سُورَةُ الْحَشْرِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ آيَةً مدنية و هى اربع و عشرون اية و ثلث ركوعات بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ _________________________________ ١ سَبَّحَ للّه ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٢ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ بيان للموصول يعنى بنى النضير كانوا من أولاد هارون عليه السلام مِنْ دِيارِهِمْ التي كانت لهم بالمدينة قال ابن اسحق كان اجلاء بنى نضير عند مرجع النبي صلى اللّه عليه و سلم من أحد و فتح قريظة عند مرجعه عن الأحزاب و بينهما سنتان و سبب إخراجهم ان النبي صلى اللّه عليه و سلم لما دخل المدينة صالح بنو النضير على ان لا تقاتلوه و لا تقاتلوهن معه فقبل ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم منهم فلما غزا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بدرا و ظهر على المشركين قالت بنو النضير و اللّه النبي الذي وجدنا نعته فى التوراة لا ترد له راية فلما غزا أحد و انهزم المسلمون ارتابوا و أظهروا العداوة لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و المؤمنين و نقضوا العهد الذي كان بينهم و بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ركب كعب بن الأشرف من بنى النضير فى أربعين راكبا من اليهود الى مكة فاتوا قريشا فحالفوهم و عاقدوهم على ان يكون كلمتهم واحدة على محمد و دخل ابو سفيان فى أربعين من قريش و كعب فى أربعين من اليهود المسجد و أخذ بعضهم على بعض الميثاق بين الأستار و الكعبة ثم رجع كعب و أصحابه الى المدينة فنزل جبرئيل فاخبر النبي صلى اللّه عليه و سلم بما تعاقد عليه كعب و ابو سفيان و امر النبي صلى اللّه عليه و سلم بقتل كعب بن الأشرف فقتله محمد بن مسلم ذكرنا قصة قتله فى سورة ال عمران فى قوله تعالى لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً و كان النبي صلى اللّه عليه و سلم اطلع منهم على خيانات منها انهم أرسلوا الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان اخرج إلينا فى ثلثين من أصحابك و ليخرج منا ثلثون حبرا حتى نلتقى بمكان نصف بيننا و بينك فسمعوا منك فان صدقوك و أمنوا بك أمنا بك كلنا فلما كان الغد غدا إليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى ثلثين من أصحابه و خرج اليه ثلثون حبرا من يهود حتى إذا برزوا فى براز من الأرض قال بعضهم لبعض كيف تخلصون اليه و معه ثلثون رجلا من أصحابه كلهم يحب ان يموت قبله فارسلوا اليه كيف نفهم و نحن ستون رجلا اخرج فى ثلثة من أصحابك و يخرج إليك ثلثة من علمائنا فيسمعون منك فان صدقوك و أمنوا بك أمنا بك فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى ثلثة من أصحابه و خرجت ثلثة من اليهود و اشتملوا على الخناجر و أرادوا الفتك برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فارسلت امرأة ناصحة من بنى النضير الى أخيها و هو رجل مسلم من الأنصار فاخبرته ما أراد بنو النضير من الغدر برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاقبل أخوها سريعا حتى أدرك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فساره بخبرهم قبل ان يصل إليهم فرجع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى المدينة روى القصة ابو داود و البيهقي و عبد ابن حميد و عبد الرزاق بإسناد صحيح و ذكروا حديثا طويلا و فيه ان بنى النضير فعلوا ذلك الغدر حين كتب إليهم قريش بعد وقعة بدر انكم اهل الحلقة و الحصون و انكم لتقاتلن صاحبنا او لتفعلن كذا و ذكر البغوي هذه القصة و قال بعد ذلك فلما كان الغد غدا إليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بالكتاب فحاصرهم احدى و عشرين ليلة و من خياناتهم ان النبي صلى اللّه عليه و سلم لما أتاهم يستعين فى دية الرجلين الذين قتلهما عمرو بن امية الضميري فى منصرفه من بيرمعونة فهمت اليهود ان يطرحوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حجرا من فوق الحصن فعصمه اللّه تعالى و أخبره به ذكرنا القصة فى سورة المائدة فى تفسير قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّه عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ الاية ذكر ابن حميد عن عكرمة ان اللّه سبحانه لما اخبر نبيه بذلك و رجع نبى اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى المدينة قال لهم كنانة بن صوريا هل تدرون لم قام محمد قالوا لا و اللّه ما ندرى و ما تدرى أنت قال بلى و التوراة انى لا درى قد اخبر محمد بما هممتم به من الغدر فلا تخدعوا أنفسكم و اللّه انه رسول اللّه و ما قام الا انه اخبر بما هممتم و انه لاخر الأنبياء و كنتم تطمعون ان يكون من بنى هارون فجعله اللّه حيث شاء و ان كتبنا و الذي درسنا فى التوراة التي لم تغير و لم تبدل ان مولده بمكة و ان دار هجرته يثرب وصفته بعينها ما يخالف حرفا مما فى كتابنا و لكانى انظر إليكم طاعنين يتضاعى صبيانكم قد تركتم دوركم خلوفا أموالكم و انما هى شرفكم فاطيعونى فى خصلتين و الثلاثة لا خير فيها قال مادبا؟؟؟ يسلمون و تدخلون مع محمد فتامنوا على أموالكم و أولادكم و تكونوا على ما عليه أصحابه و يبقى بايديكم أموالكم و لا تخرجون من دياركم قالوا لا نفارق التوراة و عهد موسى قال فانه مرسل إليكم اخرجوا من بلدي فقولوا نعم فانه لا يستحل لكم دما و لا مالا و يبقى أموالكم ان شئتم بعتم و ان شئتم امسكتم قالوا اما هذه فنعم قال سلام بن مشكم قد كنت لما صنعتم كارها و هو مرسل إلينا ان اخرجوا من دارى فلا تعقب ماضى ء كلامه و أنعم له بالخروج من بلده فلما دخل النبي صلى اللّه عليه و سلم المدينة أرسل الى محمد بن مسلمة فلما جاء قال اذهب الى اليهود بنى النضير فقل لهم ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أرسلني إليكم ان اخرجوا من بلدي فلما جائهم قال ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أرسلني برسالة و لست اذكرها لكم حتى أعرفكم بشى ء تعرفونه فقالوا ما هو فقال أنشدكم بالتوراة التي انزل على موسى هل تعلمون انى جئتكم قبل ان يبعث محمد صلى اللّه عليه و سلم و بينكم التوراة فقلتم لى فى مجالسكم هنايا ابن المسلم ان شئت ان نعذبك عذبناك و ان شئت نهودك هودناك فقلت بل عذبونى و لا تهودونى فانى و اللّه ما اتهود ابدا فعذبتمونى فى صفحة لكم و اللّه لكانى انظر إليها كانها جذعة فقلتم لى ما يمنعك من ديننا الا انه دين يهود كانك تريد الحنيفة التي سمعت بها اما ان أبا عامر الراهب ليس بصاحبها بل صاحبها الضحوك القتال فى عينيه حمرة و يأتي من قبل اليمن يركب البعير و يلبس الشملة و تجزى بالكسرة و سيفه على عاتقه ينطق بالحكمة كانه و سنحيكم هذه و اللّه ليكونن بقريتكم هذه سلب و قتل و مثل قالوا اللّهم نعم قد قلنا و ليس به فاقد فقلت ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أرسلني إليكم انكم قد نقضتم الذي جعلت لكم بما هممتم به من الغد ربى و أخبرهم بما كانوا هموا به و ظهور عمرو بن حجاش على البيت ليطرح عليه الصخرة و يقول اخرجوا من بلدي و قد أجلتكم عشرا فمن راى بعد ذلك ضربت عنقه فمكثوا على ذلك أياما يتجهزون و أرسلوا الى ظهرهم بالحد فبيناهم على ذلك إذا جائهم رسول عبد اللّه بن ابى بن سلول سويد و اعس فقالا يقول عبد اللّه بن ابى لا تخرجوا من دياركم و أموالكم و اقيموا مع حصونكم فان معى الفين من قومى و غيرهم من العرب يدخلون معكم حصنكم فيموتون من آخرهم قبل ان يوصل إليكم و يمدكم قريظة فانهم لم يخذ لو كم يمدكم حلفائكم من غطفان و أرسل ابن ابى كعب بن اسد القرظي يكلمه ان يمده أصحابه فقال لا ينقض رجل واحد العهد فيئس ابن ابى اخطب بن قريظة و أراد ان يلحم الأمر فيما بين النضير و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فلم يزل يرسل الى حيى بن اخطب فقال حيى انا أرسل الى محمدا علمه ان لا يخرج من ديارنا فليضع ما بدا له و طمع حيى فيما قال ابن ابى فقال له سلام بن مشكم لو لا ان يسفه رايك لاعتزلتك بمن أطاعني من يهود فلا تغفل يا حيى فو اللّه انك لتعلم و نعلم من معك انه لرسول اللّه و ان صفته عندنا و انما لم نتبعه لانا حسدناه حيث خرج النبوة من بنى هارون فلتقبل ما أعطانا من الأمر و تخرج من بلاده و قد عرفت انك حالفننى فى العذر به فاذا كان او ان التمر جئنا او جائنا الى تمرة او صنع ما بدا له ثم انصرف إلينا فلم يقبل حيى قوله و أرسل حيى أخاه جدى بن اخطب الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقوله انا لا نبرح من ديارنا و أموالنا فاصنع ما أنت صانع و امره ان يأتي ابن ابى فيخبره برسالته الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و يأمره ان يتعمل ما وعد من النضير فلما سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رسالة قول جدى بن اخطب اظهر التكبير و كبر المسلمون لتكبيره و قال حاربت يهود ثم دخل جدى على ابن ابى و هو فى بيته و معه نفر من جلسائه و قد نادى منادى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يأمرهم بالسير الى بنى النضير فدخل عبد اللّه بن عبد اللّه بن ابى على ابنه و على النضر الذين معه و عنده جدى بن اخطب فليس درعه و أخذ سيفه و خرج بعد فجاء جدى الى حيى فقال ما ورائك قال الشر ساعة أخبرت محمدا ما أرسلت به اظهر التكبير و قال حاربت يهود قال و جئت ابن ابى فلم ار عنده خبرا قال انا أرسل الى حلفاء من غطفان فيدخلون معكم فسار النبي صلى اللّه عليه و سلم الى بنى النضير و استخلف على المدينة ابن أم مكتوم و صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم العصر بفناء النضير فلما أراد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه قاموا على جدر حصونهم يرمون بالنبل و الحجارة و اعتزلهم بنو قريظة فلم يعينوهم فلما صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم العشاء رجع الى بيته فى عشرة من أصحابه استعمل على العسكر عليا و يقال أبا بكر و بات المسلمون يحاصرونهم حتى أصبحوا ثم اذن بلال فغدا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى أصحابه الذين كانوا معه فصلى بالناس فى قضاء بنى حطم فارسل حيى الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نحن نعطيك الذي سالت و نخرج من بلادك فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا اقبله اليوم و لكن اخرجوا منها و لكم ما حملت الإبل الا الحلفة فقال سلام بن مشكم اقبل ويحك قبل ان تقبل شرا من ذلك قال حيى ما يكون شرا من هذا قال يسبى الذرية و يقتل القاتل مع الأموال و الأموال أهون علينا فابى حيى ان يقبل يوما او يومين فلما راى ذلك يامين بن عمير و ابو سعيد ابن وهب قال أحدهما لصاحبه و اللّه انك لتعلم انه رسول اللّه فما تنظران نسلم فتامن على دمائنا و أموالنا فنزلا من الليل فاسلما و حرز أموالهما و دمائهما و حاصر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على قول محمد بن عمرو بن سعد و البلاذري و ابو معشر و ابن حبان خمسة عشر يوما و قال ابن اسحق