سُورَةُ الْجُمُعَةِ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ إِحْدَى عَشَرَةَ آيَةً

مدنية و هى احدى عشرة اية و فيها ركوعان

 بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

_________________________________

١

يُسَبِّحُ للّه ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ المنزه عما لا يليق الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ فى ملكه و صنعه فان كل شى ء يدل على وجوده و ينزهه عما لا يليق بشانه و ايضا كل شى ء و ان كان جمادا فله نوع من الحيوة و الشعور فيقر بوحدانيته و يسبحه و لكن لا تفقهون تسبيحهم.

٢

هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ يعنى العرب كان أكثرهم لا يكتبون و لا يقرون رَسُولًا مِنْهُمْ اى من جملتهم اميا مثلهم يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ تعالى مع كونه أميا لم يعهد منه قراءة و لا تعلما وَ يُزَكِّيهِمْ يظهرهم من الشرك و الخبائث وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ المعجز البليغ الذي لو اجتمع الانس و الجن على ان يأتون بمثله لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا وَ الْحِكْمَةَ الشريعة الحكمة المطابقة بشرائع الأنبياء فى الأصول المشهود عليها بالكتب السماوية بالقبول وَ إِنْ كانُوا يعنى و انهم يعنى العرب كانوا مِنْ قَبْلُ بعثته صلى اللّه عليه و سلم لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ظاهر بطلانه حيث يعهدون الحجارة و يأكلون الجيفة و يقولون و يعتقدون مالا يقبل العقل و النقل.

٣

وَ آخَرِينَ عطف على الضمير المنصوب فى يعلمهم اى و يعلم اما؟؟؟ آخرين مِنْهُمْ اى كائنين من جنس الأولين حيث يدينون بدينهم و يسلكون على طريقهم قال عكرمة و مقاتل هم التابعون و قال ابن زيدهم جميع من دخل فى الإسلام الى يوم القيمة و هى رواية ابن نجيح عن مجاهد و قال عمرو بن سعيد بن جبير و ليث عن مجاهدهم العجم لحديث ابى هريرة قال كنا جلوسا عند النبي صلى اللّه عليه و سلم إذ نزلت عليه سورة الجمعة فلما قرا و آخرين منهم لما يلحقوا بهم قال رجل من هؤلاء يا رسول اللّه فلم يراجعه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى سال مرتين او ثلاثا قال فينا سلمان الفارسي قال فوضع النبي صلى اللّه عليه و سلم يده على سلمان ثم قال لو كان الايمان عند الثريا لنا له رجال من هؤلاء متفق عليه و فى رواية عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لو كان الدين عند الثريا لذهب اليه رجل او قال رجال من أبناء فارس حتى يتناولوه قلت هذا الحديث يدل على فضل رجال من العجم و انهم ممن أريد بهذه الاية و لا دليل على نفى خيرهم على ما يدل عليه عموم الاية و لعل المراد لقوله صلى اللّه عليه و سلم رجال من هؤلاء أبناء فارس أكابر النقشبندية فانهم من ال بخارا و سمرقند و نحو ذلك و هم منتسبون فى الطريقة الى سلمان الفارسي فانهم ينتسبون الى جعفر الصادق عن القاسم بن محمد عن سلمان عن أبى بكر الصديق عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ اى لم يدركوهم و لكنهم يكونون بعدهم و قيل لما يلحقوا بهم فى الفضل و الثواب لان التابعين و من بعدهم لا يدركون فضل الصحابة حيث قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا تسبوا أصحابي فلو ان أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم و لا نصيفه متفق عليه من حديث ابى سعيد و يرد على هذا التأويل ان المراد لو كان كذلك لورد بصيغة المضارع اى لا يلحقوا بهم فى المستقبل من الزمان دون الماضي فان لما يقتضى نفى اللحوق فى لماضى و التوقع فى المستقبل الا ان يقال الإيراد بصيغة الماضي للدلالة على تحقيق وجودهم و نفى للحوق المستفاد من كلمة لا نظرا الى الأكثر و توقع اللحوق نظرا الى بعض من يأتي بعدهم و لو بعد الف سنة فكانه اشارة الى المجدد الف ثانى و كمل خلفائه فانهم بلغوا بكمال متابعة النبي صلى اللّه عليه و سلم و وراثته تبعا و طفيلا أقصى كمالاته و اكتسبوا كمالات النبوة و الرسالة و اولى العزم و الخلة و المحبة و المحبوبية التي لم يتحقق بعد الصدر الاول فاشتبهوا بالصحابة فصار مثل لامة المرهومة كمثل المطر لا يدرى اوله خيرا و آخره كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مثل أمتي كمثل المطر لا يدرى اوله خير او آخره او كحديقة اطعم فوج منها عاما و نوج منها عاما لعل آخرها فوجا هى اعرضها عرضا و أعمقها عمقا و أحسنها حسنا رواه رزين وَ هُوَ الْعَزِيزُ فى تمكينه رجلا اميا من ذلك الأمر العظيم الخارق للعادة و تائيده عليه الْحَكِيمُ فى اختياره و إياه من بين كافة البشر و تعليمه.

٤

ذلِكَ اى بعثة محمد صلى اللّه عليه و سلم و تعليمه و تزكية الضالين فَضْلُ اللّه على محمد صلى اللّه عليه و سلم حيث اصطفاه و جعله هاديا و على من اتبعه حيث هداهم و زكّهم به عليه السلام يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ عطائه و يقتضيه حكمته وَ اللّه ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ الذي يستحقر دونه كل نعمة.

٥

مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ علموها و كلفوا بالعمل بها ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها اى لم يعملوا بما فيها و لم ينتفعوا بها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً كتبا من العلم يتعب فى حملها و لا ينتفع بها و جملة يحمل حال من الحمار و العامل فيه معنى المثل او صفة له إذ ليس المراد الحمار المعين نظيره و لقد امر على اللئيم يسبنى و هكذا كل عالم لا يعمل بعلمه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اللّهم انى أعوذ بك من علم لا ينفع رواه بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللّه و هم اليهود كذبوا بالقران و بايات التوراة الدالة على نبوة محمد صلى اللّه عليه و سلم و المخصوص بالذم محذوف اى بئس مثل القوم المكذبين مثلهم او هو الموصول بحذف المضاف اى بئس مثل القوم مثل الذين كذبوا وَ اللّه لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ اى وقت اختيارهم الظلم او لا يهدى من سبق فى علمه انه يكون ظالما.

٦

قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا اى تهودوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ للّه فانهم كانوا يقولون نحن اولياء اللّه و أحباءه مِنْ دُونِ النَّاسِ يعنى محمدا صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ اى ادعوه من دون اللّه تعالى على أنفسكم حتى تنقلوا من دار البلية الى دار الكرامة فان الموت جسر توصل الحبيب الى الحبيب إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى زعمكم فتمنوه و قد ذكرنا مسئلة جواز تمنى الموت و عدمه فى صورة البقر فى مثل هذه الاية.

٧

وَ لا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فانهم يعلمون علما يقينا انهم استحقوا النار الكبرى بسبب ما قدموا من الكفر و المعاصي و تحريف آيات التورية الناطقة ببعث محمد صلى اللّه عليه و سلم فكيف يتمنون الموت الموصلة الى النار فانهم احرص الناس على حيوة يود أحدهم لو يعمر الف سنة و أشد خوفا و فرارا من الموت وَ اللّه عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ فيجازيهم على ما قدموا.

٨

قُلْ يا محمد إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ ايها اليهود اى تخافون أشد المخافة من ان يصيبكم فتوخذوا بأعمالكم و لا تجزون على تمنيه فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ لا حق بكم لا محالة لا ينفعكم الفرار منه الجملة خبر ان ذكر اللّه سبحانه ان الموكدة فى الجملة مكررا لكمال التأكيد نظرا الى كمال إصرارهم على الكفر و المعاصي الذي كانه هو الدليل على شدة انكارهم الموت و الفاء لتضمن الاسم معنى الشرط باعتبار الوصف كانه فرارهم يسرع لحوقه بهم فكانه سبب اللحوق و ذلك ان الفرار من الموت موجب للغفلة عنه و فى الغفلة لا يظهر طول البقاء فى الدنيا و يظهر كانه الموت جاء سريعا و من كان ذكر الموت مشتاقا له يشق عليه البقاء فى الدنيا و ينتظر الموت غالبا فيظهر عليه طول الحيوة و بعد الموت لشدة اشتياقه و جاز ان يكون الخبر محذوفا و الفاء للتعليل و التقدير ان الموت الذي تفرون منه لا ينفعكم الفرار منه فانه اى لانه ملقيكم البتة و حينئذ لا يلزم تكرار ان على حكم واحد و جاز ان يكون الموصول خبرا لان الفاء عاطفة يعطف على الخبر او على الجملة ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فيجازيكم عليه.

