٢

هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ بيان للموصول يعنى بنى النضير كانوا من أولاد هارون عليه السلام مِنْ دِيارِهِمْ التي كانت لهم بالمدينة قال ابن اسحق كان اجلاء بنى نضير عند مرجع النبي صلى اللّه عليه و سلم من أحد و فتح قريظة عند مرجعه عن الأحزاب و بينهما سنتان و سبب إخراجهم ان النبي صلى اللّه عليه و سلم لما دخل المدينة صالح بنو النضير على ان لا تقاتلوه و لا تقاتلوهن معه فقبل ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم منهم فلما غزا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بدرا و ظهر على المشركين قالت بنو النضير و اللّه النبي الذي وجدنا نعته فى التوراة لا ترد له راية فلما غزا أحد و انهزم المسلمون ارتابوا و أظهروا العداوة لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و المؤمنين و نقضوا العهد الذي كان بينهم و بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ركب كعب بن الأشرف من بنى النضير فى أربعين راكبا من اليهود الى مكة فاتوا قريشا فحالفوهم و عاقدوهم على ان يكون كلمتهم واحدة على محمد و دخل ابو سفيان فى أربعين من قريش و كعب فى أربعين من اليهود المسجد و أخذ بعضهم على بعض الميثاق بين الأستار و الكعبة ثم رجع كعب و أصحابه الى المدينة فنزل جبرئيل فاخبر النبي صلى اللّه عليه و سلم بما تعاقد عليه كعب و ابو سفيان و امر النبي صلى اللّه عليه و سلم بقتل كعب بن الأشرف فقتله محمد بن مسلم ذكرنا قصة قتله فى سورة ال عمران فى قوله تعالى لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً و كان النبي صلى اللّه عليه و سلم اطلع منهم على خيانات منها انهم أرسلوا الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان اخرج إلينا فى ثلثين من أصحابك و ليخرج منا ثلثون حبرا حتى نلتقى بمكان نصف بيننا و بينك فسمعوا منك فان صدقوك و أمنوا بك أمنا بك كلنا فلما كان الغد غدا إليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى ثلثين من أصحابه و خرج اليه ثلثون حبرا من يهود حتى إذا برزوا فى براز من الأرض قال بعضهم لبعض كيف تخلصون اليه و معه ثلثون رجلا من أصحابه كلهم يحب ان يموت قبله فارسلوا اليه كيف نفهم و نحن ستون رجلا اخرج فى ثلثة من أصحابك و يخرج إليك ثلثة من علمائنا فيسمعون منك فان صدقوك و أمنوا بك أمنا بك فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى ثلثة من أصحابه و خرجت ثلثة من اليهود و اشتملوا على الخناجر و أرادوا الفتك برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فارسلت امرأة ناصحة من بنى النضير الى أخيها و هو رجل مسلم من الأنصار فاخبرته ما أراد بنو النضير من الغدر برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاقبل أخوها سريعا حتى أدرك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فساره بخبرهم قبل ان يصل إليهم فرجع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى المدينة روى القصة ابو داود و البيهقي و عبد ابن حميد و عبد الرزاق بإسناد صحيح و ذكروا حديثا طويلا و فيه ان بنى النضير فعلوا ذلك الغدر حين كتب إليهم قريش بعد وقعة بدر انكم اهل الحلقة و الحصون و انكم لتقاتلن صاحبنا او لتفعلن كذا و ذكر البغوي هذه القصة و قال بعد ذلك فلما كان الغد غدا إليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بالكتاب فحاصرهم احدى و عشرين ليلة و من خياناتهم ان النبي صلى اللّه عليه و سلم لما أتاهم يستعين فى دية الرجلين الذين قتلهما عمرو بن امية الضميري فى منصرفه من بيرمعونة فهمت اليهود ان يطرحوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حجرا من فوق الحصن فعصمه اللّه تعالى و أخبره به ذكرنا القصة فى