و ابو عمرو ست ليال و قال سليمان التيمي قريبا من عشرين ليلة و قال ابن الطلاع ثلث و عشرين ليلة و عن عائشة خمسة و عشرين و كانوا فى حصارهم يخربون بيوتهم بايديهم مما يليهم و كان المسلمون يخربون بايديهم و يحرقون حتى وقع الصلح و نزلت اليهود على ان لهم ما حملت الإبل الا الحلقة و جعل ما بين الرجل من قيس عشرة دنانير و يقال خمسة اوسق من تمر حتى قتل عمرو بن حجاش غيلة فسر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال بنو النضير ان لنا ديونا على الناس فقال عليه السلام تعجلوا فكان لابى رافع على أسيد بن حضير عشرين و مائة دينارا الى سنة فصالحة على ثمانين فخرجت بنو النضير جملوا النساء و الذرية و ما استقلت به الإبل من الامتعة فكان الرجل يهدم بيته عن إيجاف بابه و قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الأموال و الحلقة فوجد خمسين درعا و خمسين بيضة و ثلاثمائة و أربعين سيفا قال ابن عباس صالحهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على ان يحمل كل اهل ثلثة أبيات على بعير ما شاؤا من متاعهم و للنبى صلى اللّه عليه و سلم ما بقي و قال الضحاك اعطى كل ثلثة نفر بعيرا ففعلوا ذلك فخرجوا من المدينة الى الشام اى أذرعات و أريحا الا اهل ستين ال حقيق و ال حيى بن اخطب فانهم لحقوا الخيبر و لحقت طائفة منهم بالحيرة فذلك قوله تعالى هو الذي اخرج الذين كفروا من اهل الكتاب من ديارهم لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ط اللام بمعنى الوقت كما فى قوله تعالى قَدَّمْتُ لِحَياتِي قال الزهري كانوا فى سبط لم يصبهم جلاء فيما مضى و كان اللّه عز و جل قد كتب عليهم الجلاء و لو لا ذلك لعذبهم فى الدنيا و قال ابن عباس و من شك ان المحشر بالشام فليقرأ هذه فكان هذا أول حشر الى الشام قال لهم النبي صلى اللّه عليه و سلم اخرجوا قالوا الى اين قال الى ارض المحشر ثم يحشر الخلق يوم القيامة الى ارض الشام و قال الكلبي انما قال لاول الحشر لانهم كانوا أول من اجلى من اهل الكتاب من جزيرة العرب- ثم اجلى آخرهم عمر بن الخطاب رض و قال مرة الهمداني كان أول الحشر من المدينة و الحشر الثاني من خيبر و جميع جزيرة العرب الى أذرعات و أريحا من الشام فى ايام عمر و قال قتادة كان هذا أول الحشر و الحشر الثاني نار تحشرهم من المشرق الى المغرب تبيت معهم حيث باتوا و تقيل معهم حيث قالوا روى البخاري من حديث انس أول اشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق الى المغرب من غير ذكر الاية و الحشر إخراج جمع من مكان الى اخر ما ظَنَنْتُمْ ايها المؤمنون أَنْ يَخْرُجُوا لشدة بأسهم و منعتهم حال من فاعل اخرج وَ ظَنُّوا اى بنو النضير عطف على ما ظننتم أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللّه يعنى ان حصونهم تمنعهم من بأس اللّه و سلطانه حصونهم مبتداء و ما نعتهم خبر مقدم عليه و الجملة خبر ان و تغير النظم و تقديم الخبر و اسناد الجملة الى ضميرهم للدلالة على فرط وثوقهم بحصانتها و زعم انهم فى عزة و منعة لسببها و يجوز ان يكون ما نعتهم مبتداء من القسم الثاني صفة و حصونهم فاعل له و الجملة خبر ان ايضا فَأَتاهُمُ اللّه اى امر اللّه و عذابه و هو الاضطرار الى الجلاء مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا حيث القى الرعب فى قلوبهم وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ الفزع و الخوف كذا فى القاموس او المعنى القى فيها الخوف الذي يرعيها اى يملاها كذا قال البيضاوي و فى القاموس رعبه كمنعه ملاه عطف تفسيرى على اتبعهم بيان لجهة إتيان عذابهم يُخْرِبُونَ صفة مصارع بمعنى الماضي أورد لاستحضار صورة بديعة بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَ أَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ عطف على أيديهم من حيث ان تخريب المؤمنين سبب لبغضهم و نقض عهدهم فكانهم استعملوهم فيه و الجملة حال من الموصول المفعول لا خرج فى قوله تعالى هو الذي اخرج الذين كفروا او بدل اشتمال من قوله تعالى قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ كانه تفسير له او مستانفة فى جواب ما صنعوا قرا ابو عمرو يخربون بالتشديد من التفعيل و هو ابلغ لما فيه من التكثير و الباقون بالتخفيف من للافعال و قيل الأحزاب؟؟؟ التعطيل و ترك الشي ء خرابا و التخريب ان النبي صلى اللّه عليه و سلم صالحهم على ان لهم ما أقلت الإبل فكانوا ينظرون الى الخشب فى منازلهم فيهدمونها و ينزعون منها ما يحتسنونه فيحملونه على بلهم و يخرب المؤمنون باقيها و قال ابن زيد كانوا يقلعون العمد و ينقضون السقوف و ينقبون الجدر ان و يقلعون الخشب حتى الأوتاد و يخربونها لئلا يسكنها المؤمنون حسدا او بغضا و قال قتادة كان المسلمون يخربون ما يليهم و يخربها اليهود و من داخلها قال ابن عباس كلما ظهر المسلمون على دار من دورهم هدموها ليتسع لهم المقاتل و جعلوا اعداء اللّه ينقبون دورهم فى أدبارها فيخرجون الى التي بعدها فيتحصنون فيها و يكسرن ما يليهم و يرمون بالتي خرجوا منها اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فذلك قوله تعالى يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ الاية فَاعْتَبِرُوا فانظروا و اتعظوا بما نزل بهم و لا تفعلوا من الكفر و الفسوق مثل ما فعلوا كيلا ينزل بكم مثل ما نزل بهم من العذاب استدلوا بهذه الاية على حجة القياس من حيث انه تعالى امر بالاعتبار و المجاوزة من اصل الى فرع لمشاركة بينهما فى وصف يصلح سبا لذلك الحكم يا أُولِي الْأَبْصارِ يا ذوى العقول و البصائر قال محمد بن يوسف الصالحي فى سبيل الرشاد انه قال محمد بن عمر حدثنى ابراهيم بن جعفر عن أبيه قال لما خرجت بنو النضير اقبل عمرو بن سعد اليهود فاطاف بمنازلهم فراى خرابا ففكر ثم رجع الى بنى قريظة فقال رايت اليوم عبر ارايت دار إخواننا خالية بعد ذلك العز و الشرف و الجلد و الرأي الفاضل و العقل البارع قد تركوا أموالهم و ملكها غيرهم و خرجوا خروج ذل و قد وقع قبل ذلك بابن الأشرف بيانا فى بيته افتادا وقع بابن سنية سيد يهود و اجلدهم و انجدهم و وقع ببني قينقاع و اجلاءهم و هم جد يهود كانوا اهل عدة و سلاح و نحده فحصرهم فلم يخرج انسان راسه حتى سباهم فكلهم فيهم فتركهم على ان اجلائهم من يثرب يا قوم لقد رايتم فاطيعونى و تعالوا نتبع محمدا فو اللّه انكم لتعلمون انه بنى و قد بشرنا به علمائنا آخرهم ابن السيان ابو عمير و ابن حواس هما اعلم يهود جاءا من بيت المقدس يتوكفان قدومه ثم أمرنا باتباعه و ان نقربه منهما السلام ثم ماتا على دينه و دفنا لحبرتنا هذه فاسكنت القوم فلم يتكلم منهم متكلم فاعاد الكلام او نحوه و خوفهم بالحرب و السبي و الجلاء فقال الزبير بن باطا و التوراة قد قرأت صفة فى كتاب باطا التوراة التي نزلت على موسى ليس فى المثاني التي أحدثنا فقال له كعب بن سعد ما يمنعك يا أبا عبد الرحمن من اتباعه قال أنت قال فلم و التوراة ما جعلت بينك و بينه قط قال الزبير بل أنت صاحب عهدنا و عقدنا فان اتبعته اتبعناك و ان أبيت أبينا فاقبل عمرو بن سعدى على كعب فقال اما و التوراة التي نزلت على موسى يوم طور سينا انه للعز و الشرف فى الدنيا انه لعلى منهاج موسى و نزل معه أمته فى منزله غدا فى الجنة قال كعب نقيم على عهدنا و عقدنا فلا يخضر محمد ذمتكم و ننظر ما يصنع حيى فقد اخرج إخراج ذل و صغار ذلا فلا أراه يغزو محمدا فان ظفر بمحمد فهو ما أردنا و أقمنا على ديننا و ان ظفر بحيي فما فى العيش خير نحو لنا من جراره قال عمرو بن سعدى و لم تؤخر الأمر و هو مقبل قال كعب ما على هذا فوات متى أردت هذا من محمدا جابنى اليه قال عمرو بلى و التوراة انه عليه نعوتا إذا سار إلينا محمد فيخبانا فى حصوننا حتى ننزل على حكمه فيضرب أعناقنا قال كعب بن اسد ما عندى فى امره الا ما قلت ما نطيب نفسى ان أصير تابعا يقول هذا لاسرائيلى و لا يعرف لى فضل النبوة لا قدر الفعال قال عمرو بن سعدى بل لعمرى ليعرفن ذلك لك فبينماهم على ذلك لم يزعم الا بمقدم النبي صلى اللّه عليه و سلم قد حلت بساحتهم فقال هذا الذي قلت لك و ذلك انهم نقضوا عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و حاربوه فى وقعة الخندق. ٣ وَ لَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللّه فى اللوح المحفوظ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ اى الخروج من الوطن لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا ط بالقتل و السبي كما فعل ببني قريظة وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ جملة مستانفة يعنى ان نجوا من عذاب الدنيا لا ينجون من عذاب النار فى الاخرة البتة. ٤ ذلِكَ لحقهم فى الدنيا و ما كانوا يصدده و ما استحقوه من عذاب الاخرة بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم شَاقُّوا اللّه وَ رَسُولَهُ وَ مَنْ يُشَاقِّ اللّه فَإِنَّ اللّه يعذبه عذابا شديدا لانه شَدِيدُ الْعِقابِ اخرج ابن اسحق عن يزيد بن رومان قال لما نزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بنى النضير تحصنوا منه فى الحصون فامر بقطع النخل و التحريق فيها و ذكر محمد بن يوسف الصالحي انه صلى اللّه عليه و سلم استعمل على قطعها أبا ليلى المازني و عبد اللّه بن سلام و كان ابو ليلى بقطع العجوة و كان عبد اللّه بن سلام بقطع اللون فقيل لهما ذلك فقال ابو ليلى العجوة احرق لهم و قال عبد اللّه بن سلام قد عرفت ان اللّه سيغنم أموالهم العجوة خير أموالهم فلما قطعت العجوة شق النساء الجيوب و ضربن الخدود و دعون بالويل فجعل سلام بن مشكم يقول يا حيى العذق من العجوة بفرس فلا يطعم ثلثين سنة تقطع فارسل حيى الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كنت تنهى عن الفساد فلم تقطع النخل و وجد بعض المسلمين فى أنفسهم من قولهم و خشوا ان يكون فسادا فقال بعضهم لا تقطعوا فانه مما أفاء اللّه علينا و قال بعضهم بل نغيضهم بقطعها فانزل اللّه تعالى. ٥ ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ كما فعل ابو ليلى ما شرطية منصوب المحل مفعول لقطعتم و من لينة بيان له يعنى اى شى ء قطعتم حال كونه من لينة فعلتم من اللون و يجمع على الألوان و قيل هو من اللين كذا ذكر فى الصحاح قال البغوي اختلفوا فى معنى اللينة فقال قوم النخل كلها لينة داخلا العجوة و هو قول عكرمة و قتادة و رواية زاذان عن ابن عباس قال كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يقطع نخلهم الا العجوة و اهل المدينة ما خلا العجوة من التمر الألوان واحدها لين و لينة و قال الزهري هو ألوان النخل كلها الا العجوة و البرنية و قال مجاهد و عطية هى النخل كلها من غير استثناء و قال العوفى عن ابن عباس من النخل و قال سفيان هى كرام النخل و قال مقاتل هى ضرب من النخل يقال لتمرها اللون و هى شديد الصفرة يرى نواة من خارج يغيب فيالضرس و كان من أجود تمر هى اعجب إليهم و كانت النخلة الواحدة ثمنها ثمن رصيف و أحب إليهم من رصيف أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها كما فعل عبد اللّه بن