٩

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُود ِيَ لِلصَّلاةِ اى إذا اذن مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بيان لاذا و قيل من هاهنا بمعنى فى كما فى قوله تعالى أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ اى فى الأرض اختلف العلماء فى تسمية هذا اليوم بالجمعة مع الاتفاق على انه كان يسمى فى الجاهلية بالعروبة معناه اليوم البين المعظم من أعرب إذا بين قيل أول من سماه جمعة كعب بن لوى و هو أول من قال اما بعد كانت تجمع اليه قريش فى هذا اليوم فيخطبهم و يذكرهم بمبعث النبي صلى اللّه عليه و سلم و يعلمهم بانه من مولده و يأمرهم باتباعه و الايمان به و ينشد فى ذلك أبياتا منها قوله يا ليتنى شاهدا نجواء دعوته إذا قريش تبتغى الحق خذلانا و كان بنو اسمعيل يورخون ببناء الكعبة فلما مات كعب بن لوى ارخ الناس من موته حتى كان عام الفيل و هو مولد النبي صلى اللّه عليه و سلم فارخ الناس منه الى ان هاجر النبي صلى اللّه عليه و سلم و كان بين موت كعب و مبعث النبي صلى اللّه عليه و سلم خمسمائة و ستون سنة كذا فى شرح خلاصة السير و قيل سمى بالجمعة لان الخلائق يجمع فيه كذا ذكر ابو حذيفة البخاري فى المبتدا عن ابن عباس و اسناده ضعيف و قيل لانه جمع فيه خلق آدم عليه السلام روى احمد و النسائي و ابن خزيمة و ابن حبان عن سلمان رض ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال أ تدري ما يوم الجمعة قلت اللّه و رسوله اعلم قالها ثلث مرأة قال فى الثالثة هو اليوم الذي جمع فيه أبوكم الحديث و له شاهد عن ابى هريرة رواه ابن ابى حاتم موقوفا بإسناد قوى و احمد موقوفا بإسناد ضعيف قال الحافظ ابن حجر و هذا أصح و يليه ما رواه عبد الرزاق عن ابن سيرين بإسناد صحيح اليه فى قصة اجتماع الأنصار مع اسعد بن زرارة رض و كانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة صلى بهم و ذكرهم فسموه يوم الجمعة و ذلك قبل قدوم النبي صلى اللّه عليه و سلم فقيل كان ذلك بإذن النبي صلى اللّه عليه و سلم كما رواه الدار قطنى عن ابن عباس رض قال اذن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان يجمع فكتب الى مصعب بن عمير رض اما بعد فانظر اليوم الذي تجهر فيه اليهود بالزبور لسنتهم فاجمعوا فيه نساءكم و ابناءكم فاذا مال النهار عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا الى اللّه بركعتين قال أول من جمع مصعب حتى قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و فى سنده احمد بن محمد بن غالب الباهلي و هو متهم بالوضع قال الزهري و المعروف فى هذا المتن الإرسال و قيل كان ذلك باجتهاد الصحابة روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن محمد بن سيرين قال جمع اهل المدينة قبل ان يقدمها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قبل ان ينزل الجمعة فقالت الأنصار ان لليهود يوما يجمعون فيه كل سبعة ايام و للنصارى مثل ذلك فهلم فلنجعل يوما نجمع فيه فنذكر اللّه و نصلى و نشكر فجعلوا يوم العروبة و اجتمعوا الى اسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ و انزل اللّه عز و جل بعد ذلك إذا نودى للصلوة من يوم الجمعة قال الحافظ هذا و ان كان مرسلا فله شاهد بإسناد حسن رواه ابو داود و ابن ماجة و صححه ابن خزيمة و غير واحد من حديث كعب بن مالك رض عنه قال كان أول من صلى بنا الجمعة قبل مقدم النبي صلى اللّه عليه و سلم المدينة اسعد بن زرارة الحديث او كان كعب إذا سمع نداء الجمعة ترحم لا سعد بن زرارة قال عبد الرحمن بن كعب قلت لكعب كم كنتم يومئذ قال أربعون فمرسل ابن سيرين يدل على ان أولئك الصحابة اختاروا يوم الجمعة بالاجتهاد و لا يمنع ذلك ان يكون النبي صلى اللّه عليه و سلم علم بالوحى و هو بمكة فلم يتمكن من إقامتها كما فى حديث ابن عباس و المرسل بعد ذلك و لذلك جمع بهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أول ما قدم المدينة- (قصّة) مقدم النبي صلى اللّه عليه و سلم المدينة و أول جمعة صلى روى البخاري عن عائشة رض و ابن سعد عن جماعة من الصحابة ان المسلمين بالمدينة لما سمعوا بمخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من مكة كانوا يخرجون إذا صلح الصبح الى الحرة ينتظرونه حتى تعليهم الشمس على الظلال و يوذيهم و الظهيرة و ذلك فى ايام حارة حتى كان اليوم الذي قدم فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حين دخلوا البيوت فاذا رجل من اليهود على أطم من اطامهم لامر ينظر اليه فنظر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فنادى بأعلى صوته يا بنى قبيلة يعنى الأنصار هذا صاحبكم الذي تنتظرون فثاء المسلمون فتلقوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذلك يوم الاثنين لهلال ربيع الاول اى أول ليلة و فى رواية جرير بن حازم عن ابى إسحاق لليلتين خلتا من شهر ربيع الاول و فى رواية ابراهيم بن سعد عن ابن اسحق لاثنى عشر ليلة خلت و عند ابى سعيد لثلث عشرة من ربيع الاول قال الحافظ الأكثر انه قدم نهارا وقع فى رواية لمسلم ليلا و يجمع بان القدوم كان اخر الليل فدخل بها نهارا فنزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بهم قبا فى بنى عمرو بن عوف على كلثوم بن الهدم و ابو بكر حبيب بن اساف أحد بنى الحارث فصاح كلثوم بغلام له يا نجيع فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نجحت يا أبا بكر و كان لكلثوم بن هدم بقبا مربد يعنى الموضع الذي يبسط فيه التمر ليجف فاخذه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و بناه مسجدا فى الصحيح اقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى بنى عمرو بن عوف و أسس المسجد الذي أسس على التقوى و فى رواية عبد الرزاق بنى المسجد بنو عمرو بن عوف و فى الصحيح انه صلى اللّه عليه و سلم اقام فيهم بضع عشر ليلة و فيه عن انس اقام فيهم اربع عشرة ليلة و قال ابن اسحق خمس ليال و قال ابن حبان اقام بها الثلثاء و الارباع و الخميس و خرج يوم الجمعة و قال ابن عباس و ابن عقبة ثلث ليال فكانهما لم يعتد اليوم الخروج و لا الدخول و عن قوم من بنى عمرو بن عوف انه اقام اثنين و عشرين يوما روى احمد و الشيخان عن ابى بكر و سعد بن منصور عن ابن الزبير و ابن إسحاق عن عويمر بن ساعد و غيرهم ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أرسل الى بنى النجار و كانوا إخوانهم لان أم عبد المطلب كانت منهم فجاؤا متقلدين بالسيوف فقالوا لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه اركبوا امنين مطاعين و كان اليوم يوم الجمعة فركب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ناقته القصوى و الناس معه عن يمينه و شماله و خلفه منهم الراكب و الماشي فاجتمعت بنو عمرو بن عوف فقالوا يا رسول اللّه أخرجت حلالا أم تريد دارا خيرا من دارنا قال انى أمرت بقرية تأكل القرى فخلوها اى ناقة فانها مامورة فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من قبا يريد المدينة فتلقاه الناس يقولون اللّه اكبر جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم روى البيهقي عن عائشة جعل النساء و الولائد و الصبيان يقلن مطلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعى اللّه داع ايها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع- و روى احمد عن انس انه لما قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم المدينة بعث الحبشة بحرا بها فرحا برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم روى البخاري عن البراء قال ما رايت اهل المدينة فرحوا بشئ فرحهم برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فلم يمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بدار من دور الأنصار الا قالوا هلم يا رسول اللّه اتى للفرد المنعة و الثروة فيقول لهم خيرا و يدعوا و يقول انها مامورة خلوا سبيلها فمر ببني سالم فقام اليه عتبان بن مالك و نوفل بن عبد اللّه بن مالك و هو أخذ بزمام ناقة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال يا رسول اللّه انزل فينا العدد و العدة و الحلقة و نحن اصحاب العصباء و الحدائق و الدرك يا رسول اللّه قد كان الرجل من العرب يدخل هذه البحرة خائفا يلجأ إلينا فجعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يتبسم و يقول خلوا سبيلها فانها مامورة فقام اليه عبد اللّه بن الصامت و عباس بن فضلة فجعلا يقولان يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انزل فينا فيقول بارك اللّه عليكم انها مامورة فلما اتى مسجد بنى سالم و هو المسجد الذي فى الوادي وادي وانونا