سورة المائدة فى تفسير قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّه عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ الاية ذكر ابن حميد عن عكرمة ان اللّه سبحانه لما اخبر نبيه بذلك و رجع نبى اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى المدينة قال لهم كنانة بن صوريا هل تدرون لم قام محمد قالوا لا و اللّه ما ندرى و ما تدرى أنت قال بلى و التوراة انى لا درى قد اخبر محمد بما هممتم به من الغدر فلا تخدعوا أنفسكم و اللّه انه رسول اللّه و ما قام الا انه اخبر بما هممتم و انه لاخر الأنبياء و كنتم تطمعون ان يكون من بنى هارون فجعله اللّه حيث شاء و ان كتبنا و الذي درسنا فى التوراة التي لم تغير و لم تبدل ان مولده بمكة و ان دار هجرته يثرب وصفته بعينها ما يخالف حرفا مما فى كتابنا و لكانى انظر إليكم طاعنين يتضاعى صبيانكم قد تركتم دوركم خلوفا أموالكم و انما هى شرفكم فاطيعونى فى خصلتين و الثلاثة لا خير فيها قال مادبا؟؟؟ يسلمون و تدخلون مع محمد فتامنوا على أموالكم و أولادكم و تكونوا على ما عليه أصحابه و يبقى بايديكم أموالكم و لا تخرجون من دياركم قالوا لا نفارق التوراة و عهد موسى قال فانه مرسل إليكم اخرجوا من بلدي فقولوا نعم فانه لا يستحل لكم دما و لا مالا و يبقى أموالكم ان شئتم بعتم و ان شئتم امسكتم قالوا اما هذه فنعم قال سلام بن مشكم قد كنت لما صنعتم كارها و هو مرسل إلينا ان اخرجوا من دارى فلا تعقب ماضى ء كلامه و أنعم له بالخروج من بلده فلما دخل النبي صلى اللّه عليه و سلم المدينة أرسل الى محمد بن مسلمة فلما جاء قال اذهب الى اليهود بنى النضير فقل لهم ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أرسلني إليكم ان اخرجوا من بلدي فلما جائهم قال ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أرسلني برسالة و لست اذكرها لكم حتى أعرفكم بشى ء تعرفونه فقالوا ما هو فقال أنشدكم بالتوراة التي انزل على موسى هل تعلمون انى جئتكم قبل ان يبعث محمد صلى اللّه عليه و سلم و بينكم التوراة فقلتم لى فى مجالسكم هنايا ابن المسلم ان شئت ان نعذبك عذبناك و ان شئت نهودك هودناك فقلت بل عذبونى و لا تهودونى فانى و اللّه ما اتهود ابدا فعذبتمونى فى صفحة لكم و اللّه لكانى انظر إليها كانها جذعة فقلتم لى ما يمنعك من ديننا الا انه دين يهود كانك تريد الحنيفة التي سمعت بها اما ان أبا عامر الراهب ليس بصاحبها بل صاحبها الضحوك القتال فى عينيه حمرة و يأتي من قبل اليمن يركب البعير و يلبس الشملة و تجزى بالكسرة و سيفه على عاتقه ينطق بالحكمة كانه و سنحيكم هذه و اللّه ليكونن بقريتكم هذه سلب و قتل و مثل قالوا اللّهم نعم قد

قلنا و ليس به فاقد فقلت ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أرسلني إليكم انكم قد نقضتم الذي جعلت لكم بما هممتم به من الغد ربى و أخبرهم بما كانوا هموا به و ظهور عمرو بن حجاش على البيت ليطرح عليه الصخرة و يقول اخرجوا من بلدي و قد أجلتكم عشرا فمن راى بعد ذلك ضربت عنقه فمكثوا على ذلك أياما يتجهزون و أرسلوا الى ظهرهم بالحد فبيناهم على ذلك إذا جائهم رسول عبد اللّه بن ابى بن سلول سويد و اعس فقالا يقول عبد اللّه بن ابى لا تخرجوا من دياركم و أموالكم و اقيموا مع حصونكم فان معى الفين من قومى و غيرهم من العرب يدخلون معكم حصنكم فيموتون من آخرهم قبل ان يوصل إليكم و يمدكم قريظة فانهم لم يخذ لو كم يمدكم حلفائكم من غطفان و أرسل ابن ابى كعب بن اسد القرظي يكلمه ان يمده أصحابه فقال لا ينقض رجل واحد العهد فيئس ابن ابى اخطب بن قريظة و أراد ان يلحم الأمر فيما بين النضير و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فلم يزل يرسل الى حيى بن اخطب فقال حيى انا أرسل الى محمدا علمه