سلام فَبِإِذْنِ اللّه خبر مبتداء محذوف يعنى فقطعه و تركه بإذن اللّه ليس فى شى ء من ذلك اثم اخرج البخاري عن ابن عمران رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حرق نخل بنى نضير و قطع و هى البويرة هذه الاية كذا روى اصحاب الكتب و اخرج ابو يعلى بسند ضعيف عن جابر قال رخص و قطع النخل ثم شدد عليهم فاتوا النبي صلى اللّه عليه و سلم قالوا يا رسول اللّه هل علينا اثم فيما قطعنا و تركنا فانزل اللّه هذه الاية وَ لِيُخْزِيَ اللّه بالاذن فى القطع الْفاسِقِينَ اليهود عطف على بإذن اللّه و علة لمحذوف و الجملة معطوفة على جملة تقريره و فعلتم او اذن لكم لنخزى هم على فسقهم بما غاظهم منه (مسئله) من هاهنا قال ابو حنيفة رح إذا حاصر الامام حصنا للكفار جاز ان يقطع أشجارهم و يفسد زروعهم و هدم بيوتهم و يحرقها قال ابن همام هذا إذا لم يغلب على الظن انهم ماخذون بغير ذلك فان كان الظاهر انهم مغلوبون و ان الفتح لا بد منه كره ذلك لانه إفساد و فى غير محل الحاجة و ما أبيح الا لها و قال احمد لا يجوز قطع أشجارهم الا بأحد الشرطين أحدهما ان يفعلوا بنا مثل ذلك ثانيهما ان يكون لنا حاجة الى قطع ذلك لنتمكن من قتالهم و قال الشافعي يجوز إتلاف بنائهم و شجرهم لحاجة القتال و الظفر بهم و كذا ان لم يرج حصولها لنا فان رجى ندب الترك و الدليل على جواز قطع الأشجار هذا الاية و الحديثين المذكورين و ما روى احمد عن اسامة بن زيد قال بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى قرية قال أيتها صباحا ثم حرق قال ابن الجوزي احتجاجا لمذهبه انه قد روى أصحابنا ان النبي صلى اللّه عليه و سلم كان إذا بعث جيشا قال لا تعود واعينا و لا تعقروا شجرا إلا شجر يمنعكم من القتال و الحديثان يعنى حديث ابن عمر و حديث اسامة بن زيد محمولان على ما ذكرنا انتهى كلامه قلنا لا يجوز على ما ذكر ابن الجوزي لان بنى نضير لم يقطعوا أشجار المدينة قط و لا دليل على كون القطع لحاجة القتال بل الاية صريحة فى ان الأمر بالقطع كان لخزى الفاسقين و كبت اعداء اللّه و كسر شوكتهم لا لغرض اخر لكن الظاهر ان الفتح لم يكن غالبا فى الظن حين امر النبي صلى اللّه عليه و سلم بقطع أشجارهم يدل على قوله تعالى ما ظننتم ان يخرجوا و ظنوا ما نعتهم حصونهم و ما روى اصحاب احمد حجة على عدم جواز القطع ان صح لا يمكن ان يكون معارضا لكتاب اللّه المستلزم للجواز و اللّه اعلم قال البغوي فلما ترك بنو النضير رياعهم و ضياعهم طلب المسلمون تقسيمها بيتهم كما فعل لغنايم خيبر فبين اللّه تعالى حكمها و قال. ٦ وَ ما أَفاءَ اللّه عَلى رَسُولِهِ القى الرجوع و أفاء بمعنى عاد و قال الجوهري الفى الرجوع الى حالة محمودة قال اللّه تعالى حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللّه فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا ... فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللّه غَفُورٌ رَحِيمٌ و لما كان الرجوع يقتضى سبق الملك قال البيضاوي أفاء بمعنى صير مجازا او بم عنى رده عليه فانه كان حقيقا بان يكون له عليه السلام لان اللّه خلق الإنسان لعبادته و خلق ما خلق لهم ليتوسلوا به الى طاعة فهو جدير بان يكون للمطيعين مِنْهُمْ اى من بنى النضير فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ اى ما أجريتم على تحصيله من الوجيف بمعنى سرعة السير مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ ما يركب من الإبل غلب فيه كما غلب الراكب على راكبه و المعنى انه لم يلحق المؤمنين فى تحصيل ما أفاء اللّه من بنى النضير من المشقة بالحرب و إيجاف الخيل و الركاب حتى يستحقوا الغنائم وَ لكِنَّ اللّه يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ ط يقذف الرعب فى قلوبهم وَ اللّه عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ فيفعل ما يريد تارة بالوسايط فى الظاهر و تارة بلا وسائط هذه الاية و الأحاديث الصحيحة تدل على ان مال بنى نضير كان خالصا لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثم صرفه عليه السلام حيث شاء روى الشيخان فى الصحيحين عن مالك بن أوس ابن الجدثان النضيري انه قال عمر بن الخطاب ان اللّه قد خص رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى هذا الفي ء بشى ء لم يعط أحدا غيره ثم قرا ما أفاء اللّه على رسوله منهم الى قوله قدير فكانت هذه خالصة لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يتفق عليه و على اهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذه ما بقي فيجعله فجعل مال اللّه و ايضا فى الصحيحين عنه انه جاء عمر حاجبه يرفا فقال هل لك فى عثمان و عبد الرحمن و الزبير و سعد رض يستاذنون قال نعم فادخلهم فلبث قليلا ثم جاء فقال هل لك فى عباس و على رض يستاذنان قال نعم فلما دخلا قال عباس يا امير المؤمنين اقض بينى و بين هذا و هما يختصمان فى التي أفاء اللّه على رسوله من بنى النضير فقال الرهط يا امير المؤمنين اقض بينهما و ارح أحدهما من الاخر قال اتئدوا أنشدكم اللّه الذي باذنه تقوم السماء و الأرض هل تعلمون ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لا نورث ما تركناه صدقة يريد بذلك نفسه قالوا قد قال ذلك فاقبل عمر على علىّ و عباس فقال أنشدكما باللّه هل تعلمون ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ذلك قالا نعم قال فانى أحدثكم عن هذا الأمر ان اللّه قد خص رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى هذا الفي ء بشى ء لم يعطه أحدا غيره فقال وَ ما أَفاءَ اللّه عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ الى قوله قدير فكانت هذه خالصة لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثم و اللّه ما اختارها دونكم و لا استاثرها عليكم فقد أعطاكموها و قسمها فيكم حتى بقي المال منها فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ينفق على اهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله فجعل مال اللّه فعمل بذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حيوته ثم توفى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال ابو بكر فانا ولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقبضه ابو بكر فعمل فيه بما عمل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أنتم حينئذ جميع و اقبل على على و عباس يذكران ان أبا بكر فيه كما يقولان و اللّه يعلم انه فيها لصادق بارر أشد ثم توفى اللّه أبا بكر فقلت انا ولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ابى بكر فقبضتها سنين من امارتى اعمل فيه بما عمل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ابو بكر و اللّه يعلم انى فيه صادق بارر أشد تابع للحق ثم جئتمانى كلا كما و كلمتكما واحدة و امر كما جميع فقلت لكما ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لا نورث ما تركنا صدقة فلما بدا الىّ ان ادفعه اليكما قلت ان شئتما دفعت اليكما على ان عليكما عهد اللّه و ميثاقه لتعملان فيه بما عمل فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ابو بكر و ما عملت فيه منذ و ليت و إلا فلا تكلمانى فقلتما ادفعه إلينا بذلك فدفعته اليكما افتلتمسان منى قضاء غير ذلك فو اللّه الذي تقوم باذنه السماء و الأرض لا أقضي فيه بقضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فان عجزتما عنه فادفعا الى فانا أكفيكما هما و ايضا فى الصحيحين عن عمر قال كانت اموال بنى نضير مما أفاء اللّه على رسوله مالم يوجف المسلمون عليه بخيل و لا ركاب فكانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خاصة ينفق على اهله نفقة سنتهم ثم يجعل ما بقي فى السلاح و الكراع عدة فى سبيل اللّه. ٧ ما أَفاءَ اللّه عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى اى اموال اهل القرى بيان للاول و لذلك لم يعطف لكنه يعم الاول يعنى بنى النضير و غيره فان قيل لو كان هذا بيانا للاول لكان للانصار ايضا حقا فى فى ء بنى النضير مع ان النبي صلى اللّه عليه و سلم لم يعط من فى ء بنى النضير شيئا للانصار غير ثلثة منهم قلنا كان للانصار ايضا فيه حقا لكنهم اثروا المهاجرين على أنفسهم و جعل حقهم لهم كما سياتى قال ابن عباس فى تفسير اهل القرى و هى قريظة و النضير و فدك و خيبر و قرى عرينة و قال جلال الدين المحلى كان الصفراء و وادي القرى و ينبع قلت و الصحيح ان خيبر فتحت عنوة و قسمت بين اهل الحديبية على ثمانية عشر سهما كما مر فى سورة الفتح فَللّه افتتاح كلام للتبرك و اضافة هذا المال الى نفسه لشرفه و ليس المراد منه ان سهما منه له تعالى مفردا فان الدنيا و الاخرة كلها للّه تعالى و هو قول الحسن و قتادة و عطاء و ابراهيم و الشعبي و عامة الفقهاء و عامة المفسرين و قال بعضهم يصرف سهم اللّه تعالى فى عمارة الكعبة و المساجد وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى يعنى أقرباء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هم بنو هاشم و بنو المطلب لحديث جبير بن مطعم قال لما قسم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سهم ذوى القربى بين بنى هاشم و بنى المطلب أتيته انا و عثمان فقلنا يا رسول اللّه هؤلاء إخواننا من بنى هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك اللّه منهم ارايت إخواننا من بنى المطلب اعطيتهم و تركتنا و انما قرابتنا و قرابتهم واحدة فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انما بنو هاشم و بنو المطلب شى ء واحد هكذا و شبك بين أصابعه رواه الشافعي و فى رواية ابو داود و النسائي نحوه و فيه انا و بنو المطلب لا نفترق فى الجاهلية و لا اسلام و انما نحن و هم شى ء واحد و شبك بين أصابعه وَ الْيَتامى الصغار الذين لا اب لهم وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ المسافر البعيد من ماله كان المستفاد فيما مر من الاية ان الفي ء مختص بالنبي صلى اللّه عليه و سلم و ضم هاهنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الأصناف المذكورة اشعارا بما يفعل الرسول صلى اللّه عليه و سلم فى ذلك المال و لما كان مال الفي ء بحيث لا نصيب فيه لرجال بعينهم كما فى الغنائم للغانمين بل قسمة مفوض الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و الى خلفائه من بعده و جاز لهم اختيار اشخاص من الأصناف المذكورة به عليه السلام منافيا لاختصاص المال به عليه السلام و اللّه تعالى اعلم كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً متعلق بالظرف المستقر اعنى فللّه و للرسول قرا هشام بخلاف عنه تكون بالتاء الفوقانية على التأنيث و دولة بالرفع على الفاعلية و كان حينئذ تامة و الباقون بالياء التحتانية على التذكير على ان ضمير الفاعل راجع الى الموصول و دولة منصوب على انه خبر كان الناقصة بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ ط يعنى لا يكون ما يتداوله الأغنياء بينهم دون الفقراء كما كان فى الجاهلية بل جعل اللّه لرسوله صلى اللّه عليه