قال البغوي أدركته الجمعة فى بنى سالم بن عمرو بن عوف فى بطن واد لهم قد اتخذ اليوم فى ذلك مسجدا فصلاها فى ذلك الوادي قيل كانت أول جمعة صلاها فى المدينة و أول خطبة خطبها فى الإسلام و قيل انه كان يصلى فى مسجد قباء عند ابن سعد انه صلى اللّه عليه و سلم لما صلى صلى معه الجمعة ماية نفس ثم أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن يمين الطريق فمر ببني ساعدة فقال سعد بن عبادة و المنذر بن عمر و ابو دجانة هلم يا رسول اللّه الى العز و الثروة و القوة و الجلد و سعد يقول يا رسول اللّه ليس من قومى اكثر غدقا و لاقم بير منى مع الثروة و الجلد و العد و فيقول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يا أبا ثابت خل سبيلها فانها مامورة فمضى و اعترضه سعد بن الربيع و عبد اللّه بن رواحة و شبر بن سعد فقالا اين يا رسول اللّه لا تجاوزنا و اعترضه زياد بن لبيد و فروة بن عمر يقولان نحو ذلك فقال خلوا سبيلها فانها مامورة ثم مر ببني عدى النجاري و هم أخواله فقال ابو سليط و صرفة بن ابى أنيس يا رسول اللّه نحن أخوالك هلم الى العدد و المنعة مع القرابة لا تجاوزنا الى غيرنا يا رسول اللّه ليس أحد من قومنا اولى بك لقرابتنا بك فقال خلوا سبيلها فانها مامورة فصارت حتى وازيت دار بنى عدى ابن النجار قامت اليه وجوههم ثم مضى حتى انتهى الى باب المسجد فبركت على باب مسجد النبي صلى اللّه عليه و سلم فجعل جبار ابن صخر ينجسفها رجاء ان تقوم فلم يفعل فنزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال عليه الصلاة و السلام اى بيوت أهلنا اقرب فقال ابو أيوب هذا المنزل إنشاء اللّه تعالى فنزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قال اللّهم أنزلنا منزلا مباركا و أنت خير المنزلين قال اربع مرات روى الطبراني عن ابن الزبير ينزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى منزل ابى أيوب و نزل معه زيد بن حارثة قال ابن اسحق فى المبتدا و ابن هشام فى التيجان ان بيت ابى أيوب الذي نزل فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مقدمة المدينة بناه تبع الاول و كان معه اربعمائة أحبار فتعاقدوا على ان لا تخرجوا منها فسالهم تبع عن سر ذلك فقالوا انا نجد فى كتابنا ان نبيا اسمه محمد صلى اللّه عليه و سلم هذه دار هجرته فنحن نقيم لعلنا نلقاه فاراد تبع الاقامة معهم ثم بدأ له فعمر لكل واحد من أولئك دارا او اشترى له جارية و زوجها منه و أعطاه ما لا جزيلا و كتب كتابا فيه إسلامه و فيه شهد على احمد انه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بارى النسم فلو لا عمرى الى عمره لكنت وزيرا او ابن عمرو ختم بالذهب و دفعه الى كبيرهم و ساله ان يدفعه الى النبي صلى اللّه عليه و سلم ان أدركه و الا فمن أدركه من ولده و ولد ولده و بنى للنبى صلى اللّه عليه و سلم دارا لينزلها إذا قدم المدينة فدار الدار الى اعلائك الى ان صارت لابى أيوب و هو من ولد ذلك العالم و اهل المدينة الذين نصروه من أولاد أولئك العلماء و يقال ان الكتاب الذي فيه الشعر كان عند ابى يوسف حتى دفعه الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو غريب فيما نزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الفاء فى بيته و اللّه تعالى اعلم-

(مسئلة) قيل المراد بهذا النداء فى الاية الاذان عند قعود الامام على المنبر للخطبة لحديث ابن يزيد قال كان النداء يوم الجمعة اوله إذا جلس الامام على المنبر على عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم و ابى بكر و عمر فلما كان عثمان و كثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء و تسميته ثالثا باعتداد الاقامة ثانيا فعلى هذا قيل السعى الى الجمعة و ترك البيع و نحوه انما يجب بالنداء الثاني و الصحيح ان السعى و ترك البيع و نحوه يجب بالأذان الاول لعموم قوله تعالى إذا نودى للصلوة من يوم الجمعة و صدقه على الاذان الاول ايضا فَاسْعَوْا يعنى فامضوا و كان عمر بن الخطاب يقرأ فامضوا و كذلك هى فى قراءة ابن مسعود و قال الحسن اما و اللّه ما هو بالسعي عن الاقدام و لقد نهوا ان يأتوا الصلاة الا و عليهم السكينة و الوقار و لكن بالقلوب و النية و الخشوع و عن قتادة فى هذه الاية انه قال السعى ان تسعى بقلبك و عملك و هو المشي إليها قال اللّه تعالى فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ يعنى فلما مشى معه و قال اللّه تعالى وَ إِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ و قال اللّه تعالى ان سعيكم اى عملكم لشتى و قد نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم السعى بمعنى العدو عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون و لكن ايتوها تمشون و عليكم السكينة و الوقار فما أدركتم فصلوا و ما فاتكم فاتموا رواه الستة فى كتبهم و روى احمد و ما فاتكم فاقضوا إِلى ذِكْرِ اللّه يعنى الصلاة و قال سعيد بن المسيب هو موعظة الامام يعنى الخطبة وَ ذَرُوا الْبَيْعَ أراد ترك ما يشغل عن الصلاة و الخطبة و انما خص البيع بالذكر لاشتغالهم غالبا بعد الزوال فى الأسواق بالبيع و الشراء فلو عقد البيع فى الطريق و هو يمشى الى الجمعة لا بأس به ذلِكُمْ اى السعى الى الصلاة و ترك ما يشغل عنه خَيْرٌ لَكُمْ من البيع و الشراء و غير ذلك إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ مصالح أنفسكم شرط مستغن عن الجزاء بما مضى (مسئله) يحرم البيع عند أذان الجمعة اجماعا حيث يوجب الإثم و هل يصح انعقادا قال مالك و احمد لا ينعقد و قال ابو حنيفة و الشافعي ينعقد و هذه المسألة مبنية على مسئلة اصولية فان النهى عن الافعال التي لا وجود لها الا باعتبار الشرع كالصلوة فى الأرض المغصوبة و البيع و نحو ذلك بالشرط الفاسد يوجب القبح بغيره فيقتضى صحة العقد حتى يتحقق الابتلاء عند ابى حنيفة رحمه اللّه تعالى لا سيما فى البيع وقت النداء فان القبح هاهنا انما هو لامر مجاور لا فى صلب العقد أصلا فلا يكون البيع فاسدا ايضا كما يكون فاسدا بالشروط الفاسدة و عند اكثر الائمة يوجب القبح لذاته كما ان النهى عن الافعال الحسية كالزنا و السرقة يوجب القبح لذاته اتفاقا لانه الأصل فى المنهي عنه لكن الشافعي فى هذه المسألة وافق أبا حنيفة و قال صح البيع نظرا الى ان النهى انما هو لامر مجاور و هو الاشتغال عن الصلاة و اللّه تعالى اعلم (فصل) اعلم ان الجمعة فريضة محكمة بالكتاب و السنة و الإجماع يكفر جاحدها اما الكتاب فهذه الاية امر فيها بالسعي و رتب الأمر بالسعي للذكر على النداء للصلوة فالظاهر ان المراد بالذكر الصلاة و يجوز ان يراد به الخطبة و الاولى ان يراد به الخطبة و الصلاة جميعا لصدقه عليها معا و اما السنة فحديث ابى هريرة قال قال رسول اللّه نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد انهم أوتوا الكتاب من قبلنا و أوتينا من بعدهم ثم هذا يومهم الذي فرض اللّه عليهم يعنى الجمعة فاختلفوا فيه فهدانا له و الناس لنا فيه تبع اليهود غدا و النصارى بعد غد متفق عليه و عن ابى عمرو ابى هريرة قالا سمعنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول على أعواد المنبر لينتهين أقوام على ودعهم الجمعات او ليختمن اللّه على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين رواه مسلم و عن ابن مسعود ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة لقد هممت ان امر رجلا يصلى بالناس ثم احرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم رواه مسلم و عن طارق بن شهاب قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الجمعة حق واجب على كل مسلم فى الجمعة الا على اربعة مملوك او امرأة او صبى او مريض رواه ابو داود و قال طارق راى النبي صلى اللّه عليه و سلم و لم يسمع منه قلت فالحديث مرسل صحابى و هو حجة اتفاقا قال النووي الحديث صحيح على شرط الشيخين