ان لا يخرج من ديارنا فليضع ما بدا له و طمع حيى فيما قال ابن ابى فقال له سلام بن مشكم لو لا ان يسفه رايك لاعتزلتك بمن أطاعني من يهود فلا تغفل يا حيى فو اللّه انك لتعلم و نعلم من معك انه لرسول اللّه و ان صفته عندنا و انما لم نتبعه لانا حسدناه حيث خرج النبوة من بنى هارون فلتقبل ما أعطانا من الأمر و تخرج من بلاده و قد عرفت انك حالفننى فى العذر به فاذا كان او ان التمر جئنا او جائنا الى تمرة او صنع ما بدا له ثم انصرف إلينا فلم يقبل حيى قوله و أرسل حيى أخاه جدى بن اخطب الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقوله انا لا نبرح من ديارنا و أموالنا فاصنع ما أنت صانع و امره ان يأتي ابن ابى فيخبره برسالته الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و يأمره ان يتعمل ما وعد من النضير فلما سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رسالة قول جدى بن اخطب اظهر التكبير و كبر المسلمون لتكبيره و قال حاربت يهود ثم دخل جدى على ابن ابى و هو فى بيته و معه نفر من جلسائه و قد نادى منادى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يأمرهم بالسير الى بنى النضير فدخل عبد اللّه بن عبد اللّه بن ابى على ابنه و على النضر الذين معه و عنده جدى بن اخطب فليس درعه و أخذ سيفه و خرج بعد فجاء جدى الى حيى فقال ما ورائك قال الشر ساعة أخبرت محمدا ما أرسلت به اظهر التكبير و قال حاربت يهود قال و جئت ابن ابى فلم ار عنده خبرا قال انا أرسل الى حلفاء من غطفان فيدخلون معكم فسار النبي صلى اللّه عليه و سلم الى بنى النضير و استخلف على المدينة ابن أم مكتوم و صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم العصر بفناء النضير فلما أراد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه قاموا على جدر حصونهم يرمون بالنبل و الحجارة و اعتزلهم بنو قريظة فلم يعينوهم فلما صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم العشاء رجع الى بيته فى عشرة من أصحابه استعمل على العسكر عليا و يقال أبا بكر و بات المسلمون يحاصرونهم حتى أصبحوا ثم اذن بلال فغدا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى أصحابه الذين كانوا معه فصلى بالناس فى قضاء بنى حطم فارسل حيى الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نحن نعطيك الذي سالت و نخرج من بلادك فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا اقبله اليوم و لكن اخرجوا منها و لكم ما حملت الإبل الا الحلفة فقال سلام بن مشكم اقبل ويحك قبل ان تقبل شرا من ذلك قال حيى ما يكون شرا من هذا قال يسبى الذرية و يقتل القاتل مع الأموال و الأموال أهون علينا فابى حيى ان يقبل يوما او يومين فلما راى ذلك يامين بن عمير و ابو سعيد ابن وهب قال أحدهما لصاحبه و اللّه انك لتعلم انه رسول اللّه فما تنظران نسلم فتامن على دمائنا و أموالنا فنزلا من الليل فاسلما و حرز أموالهما و دمائهما و حاصر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على قول محمد بن عمرو بن سعد و البلاذري و ابو معشر و ابن حبان خمسة عشر يوما و قال ابن اسحق و ابو عمرو ست ليال و قال سليمان التيمي قريبا من عشرين ليلة و قال ابن الطلاع ثلث و عشرين ليلة و عن عائشة خمسة و عشرين و كانوا فى حصارهم يخربون بيوتهم بايديهم مما يليهم و كان المسلمون يخربون بايديهم و يحرقون حتى وقع الصلح و نزلت اليهود على ان لهم ما حملت الإبل الا الحلقة و جعل ما بين الرجل من قيس عشرة دنانير و يقال خمسة اوسق من تمر حتى قتل عمرو بن حجاش غيلة فسر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال بنو النضير ان لنا ديونا على الناس فقال عليه السلام تعجلوا فكان لابى رافع على أسيد بن حضير عشرين و