و سلم ان يقسمه على ما يراه مصلحة فيما امر به ثم قال وَ ما آتاكُمُ اعطاكم الرَّسُولُ من الفي ء فَخُذُوهُ و لا تطعموا فيما زاد على ما طابت نفسه وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ من الغلول و غيره فَانْتَهُوا ج ذكر هذه الجملة معترضة كيلا يطمع الناس من الرسول ما لا يرضاه و هذا نازل فى الفي ء و هو عام فى كل ما امر به النبي صلى اللّه عليه و سلم و نهى عنه عن عبد اللّه بن مسعود قال لعن اللّه الواشمات و المستوشمات و المتنمصات و المتفلجات للحسن المغيرات خلق اللّه فبلغ ذلك امرأة من بنى اسد يقال لها أم يعقوب فجائت فقالت انه قد بلغني انك لعنت كيت و كيت فقال مالى لا العن من لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و من هو فى كتاب اللّه فقالت لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول فقال لئن كنت قراتيه لقد وجدتيه اما قرأت ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا قالت بلى قال فانه قد نهى عنه رواه البخاري وَ اتَّقُوا اللّه ط فى مخالفة رسوله صلى اللّه عليه و سلم معترضة اخرى إِنَّ اللّه شَدِيدُ الْعِقابِ ج لمن خالفه تعليل لما سبق. ٨ لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ بدل من لذى القربى و ما عطف عليه فان الرسول لا يسمى فقيرا و قد اخرج اللّه رسوله من الفقراء لقوله ينصرون اللّه و رسوله قبل هذا بدل الكل من الكل و اللام فى للفقراء للعهد و المراد منه هم المذكورون اعنى ذوى القربى و اليتامى و المساكين فلا يلزم ان لا يكون المذكورون سابقا مصرفا نظرا الى المبدل منه لا يكون مقصودا بالنسبة بل البدل هو المقصود بالنسبة و عندى ان الفقراء المهاجرون و ما عطف عليه أعم مطلقا مما سبق فانهم استوعبوا المؤمنين الى يوم القيامة أجمعين غنيهم و فقيرهم على ما ستذكر إنشاء اللّه تعالى فهذا بدل الكل من البعض و هو من قبيل الاشتمال و على كلا التقديرين فما سبق فى الذكر من ذوى القربى و ما عطف عليه و ان لم يكن مقصودا بالنسبة لفظا لكنها داخلة فى المقصود اعنى البدل او عينه و اللّه تعالى اعلم الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ التي بمكة وَ أَمْوالِهِمْ فان كفار مكة أخرجوهم و أخذوا أموالهم و فى الاية دليل على ان كفار مكة ملكوا اموال المهاجرين التي خلفوها و هاجروا عنها لان اللّه تعالى اطلق عليهم الفقراء و الفقير من لا يملك شيئا و ليس من لا يملك مالا و هو فى مكان لا يصل اليه فقيرا بل هو مخصوص باسم ابن السبيل و لذا عطفوا عليه فى نص الصدقة و من هاهنا قال ابو حنيفة و مالك الكفار إذا استولت على اموال المسلمين ملكوها بشرط الاحراز بدارهم عند ابى حنيفة و بمجرد الاستيلاء عند مالك و قال الشافعي لا يملكونها و ذكر ابن همام لاحمد فيه روايتين كقول ابى حنيفة و كقول الشافعي و ذكر ابن الجوزي قول احمد كقول الشافعي لا غير و يويد مذهب ابى حنيفة من الأحاديث ما رواه ابو داود فى مراسيله عن تميم بن طرفة قال وجد رجل مع رجل ناقة له فارتفعا الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فاقام البينة انها له و اقام الاخر البينة انه اشتراها من العدو فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان شئت ان تأخذ بالثمن الذي اشتراها به فانت أحق و الا فخل عنه ناقة و المرسل عندنا و عند اكثر اهل العلم حجة و اخرج الطبراني مسندا عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة و فى سنده ياسين الزيات مضعف و اخرج الدارقطني ثم البيهقي فى سننهما عن ابن عباس عنه صلى اللّه عليه و سلم قال فى ما احرز العدو فاستنفذه المسلمون منهم ان وجده صاحبه قبل ان يقسم فهو أحق به و ان وجد قد قسم فانشاء اخذه بالثمن فيه حسن بن عمارة قال الدارقطني متروك و اخرج الدارقطني عن ابن عمر سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول من وجد ماله فى الفي ء قيل ان يقسم فهو له و ان وجده بعد ما قسم فليس له شى ء و فيه اسحق بن عبد اللّه بن فروة ضعيف و فى طريقة الاخر رشدين ضعيف ايضا أخرجه الطبراني عن ابن عمر مرفوعا من أدرك ماله فى الفي ء قبل ان يقسم فهو له فان أدركه بعد ان يقسم فهو أحق به بالثمن و فيه ياسين ضعيف و به قال الشافعي و احتجوا ايضا بان عمر بن الخطاب قال من أدرك ما أخذ العد و قبل ان يقسم فهو له و ما قسم فلاحق له فيه الا بالقيمة و قال هذا انما روى عن الشعبي عن عمرو عن رجا بن حيوة عن عمر مرسلا و كلاهما لم يدرك عمر و روى الطحاوي بسنده الى قبيصة بن ذويب ان عمر بن الخطاب قال فيما اخذه المشركون فاصابه المسلمون فعرفه صاحبه اى أدرك قبل ان يقسم فهو له و ان جرت فيه السهام فلا شى ء له و روى فيه ايضا عن ابى عبيدة مثل ذلك و روى بإسناده الى سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت مثله و روى ايضا بإسناده الى قتادة عن جلاس ان علىّ ابن ابى طالب رض قال من اشترى ما احرز العد و فهو جائز و هذه الأحاديث و ان كانت بعضها ضعيفة و بعضها مرسلة لكنها اعتضد بعضها ببعض و صارت حجة و عملا بهذه الأحاديث شرط ابو حنيفة الاحراز و قال ان ظهر عليها المسلمون فوجدها المالكون قبل ان يقسم فهى لهم بغير شى ء و ان وجدوها بعد القسمة أخذوها بالقيمة ان أحبوا و كذا ان دخل دار الحرب تاجر فاشترى ذلك فاخرجه الى دار الإسلام فمالكه الاول بالخيار ان شاء اخذه بالثمن الذي اشتراه و ان شاء تركه و كذا لو وهبوا لمسلم يأخذه المالك بقيمته و استدل بعض الحنفية بما فى الصحيحين انه صلى اللّه عليه و سلم لما سئل يوم الفتح اين تنزل غدا بمكة قال هل ترك لنا عقيل من منزل وجه الاحتجاج ان عقيلا استولى عليه و هو على كفره و قيل ان الحديث انما هو دليل على ان المسلم لا يرث الكافر فان عقيلا استولى على الرباع بإرثه إياها أبا طالب فانه مات و ترك عليا و جعفر مسلمين و عقيلا و طالبا كافرين فورثاه و اللّه تعالى اعلم احتج الشافعي بحديث رواه احمد و مسلم فى صحيحه عن عمران بن حصين قال كانت العضباء لرجل من بنى عقيل و كانت من سوابق الحاج فاسر الرجل و أخذت العضباء معه فحبسها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لرجله ثم ان المشركين أغاروا على سرج المدينة و فيه العضباء و أسروا امرأة من المسلمين و كانوا إذا نزلوا يريحون إبلهم فى أفنيتهم فلما كانت ذات ليلة قامت المرأة و قد نوموا فجعلت لا تضع يدها على بعير الا رغا حتى أتت على العضباء فاتت على ناقة ذلول فركبتها ثم توجهت قبل المدينة و نذر ت لئن اللّه عز و جل نجاها عليها لنحر بها فلما قدمت عرفت الناقة فاتوا بها النبي صلى اللّه عليه و سلم فاخبرت المرأة نذرها فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تبسما خبريتها او وفيتها ان اللّه أنجاها عليها لتنحر بها ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا وفاء لنذر فى معصية اللّه و لا فيما لا يملك ابن آدم وجه الاحتجاج انه لو ملكها المشركون ما أخذها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ما بطل نذرها و حديث رواه داود عن ابن عمر قال ذهب فرس له فاخذها الكفار فظهر عليهم المسلمون فرد عليه فى زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ابق عبد له فلحق بالروم فظهر عليهم المسلمون فرد عليه خالد بن وليد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و الجواب عن الحديث الاول ان ظاهر هذا الحديث يدل على ان الكفار لم يحرزوا العضباء بديارهم حيث قال و كانوا إذا نزلوا يريحون أهلهم فى أفنيتهم و عن الحديث الثاني انا نقول على حسب مقتضى هذا الحديث حيث نقول ان المشركين إذا غلبوا على أموالنا و ملكوها فظهر عليهم المسلمون و وجدها ملاكها قبل القسمة ردت تلك الأموال عليها بلا شى ء و بعد القسمة ردت بالقيمة و ان عبدا إذا ابق فدخل إليهم فاخذوه لم يملكوه عند ابى حنيفة رح ثم إذا ظهر عليهم المسلمون يأخذ المالك القديم بغير شى ء موهوبا كان او مشترى مغنوما قبل القسمة و بعده و اللّه تعالى اعلم يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللّه يعنى ثوابا زايدا على قدر أعمالهم أضعافا كثيرة وَ رِضْواناً جملة يبتغون حال مقيدة لاخراجهم بما يوجب تفخيم شانهم وَ يَنْصُرُونَ اللّه يعنى دينه عطف على يبتغون وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ فى ادعاء ايمانهم و حالهم على صدق دعواهم فمن قال من الروافض انهم كانوا منافقين و كانوا كاذبين فى ادعاء الايمان كفر لاستلزام انكار هذه الاية و قال قتادة هؤلاء المهاجرين الذين تركوا الديار و الأموال و العشائر و خرجوا حبّا للّه و لرسوله و اختاروا الإسلام على ما كانت فيه من شدة حتى ذكران الرجل كان يعصب الحجر على بطنه يقيم به صلبه من الجوع و كان الرجل يتخذ الحفيرة فى الشتاء ماله دثار غيرها قلت و كانوا يحبون القتل فى سبيل اللّه روى البغوي فى المعالم و شرح السنة من امية بن خالد بن عبد اللّه بن أسيد عن النبي صلى اللّه عليه و سلم انه كان يستفتح بصعاليك المهاجرين و روى مسلم عن عبد اللّه بن عمرو قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة الى الجنة بأربعين خريفا و روى ابو داود عن ابى سعيد الخدري رض عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال ابشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل اغنياء الناس بنصف يوم و ذلك مقدار خمسمائة سنة قلت لعلهم يدخلون الجنة قبل اغنياء المهاجرين بأربعين خريفا و قبل اغنياء سائر الناس بخمسمائة سنة و اللّه تعالى اعلم اخرج ابن المنذر عن يزيد بن الأصم ان الأنصار قالوا يا رسول اللّه اقسم بيننا و بين إخواننا المهاجرين الأرض يعنى الأرض المملوكة للانصار نصفين قال لا و لكن تكفونهم المئونة و تقاسمونهم الثمرة و الأرض أرضكم قالوا رضينا فانزل اللّه تعالى يعنى انزل فيهم قوله. ٩ وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ الاية و روى البخاري عن ابى هريرة بلفظ قالت الأنصار اقسم بيننا و بين إخواننا النخل قال لا تكفونا المؤن و تشرككم فى الثمر قالوا سمعنا و اطعنا و ليس ذكر نزول الاية صحيح و المعنى تبوء و ادارا بحره و تمكنوا فى الايمان و هم أنصار شبه الايمان بالمقر لدوام اثباتهم عليه و اثبت التبوء على الاستعارة التخييلية و جاز ان يكون الايمان منصوبا بالفعل المقدر يعنى و أخلصوا الايمان من قبيل علفتها تبنا و ماء باردا يعنى و سقيتها ماء باردا و قيل المعنى تبؤوا دار الهجرة و دار الايمان و هى المدينة فحذف المضاف من الثاني و المضاف اليه من الاول و عوض عنه اللام سمى المدينة دار الايمان لانها مظهره عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول ان اللّه تعالى سمى المدينة طابة رواه مسلم و عن جابر بن عبد اللّه فى حديث قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انما المدينة كالكير تنفى خبثها و تنصع طيبها متفق عليه و روى مسلم عن ابى هريرة بمعناه مِنْ قَبْلِهِمْ اى من قبل هجرة المهاجرين و قيل تقدير الكلام و الذين تبوء الدار من قبلهم و الايمان يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ فى أنفسهم حاجَةً قيل المحتاج اليه يسمى حاجة و المعنى طلب حاجة و قيل المراد ما يحمل عليه الحاجة من الطلب و الحسد و الغيظ مِمَّا أُوتُوا اى من أجل ما اعطى المهاجرون دونهم من الفي ء و ذلك ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قسم اموال بنى النضير بين المهاجرين و لم يعط أحدا من الأنصار الا ثلثة منهم فطابت انفس الأنصار بذلك قال محمد بن يوسف الصالحي فى سبيل الرشاد ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لما تحول من بنى عوف بن عمر الى المدينة تحول المهاجرون فتنافست فيهم الأنصار ان ينزلوا عليهم اقترعوا فيهم بالسهمان فما نزل أحد من المهاجرين على أحد من الأنصار الا بقرعة بينهم فكان المهاجرون فى دور الأنصار و أموالهم فلما غنم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بنى النضير دعا ثابت بن قيس بن شماس فقال ادع لى قومك قال ثابت الخزرج يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الأنصار كلها فدعى الأوس و الخزرج فتكلم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فحمد اللّه تعالى و اثنى عليه بما هو اهله ثم ذكر الأنصار و ما صنعوا بالمهاجرين و إنزالهم إياهم فى منازلهم و أموالهم و إيثارهم على أنفسهم ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان احببتم قسمت بينكم و بين المهاجرين ما أفاء اللّه تعالى على من بنى النضير و كان المهاجرون على مالهم من السكنى و مساكنكم و أموالكم و ان احببتم اعطيتهم و خرجوا من دوركم فتكلم سعد بن عبادة و سعد بن معاذ رض و خيراهما خيرا فقالا يا رسول اللّه بل تقسمه بين المهاجرين و يكونوا فى دورنا كما كانوا و نادت الأنصار رض و جزاهم اللّه خيرا رضينا و سلمنا يا رسول اللّه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اللّهم ارحم الأنصار فقسم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما أفاء اللّه عليه و اعطى المهاجرين و لم يعط أحدا من الأنصار من ذلك الفي ء شيئا إلا رجلين كانا محتاجين سهل بن حنيف و أبا دجانة و اعطى سعه ابن معاذ رض عنهم سيف بن ابى الحقيق و كان سيفا له ذكر عندهم و ذكر البلاذري فى فتوح البلدان له ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال للانصار ليس لاخوانكم من المهاجرين اموال فان شئتم قسمت هذه و أموالكم بينكم و بينهم جميعا و ان شئتم امسكتم أموالكم و قسمت هذه فيهم خاصة قالوا بل اقسم هذه فيهم و اقسم لهم من أموالنا ما شئت فنزلت وَ يُؤْثِرُونَ اى يقدمون المهاجرين باموالهم و منازلهم عَلى أَنْفُسِهِمْ حتى ان من كان عنده امرأتان نزل عن واحدة و زوجها من أحدهم وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ فاقة و حاجة الى ما يؤثر قال البغوي روى عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم النضير للانصار فذكر نحو ما ذكر البلاذري و روى البخاري عن ابى هريرة قال اتى رجل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال يا رسول اللّه أصابني الجهد فارسل الى نسائه فلم يجد عندهن شيئا فقال أ لا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه اللّه فقام رجل من الأنصار فقال انا يا رسول اللّه فذهب الى اهله فقال لامرأته هذا ضيف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا تدخريه شيئا قالت و اللّه ما عندى إلا قوت الصبية قال فاذا أراد الصبية العشاء فنوميهم و تعالى فاطقى السراج و نطوى بطوننا الليلة ففعلت و فى رواية فهيات طعامها و نومت صبيانها ثم قامت كانها تصلح سراجها فاطفأت فجعلا يريانه انهما يأكلان فباتا لهاويين؟؟؟ ثم غدا الرجل على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال لقد اعجب اللّه أو ضحك من فلان و فلانة فانزل وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ و اخرج مسدد فى مسنده و ابن المنذر عن ابى المتوكل الناجي ان رجلا من المسلمين فذكر نحوه و فيه ان الرجل الذي أضاف ثابت بن قيس بن شماس فنزلت فيه هذه الاية و اخرج الواحدي من طريق محارب ابن دثار عن ابن عمر قال اهدى لرجل من اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم راس شاة فقال ان أخي فلان و عياله أحوج الى هذا منا فبعث به إليهم فلم يزل يبعث به واحد الى اخر حتى تداولها سبعة أبيات حتى رجعت الى أولئك فنزلت وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ و روى البخاري عن انس بن مالك قال دعى النبي صلى اللّه عليه و سلم الأنصار الى ان يقطع لهم البحرين فقالوا لا ان نقطع لاخواننا من المهاجرين مثلنا قال فاصبروا حتى تلقونى فانه سيصيبكم اثره بعدي و ذكر البلاذري فى فتوح البلدان انه قال ابو بكر رض جزاكم اللّه يا معشر الأنصار فو اللّه ما مثلنا و مثلكم الا كما قال الغنوي جزا اللّه عنا جعفرا حين ارتعت بنا تعلنا فى الوطنين فنزلت أبوا ان يحلونا و لو ان أمنا تلقى الذي يلقون مناطلت- و روى الآجري فى كتاب الشريعة عن قيس بن ابى حازم نحوه وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ حتى يخالفها فيما يغلب عليها من حب المال و بغض الانفاق فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الشح البخل و الحرص كذا فى القاموس و فى الصحاح بخل مع حرص قال البغوي فرق العلماء بين الشح و البخل روى ان رجلا قال لعبد اللّه بن مسعود انى أخاف ان أكون قد هلكت قال و ما ذاك قال اسمع اللّه يقول و من يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون و انا رجل شحيح لا يكاد يخرج من يدى شى ء قال عبد اللّه ليس ذاك بالشح الذي ذكره اللّه عز و جل و لكن الشح ان تأكل مال أخيك ظلما و لكن ذاك البخل و بئس الشي ء البخل و قال عمر ليس الشح ان يمنع الرجل ماله انما الشح ان تطمع عين الرجل الى ما ليس له و قال سعيد بن جبير الشح هو أخذ الحرام و منع الزكوة و قبل الشح الحرص الشديد الذي يحمله على ارتكاب المحارم و قال ابن زيد من لم يأخذ شيئا نهاه اللّه عنه و لم يدعه الشح الى ان يمنع شيئا من شى ء امره اللّه به فقدوقى شح نفسه عن جابر بن عبد اللّه ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة و اتقوا الشح فان الشح أهلك من كان قبلكم حملهم ان يسفكوا دمائهم و استحلوا محارمهم رواه مسلم و احمد و عن ابى هريرة انه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول لا يجتمع غبار فى سبيل اللّه و دخان فى جوف عبد ابدا و لا يجتمع الشح و الايمان فى قلب عبد ابدا رواه البغوي و كذا روى النسائي. ١٠ وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ اى بعد المهاجرين و الأنصار و هم الذين اسلموا من الصحابة بعد الفتح و المؤمنون بعد الفريقين الى يوم القيامة يَقُولُونَ حال من فاعل جاؤا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا فى الدين الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ فان السابقين لهم حق على اللاحقين حيث اهتدوا بالايمان و الشرائع يتوسطهم كما اهتدوا أولئك بتوسط النبي صلى اللّه عليه و سلم وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا حقد او حسد او بغضا لِلَّذِينَ آمَنُوا من قبل من المهاجرين و الأنصار رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ع فكل من كان فى قلبه غل على أحد من الصحابة و لم يترحم على جميعهم فانه ليس ممن عناه اللّه بهذه الاية قال ابن ابى ليلى الناس على ثلثة منازل الفقراء المهاجرين و الذين تبوؤ الدار و الايمان و الذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لاخواننا الذين سبقونا بالايمان فاجهد ان لا يكون خارجا من هذه المنازل روى البغوي بسنده عن عائشة قالت أمرتم بالاستغفار لاصحاب محمد صلى اللّه عليه و سلم يسموهم سمعت نبيكم صلى اللّه عليه و سلم يقول لا يذهب هذه الامة حتى تلعن آخرها أولها و روى صاحب الفصول من الامامية الاثنا عشرية الى جعفر محمد بن على الباقر انه قال لجماعة خاضوا فى ابى بكر و عمر و عثمان انا اشهد انكم لستم من الذين قال اللّه فيهم و الذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لاخواننا الّذين سبقونا بالايمان الاية- و فى الصحيفة الكاملة انه كان من دعاء الامام على بن الحسين رض اللّهم و صل على اصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصيحة و الذين ابلوا البلاء الحسن فى نصره و كافئوه و اسرعوا الى وفادته و سابقوا الى دعوته و استجابوا له حيث استمعهم حجة رسالاته و فارقوا الأزواج و الأولاد فى اظهار كلمة و قاتلوا الآباء و الأبناء فى تثبيت نبوته و انتصروا به و من كانوا منطوين فى محبة يرجون تجارة لن تبور فى مودته و الذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروة و انتقت منهم القرابات او سكنوا فى ظل قرابته فلا تنس لهم اللّهم ما تركوا لك و فيك و ارضهم من رضوانك و بما حاشوا الخلق عليك و كانوا مع رسولك دعاة لك إليك و اشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم و خروجهم من سعة المعاش الى ضيقة اللّهم وصل على التابعين لهم بإحسان الذين يقولون ربنا اغفر لنا و لاخواننا الذين سبقونا بالايمان خير جزائك الحديث قال مالك بن معول قال عامر بن شرحبيل الشعبي يا مالك تفاضلت اليهود و النصارى على الرافضة بخصلة سئلت اليهود من خير اهل ملتكم فقالوا اصحاب موسى و سئلت النصارى من خير اهل ملتكم فقالوا حوارى عيسى و سئلت الرفضة من شر اهل ملتكم فقالوا اصحاب محمد صلى اللّه عليه و سلم أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم فالسيف عليهم مسلولا الى يوم القيامة لا يقوم لهم راية و لا يثبت لهم اقدم و لا يجتمع لهم كلمة كلما اوقدوا نارا للحرب اطفأ اللّه يسفك دمائهم و تفريق شملهم و ادحاض جهنم أعاذنا اللّه و إياكم من الهواء المضلة قال مالك بن انس من يبغض أحدا من اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم او كان فى قلبه عليهم غل فليس لهم حق فى فى ء المسلمين ثم تلا ما أفاء اللّه على رسوله من اهل القرى حتى اتى على هذه الاية لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ ... وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ ... وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ الى قوله تعالى رَؤُفٌ رَحِيمٌ قال اكثر المفسرين الذين تبوّء الدار و الايمان و للفقراء الذين جاؤا من بعدهم و على هذا وصف الفقر شرط لاستحقاق الفرق الثلاثة و عندى الذين تبوؤا معطوف على الفقراء و وصف الفقر ليس شرطا لاستحقاق واحد منهم كيف و ابن السبيل مصرف اتفاقا مع انه لا يسمى فقيرا او انما ذكر وصف الفقر فى المهاجرين جريا على الغالب لان اكثر المهاجرين حينئذ كانوا فقراء لا للاحتراز كما ان فى قوله تعالى وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ كونهن فى الحجور ليس للاحتراز بل خرج مخرج العادة جريا على الغالب و انما قلت هكذا للاجماع على ان مال الفي ء هو للمسلمين كافة غنيهم و فقيرهم يصرف فى مصالحهم و يعطى لقضاة المسلمين و عمالهم و علمائهم و ان كانوا اغنياء و كذا للمقاتلة سواء كانوا