و اخرج البيهقي من طريق البخاري عن تميم الداري قال الجمعة واجبة الأعلى صبى او مملوك او مسافر رواه الطبراني عن الحاكم و ابن مردوية و زاد فيه المرأة و المريض و عن ابى جعد الضميري و كانت له صحبة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال من ترك ثلث جمع تهاونا بها طبع اللّه على قلبه رواه احمد و ابو داود و الترمذي و النسائي و حسنه ابن خزيمة و ابن حبان فى صحيحيهما و عن عبد اللّه بن عمر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال من ترك الجمعة من غير عذر كتب منافقا فى كتاب لا يمجى و لا يبدل و فى بعض الروايات ثلثا رواه الشافعي و رواه ابو يعلى بلفظ من ترك ثلث جمع متواليات فقد نبذ الإسلام وراء ظهره و رجاله ثقات و عن جابر ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فعليه الجمعة الا مريض او مسافر او المرأة او صبى او مملوك فمن استغنى بلهو او تجارة استغنى اللّه عنه و اللّه غنى حميد رواه الدار قطنى فاجمع العلماء انه فرض على الأعيان و غلط من قال هى فرض كفاية (مسئله) لا يجب الجمعة على المسافر اجماعا و حكى عن الزهري و النخعي وجوبها على المسافر إذا سمع النداء و لا عبد و لا امرأة الا فى رواية عن احمد فى العبد خاصة و قال داود و يجب و اختلفوا فى المكاتب و المأذون و العبد الذي حضر مع مولاه على باب المسجد لحفظ الدابة إذا لم تخل بالحفظ و الحجة فى عدم وجوب الجمعة على العبد مطلقا ما مر فى الأحاديث من الاستثناء للمملوك (مسئله) لا تجب الجمعة على الأعمى إذا لم يجد قايدا إليها بالاتفاق فان وجده وجبت عليه عند مالك و الشافعي و احمد و ابى يوسف و محمد و قال ابو حنيفة لا تجب احتج الجمهور بما مر من الأحاديث إذ ليس فيه استثناء الأعمى

قلنا هو داخل فى المريض و المريض و كل من كان له عذر او خوف لا تجب عليه الجمعة اجماعا و كذلك الشيخ الكبير و من كان متعهد المريض قالوا الأعمى إذا وجد قايدا صار قادرا كالبصير

قلنا انه غير قادر بنفسه و قدرته بغيره لا يعتبر كالزمن إذا وجد من يحمله (مسئله) يجوز ترك الجمعة بعذر المطر و الوحل روى البخاري فى الصحيح عن محمد بن سيرين قال قال ابن عباس لموذنه يوم المطر إذا قلت اشهد ان محمد رسول اللّه فلا تقل حى على الصلاة فقل صلوا فى بيوتكم فكان الناس استنكروا فقال فعله من هو خير منى ان الجمعة عزيمة و انى كرهت ان أخرجكم فتمشوا فى الطين و الدحض (مسئله) إذا حضر الجمعة عبدا و مسافر او امرأة او مريض صح عنه الجمعة و سقط عنه الظهر اجماعا (مسئله) تنعقد الجمعة بالعبيد و المسافرين إذا لم يكن فيهم حرا و مقيم إذا كانوا فى مصر عند ابى حنيفة رحمه اللّه تعالى لا بالنساء و الصبيان اجماعا و عند الثلاثة لا تنعقد الجمعة بالعبيد و المسافرين و لا يتم بهم العدد بل لا بد للجمعة أربعين أحرارا مقيمين او خمسين او ثلثة على اختلاف الأقوال و اما المعذورون بالمرض او الخوف او المطر و الأعمى او الزمانة فيتم بهم العدد اتفاقا لنا ان الجمعة واجبة على الرجال كلهم دون النساء اجماعا و دون الصبيان لكونهم غير مكلفين لعموم قوله تعالى فاسعوا الى ذكر اللّه و لكن رخص فى تركها العبيد و المسافرين و اصحاب العذر فمن اتى منهم بالجمعة فقد اتى بالعزيمة فيصح جمعته كالمسافر إذا صام رمضان يتادى من صومه فرضه (مسئله) كره ظهر المعذور و المسبحون فى المصر بجماعة عند ابى حنيفة و قال مالك و الشافعي و احمد انه لا يكره بل يسن و كذا من فاته الجمعة بلا عذر و اللّه اعلم (مسئله) الخطبة شرط لانعقاد الجمعة اجماعا لقوله تعالى فاسعوا الى ذكر اللّه إذ المراد به الخطبة و من هاهنا قال ابو حنيفة لو اقتصر فى الخطبة على تسبيحة او تحميدة لكفى لان ذكر اللّه يعم الطويل و القصير و لا إجمال فيه و هذا الاستدلال ضعيف لاحتمال كون المراد بذكر اللّه الصلاة فالاولى ان يقال سند الإجماع على اشتراط الخطبة مواظبة النبي صلى اللّه عليه و سلم كما نقل إلينا متواترا او مواظبته يقتضى اشتراط ذكر طويل يسمى فى العرب خطبة و به قال ابو يوسف و محمد و مالك و الشافعي و احمد على انه لو كان المراد بذكر اللّه الخطبة فالاضافة للعهد و المعنى فاسعوا الى ذكر اللّه الذي يفعله النبي صلى اللّه عليه و سلم فعلى هذا ايضا يشترط ان يكون ذكرا طويلا و ما روى ان عثمان صعد المنبر فى أول جمعة و ولى الخلافة قال الحمد للّه فارتج عليه فقال ابو بكر و عمر كان يعد ان لهذا المقام مقالات و أنتم الى امام فعال أحوج منكم الى امام قوال و سياتيكم الخطب بعد و استغفر اللّه لى و لكم و نزل و صلى بهم و لم ينكر عليه أحد منهم فاهل الحديث لا يعرفونه و اللّه اعلم

