه تعالى مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ط فان فاتت التتابع بعذرا و بلا عذر يجب الاستيناف اجماعا و ان وطى المظاهر فى خلال الشهرين ليلا عامدا او نهارا ناسيا لا يجب الاستيناف عند الشافعي و ابى يوسف رحمهما اللّه تعالى و هى رواية عن احمد لعدم فوات التتابع و هو الشرط و ان كان تقديمه على المسيس شرطا ففى عدم الاستيناف تقديم البعض و فى الاستيناف تأخيرا لكل عنه و قال ابو حنيفة و مالك و احمد فى اظهر رواية يستانف لان الشرط فى الصوم ان يكون قبل المسيس و ان يكون خاليا عن الجماع فيستانف فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الصيام لمرض او كبرا و فرط شهوة لا يصبر عن الجماع او خوف حدوث مرض فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ط كل مسكين مدان عند اهل العراق و هو نصف صاع من اى جنس كان قال البغوي يروى ذلك عن عمرو على و عند ابى حنيفة نصف صاع من بر او صاع من شعيرا و تمرو هو قول الشعبي و النخعي و سعيد بن جبير و الحاكم و مجاهد و الكرخي بإسناده الى مجاهد انه قال كل كفارة فى القران فهو نصف صاع من برو قال مالك مد و هو رطلان بالبغدادي و قال احمد مد بغدادى من حنطة او دقيق و مدان من شعيرا و تمر و رطلان من خبزاى خبز حنطة و قال الشافعي مد بمد النبي صلى اللّه عليه و سلم و هو رطل و ثلث رطل من غالب قوت البلد روى ابن الجوزي فى التحقيق بسنده عن سليمان بن يسار قال أدركت الناس و هم يعطون فى طعام المساكين مدا مدا و يروى ان ذلك يجزى عنهم و الحجة لابى حنيفة مامر من حديث سلمة بن صخر و فيه اطعم منك و سقا من تمر ستين مسكينا لكن الحديث منقطع كما ذكرنا و قد روى الترمذي من حديث ابى سلمة ان سلمة بن صخر البياضي جعل امرأته كظهر امه حتى يمضى رمضان الحديث و فيه قال اطعم ستين مسكينا قال لا أجد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لعروة بن عمر و اعطه الفرق و هو مكتل يأخذ خمسة عشر صاعا ليطعم ستين مسكينا و يمكن ان يقال ان قوله و هو مكتل يأخذ خمسة عشر صاعا او ستة عشر صاعا من كلام الراوي و المرفوع انما هو أعطه الفرق و الفرق فى اللغة الزنبيل سواء كان صغيرا او كبيرا و عند الطبراني فى حديث أوس بن الصامت قال فاطعم ستين مسكينا ثلثين صاعا قال لا املك ذلك الا ان تعينينى فاعانه النبي صلى اللّه عليه و سلم بخمسة عشر صاعا و أعانه الناس حتى بلغ ثلثين صاعا و روى ابو داود عن خولة بنت مالك قالت ظاهر منى زوجى أوس بن الصامت فجئت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أشكو اليه و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يجادلنى فيه و يقول اتقى اللّه فانه ابن عمك فما برحت حتى نزل القران قد سمع اللّه قول التي تجادلك الاية فقال يعتق رقبة فقلت لا يجد فقال يصوم شهرين متتابعين قلت يا رسول اللّه انه شيخ كبير ما به من صيام قال فيطعم ستين مسكينا قلت ما عنده شى ء يتصدق به قال فانى ساعينه بفرق من تمر قلت يا رسول اللّه و انى ساعينه بفرق من تمر قلت يا رسول اللّه انى ساعينه بفرق اخر قال قد أحسنت فاذهبى فاطعمى هما عنه ستين مسكينا و ارجعي الى ابن عمك قال و الفرق ستون صاعا و قيل هو مكتل يسع ثلثين صاعا قال ابو داود و هذا أصح قال ابن همام وجه الاصحية انه لو كان ستين لم يحتج الى معاونتها بفرق اخرى فى الكفارة و احتج الشافعي و من معه بحديث ابى هريرة فى كفارة الصوم جاء رجل الى النبي صلى اللّه عليه و سلم أفطر