غنيا او فقيرا- و كان ابو بكر رض يقسم المال بين الناس على السوية و كان عمر رض يفضل فى القسمة بفضلهم قال ابو يوسف فى كتاب الخراج حدثنى ابن ابى نجيح قال قدم على ابى بكر الصديق رض مال فقال من كان له عند النبي صلى اللّه عليه و سلم عدة فليات فجاء جابر بن عبد اللّه فقال قال لى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا و هكذا يشير بكفيه فقال له ابو بكر خذ فاخذ بكفيه ثم عده فوجده خمسمائة فقال خذ إليها الفا فاخذ الفا ثم اعطى كل انسان كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وعده شيئا و بقي بقية من المال فقسمه بين الناس بالسوية على الصغير و الكبير و الحر و المملوك و الأنثى فخرج على تسعة دراهم و ثلث لكل انسان فلما كان العام المقبل جال اكثر من ذلك فقسمه بين الناس فاصاب كل انسان عشرون درهما فجاء ناس من المسلمين قالوا يا خليفة رسول اللّه انك قسمت هذا فسويت بين الناس و عن الناس أناس لهم فضل و سوابق و قدم فلو فضلت اهل السوابق و القدم و الفضل بفضلهم قال فقال اما ما ذكرتم من السوابق و القدم فما أعرفني بذلك و انما ذلك شى ء ثواب على اللّه هذا معاش فالاسوة فيه خير من الاثرة فلما كان عمر بن الخطاب رض و جائته الفتوح فضل و قال لا اجعل من قاتل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كمن قاتل معه ففرض اهل السوابق و القدم من المهاجرين و الأنصار فمن شهد بدرا خمسة آلاف خمسة آلاف و لمن كان له اسلام كاسلام بدر دون ذلك أنزلهم على قدر منازلهم من السوابق قال ابو يوسف و حدثنى ابو معشر قال حدثنى عمر مولى عفرة و غيره قال لما جائت عمر بن الخطاب الفتوح و جائته الأموال قال ان أبا بكر رض راى فى هذا المال رايا ولى فيه راى اخر لا اجعل من قاتل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كمن قاتل معه ففرض للمهاجرين و الأنصار فمن شهد بدرا اربعة آلاف اربعة آلاف و فرض لازواج النبي صلى اللّه عليه و سلم اثنى عشر الفا إلا صفية و جويرية فانه فرض لهما ستة آلاف ستة آلاف فابيا ان يقبلا فقال لهما انما فرضت لهن للّهجرة فقالتا لا انما فرضت لهن لمكانهن من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و كان لنا مثله فعرف ذلك عمر ففرض لهما اثنى عشر الفا اثنى عشر الفا و فرض للعباس عم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اثنى عشر الفا و فرض لاسنامة بن زيد اربعة آلاف و فرض لعبد اللّه بن عمر ثلثة آلاف فقال يا أبت لم زدته على الفا ما كان لابيه من الفضل ما لم يكن لابى و ما كان له مالم يكن لى فقال ان أبا اسامة كان أحب الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من أبيك و كان اسامة أحب الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم منك و فرض للحسن و الحسين خمسة آلاف خمسة آلاف اطفهما بابيهما لمكانهما من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و فرض لابناء المهاجرين و الأ نصار الفين الفين فمر به عمرو بن ابى سلمة فقال زيدوه الفا فقال له محمد بن عبد الرحمن بن جحش ما كان لابيه ابى سلمة ما لم يكن لا بائنا و ما كان له مالم يكن لنا فقال عمرانى فرضت له بابيه ابى سلمة الفين و زدته بامه أم سلمة الفا فان كانت لك أم مثل أم سلمة زدتك الفا و فرض لاهل و الناس ثمانمائة فجائه طلحة بن عبيد اللّه بأخيه ففرض له ثمانمائة فمر به النضر بن انس فقال عمر افرضوا له الفين فقال ان أبا هذا يفنى يوم أحد فقال ما فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقلت ما أراه الا قد قتل فسل سيفه و كسر غمده و قال ان كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد قتل فان اللّه حى لا يموت فقاتل حتى قتل و هذا يرعى الشاء فى مكان كذا كذا فعمل عمر بهذا خلافته قال ابو يوسف و حدثنى محمد بن اسحق عن ابى جعفر ان عمر لما أراد ان يفرض للناس و كان رايه اخر من رايهم قالوا له ابدا بنفسك فقال لا فبدأ بالاقرب فالاقرب من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ففرض للعباس ثم لعلى حتى و الى بين خمس ... حتى انتهى الى عدى بن كعب قال حدثنا المخالد ابن سعيد عن الشعبي عمن شهد عمر بن الخطاب قال لما فتح اللّه عليه الفارس و الروم جمع ناسا من اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال ما ترون فانى ارى ان اجعل عطاء الناس فى كل سنة و اجمع المال فانه أعظم للبركة قالوا أضع ما رايت فانك إنشاء اللّه موفق ففرض الاعطيات فقال بمن ابدأ فقال عبد بن عوف ابدأ بنفسك فقال لا و اللّه و لكن ابدأ ببني هاشم رهط النبي صلى اللّه عليه و سلم فكتب من شهد بدرا من بنى هاشم من مولى او عربى لكل رجل منهم خمسة آلاف و للعباس بن عبد المطلب اثنى عشر الفا ثم فرض لمن شهد بدرا من بنى امية بن عبد الشمس ثم الأقرب فالاقرب الى بنى هاشم ففرض للبدريين أجمعين عربيهم و مولاهم خمسة آلاف و للانصار اربعة آلاف اربعة آلاف و كان أول انصارى فرض له محمد بن مسلمة و لازواج النبي صلى اللّه عليه و سلم عشرة آلاف و لعائشة اثنى عشر الفا و لمهاجرة حبشة اربعة آلاف اربعة آلاف و لعمر بن ابى سلمة لمكان أم سلمة اربعة آلاف فقال محمد بن عبد اللّه بن حجش لم تفضل علينا فذكر نحو ما ذكر فى الحديث السابق و للحسن و الحسين خمسة آلاف لمكانهما من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثم فرض للناس ثلاثمائة و اربعمائة للعربى و المولى و فرض لنساء المهاجرين و الأنصار ستماية و اربعمائة و ثلاثمائة و مائتين و فرض لا ناس من المهاجرين الفين الفين و فرض للبرقيل حين اسلم الفين و قال له دع ارضى فى يدى اعمرها و أؤدي عنها الخراج ما كانت تودى فض قال ابو يوسف و حدثنى محمد بن عمرو بن علقمة عن ابى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن ابى هريرة فذكر حديثا و فيه فرض للمهاجرين خمسة خمسة آلاف و للانصار ثلثة ثلثة آلاف و لازواج النبي صلى اللّه عليه و سلم اثنا عشر اثنا عشر الفا فلما اتى زينب بنت حجش مالها قالت يغفر اللّه امير المؤمنين لقد كان فى صواحباتى من هو أقوى على قسمة هذا منى فقيل ان هذا كله لك ناصرت به فصب و عطته بثوب ثم قالت لبعض من عندها ادخلى يدك لان فلان الفلان فلم تزل تعطى حتى قالت لها التي قلت تدخل يدها لا أراك تذكيرينى ولى عليك حق قالت لك ما تحت الثوب فكشفت فاذا ثمه خمسة و ثمانون درهما ثم رفعت يدها فقالت اللّهم لا يدركنى عطاء لعمر بن الخطاب بعد عامى هذا ابدا فكانت أول ازواج النبي صلى اللّه عليه و سلم طوقابه زينب و ذكر لنا انها أسخى ازواج النبي صلى اللّه عليه و سلم و حمل عمر زيد بن ثابت عطاء الأنصار فبدأ باهل العوالي فبدأ بينى عبد الأشهل ثم الأوس لبعد منازلهم ثم الخزرج حتى كان هو اخر الناس و هم بنو مالك بنى نجاروهم حول المسجد و قال ابو يوسف و حدثنى شيخ من اهل المدينة عن اسمعيل بن السائب بن يزيد عن أبيه قال سمعت عمر ابن الخطاب رض يقول و اللّه الذي لا اله الا هو ما أحد الا و له فى هذا المال حق أعطيه او منعته و ما أحدا حق به من أحد الا عبد مملوك و ما انا فيه الا كاحدكم و لكن على منازلهم لنا من كتاب اللّه تعالى و قسمنا من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فالرجل و تلاده فى الإسلام و الرجل و قدمه فى الإسلام و الرجل و غناه فى الإسلام و الرجل و حاجته فى الإسلام و اللّه لئن بقيت لياتين الراعي لجبل صنعاء حظه من هذا المال و هو مكانه قبل ان يحمر وجهه يعنى فى طلبه و كان ديوان حمير على حدة و كان يفرض لامير الجيوش و العرى فى العطاء ما بين تسعة آلاف و ثمانية آلاف و سبعة آلاف على قدر ما يصلحهم من الطعام و ما يقومون به من الأمور قال و كان يفرض للمنفوس إذا ترحته امه فاذا ترعرع بلغه به مائتين فاذا بلغ زاده قال و لما راى المال قد كثر قال لئن عشت الى هذه الليلة من قابل لا لحقن اخرى الناس باولادهم حتى يكونوا فى العطاء سواء قال فتوفى قبل ذلك (مسئله) اختلف الائمة ان المال الذي يحصل بلا قتال كجزية و عشر تجارة و ما جلوا عنه خوفا و ما صولحوا عليه و مال مرتد قتل او مات و مال ذمى مات بلا وارث و زكوة بنى تغلب و ما أهداه اهل الحرب الى الامام و كذا خراج الأرض هل يخمس أم لا فقال ابو حنيفة و مالك و احمد فى اظهر قوليه لا يخمس بل جميعه لمصالح لما صلح المسلمين كسد الثغور و بناء القناطير و الجسور و يعطى قضاة المسلمين و المختسبين و عمالهم و علماءهم منه ما يكفيهم و يدنو منه أرزاق المقاتلة و ذراريهم كذا فى الهداية و فى التجنسن يعطى المعلمين و المتعلمين و يدخل فيه طلبة العلم ايضا و قال الشافعي فى القديم لا يخمس الا ما تركوه فزعا و هربوا و فى الجديد انه يخمس جميع ذلك ثم يجعل الخمس خمسة أسهم سهم منها لبنى هاشم و بنى المطلب يشرك فيه الغنى و الفقير و يعطى للذكر مثل حظ الأنثيين و سهم لليتامى او هو صغير لا اب له و يشترط فقره على المشهور و سهم للمساكين و سهم لابن السبيل و يعم الأصناف الاربعة المذكور و قيل يخص بالحاصل فى كل ناحية من فيها منهم و سهم لمصالح المسلمين كسد الثغوز و القضاة و العلماء و يقدم الأهم و اما الأخماس الاربعة فالاظهر انها للمرتزفة و هم أجناد المرصدون للجهاد فيضع الامام ديوانا فيعطى كل واحد منهم كفاية و يقدم فى الإعطاء قريشا و منهم بنى هاشم و المطلب ثم عبد الشمس ثم نوفل ثم عبد العزى ثم ساير البطون الأقرب فالاقرب الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثم الأنصار ثم ساير العرب ثم العجم و لا يثبت فى الديوان أعمى و لا زمنا و لا من لا يصلح للقتال فان فضلت الأخماس الاربعة عن حاجات المرتزفة وزع عليهم على قدر مؤنتهم و الأصلح انه يجوز ان يصرف بعضه فى إصلاح الثغور و الكراع هذا حكم منقول الفي ء و اما عقارة فالمذهب ان يجعل وقفا و يقسم غلته كذلك كذا فى المنهاج و يؤيد مذهب الجمهور فى عدم التخميس ما ذكره محمد بن يوسف الصالحي فى سبيل الرشاد فى اموال بنى النضير انه قال عمر بن خطاب يا رسول اللّه الا تخمس ما أصبت فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا اجعل شيئا جعله اللّه تعالى دون المؤمنين بقوله تعالى ما أفاء اللّه على رسوله من اهل القرى الاية كهيئته ما وقع فيه السهمان قال ابن همام ذكروا ان قول الشافعي فى تخميس الجزية مخالف للاجماع قال الكرخي ما قال به أحد قبله و لا بعده و لا فى عصره و وجه قوله القياس على الغنيمة قال ابن همام انه صلى اللّه عليه و سلم أخذ الجزية من مجوس هجر و نصارى نجران و فرض الجزية على اهل اليمن و لم ينقل منه التخميس و لو كان لنقل و روى ابو داود بسند فيه ضعف ان عمر بن عبد العزيز كتب الى عماله ان ما حكم عمر بن الخطاب فراه المؤمنون عدلا موافقا لقول النبي صلى اللّه عليه و سلم و اللّه تعالى اعلم. ١١ أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يعنى عبد اللّه بن سلول و أصحابه يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ فى الكفر او الصداقة و الموالات الَّذِينَ كَفَرُوا جهارا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ و هم اليهود من بنى النضير و القريظة و