(مسئلة) يجب عند الشافعي و مالك الخطبة قايما و يجب الجلسة بين الخطبتين عند الشافعي و قال ابو حنيفة و احمد لا يجب القيام فى الخطبة و لا الجلوس بينهما و الدليل على الوجوب النقل المستفيض روى مسلم عن جابر بن سمرة انه راى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يخطب قايما على المنبر ثم يجلس ثم يخطب قايما فقال جابر فمن أنبأك انه كان يخطب قاعدا فقد كذب فقد و اللّه صليت معه اكثر من الفى صلوة و روى الشافعي عن جابر بن عبد اللّه كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يخطب يوم الجمعة خطبتين قائما يفصل بينهما بجلوس و روى مسلم عن جابر بن سمرة كانت للنبى صلى اللّه عليه و سلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القران و يذكر الناس عن ابن عمر قال كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يخطب يوم الجمعة مرتين بينهما جلسة متفق عليه و روى مسلم عن كعب بن عجرة انه دخل المسجد يوم الجمعة و ابن أم الحكم يخطب قاعدا فقال انظروا الى هذا الخبيث يخطب قاعدا و اللّه تعالى يقول و إذا رؤا تجارة او لهوا انفضوا إليها و تركوك قائما احتج ابن همام بهذا الحديث ان القيام ليس بواجب حيث لم يحكم كعب و لا غيره بفساد صلوة ابن الحكم فعلم انه ليس بشرط عندهم و اللّه تعالى اعلم (مسئله) سن ان يشتمل الخطبة على خمسة أشياء حمد اللّه تعالى و الصلاة على رسوله صلى اللّه عليه و سلم و الوصية بالتقوى و قراءة القران و الدعاء للمؤمنين و المؤمنات و كلها واجبة عند الشافعي و يشترط الطهارة فى الخطبتين على الراجح من مذهب الشافعي و عند الجمهور لا يشترط (مسئله) يشترط فى الخطبة حضور واحد عند ابى حنيفة لتحقيق معنى التخاطب و عند الشافعي و غيره لا يجوز للامام ان يبدئ بالخطبة قبل اجتماع العدد و هو الأربعون عند الشافعي او خمسون او ثلثة عند غيره فان نفر واحد منهم قبل افتتاح الصلاة لا يجوز ان يصلى الجمعة بل يصلى الظهر و ان عادوا بعد قبل طول الفصل بنى على ذلك الخطبة و بعد طوله استأنف الخطبة (مسئله) يحرم الكلام فى حال الخطبة لمن حضر الخطبة عند ابى حنيفة و مالك سواء سمع الخطبة او لا يسمع و قال احمد يحرم لمن يسمعها لا من لا يسمعها و المستحب الإنصات و قال الشافعي لا يحرم على من يسمع ايضا لكنه يكره و هل يحرم الكلام على الخاطب فقال ابو حنيفة يحرم الا ان يكون امر المعروف كقصة عمر مع عثمان كذا قال ابن همام و كذا قال الشافعي فى القديم و قال مالك رح جاز الكلام للمخاطب بما فيه مصلحة الصلاة نحو ان يزجر الداخلين عن تخطى الرقاب و ان خاطب إنسانا بعينه جاز لذلك الإنسان ان يجيبه كما وقع فى قصة كلام عمر و هو يخطب مع عثمان و سنذكر الحديث فى مسئلة غسل الجمعة و قال احمد يجوز للمخاطب الكلام مطلقا و قد تعارضت الأحاديث فى الباب فى الصحيحين عن ابى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال إذا قلت لصاحبك و الامام يخطب يوم الجمعة انصت فقد لغوت و روى احمد عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من تكلم يوم الجمعة و الامام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا فهذين الحديثين يدلان على الحرمة و كذا قوله تعالى و إذا قرئ القران فاستمعوا له و انصتوا لعلكم ترحمون و اما ما يدل على الإباحة فما روى البيهقي من طريق عبد الرحمن بن كعب ان الرهط الذي بعثهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى ابن ابى الحقيق بخيبر ليقتلوه فقدموا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو قائم على المنبر يوم الجمعة فقال لهم حين رائهم افلحت الوجوه فقالوا أفلح وجهك يا رسول اللّه قال أ قتلتموه قالوا نعم فدعى بالسيف الذي قتل به و هو قائم على المنبر فسله فقال أجل هذا طعامه فى ذباب سيفه الحديث قال البيهقي مرسل جيد و روى عن عروة نحوه ثم روى من طريق ابن عبد اللّه بن انس عن أبيه قال بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى ابن ابى الحقيق نحوه و روى مسلم من حديث ابى رفاعة العدوى قال انتهيت الى النبي صلى اللّه عليه و سلم و هو يخطب فقلت يا رسول اللّه رجل غريب جاء يسأل عن دينه قال فاقبل على و ترك خطبة و جعل يعلمنى ثم اثم الخطبة و روى اصحاب السنن الاربعة و ابن الخزيمة و الحاكم من حديث بريدة قال كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يخطب فجاء الحسن و الحسين عليهما قميصان احمر ان يمشيان و يعثران فنزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من المنبر فحملهما فوضعها بين يديه ثم قال صدق اللّه و رسوله انما أموالكم و أولادكم فتنة نظرت الى هذين الصبيين يمشيان و يعثران فلم اصبر حتى قطعت حديثى و رفعتهما و روى ابو داود عن جابر قال لما استوى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم الجمعة على المنبر قال اجلسوا فسمع ذلك ابن مسعود فجلس على باب المسجد فراه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال تعال يا عبد اللّه ابن مسعود عن انس ان رجلا دخل و النبي صلى اللّه عليه و سلم يخطب يوم الجمعة فقال متى الساعة فاومى الناس اليه بالسكوت فلم يقبل و أعاد الكلام فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم ماذا اعددت لها قال حب اللّه و رسوله قال انك مع من أحببت رواه احمد و النسائي و ابن خزيمة و البيهقي و عن انس بينما النبي صلى اللّه عليه و سلم يوم الجمعة فقام أعرابي فقال يا رسول اللّه هلك المال فذكر حديث الاستسقاء متفق عليه قال الشافعي رح تعارض الأحاديث يقتضى الكراهة فى المستمع و قال ابو حنيفة أحاديث الآحاد لا يصادم قوله تعالى فاستمعوا له و انصتوا لا سيما إذا تعارضت فقال بالتحريم و ذلك أحوط و قال احمد رح الاية و الأحاديث لا يدل على تحريم الكلام للمخاطب و اللّه تعالى اعلم (مسئله) لا بأس بالكلام قبل الخطبة و بعد الفراغ لحديث انس قال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ينزل من المنبر يوم الجمعة فيكلم الرجل فى الحاجة فيكلم ثم يقدم الى مصلاه رواه احمد و قال ابو حنيفة رح يكره مطلقا محتجا بالآثار اخرج ابن ابى شيبة عن على و ابن عباس و ابن عمر كانوا يكرهون الصلاة و الكلام بعد خروج الامام (مسئله) إذا جاء رجل و الامام يخطب يصلى ركعتين عند الجمهور و ينجوز فيهما و قال ابو حنيفة رح لا يصلى لما ذكرنا اثر على و ابن عباس و ابن عمرو نحو ذلك عن عروة و الزهري و لقوله صلى اللّه عليه و سلم إذا قلت لصاحبك انصت و الامام يخطب فقد لغوت قالوا هذا الحديث بدلالة النص يمنع عن الصلاة و تحية المسجد لان المنع عن الأمر بالمعروف و هو أعلى من سنة الجمعة و تحية المسجد منع عنهما بالطريق الأعلى و اولى و يرد عليه ان الأمر بالمعروف ان كان ذلك المعروف امرا واجبا فهو اولى من السنة و اما إذا كان المعروف مستحبا فليس اولى من السنة و السكوت حين استماع الخطبة غير واجب عند الشافعي فكيف يحتج عليه بدلالة النص و للجمهور حديث جابر بن عبد اللّه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا جاء أحدكم يوم الجمعة و الامام يخطب فليركع ركعتين و يتجوز فيهما متفق عليه و فى لفظ مسلم جاء سليك العطفانى يوم الجمعة و النبي صلى اللّه عليه و سلم يخطب فجلس فقال له يا سليك قم فاركع ركعتين و تجوز فيهما و فى الباب عن ابى سعيد لابن حبان و غيره

و اخرج الطبراني عن ابى ذر انه اتى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو يخطب فقعد فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هل ركعت فقال لا قال قم فاركع ركعتين و أجاب ابن همام بان الدار قطنى روى فى سننه عن انس قال رجل دخل المسجد و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يخطب فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم قم فاركع ركعتين و امسك عن الخطبة حتى فرغ عن صلوته ثم قال أسنده عبيد بن محمد العبدى قولهم فبه ثم اخرج عن احمد بن حنبل ثنا معتمر عن أبيه قال جاء رجل الحديث و فيه ثم انتظروه حتى صلى قال و هذا المرسل و هو الصواب قال ابن همام و المرسل حجة قلت لو صح المرسل فهو واقعة حال لا يعارض اطلاق قوله صلى اللّه عليه و سلم إذا جاء أحدكم و الامام يخطب فليركع و ايضا لا يجوز الصلاة عند ابى حنيفة رح بعد خروج الامام مطلقا و لو بعد الفراغ عن الخطبة فعلى تقدير الصلاة حين سكت رسول اللّه صامم ايضا لا يطابق الحديث مذهب ابى حنيفة رح و اللّه تعالى اعلم (مسئله) اتفقوا على انه لا يجوز الجمعة فى الصحراء الا عند ابى حنيفة رح فى فناء المصر قال حيث له حكم المصر و على ان الجماعة شرط فى الجمعة و ذلك ماخوذ من لفظ الجمعة و اختلفوا فى موضع يقام فيه الجمعة و فى عدد الجماعة الذين ينعقد بهم الجمعة فقال الشافعي و احمد و اسحق كل قرية استوطنها أربعون رجلا أحرارا عاقلين بالغين لا يظعنون عنها شيئا و لا ضيفا الا ظعن حاجة يجب عليهم اقامة الجمعة و لا تنعقد الجمعة باقل من أربعين رجلا على هذه الصفة و قال مالك القرية إذا كانت بيوتها متصلة و فيها مسجد و سوق يجب فيها الجمعة و يعتبر فى انعقاد الجمعة عدد الغبراء بهم قرية عادة و قال ابو حنيفة رح لا يصح الجمعة الا فى مصر جامع و المصر هو كل بلد فيها سكك و أسواق و لها رساتيق و وال ينصف المظلوم من الظالم اى بقيد على الانصاف و ان كان جابر او عالم يرجع اليه فى الحوادث و قيل ما لا يسع اكبر مساجده اهله مصر و الحجة لاشتراط المصر رواه ابن ابى شيبة موقوفا عن على رض لا جمعة و لا تشريق و لا صلوة فطر و لا اضحى الا فى مصر جامع او مدينة عظيمة صححه ابن حزم و ضعفه احمد و يمكن الاحتجاج لاشتراط المصر و عدم جوازه فى القرى ان اهل العوالي كانوا يصلون الجمعة مع النبي صلى اللّه عليه و سلم كما فى الصحيح و اهل قبا كانوا يصلون معه كذا روى ابن ماجة و ابن خزيمة