فى رمضان الحديث قال فاتى بفرق قدر خمسة عشر صاعا قال كله أنت و أهلك و صم يوما و استغفر اللّه رواه ابو داود من طريق هشام بن سعد عن ابى سلمة بن عبد الرحمن عنه و هشام بن سعد ضعفه النسائي و غيره و رواه ابو داود من حديث اسمعيل قال وقعت امرأتى الحديث و فيه قال خمسة عشر صاعا و كذا وقع فى رواية ابن ابى حفصة و مومل قال البخاري منكر الحديث لكن قال الذهبي و محمد بن ابى حفصة او سلمة ضعفه النسائي و غيره و قواه غير واحد و فى رواية حجاج بن ارطاة عن الزهري عند الدارقطني بخمسة عشر صاعا فقال أطعمه ستين مسكينا و حجاج بن ارطاة ضعيف مدلس و روى عبد اللّه بن احمد عن أبيه عن يحى انه لم ير الزهري و يؤيد هذا الحديث حديث على رض عند الدارقطني يطعم ستين مسكينا لكل مسكين مدو فيه فان بخمسة عشر صاعا فقال أطعمه ستين قلنا قال البخاري فى الحديث اضطراب ففى بعض الروايات خمسة عشر صاعا و عند ابن خزيمة من طريق مهران خمسة عشر او عشرون فى الصحيحين ذكر حديث ابى هريرة و ليس فيه تقدير الصيعان بل فيه اتى بفرق فيه تمرو الفرق المكتل الضخم و فى مرسل سعيد بن المسيب ما بين خمسة عشر الى عشرين و فيه عطاء الخراسانى ذكره العقيلي فى الضعفاء و قال البخاري عامة أحاديثه مقلوبة و فى بعض الروايات عشرون صاعا بالجزم كذا عند الدارمي فى مرسل سعيد بن المسيب و فى حديث عائشة عند ابن خزيمة اتى بفرق فيه عشرون صاعا و هذه الأحاديث واردة فى كفارة الصوم ما احتج به ابو حنيفة وارد فيما نحن فيه و الشافعي رحمه اللّه تعالى ذهب الى اقل ما ورد فى مقدار الطعام احتياطا و لكن أصح ما ورد فى تقدير طعام المسكين حديث كعب بن عجرة الذي ذكرناه فى سورة البقر فى تفسير قوله تعالى فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ او نسك رواه الشيخان فى الصحيحين و فيه امره رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان يطعم فرقا بين ستة مساكين او يهدى شاة او يصوم ثلثة ايام و الفرق ثلثة أصوع و فى هذا الحديث عند الطبراني لكل مسكين نصف صاع تمر و لاحمد عن نهر نصف صاع طعام و لبشر بن عمر عن شعبة نصف صاع حنطة و رواية الحكم عن ابن ابى ليلى يقتضى نصف صاع من زبيب فانه قال يطعم فرقا من زبيب بين ستة مسالكين قال ابن حزم لا بد من ترجيح احدى الروايات لانها قصة واحدة فى مقام واحد قال الحافظ المحفوظ عن شعبة نصف صاع من طعام و الاختلاف على كونه تمر او حنطة لعله من تصرف الرواة اما الزبيب فلم أره الا فى رواية الحكم و قد أخرجها ابو داود و فى اسناده ابو اسحق و هو فى المغازي لا فى الاحكام إذا خالف و قيل المحفوظ رواية التمر فقد وقع الجزم بها عند مسلم من طريق ابى قلابة و لم يختلف فيه على ابى قلابة و كذا اخرج الطبراني من طريق الشعبي عن كعب و قال الحافظ و ما وقع فى بعض النسخ عند مسلم لكل مسكين صاع تحريف فمن دون مسلم و الصواب ما فى النسخ الصحيحة لكل مسكين نصف صاع و لما كان الإطعام فى الاية مجملا فى مقدار الواجب و ما ورد من الأحاديث فى باب الظهار و الصوم مضطربة فى المقدار فالحمل على هذا الحديث الصحيح المتفق عليه اولى من الحمل على صدقة الفطر فان الأمر فيه بالأداء دون الإطعام فعلى هذا مذهب اهل العراق أقوى و مذهب ابى حنيفة أحوط و اللّه تعالى اعلم (مسئله) لو غداهم و عشاهم اكلتين مشبعتين بخبز حنطة و لو بغير ادام او بخبز شعير بادام سواء كانت غداء و عشاء او غدائين او عشائين بعد اتحاد ستين جاز و لو غدا ستين و عشا