قد ذكرنا قصة عبد اللّه بن سلول انه أرسل الى بنى النضير رسولين و قال لا تخرجوا ان معى الفين يدخلون معكم حصنكم و اخرج ابن ابى حاتم عن السدى انه قال اسلم ناس من بنى قريظة و كان منهم منافقون نزلت فيهم هذه الاية و على هذا المراد بالاخوة فى النسب فكان المنافقون يقولون لبنى النضير لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ من دياركم من المدينة لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَ لا نُطِيعُ فِيكُمْ اى فى قتالكم او خذلانكم أَحَداً يعنى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و المؤمنين أَبَداً وَ إِنْ قُوتِلْتُمْ يعنى ان قاتلكم الرسول صلى اللّه عليه و سلم و المؤمنون لَنَنْصُرَنَّكُمْ عليهم وَ اللّه يَشْهَدُ حال من فاعل يقولون إِنَّهُمْ اى المنافقون لَكاذِبُونَ منصوب بتقدير القول يعنى و اللّه يشهد و يقول انهم لكاذبون او هو متعلق بيشهد بتضمن القول ثم بين كذبهم بقوله. ١٢ لَئِنْ أُخْرِجُوا اى اليهود لا يَخْرُجُونَ اى المنافقون جواب للقسم لفظا و جزاء للشرط معنى و كذا قوله تعالى لا ينصرونهم مَعَهُمْ وَ لَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ ج و فيه معجزة حيث كان الأمر فى المستقبل كذلك فان بنى نضير اخرجوا و لم يخرج معهم عبد اللّه بن ابى بن سلول و لا منافقوا قريظة و قريظة قوتلوا و قتلوا لم ينصرهم منافقوا مدينة وَ لَئِنْ نَصَرُوهُمْ على الفرض و التقدير و قال الزجاج معناه لو قصدوا نصر اليهود لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ منهزمين ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ اى كفار اليهود و لا يصيرون منصورين إذا انهزم ناصروهم و جاز ان يكون ضمير لا ينصرون راجعا الى المنافقين. ١٣ لَأَنْتُمْ ايها المسلمون أَشَدُّ رَهْبَةً اى مرهوبة فِي صُدُورِهِمْ اى المنافقين مِنَ اللّه حيث يومنون باللسان دون القلب مخافة الناس دون اللّه تعالى العالم بما فى الصدور ذلِكَ الخوف منكم دون اللّه تعالى بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ اى لا يعرفون اللّه تعالى و عظمته و ان اللّه تعالى هو النافع و الضار و افعال العباد انما هى مخلوقة له تعالى فهو الحقيق بان يخشى دون غيره. ١٤ لا يُقاتِلُونَكُمْ اى الكفار و المنافقون جَمِيعاً اى مجتمعين على عزم و اجتهاد و لا لقاء اللّه تعالى الرعب فى قلوبهم إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ بالاروب و الخناديق يعنى لا يبرزون لقتالكم رهبة منكم أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ ط قرا ابن كثير و ابو عمرو جدارا بكسر الجيم و فتح الدال و الف بعدها على التوحيد و امال ابو عمر و فتح الدال و الباقون بضم الجيم و الدال على الجمع بَأْسُهُمْ يعنى صبرهم و شجاعتهم بَيْنَهُمْ يعنى فى مقابلة الكفار بعضهم بعضا شَدِيدٌ يعنى ليس ذلك الرهبة منكم لضعفهم و جنبهم فانهم أشد بأسا ان حارب بعضهم بعضا بل لقذف اللّه الرعب فى قلوبهم معجزة لرسوله و إظهارا لدينه فان الشجاع يجبن و العزيز يذل إذا حارب اللّه و رسوله تَحْسَبُهُمْ يا محمد جَمِيعاً مجتمعين متفقين على حربكم وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى اى متشتة بسبب إلقاء الرعب فان فى حالة شدة الخوف لا يتقرر قلبه على نهج مستقيم بل قد يريد الحرب نظرا الى مصالح دنيوية و قد يريد الفرار لاستيلاء الرعب و الخوف ذلِكَ التشتت بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ ج الحق من الباطل و لا يتدبرون و لا يفهمون ان هذا الرعب انما استولى عليهم لكفرهم و محاربتهم بالنبي المحق صلى اللّه عليه و سلم. ١٥ كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعنى مثلهم اى بنى النضير كمثل الذين من قبلهم قَرِيباً يعنى اهل بدر من مشركى مكة كذا قال مجاهد و قال ابن عباس يعنى ببني قينقاع من اليهود هم قوم عبد اللّه بن سلام رض كانوا حلفاء عبد اللّه بن ابى بن سلول او عبادة بن الصامت و غيرهما من قومهما و كانوا أشجع يهود و كانوا صاغة ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ ج يعنى سوء عاقبة كفرهم و عداوتهم لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى الدنيا و ذلك انه لما قدم النبي صلى اللّه عليه و سلم مهاجرا و ادعته اليهود كلها كتب بينه و بينهم كتابا و الحق كل قوم بحلفائهم و جعل بينه و بينهم أمانا و شرط عليهم شروطا منهما ان لا يظاهروا عليه عدوا فلما كانت يوم بدر كانت قينقاع أول يهود و نقضوا العهد و أظهروا البغي و الحسد فبينماهم على ما هم عليه من اظهار العداوة و نبذ العهد قدمت امرأة من العرب يحلب لها فباعت بسوق بنى قينقاع و جلست الى صايغ بها لحلى فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فلم تفعل فعمد الصانع الى طرف ثوبها من ورائها فخله بشوكة و هى لا تشعر فلما قامت بدت عورتها فضحكوا منها فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصانع فقتله و كان يهوديا و شدت اليهود على المسلم فقتلوه و نبذوا العهد الى النبي صلى اللّه عليه و سلم و استصرخ اهل المسلم المسلمين على اليهود و غضب المسلمون فوقع الشر بينهم و بين بنى قينقاع و انزل اللّه سبحانه وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ على سواء فقال صلى اللّه عليه و سلم انما أخاف من بنى قينقاع فسار إليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بهذه الاية و حمل لوائه حمزة بن عبد المطلب و استخلف على المدينة أبا لبابة فتحصنوا فحاصرهم أشد الحصار فقاموا على ذلك خمسة عشر ليلة حتى قذف اللّه فى قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على ان للرسول صلى اللّه عليه و سلم أموالهم و ان لهم النساء و الذرية فكتفوا و استعمل على كنا فهم المنذرين قرامة السلمى و مشى عبادة بن الصامت الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قالوا يا رسول اللّه انوى اللّه و رسوله و ابرأ من حلف هؤلاء الكفار فقام الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عبد اللّه بن ابى بن سلول حين امكنه اللّه منهم و قال يا محمد احسن فى موالى فاعرض عنه فادخل يده فى جيب درع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من خلفه فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ويحك أرسلني و غضب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى رأوا بوجهه ظللا قال ويحك أرسلني قال و اللّه لا أرسلك حتى تحسن الى فى موالى اربعمائة حاسر و ثلاثمائة دارع قد صغرنى من الأحمر و الأسود و تحصدهم فى الغداة واحدة انى و اللّه امرأ أخشى الدوائر فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلوهم لعنهم اللّه و لعن من معهم و تركهم من القتل و أمرهم ان يجلوا من المدينة فخرجوا بعد ثلث و ولى إخراجهم منها عبادة بن الصامت و قال محمد بن مسلمة فجلعوا بأذرعات و أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من سلاحهم ثلثة فسع و در عين و ثلثة رماح و ثلثة اسياف و وجد فى منازلهم سلاحا كثيرا و فمعز الدولة الصناعة فاخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صيغة و الخمس و قسم اربعة أخماسه على اصحاب فكان أول خمس بعد بدر و كان هذه الواقعة يوم السبت لنصف من شوال سنه ه على راس عشرين شهرا من مهاجرته صلى اللّه عليه و سلم و نزل فى عبادة بن الصامت و عبد اللّه بن ابى بن سلول يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصارى أَوْلِياءَ آيات من سورة المائدة الى قوله هم الغالبون الاية و قد ذكرنا فى المائدة وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فى الاخرة يعنى لا ينقص عذابهم فى الاخرة بما أصابهم و بال أمرهم فى الدنيا. ١٦ كَمَثَلِ الشَّيْطانِ اى مثل المنافقين عبد اللّه بن ابى بن سلول و أشباهه فى اغترار اليهود على القتال كمثل الشيطان إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِي ءٌ مِنْكَ قال البغوي روى عطاء و غيره عن ابن عباس قال كان راهب فى الفترة يقال له برصيصا يعبد فى صومعة له سبعين سنة لم يعص اللّه فيها طرفة و ان إبليس اعياه فى امره الحيل فجمع ذات يوم م ردة الشياطين فقال الا أجد أحدا يكفينى امر برصيصا فقال الأبيض و هو صاحب الأنبياء و هو الذي تصدى للنبى صلى اللّه عليه و سلم و جاءه فى صورة جبرئيل ليوسوس على وجه الوحى فدفعه جبرئيل الى أقصى ارض الهند فقال الأبيض لابليس انا أكفيك فانطلق فتزين بزينة الرهبان و حلق وسط راسه و اتى صومعة برصيصا فناداه فلم يجبه و كان لا ينقتل من صلوته الا فى عشرة ايام و لا يفطر الا فى عشرة ايام مرة فلما راى الأبيض انه لا يجيبه اقبل على العبادة فى اصل صومعته فلما انفتل برصيصا اطلع من صومعة فراى الأبيض قايما يصلى فى هيئة حسنة من هيئة الرهبان فلما راى ذلك من حاله ندم فى نفسه حين لم يجبه فقال له انك ناديتنى و كنت مشتغلا عنك فما حاجتك قال حاجتى انى أحببت ان أكون معك فاتاوب بك و اقتبس من علمك و عملك و نجتمع على العبادة فتدعو لى و ادعو لك فقال برصيصا انى لفى شغل عنك فان كنت مؤمنا فان اللّه سيجعل لك فيما ادعو للمؤمنين نصيبا ان استجاب لى ثم اقبل على صلوته و ترك الأبيض و اقبل الأبيض يصلى فلم يلتفت اليه برصيصا أربعين يوما بعدها فلما انفتل راه قايما يصلى فلما راى برصيصا شدة اجتهاده قال ما حاجتك قال حاجتى ان تأذن لى فارتفع إليك فاذن له فارتفع اليه فى صومعته فاقام معه حولا يتعبد لا يفطر الا فى كل أربعين يوما و لا ينفتل عن صلوته الا فى كل أربعين يوما مرة و ربما مد الى الثمانين فلما راى برصيصا اجتهاده تقاصرت اليه نفسه و أعجبه شان الأبيض فلما حال الحول قال الأبيض لبرصيصا انى منطلق فان لى صاحبا غيرك ظننت انك أشد اجتهادا مما ارى و كان بلغنا عنك غير الذي رايت فدخل من ذلك على برصيصا امر شديد و كره مفارقته للذى راى منه شدة اجتهاده فلما ودعه قال له الأبيض ان عندى دعوات اعلمكها تدعو بهن فهن خير مما أنت فيه يشفى اللّه به السقيم و يعافى به المبتلى و المجنون قال برصيصا اكره هذه المنزلة لان لى فى نفسى شغلا انى أخاف ان علم به الناس شغلونى عن العبادة فلم يزل به الأبيض حتى علمه ثم انطلق حتى اتى إبليس فقال قد و اللّه أهلكت الرجل قال فانطلق الأبيض فتعرض لرجل فخنقه ثم جاء فى صورة رجل متطيب فقال لاهله ان لصاحبكم جنونا أفا عالجه قالوا نعم فقال لهم انى لا أقوى على جنبته و لكن أرشدكم الى من يدعو اللّه فيعا فيه انطلقوا الى برصيصا قال عنده الاسم الأعظم الذي إذا دعا به أجاب فانطلقوا اليه فسائوه ذلك فدعا بتلك الكلمات فذهب عنه الشيطان فكان الأبيض يفعل مثل ذلك بالناس و يرشدهم الى برصيصا فيعافون و انطلق الأبيض الى جارية من بنات ملوك بنى إسرائيل بين ثلثة اخوة و كان أبوهم ملكهم فمات و استخلف أخاه فكان عمها ملك بنى إسرائيل فجاء الأبيض الى تلك الجارية فعذبها و خنقها ثم جاء إليهم فى صورة متطيب فقال لهم أ تريدون ان أعالجها قالوا نعم قال ان الذي عرض لها مارد و لا يطلق و لكن سارشدكم الى رجل تثقون