و اخرج الترمذي من طريق رجل من اهل قبا من لبيه قال أمرنا النبي صلى اللّه عليه و سلم ان نشهد الجمعة من قباء روى البيهقي ان اهل ذى الحليفة كانوا يجمعون بالمدينة و لم ينقل عن الصحابة انهم حين فتحوا البلاد و استغلوا بنصب المنابر و الجمع الا فى الأمصار دون القرى و لو كان لنقل و صلوته صلى اللّه عليه و سلم أول جمعة فى بنى عمرو بن سليم يدل على جواز الجمعة فى قرية قريبة من المصر كما يجوز ان يصلى الجمعة فى اى ناحية من نواحى المصر فكذا يجوز فى فناء المصر و اللّه تعالى اعلم و محصل الكلام ان قوله تعالى فاسعوا الى ذكر اللّه ليس على إطلاقه اجماعا حيث لا يجوز فى البراري و لا فى كل قرية بل فى بعضها فقدره شافعى رح و غيره و قرية مخصوصة كما ذكرنا و قدر ابو حنيفة بالمصر و المصر أخص فاذا صلى الجمعة فى المصر صح الجمعة و سقط الظهر عن الذمة اجماعا و إذا صلى فى قربة دون المصر يقع الشك فى صحة الجمعة و وجوبها و سقوط الظهر فلا يجب الجمعة بالشك و لا بسقط الظهر الثابت فى الذمة يقينا بالشك و اللّه اعلم و ما روى الطبراني و ابن عدى عنه صلى اللّه عليه و سلم انه قال الجمعة واجبة على كل قرية فيها امام و ان لم يكونوا الا اربعة و فى رواية الا ثلثة فليس مما يجوز به الاحتجاج لانه من رواية الحكم بن عبد اللّه و من رواية الوليد بن محمد كلاهما عن الزهري عن أم عبد اللّه الدوسية قال الدار قطنى لا يصح هذا عن الزهري و كل من رواه عنه متروك الوليد و الحكم متروكان قال احمد أحاديث الحكم كلها موضوعة و فى سند الحكم مسلمة بن على قال يحيى ليس بشئ و قال النسائي متروك و كذا حديث جابر ابن عبد اللّه مضت السنة ان فى كل أربعين فما فوق ذلك جمعة واضحى و فطر فى سنده عبد العزيز بن عبد الرحمن قال احمد اضرب على أحاديثه فانها كذب او قال موضوعة و كذا حديث ابى امامة الجمعة على خمسين رجلا و ليس على ما دون الخمسين جمعة رواه الطبراني و فى اسناده جعفر بن الزبير و هو متروك و هيياج من نظام و هو متروك ايضا و رواه البيهقي و فى سنده النحاش و هو واه ايضا و اما حديث ابن عباس أول جمعة جمعت بعد جمعة فى مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بجواثا قرية بالبحرين رواه البخاري فلا يدل على جواز الجمعة فى كل قرية فان اسم القرية يشتمل المصر و غيره قال اللّه تعالى لو لا انزل هذا القران على رجل من القريتين عظيم يعنى مكة و طائف و لا شك ان مكة مصر و فى الصحاح ان جواثا حصن بالبحرين فهى مصر إذ لا يخلو الحصن عن حاكم عليهم و عالم و فى المبسوط انها مدينة بالبحرين و لما لم يروا عددا معينا للجماعة شرطا للجمعة فى حديث صالح للاحتجاج قال الحسن و ابو ثور تنعقد الجمعة باثنين لان اثنين فما فوقه جماعة و قال ابو يوسف و محمد و الأوزاعي ينعقد بثلاثة إذا كان فيهم دال و قال ابو حنيفة رح اربعة لان قوله تعالى فاسعوا يقتضى ثلثة و قوله الى ذكر اللّه يقتضى ذاكرا فذلك اربعة قلت و هذا الاستدلال غير صحيح فان صيغة الجمع انما هو لكون الخطاب عامة لا لاشتراط عدد الجماعة و إلا لزم اشتراط الجماعة فى جميع المأمورات بقوله تعالى و اقيموا الصلاة و أتوا الزكوة و نحو ذلك و يمكن ان يقال لا بد فى الجمعة فوق جماعة سائر الصلوات لاشتراط الجماعة فيها و لدلالة لفظ الجمعة عليه و لذا قيل الجمعة جامعة للجماعات و اولى الجماعات فى الصلاة اثنان فلا بد ان يكون فى الجمعة ثلثة كما قال ابو يوسف رح و لما كان عند ابى حنيفة الجماعة شرطا و الامام اخر قال لا بد ان يكون ثلثة سوى الامام و اللّه تعالى اعلم (مسئله) الوالي او اذنه شرط بصحة الجمعة عند ابى حنيفة رح خلافا لمالك و الشافعي و احمد و ليس على اشتراط السلطان او اذنه دليلا يعتمد عليه و قد روى مالك رح و الشافعي رح عنه و ابن حبان بسنده الى ابى عبيدة مولى بنى نظير قال شهدت العيد مع على و عثمان محصور قال الحافظ ابن حجران مدة الحصار كانت أربعون يوما و كان يصلى بهم تارة طلحة و تارة عبد الرحمن ابن عديس و تارة غيرهما قال ابن همام هذا وقعة حال فيجوز كونه عن اذنه كما يجوز كونه بغير اذنه فلا حجة فيه لفريق فيبقى قوله صلى اللّه عليه و سلم من تركها و له امام جائرا و عادل الا فلا جمع اللّه شمله و لا بارك له فى امره الا و لا صلوة له رواه ابن ماجة و غيره حيث شرط فى لزومها الامام كما يفيده قيد الجملة الواقعة حالا قلت هذا حديث رواه ابن ماجة عن جابر مرفوعا و فيه عبد اللّه العدوى و هو واه و أخرجه البزار من وجه اخر و فيه على بن زيد بن الجدعان قال الدار قطنى ان الطريقين كلاهما غير ثابت و قال ابن عبد البر هذا الحديث واهي الاسناد (مسئله) وقت الظهر شرط لاداء الجمعة عند الجمهور لانها تنوب عن الظهر و يسقط فريضة الظهر بأداء الجمعة فلا يجب ما لم يج ب الظهر و ما لم يجب لا يقع من الفرض و قال احمد يجوز الجمعة قبل الزوال لحديث سهل بن سعد قال ما كنا نتغدى و لا تقيل الا بعد الجمعة و حديث سلمة بن اكوع كنا نصلى مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الجمعة ثم نرجع فلا نجد للحيطان فيئا نستظل الحديثان فى الصحيحين و حديث انس بن مالك قال كنا نصلى مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الجمعة ثم نرجع للقايلة رواه البخاري و الجواب ان نفى التغدي لا يستلزم كون الجمعة قبل الزوال و الاستثناء مبنى على المجاز و المعنى لا نجد للحيطان فيئا نستظل عدم طول الظل بحيث يمشى فيه الراكب و الماشي و ذلك لا يكون فى أول الوقت و لنا من الأحاديث ما ذكرنا سابقا ان النبي صلى اللّه عليه و سلم كتب الى مصعب بن عمير اما بعد فانظر اليوم الذي يجهر فيه اليهود بالزبور فاجمعوا نساءكم و ابناءكم فاذا مال النهار عن نظره عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا الى اللّه بركعتين حديث انس ان النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يصلى الجمعة حين يميل الشمس رواه البخاري و الترمذي و قال صحيح و حديث جابر بن عبد اللّه قال كنا نصلى الجمعة ثم تذهب الى حجالنا حين تزول الشمس رواه مسلم و حديث سلمة بن الأكوع كنا نجمع مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا زالت الشمس الحديث رواه مسلم و عن يوسف بن مالك قال قدم معاذ بن جبل على اهل مكة و هم يصلون الجمعة و الفي ء فى الحجر فقال لا تصلوا حتى تفئ الكعبة من وجهها رواه الشافعي (مسئله) لو شرع الجمعة فى الوقت وحدها حتى خرج الوقت أتمها ظهرا عند الشافعي رح و قال ابو حنيفة رح يبطل صلوته و يبتدى بالظهر لان الجمعة غير الظهر لا يجوز بناء أحدهما على الاخر و سقوط الظهر بالجمعة يثبت على خلاف القياس فيراعى فيه جميع ما ورد و منها الوقت و قال مالك رح إذا لم يصل الجمعة حتى دخل وقت العصر صلى فيه الجمعة ما لم تغرب الشمس و ان كان لا يفرغ الا بعد غروبها و هو قول احمد و مذهب مالك مبنى على وقت الضروري للظهر الى غروب الشمس كالعصر- (مسئله) يشترط عند ابى حنيفة رح لاداء الجمعة الاذن العام حتى لو ان واليا اغلق باب بلد و جمع بحشمه و منع الناس من الدخول لا يصح الجمعة عنده خلافا لجمهور العلماء احتج ابن همام فى هذه المسألة باشارة قوله تعالى نودى للصلوة فان النداء يقتضى الاذن و هذا الاستدلال ضعيف فانه تعالى جعل النداء سببا لوجوب السعى الى الجمعة و لا يلزم منه كون النداء شرطا لادائها كما ان قوله تعالى إذا قرئ القران فاستمعوا له و انصتوا يدل على وجوب الاستماع و الإنصات عند قراءة القران لا على كون الاستماع و الإنصات شرطا لجواز القراءة حتى لا يجوز قراءة الامام فى الصلاة و الخطبة ان قرا المقتدى و اللّه تعالى اعلم قلت و يمكن الاستدلال على اشتراط الإعلان و الاذن العام بما مران النبي صلى اللّه عليه و سلم كتب الى مصعب بن عمير ليصلى بالناس الجمعة فى المدينة و لم يصل بنفسه الكريمة بمكة مع إمكان صلوته الجمعة بأصحابه فى بيته فذلك دليل على ان الإعلان و الاذن العام شرط لاداء الجمعة و لم يكن ذلك مقدورا بمكة و اللّه تعالى اعلم (مسئله) من كان مقيما فى قرية لا يقام فيها الجمعة