مائة دينارا الى سنة فصالحة على ثمانين فخرجت بنو النضير جملوا النساء و الذرية و ما استقلت به الإبل من الامتعة فكان الرجل يهدم بيته عن إيجاف بابه و قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الأموال و الحلقة فوجد خمسين درعا و خمسين بيضة و ثلاثمائة و أربعين سيفا قال ابن عباس صالحهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على ان يحمل كل اهل ثلثة أبيات على بعير ما شاؤا من متاعهم و للنبى صلى اللّه عليه و سلم ما بقي و قال الضحاك اعطى كل ثلثة نفر بعيرا ففعلوا ذلك فخرجوا من المدينة الى الشام اى أذرعات و أريحا الا اهل ستين ال حقيق و ال حيى بن اخطب فانهم لحقوا الخيبر و لحقت طائفة منهم بالحيرة فذلك قوله تعالى هو الذي اخرج الذين كفروا من اهل الكتاب من ديارهم لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ط اللام بمعنى الوقت كما فى قوله تعالى قَدَّمْتُ لِحَياتِي قال الزهري كانوا فى سبط لم يصبهم جلاء فيما مضى و كان اللّه عز و جل قد كتب عليهم الجلاء و لو لا ذلك لعذبهم فى الدنيا و قال ابن عباس و من شك ان المحشر بالشام فليقرأ هذه فكان هذا أول حشر الى الشام قال لهم النبي صلى اللّه عليه و سلم اخرجوا قالوا الى اين قال الى ارض المحشر ثم يحشر الخلق يوم القيامة الى ارض الشام و قال الكلبي انما قال لاول الحشر لانهم كانوا أول من اجلى من اهل الكتاب من جزيرة العرب- ثم اجلى آخرهم عمر بن الخطاب رض و قال مرة الهمداني كان أول الحشر من المدينة و الحشر الثاني من خيبر و جميع جزيرة العرب الى أذرعات و أريحا من الشام فى ايام عمر و قال قتادة كان هذا أول الحشر و الحشر الثاني نار تحشرهم من المشرق الى المغرب تبيت معهم حيث باتوا و تقيل معهم حيث قالوا روى البخاري من حديث انس أول اشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق الى المغرب من غير ذكر الاية و الحشر إخراج جمع من مكان الى اخر ما ظَنَنْتُمْ ايها المؤمنون أَنْ يَخْرُجُوا لشدة بأسهم و منعتهم حال من فاعل اخرج وَ ظَنُّوا اى بنو النضير عطف على ما ظننتم أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللّه يعنى ان حصونهم تمنعهم من بأس اللّه و سلطانه حصونهم مبتداء و ما نعتهم خبر مقدم عليه و الجملة خبر ان و تغير النظم و تقديم الخبر و اسناد الجملة الى ضميرهم للدلالة على فرط وثوقهم بحصانتها و زعم انهم فى عزة و منعة لسببها و يجوز ان يكون ما نعتهم مبتداء من القسم الثاني صفة و حصونهم فاعل له و الجملة خبر ان ايضا فَأَتاهُمُ اللّه اى امر اللّه و عذابه و هو الاضطرار الى الجلاء مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا حيث القى الرعب فى قلوبهم وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ الفزع و الخوف كذا فى القاموس او المعنى القى فيها الخوف الذي يرعيها اى يملاها كذا

قال البيضاوي و فى القاموس رعبه كمنعه ملاه عطف تفسيرى على اتبعهم بيان لجهة إتيان عذابهم يُخْرِبُونَ صفة مصارع بمعنى الماضي أورد لاستحضار صورة بديعة بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَ أَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ عطف على أيديهم من حيث ان تخريب المؤمنين سبب لبغضهم و نقض عهدهم فكانهم استعملوهم فيه و الجملة حال من الموصول المفعول لا خرج فى قوله تعالى هو الذي اخرج الذين كفروا او بدل اشتمال من قوله تعالى قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ كانه تفسير له او مستانفة فى جواب ما صنعوا قرا ابو عمرو يخربون بالتشديد من التفعيل و هو ابلغ لما فيه من التكثير و الباقون بالتخفيف من للافعال و قيل الأحزاب؟؟؟ التعطيل و ترك الشي ء خرابا و التخريب ان النبي صلى اللّه عليه و سلم صالحهم على ان لهم ما أقلت الإبل فكانوا ينظرون الى الخشب فى منازلهم فيهدمونها و ينزعون منها ما يحتسنونه فيحملونه على بلهم و يخرب المؤمنون باقيها و قال ابن زيد كانوا يقلعون العمد و ينقضون السقوف و ينقبون الجدر ان و يقلعون الخشب حتى الأوتاد و يخربونها لئلا يسكنها المؤمنون حسدا او بغضا و قال قتادة كان المسلمون يخربون ما يليهم و يخربها اليهود و من داخلها قال ابن عباس كلما ظهر المسلمون على دار من دورهم هدموها ليتسع لهم المقاتل و جعلوا اعداء اللّه ينقبون دورهم فى أدبارها فيخرجون الى التي بعدها فيتحصنون فيها و يكسرن ما يليهم و يرمون بالتي خرجوا منها اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فذلك قوله تعالى يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ الاية فَاعْتَبِرُوا فانظروا و اتعظوا بما نزل بهم و لا تفعلوا من الكفر و الفسوق مثل ما فعلوا كيلا ينزل بكم مثل ما نزل بهم من العذاب استدلوا بهذه الاية على حجة القياس من حيث انه تعالى امر بالاعتبار و المجاوزة من اصل الى فرع لمشاركة بينهما فى وصف يصلح سبا لذلك الحكم يا أُولِي الْأَبْصارِ يا ذوى العقول و البصائر قال محمد بن يوسف الصالحي فى سبيل الرشاد انه قال محمد بن عمر حدثنى ابراهيم بن جعفر عن أبيه قال لما خرجت بنو النضير اقبل عمرو بن سعد اليهود فاطاف بمنازلهم فراى خرابا ففكر ثم رجع الى بنى قريظة فقال رايت اليوم عبر ارايت دار إخواننا خالية بعد ذلك العز و الشرف و الجلد و الرأي الفاضل و العقل البارع قد تركوا أموالهم و ملكها غيرهم و خرجوا خروج ذل و قد وقع قبل ذلك بابن الأشرف بيانا فى بيته افتادا وقع بابن سنية سيد يهود و اجلدهم و انجدهم و وقع ببني قينقاع و اجلاءهم و هم جد يهود كانوا اهل عدة و سلاح و نحده فحصرهم فلم يخرج انسان راسه حتى سباهم فكلهم فيهم فتركهم على ان اجلائهم من يثرب يا قوم لقد رايتم فاطيعونى و تعالوا نتبع محمدا فو اللّه انكم لتعلمون انه بنى و قد بشرنا به علمائنا آخرهم ابن السيان ابو عمير و ابن حواس هما اعلم يهود جاءا من بيت المقدس يتوكفان قدومه ثم أمرنا باتباعه و ان نقربه منهما السلام ثم ماتا على دينه و دفنا لحبرتنا هذه فاسكنت القوم فلم يتكلم منهم متكلم فاعاد الكلام او نحوه و خوفهم بالحرب و السبي و الجلاء فقال الزبير بن باطا و التوراة قد قرأت صفة فى كتاب باطا التوراة التي نزلت على موسى ليس فى المثاني التي أحدثنا فقال له كعب بن سعد ما يمنعك يا أبا عبد الرحمن من اتباعه قال أنت قال فلم و التوراة ما جعلت بينك و بينه قط قال الزبير بل أنت صاحب عهدنا و عقدنا فان اتبعته اتبعناك و ان أبيت أبينا فاقبل عمرو بن سعدى على كعب فقال اما و التوراة التي نزلت على موسى يوم طور سينا انه للعز و الشرف فى الدنيا انه لعلى منهاج موسى و نزل معه أمته فى منزله غدا فى الجنة قال كعب نقيم على عهدنا و عقدنا فلا يخضر محمد ذمتكم و ننظر ما يصنع حيى فقد اخرج إخراج ذل و صغار ذلا فلا أراه يغزو محمدا فان ظفر بمحمد فهو ما أردنا و أقمنا على ديننا و ان ظفر بحيي فما فى العيش خير نحو لنا من جراره قال عمرو بن سعدى و لم تؤخر الأمر و هو مقبل قال كعب ما على هذا فوات متى أردت هذا من محمدا جابنى اليه قال عمرو بلى و التوراة انه عليه نعوتا إذا سار إلينا محمد فيخبانا فى حصوننا حتى ننزل على حكمه فيضرب أعناقنا قال كعب بن اسد ما عندى فى امره الا ما قلت ما نطيب نفسى ان أصير تابعا يقول هذا لاسرائيلى و لا يعرف لى فضل النبوة لا قدر الفعال قال عمرو بن سعدى بل لعمرى ليعرفن ذلك لك فبينماهم على ذلك لم يزعم الا بمقدم النبي صلى اللّه عليه و سلم قد حلت بساحتهم فقال هذا الذي قلت لك و ذلك انهم نقضوا عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و حاربوه فى وقعة الخندق.

﴿ ٢