به تدعونها عنده إذا جاء شيطانها دعالها حتى تعلموا انها قد عوفيت و تردونها صحيحة قالوا و من هو قال برصيصا الزاهد قالوا و كيف لنا ان يجيبنا الى هذا و هو أعظم شانا من هذا قال ابنوا صومعة الى جنب صومعة حتى تشرفوا عليه فان قبلها و الا فضعوها فى صومعة ثم قولوا هى امانة عندك فاحتسب فيها قال انطلقوا اليه فسالوه فابى عليهم فبنوا صومعة على ما أمرهم به الأبيض فوضعوا الجارية فى صومعة فقالوا هذه أختنا هذه امانة فاحتسب فيها ثم انصرفوا فلما انفتل برصيصا من صلوته عاهن الجارية و ما بها من جمال فوقعت فى قلبه و دخل عليه امر عظيم فجاءها شيطان فخنقها فدعا برصيصا بتلك الدعوات فذهب الشيطان ثم اقبل على صلوته ثم جاءها فخنقها و كانت تكشف عن نفسها فجاءه الشيطان و قال واقعها فستتوب بعد ذلك و اللّه تعالى غفار الذنوب و الخطايا فتدرك ما تريد من الأمر فلم يزل به حتى واقعها فلم يزل على ذلك يأتيها حتى حملت فظهر حملها فقال له الشيطان ويحك قد افتضحت يا برصيصا فهل لك ان تقتلها و تتوب فان سالوك فقل ذهب بها شيطانها فلم اقدر عليه فقتلها ثم انطلق بها فدفنها الى جانب الجبل فجاء الشيطان و هو يدفنها ليلا فاخذ بطرف إزارها فبقى طرفة خارجها من التراب ثم رجع برصيصا الى صومعة فاقبل على صلوته إذ جاءه إخوتها يتعاهدون أختهم و كانوا يجيئون فى فرط الأيام يسألون عنها و يصونه بها فقالوا يا برصيصا ما فعلت أختنا قال قد جاء شيطانها فذهب بها و لم أطقه فصدقوه فانصرفوا فلما أمسوا و هم مكروبون جاء الشيطان الى أكبرهم فى منامه فقال ويحك ان برصيصا قد فعل بأختك كذا و كذا و انه دفنها فى موضع كذا فقال الأخ فى نفسه هذا حلم و هو من عمل الشيطان فان برصيصا خير من ذلك قال فتتابغ عليه ثلث ليال مرات ليلا فلم يكترث فانطلق الى الأوسط بمثل ذلك فقال الأوسط مثل ما قال الأكبر فلم يخبربه أحدا فانطلق الى أصغرهم بمثل ذلك فقال أصغرهم لاخويه و اللّه لقد رايت كذا و كذا و قال الأوسط و انا و اللّه قد رايت مثله ... فانطلقوا الى برصيصا و قالوا يا برصيصا ما فعلت أختنا قال أ ليس قد أعلمتكم بحالها فكانكم اتهمتموني فقالوا و اللّه ما نتهمك و استحيوا منه فانصرفوا فجائهم الشيطان و قال و يحكم انها لمدفونة فى موضع كذا و ان طرف إزارها خارج من التراب فانطلقوا فرأوا أختهم على ما رأوا فى النوم فمشوا فى مواليهم و غلمانهم معهم الفئوس و المساجى فهدموا صومعة فانزلوه ثم كتفوه فانطلقوا به الى الملك فاقر على نفسه و ذلك ان الشيطان أتاه فقال تقتلها ثم تكابر يجتمع عليك أمران قتل و مكابرة اعترف فلما اعترف امر الملك بقتله و صلبه على خشية فلما صلب أتاه الأبيض قال يا برصيصا أ تعرفني قال لا قال انا صاحبك الذي علمتك الدعوات فاستجيب لك ويحك ما اتقيت اللّه فى أمانتك خنت أهلها فانك زعمت انك اعبد بنى إسرائيل اما استحييت فلم يزل يعيره ثم قال فى اخر ذلك الم يكفك ما صنعت حتى أقررت على نفسك و فضحت نفسك و فضحت اشياهك من الناس فان مت على هذه الحالة فلم يفلح أحد من نظرايك قال فكيف اصنع قال تطيعنى فى خصلة واحدة حتى انجيك مما أنت فيه فاخذ باعينيهم و اخرجك من مكانك قال و ما هى قال تسجد لى قال افعل فسجد له فقال يا برصيصا هذا الذي أردت منك صار عاقبة أمرك الى ان كفرت بربك انى برى ء منك إِنِّي أَخافُ اللّه رَبَّ الْعالَمِينَ انما قال ذلك رياء و الا فالخشية من اللّه تعالى لم يخلق فى الشياطين و قيل المراد بالإنسان الجنس و يقول الشيطان اكفر اغراءه على الكفر إغراء الأمر المأمور و قوله انى برى ء بقوله فى الاخرة مخافة ان يشاركه فى العذاب و ينفعه ذلك نظيره قوله تعالى و قال الشيطان لما قضى الأمر إِنَّ اللّه وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ و قيل المراد بالإنسان ابو جهل قال له إبليس يوم بدر لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللّه يعنى من الهلاك فى الدنيا. ١٧ فَكانَ عاقِبَتَهُما اى الإنسان و الشيطان أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَ ذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ ١٨ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ اى نفس كل أحدكم ما قَدَّمَتْ يعنى اى شى ء قدمت من عمل صالح ينجيه او سى ء يوبقه فينزع عنه و يستغفر منه لِغَدٍ ج اى ليوم القيامة سماه غدا لدنوه أو لأن الدنيا كيوم واحد و الاخرة غد فى الحديث الدنيا يوم و لنا فيها صوم وَ اتَّقُوا اللّه ط تكرير للتاكيد او الاول لاداء الواجبات و الثاني لترك المحارم لاقترانه لقوله إِنَّ اللّه خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ و هو كالوعيد على المعاصي. ١٩ وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللّه فلا يبالون بإتيان مناهيه و ترك أوامره فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ اى حظوظ أنفسهم حتى لم يقدموا لها خيرا او أراهم يوم القيامة من الهول ما أنساهم أنفسهم أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ الكاملون فى الفسق. ٢٠ لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ اى الذين استمهنوا أنفسهم فاستحقوا النار و الذين استكملوا أنفسهم فاستحقوا الجنة استدل الشافعية بهذه الاية ان المسلم لا يقتل بالكافر قصاصا و ليس شى ء فان المراد عدم مساواتهم فى الاخرة حيث قال اللّه تعالى أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ بالنعيم المقيم. ٢١ لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللّه ط قيل هذا تمثيل و تخييل يعنى لو جعل فى الجبل تميزا و انزل عليه القران تخشع و تشقق و تصدع من خشية اللّه مع صلابته و رزانته حذرا من ان لا يؤدى حق اللّه عز و جل فى تعظيم القران و الكافر يعرفن عما فيه من العبر كان لم يسمعها و جاز ان يقال ان الجمادات ان كانت فى الظاهر عديمات الشعور لكنها بالنسبة الى خالقها ذات شعور و خشية قال اللّه تعالى وَ إِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّه و قال النبي صلى اللّه عليه و سلم الجبل ينادى الجبل اى فلان جبل هل مربك أحد يذكر اللّه فاذا قال نعم استبشر الحديث وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ فى الاية توبيخ على عدم تفكر الإنسان و تدبره و عدم تخشعه عند تلاوة القران لقساوة قلبه. ٢٢ هُوَ اللّه الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ ج قد بسطنا الكلام فى تفسير الغيب و الشهادة فى سورة الجن فى تفسير قوله تعالى لا يظهر على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسول هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ٢٣ هُوَ اللّه الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ الظاهر من كل عيب البليغ فى النزاهة عما لا يليق به السَّلامُ ذو السلامة من كل نقص وافة مصدر وصف به للمبالغة الْمُؤْمِنُ قال ابن عباس الذي أمن الناس من ظلم و أمن من أمن به من عذاب فهو من الامان ضد التخويف و قيل معناه المصدق لرسله بإظهار المعجزات الْمُهَيْمِنُ الشهيد على عباده بأعمالهم يقال همن يهمن إذا كان رقيبا على الشي ء كذا قال ابن عباس و مجاهد و قتادة و السدى و مقاتل كذا قال فى القاموس حيث قال همن على كذا إذا صار رقيبا عليه حافظا و كذا قال الخليل و قيل أصله ما من من الا من قلبت همزة الثانية ياء او الاولى هاء و معناه المؤمن كذا قال ابن زيد ان معناه المصدق و قال سعيد بن المسيب و الضحاك و ابن كيسان هو اسم من اسماء اللّه تعالى فى الكتب السماوية اللّه تعالى اعلم بتأويله الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ قال ابن عباس هو العظيم و جبروت اللّه عظيمه فهو صفة ذات و قيل هو من الجبر بمعنى الإصلاح يقال جبرت الأمر و جبرت العظم إذا أصلحته بعد الكسر فهو يغنى الفقير و يصلح الكسر فى الحديث جابر العظم الكسير و قال السدى و مقاتل هو الذي يقهر الناس و يجبر على ما أراد سئل بعضهم عن معنى الجبار قال هو القهار الذي إذا أراد امرا فعل لا يقدر أحد على ان يحجره الْمُتَكَبِّرُ ط التفعل للمبالغة و الكبر و الكبرياء الامتناع فهو الممتنع عن كل ما يوجب حاجة او نقصانا و قيل المتكبر المتعظم و قيل ذو الكبرياء و هو الملك سُبْحانَ اللّه عَمَّا يُشْرِكُونَ إذ لا يشاركه أحد فى شى ء من ذلك. ٢٤ هُوَ اللّه الْخالِقُ المقدر للاشياء كما قال يخلقكم فى بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق و فى القاموس المبدء الشي ء المخترع على غير مثال سبق الْبارِئُ الموجد للاشياء بريا من التفاوت فى القاموس برأ اللّه الحق كجعل برءا و بروءا خلقهم الْمُصَوِّرُ قال البغوي المماثل للمخلوق بالعلامات التي يتميز بها بعضها عن بعض يقال هذه صورة الأمر اى مثاله فاولا يكون خلقا ثم برأ ثم تصوير او فى الصحاح ما يتنقش به الأعيان و يتميز بها عن غيرها و ذلك ضربان أحدهما محسوس يدركه الخاصة و العامة بل يدركه الإنسان و كثير من الحيوانات كصورة الإنسان و الفرس و الجماد بالمعاينة قلت و منه و ما امتاز به زيد من عمرو الثاني معقول يدركه الخاصة دون العامة كالصورة التي اختص بها الإنسان من الفعل و المعاني التي خص بها شى ء دون شى ء و الى الصورتين أشار اللّه تعالى بقوله خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ و قال صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ و قال فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ و قال هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ و قال عليه الصلاة و السلام ان اللّه تعالى خلق آدم على صورته فالصورة أراد بها ما خص الإنسان به من الهيئة المدركة بالبصر و البصيرة و بها فضله على كثير من الخلق و اضافة الى اللّه على سبيل الملك لا على سبيل البعضية و التشبيه تعالى عن ذلك و ذلك على سبيل التشريف كقوله بيت اللّه و ناقة اللّه قلت و يمكن ان يراد به خلقه تعالى على صفاته من العلم و القدرة و الارادة و نحو ذلك التي بها لبس خلعة الخلافة و امتاز به عما عداه و احتمل ثقل الامانة و جاز ان يكون ضمير صورته راجعا الى آدم يعنى خلقه على صورة لم يعط أحدا غيره و اللّه تعالى اعلم لَهُ تعالى الْأَسْماءُ الْحُسْنى ط الدالة على محاسن الصفات و المعاني يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لتنزهه عن النقائص كلها وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ع الجامع للكمالات كلها فانها راجعة الى الكمالات فى القدرة و العلم عن المعقل بن يسار ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال من قال حين يصبح ثلث مرات أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم فقرأ ثلث آيات من اخر سورة الحشر و كل اللّه به سبعين الف ملك يصلون عليه حتى يمسى فان مات فى ذلك اليوم مات شهيدا و من قال حين يمسى كان بتلك المنزلة رواه الترمذي و قال حديث غريب و عن ابى امامة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من قرا خواتيم الحشر من ليلة او نهار فقبض فى ذلك اليوم او ليلة فقد أوجب الجنة رواه ابن عدى و البيهقي و سنده ضعيف. |
﴿ ٠ ﴾