او فى برية هل يجب عليهم حضور الجمعة بالمصر قال ابو حنيفة رح و محمد رح لا يجب عليه الجمعة مطلقا و قال ابو يوسف رح و الشافعي رح و احمد رح و اسحق رح ان كان يبلغهم نداء مؤذن جهورى الصوت يوذن فى وقت تكون الأصوات هادنة و الرياح يجب عليهم حضور الجمعة كذا قال مالك رح لكن حده بفرسخ و ربيعة باربعة أميال و قال ابن همام قال بعض العلماء قدر ميل و قيل قدر ميلين و لم يجده الشافعي رح و عن احمد فى التحديد نحو قولهما و الحجة بهذا القول عموم قوله تعالى إذا نودى للصلوة من يوم الجمعة فاسعوا و قوله عليه السلام انما الجمعة على من سمع النداء رواه ابو داود و غيره من عبد اللّه بن عمرو فى رواية بلفظ الجمعة على من سمع النداء و قال سعيد بن المسيب يجب الجمعة على من اواه الليل و قال الزهري يجب على من كان على ستة أميال و هى رواية عن مالك و فى رواية عن ابى يوسف يجب على ثلثة فراسخ قال فى البدائع هذا حسن و لعل هذين القولين تحديد لمن اواه الليل فانه من كان على ستة أميال او تسعة كان ذهابه و مجيئه اثنا عشرا و ثمانية عشر ميلا و ذلك مرحلة فان اثنى عشر ميلا ادنى المراحل غالبا و ثمانية عشر أكثرهما و الحجة لهذا القول حديث ابى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم الجمعة على من اواه الليل الى اهله رواه الترمذي و الحديث غير قابل للاحتجاج قال احمد لما سمع هذا الحديث استغفر ربك و فى سنده حجاج بن نصير قال ابو حاتم الرازي تركوا حديثه يروى عن معارك بن عباد و قال ابو حاتم أحاديثه منكرة و قال ابو درعة واهي الحديث يروى عن عبد اللّه بن سعيد المقبري قال يحيى بن سعيد الشيباني كذبه فى مجلس و قال يحيى بن معين ليس بشئ لا يكتب حديثه و الاحتجاج على وجوب الجمعة على من سمع النداء و على من اواه الليل بصلوة اهل العوالي مع النبي صلى اللّه عليه و سلم و صلوة اهل قبا معه كما ذكرنا و بما روى البيهقي ان اهل ذى الحليفة كانوا يجمعون بالمدينة لا يجوز لانه لا يدل على وجوب الجمعة عليهم و الظاهر انهم كانوا يجمعون مع النبي صلى اللّه عليه و سلم إحراز الفضيلة من غير وجوب و اماما رواه الترمذي من طريق رجل من اهل قبا عن أبيه و كان من الصحابة قال أمرنا النبي صلى اللّه عليه و سلم ان نشهد الجمعة من قبا ففيه رجل مجهول (مسئله) إذا وقع العيد يوم الجمعة قال احمد اخر حضور صلوة العيد عنا الجمعة و يصلون الظهر و قال عطاء يسقط الجمعة و الظهر معا فى ذلك اليوم فلا صلوة بعد العيد الا العصر و الأصح عند الشافعي رح ان من حضر العيد من اهل القرى جاز لهم ان ينصرفوا بعد العيد و يتركوا الجمعة و اما اهل البد و فلا يسقط عنهم الجمعة و قال ابو حنيفة رح و مالك لا يسقط الجمعة بصلوة العيد عمن وجب عليه الجمعة أصلا و احتج احمد بحديث زيد بن أرقم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم العيد أول النهار ثم رخص فى الجمعة ثم قال من شاء ان يجمع الثابتة بالكتاب و السنة و الإجماع لا يجوز ان يسقط بحديث احاد و كيف ينوب النافلة عن الفريضة و فى الباب عن ابن عمر اجتمع عيد ان على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فصلى بالناس ثم قال من شاء ان يأتي الجمعة فلياتها و من شاء ان يتخلف فليتخلف و فيه مبدل بن على ضعيف و قبازة بن المفلس قال يحيى بن معين كذاب و حديث ابى هريرة نحوه و فيه بقية مدلس روى الحديثين ابن الجوزي (مسئله) من كان من اهل الجمعة و أراد السفر بعد الزوال لم يجز له الخروج الا إذا تمكن الجمعة فى طريقه او يتضرر تخلفه عن الرفقة و قبل الزوال جاز له السفر عند ابى حنيفة رح و مالك رح و قال الشافعي رح لا يجوز مطلقا و قال احمد رح لا يجوز الا ان يكون سفر جهاد و احتج من قال بعدم الجواز بحديث ابن عمر مرفوعا من سافر يوم الجمعة دعت عليه الملئكة ان لا يصحب فى سفره و فيه ابن بهيعة ضعيف و احتج من جواز السفر لمن أراد الغزو بحديث ابن عباس انه صلى اللّه عليه و سلم بعث عبد اللّه بن رواحة فى سرية فوافق ذلك يوم الجمعة فغدا أصحابه و تخلف هو ليصلى و يلحقهم فلما صلى قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما خلفك قال أردت ان أصلي معك و ألحقهم فقال لو أنفقت ما فى الأرض جميعا ما أدركت فضل غدوتهم رواه احمد و الترمذي و أعله الترمذي بالانقطاع و قال البيهقي انفرد به الحجاج ابن ارطاة و هو ضعيف و احتج من قال بالجواز بما روى ابو داود فى المراسيل عن الزهري انه أراد ان يسافر يوم الجمعة ضحوة فقيل له فى ذلك فقال ان النبي صلى اللّه عليه و سلم سافر يوم الجمعة و روى الشافعي من عمر انه راى رجلا عليه هيئة السفر فسمعه يقول لو لا ان اليوم يوم الجمعة لخرجت فقال له عمر اخرج فان الجمعة لا يحبس عن سفر و روى سعيد بن منصور ان أبا عبيد بن الجراح سافر يوم الجمعة و لم ينتظر الصلاة قال ابو حنيفة رح الجمعة يجب بعد الزوال فلا يجوز الخروج بعد الوجوب و يجوز قبله يدل على ذلك حديث الزهري و ابن عمرو اللّه تعالى اعلم (مسئله) لا يجوز فى بلدة و ان عظم اكثر من جمعة واحده عند ابى حنيفة رح و به قال الطحاوي رح و هو مذهب مالك رح و القول القديم للشافعى رح و كذا روى اصحاب الافلاء عن ابى يوسف رح انه لا يجوز فى مصر الا ان يكون فيه نهر كبير حتى يكون كمصرين و لذا كان يأمر بقطع الجسر تبعدا فان لم يكن فالجمعة لمن سبق فان صلوا معا فسدتا و عنه انه يجوز فى موضعين إذا كان المصر عظيما لا فى ثلثة و قال احمد إذا عظم البلد و كثر اهله كبغداد جاز فيه جمعتان و ان لم يكن بهم حاجة الى اكثر من جمعة لم يجز و قيل ان البغداد كان فى الأصل قرى متفرقة فى كل قرية جمعة ثم اتصلت العمارة بينها فبقيت الجمعة على حالها و الراجح المتأخر من اقوال الشافعي رح ان البلد إذ اكبر و عسر اجتماع اهله فى موضع واحد جاز اقامة جمعة اخرى بل يجوز التعدد بحسب الحاجة و عن محمد بن الحسن انه يجوز تعددها مطلقا و رواه عن ابى حنيفة رح قال السرخسي رح الصحيح من مذهب ابى حنيفة رح جواز إقامتها فى مصر واحد فى مسجدين و اكثر قال ابن همام و به ناخذ لاطلاق لا جمعة الا فى مصر شرط المصر فاذا تحقق تحقق فى كل ناحية منها وجه رواية المنع انها سميت جمعة لاستدعائها استجماع الجماعات فهى جامعة لها قال الأثرم لاحمد اجمع جمعتين فى مصر قال لا اعلم أحدا فعله قال ابن المنذر لم يختلف الناس ان الجمعة لم يكن تصلى فى عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم و فى عهد الخلفاء الراشدين الا فى مسجد النبي صلى اللّه عليه و سلم و فى تعطيل الناس مساجدهم يوم الجمعة و اجتماعهم فى مسجد واحد من البيان بان الجمعة خلاف ساير الصلوات و انه لا يصلى الا فى مكان واحد و لا اعلم أحدا قال بتعدد الجمعة غير عطاء و ذكر الخطيب فى تاريخ بغداد ان أول جمعة أحدثت فى الإسلام فى بلد مع قيام الجمعة القديمة فى ايام المعتم فى دار الخلافة من غير بناء مسجد لاقامة الجمعة و سبب ذلك خشية الخلفاء على أنفسهم فى المسجد العام و ذلك فى سنة ثمانين و مائتين ثم بنى فى ايام المكتفي مسجد فجمعوا فيه و ذكر ابن عساكر فى تاريخ دمشق ان عمر كتب الى ابى موسى و الى عمرو بن العاص و الى سعد بن ابى وقاص ان يتخذوا مسجدا جامعا و مساجد للقبائل فاذا كان يوم الجمعة انضموا الى المسجد الجامع فشهد الجمعة (فائدة) قال ابن همام إذا اشتبه على الناس وجود شرائط الجمعة ينبغى ان يصلى أربعا بعد الجمعة ينوى بها اخر فرض ظهر أدركت وقته و لم أود بعد فان لم يصح الجمعة وقعت ظهره فرضا و ان صحت كانت نفلا (باب) ما ورد من الاخبار فى سنن الجمعة و فى ساعة الجمعة (مسئله) غسل يوم الجمعة سنة و حكى عن مالك و داود انه واجب لحديث ابى سعيد الخدري ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم متفق عليه و حديث ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا جاء أحدكم الى الجمعة فليغتسل متفق عليه و الحديث مشهور بل متواتر عد ابو القاسم بن مندة من رواه عن نافع عن ابن عمر فبلغوا فوق ثلاثمائة وعد من رواه عن ابن عمر فبلغوا اربعة عشر صحابيا و أجيب بان الأمر