١٥

كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعنى مثلهم اى بنى النضير كمثل الذين من قبلهم قَرِيباً يعنى اهل بدر من مشركى مكة كذا قال مجاهد و قال ابن عباس يعنى ببني قينقاع من اليهود هم قوم عبد اللّه بن سلام رض كانوا حلفاء عبد اللّه بن ابى بن سلول او عبادة بن الصامت و غيرهما من قومهما و كانوا أشجع يهود و كانوا صاغة ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ ج يعنى سوء عاقبة كفرهم و عداوتهم لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى الدنيا و ذلك انه لما قدم النبي صلى اللّه عليه و سلم مهاجرا و ادعته اليهود كلها كتب بينه و بينهم كتابا و الحق كل قوم بحلفائهم و جعل بينه و بينهم أمانا و شرط عليهم شروطا منهما ان لا يظاهروا عليه عدوا فلما كانت يوم بدر كانت قينقاع أول يهود و نقضوا العهد و أظهروا البغي و الحسد فبينماهم على ما هم عليه من اظهار العداوة و نبذ العهد قدمت امرأة من العرب يحلب لها فباعت بسوق بنى قينقاع و جلست الى صايغ بها لحلى فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فلم تفعل فعمد الصانع الى طرف ثوبها من ورائها فخله بشوكة و هى لا تشعر فلما قامت بدت عورتها فضحكوا منها فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصانع فقتله و كان يهوديا و شدت اليهود على المسلم فقتلوه و نبذوا العهد الى النبي صلى اللّه عليه و سلم و استصرخ اهل المسلم المسلمين على اليهود و غضب المسلمون فوقع الشر بينهم و بين بنى قينقاع و انزل اللّه سبحانه وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ على سواء فقال صلى اللّه عليه و سلم انما أخاف من بنى قينقاع فسار إليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بهذه الاية و حمل لوائه حمزة بن عبد المطلب و استخلف على المدينة أبا لبابة فتحصنوا فحاصرهم أشد الحصار فقاموا على ذلك خمسة عشر ليلة حتى قذف اللّه فى قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على ان للرسول صلى اللّه عليه و سلم أموالهم و ان لهم النساء و الذرية فكتفوا و استعمل على كنا فهم المنذرين قرامة السلمى و مشى عبادة بن الصامت الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قالوا يا رسول اللّه انوى اللّه و رسوله و ابرأ من حلف هؤلاء الكفار فقام الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عبد اللّه بن ابى بن سلول حين امكنه اللّه منهم و قال يا محمد احسن فى موالى فاعرض عنه فادخل يده فى جيب درع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من خلفه فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ويحك أرسلني و غضب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى رأوا بوجهه ظللا قال ويحك أرسلني قال و اللّه لا أرسلك حتى تحسن الى فى موالى اربعمائة حاسر و ثلاثمائة دارع قد صغرنى من الأحمر و الأسود و تحصدهم فى الغداة واحدة انى و اللّه امرأ أخشى الدوائر فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلوهم لعنهم اللّه و لعن من معهم و تركهم من القتل و أمرهم ان يجلوا من المدينة فخرجوا بعد ثلث و ولى إخراجهم منها عبادة بن الصامت و قال محمد بن مسلمة فجلعوا بأذرعات و أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من سلاحهم ثلثة فسع و در عين و ثلثة رماح و ثلثة اسياف و وجد فى منازلهم سلاحا كثيرا و فمعز الدولة الصناعة فاخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صيغة و الخمس و قسم اربعة أخماسه على اصحاب فكان أول خمس بعد بدر و كان هذه الواقعة يوم السبت لنصف من شوال سنه ه على راس عشرين شهرا من مهاجرته صلى اللّه عليه و سلم و نزل فى عبادة بن الصامت و عبد اللّه بن ابى بن سلول يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصارى أَوْلِياءَ آيات من سورة المائدة الى قوله هم الغالبون الاية و قد ذكرنا فى المائدة وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فى الاخرة يعنى لا ينقص عذابهم فى الاخرة بما أصابهم و بال أمرهم فى الدنيا.

﴿ ١٥