آخرين لم يجز و لو كان ممن اطعم صبيا فطيما او رجلا شبعان لم يجز و يشترط الإشباع قليلا أكلوا او كثيرا و لا يشترط التمليك خلافا للشافعى و لو اعطى مسكينا واحدا ستين يوما جاز عند ابى حنيفة خلافا للجمهور و قد مرت المسائل اختلافا و استدلالا فى كفارة اليمين فى سورة المائدة (فائدة) لم يذكر اللّه تعالى قيد من قبل ان يتماسا فى الإطعام كما ذكر فى أخويه و من هاهنا قال ابو حنيفة انه جامع المظاهر التي ظاهر منها فى خلال الإطعام لا يجب عليه الاستيناف لان اللّه سبحانه ما شرط فى الإطعام ان يكون قبل المسيس و نظر الى عدم تقيد الإطعام بقبلية المسيس قال مالك انه من أراد التكفير بالاطعام جاز له الوطي و الج مهور على انه لا يجوز له ذلك و الوطي قبله الجمهور على انه يجوز له ذلك و الوطي قبل التكفير حرام مطلقا لان الظهار موجب للحرمة و الكفارة سبب لازالة الحرمة فما لم توجد الكفارة لا يحل له الوطي سواء كانت بالاطعام او غير ذلك لعموم قوله صلى اللّه عليه و سلم فاعتزلها حتى يكفر فيما روى اصحاب السنن الاربعة عن ابن عباس رض ان رجلا ظاهر من امرأته فوقع عليها قبل ان يكفر فقال عليه السلام ما حملك على هذا قال رايت خلخالها فى ضوء القمر و فى لفظ بياض ساقيها قال فاعتزلها حتى تكفر قال الترمذي حديث حسن صحيح غريب قال المنذر رجاله ثقات مشهور سماع بعضهم عن بعض قال البغوي الإطلاق فى الطعام محمول على المقيد فى العتق و الصيام و هذا مبنى على أصلهم من حمل المطلق على المقيد قلت قوله تعالى من قبل ان يتماسا فى الاعتاق و الصيام ليس شرطا لجواز الكفارة و إلا لزم ان من جامع امرأته بعد الظهار قبل الكفارة ثم كفر بعد ذلك لا يجوز كفارته و لا تحل له المرأة بل هو بيان لحرمة الوطي قبل الكفارة و لعله سبحانه ترك القيد بعد الإطعام حذرا من التطويل و اكتفاء بما سبق فى أخويه و لم يقتصر على أحدهما لدفع توهم اختصاصه بالخصلة الاولى لو اقتصر عليه معها و توهم اختصاصه لو اقتصر معها فذكره مرتين تنبيه على ارادة تكريره مطلقا و اللّه تعالى اعلم (مسئله) لو جامع المظاهر قبل التكفير استغفر اللّه لوقوعه فى الحرم و يكفر بعد ذلك ليحصل له الحل بعد ذلك و يرتفع الحرمة الثابتة بالظهار و لا يجب عليه بالجماع قبل التكفير كفارة اخرى و قال بعض اهل العلم يجب عليه كفارتان لنا ما مر من حديث سلمة بن صخران النبي صلى اللّه عليه و سلم أمرها بكفارة واحدة بعد ما جامعها قبل التكفير و حديث ابن عباس مثل ذلك و روى الترمذي و ابن ماجة حديث سلمة بن صخر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فى مظاهر يواقع قبل ان يكفر قال كفارة واحدة و قال الترمذي حديث حسن غريب و قال مالك فى المؤطأ فيمن يظاهر ثم يمسها قبل ان يكفر يكف عنها حتى يستغفر اللّه و يكفر ثم قال و ذلك احسن ما سمعت ذلِكَ منصوب بفعل مقدر اى بينا ذلك الاحكام لِتُؤْمِنُوا بِاللّه وَ رَسُولِهِ ط ذكر اللّه سبحانه الايمان و أراد به شرايعه كما فى قوله تعالى ان اللّه لا يضيع ايمانكم اى صلوتكم يعنى لتعملوا بشرائع الإسلام ترفضوا ما كنتم عليه فى الجاهلية وَ تِلْكَ الكفارات حُدُودُ اللّه ط يمتنع بها المكلف عن إتيان المحرمات من الظهار و نحوه او المعنى تلك الاحكام حدود اللّه لا يجوز تعديها وَ لِلْكافِرِينَ الذين لا يقبلون احكام اللّه تعالى و لا يمتنعون عن المحرمات و يتجاوزون عن حدوده عَذابٌ أَلِيمٌ و هو نظير قوله تعالى و من كفر فان اللّه غنى عن العالمين. |
﴿ ٤ ﴾