للاستحباب و معنى الوجوب اللزوم على وجه السنة بقرينة اقترانه بما لا يجب فيما رواه احمد من حديث ابى سعيد مرفوعا ان الغسل يوم الجمعة على كل محتلم و السواك و ان يمس من الطيب ما يقدر عليه و فى الصحيحين عن عائشة كان الناس عمال أنفسهم فكانوا يروحون كهيئتهم فقيل لهم لو اغتسلوا و الدليل على عدم وجوب الغسل حديث الحسن عن سمرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من توضأ فيها و نعمت و من اغتسل فذلك أفضل رواه احمد و اصحاب السنن و ابن خزيمة و قال الترمذي حديث حسن و رواه بعضهم عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى اللّه عليه و سلم مرسلا و حديث ابى هريرة مرفوعا من توضأ فاحسن الوضوء ثم اتى الجمعة فاستمع و انصت غفر له ما بين الجمعة الى الجمعة و زيادة ثلثة ايام رواه مسلم و لا شك ان الأحاديث الدالة على عدم الوجوب ليست فى القوة مثل أحاديث الوجوب لكن عمل الصحابة و اجماع الامة على عدم الوجوب يثبت ان أحاديث الوجوب اما منسوخة او ماولة روى الشيخان فى الصحيحين عن ابن عمران عمر بينما هو قائم فى الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين فناداه عمر اية ساعة هذه قال انى شغلت فلم انقلب الى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد على ان توضأت فقال و الوضوء ايضا و قد علمت ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يأمر بالغسل قال ابن الجوزي و الرجل عثمان و لم ينكر عمر على عثمان فى ترك الغسل و لم ينكر أحد فظهر ان الغسل سنة ليس بواجب و أحاديث التي يحتج بها للوجوب ماولة و ليست بمنسوخة و لو كانت منسوخة لم يقل عمران رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يأمر بالغسل فان المنسوخ لا يحتج به فظهر ان الأمر للاستحباب و السنية و اللّه تعالى اعلم (مسئله) سن يوم الجمعة اربع ركعات قبل الجمعة و اربع بعدها عند ابى حنيفة رح و قال ابو يوسف رح بعدها ست ركعات و محمد قيل مع ابى يوسف و لا دليل على اربع قبل الجمعة الا عموم انه كان صلى اللّه عليه و سلم يصلى إذا زالت الشمس أربعا و يقول هذه الساعة يفتح فيها أبواب السموات فاحب ان يصعد لى فيها عمل صالح رواه ابن ماجة عن ابى يوسف بإسناد حسن و القياس على الظهر و قد صح انه صلى اللّه عليه و سلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر و ركعتين قبل الغداة رواه البخاري و ابو داود و النسائي عن عائشة و اما الصلاة بعد الجمعة فقد صح عن ابن عمران النبي صلى اللّه عليه و سلم كان لا يصلى بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلى ركعتين فى بيته رواه مالك و الشيخان فى الصحيحين و ابو داود و النسائي و فى سنن ابى داود عن ابن عمر انه إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين ثم يتقدم فيصلى أربعا و إذا كان بالمدينة فصلى الجمعة ثم رجع الى بيته فصلى ركعتين فقيل له كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يفعل ذلك قال ابن همام فالظاهر ان السنة سنة غير ان ابن عمر لم يعلم كل ما كان يفعله النبي صلى اللّه عليه و سلم بمكة فاذا كان مسافرا كان يصليها فى المسجد فيعلم ابن عمرو به قال ابو يوسف رح و ابو حنيفة رح أخذا بما روى عن ابن مسعود انه كان يصلى قبل الجمعة أربعا و بعدها أربعا قاله الترمذي فى الجامع و اليه ذهب ابن المبارك و الثوري و فى صحيح مسلم عن ابى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها اربع ركعات و اللّه تعالى اعلم (مسئله) عن ابى هريرة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال من اغتسل يوم الجمعة و استن و مس من طيب ان كان عنده و لبس من احسن ثيابه ثم خرج حتى يأتي المسجد فلم يتخط رقاب الناس ثم ركع ما شاء اللّه ان يركع فانصت إذا خرج الامام كانت كفارة لما بينها و بين الجمعة التي قبلها رواه ابو داود و رواه البغوي و قال قال ابو هريرة و زيادة ثلثة ايام لان اللّه تعالى يقول من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها و روى البخاري نحوه عن سلمان بغير زيادة ثلثة ايام و عن أوس بن أوس الثقفي قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول من غسل يوم الجمعة و اغتسل ثم بكر و ابتكر و مشى و لم يركب ودنا من الامام فاستمع و لم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة اجر صيامها و قيامها رواه الترمذي و النسائي و ابن ماجة و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على منازلهم الاول فالاول فاذا خرج الامام طويت الصحف و استمعوا الخطبة و المهجر الى الصلاة كالمهدى بدنة ثم الذي يليه كالمهدى بقرة ثم الذي يليه كالمهدى كبشا حتى ذكر الدجاجة و البيضة رواه البغوي و فى الصحيحين نحوه و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم و فيه ادخل الجنة و فيه اخرج منها و لا تقوم الساعة الا فى يوم الجمعة رواه مسلم و عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان فى الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم يسال اللّه فيها خيرا الا أعطاه إياه متفق عليه و زاد مسلم قال و هى ساعة خفيفة و فى رواية لهما قال ان فى الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم قائم يصلى يسال اللّه خيرا فيها الا أعطاه إياه و عن ابى موسى الأشعري قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول فى شان ساعة الجمعة هى ما بين ان يجلس الامام الى ان يقضى الصلاة رواه مسلم و عن ابى هريرة قال خرجت الى الطور فلقيت كعب الأحبار فجلست معه فحدثنى عن التورية و حدثته عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فكان مما حدثته ان قلت قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم و فيه اهبط و فيه تيب عليه و فيه مات و فيه تقوم الساعة و ما من دابة الا و هى مصيحة يوم الجمعة من حين يصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة الا الجن و الانس و فيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم و هو يصلى يسأل اللّه شيئا الا أعطاه إياه قال كعب ذلك فى كل سنة يوم فقلت بل فى كل جمعة فقرأ كعب التورية فقال صدق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ابو هريرة فلقيت عبد اللّه بن سلام فحدثته بمجلسى مع كعب الأحبار و ما حدثته فى يوم الجمعة فقلت قال كعب ذلك فى كل سنة قال عبد اللّه بن سلام كذب كعب فقلت له ثم قرا كعب التورية فقال هى فى كل جمعة فقال عبد اللّه بن سلام صدق كعب ثم قال عبد اللّه بن سلام قد علمت اية ساعة هى قال اب و هريرة فقلت أخبرني و لا تضن على فقال عبد اللّه بن سلام هى اخر ساعة فى يوم الجمعة قال ابو هريرة فقلت له و كيف يكون اخر ساعة فى يوم الجمعة و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يصادفها عبد مسلم و هو يصلى فيها و تلك الساعة لا يصلى فيها فقال عبد اللّه بن سلام الم يقل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو فى صلوة حتى يصلى قال ابو هريرة فقلت بلى قال فهو ذاك رواه مالك و ابو داود و الترمذي و النسائي و عن أوس بن أوس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم و فيه قبض و فيه النفخة و فيه الصعقة فاكثروا على من الصلاة فان صلوتكم معروضة على قالوا يا رسول اللّه و كيف تعرض صلوتنا عليك و قد رمت قال ان اللّه تعالى حرم على الأرض أجساد الأنبياء رواه ابو داود و النسائي و ابن ماجة و الدارمي و البيهقي و عن ابى لبابة عن ابن المنذر قال قال النبي صلى اللّه عليه و سلم ان يوم الجمعة سيد الأيام و أعظمها عند اللّه و هو أعظم عند اللّه من يوم الأضحى و يوم الفطر فيه خمس خلال خلق اللّه آدم و اهبط اللّه فيه آدم الى الأرض و فيه توفى اللّه آدم و فيه ساعة لا يسأل العبد فيها شيئا الا أعطاه ما لم يسال حراما و فيه تقوم الساعة ما من ملك مقرب و لاسماء و لا ارض و لا رياح و لا جبال و لا بحير الا و هى مشفق من يوم الجمعة رواه ابن ماجة و روى احمد عن سعد بن معاذ ان رجلا من الأنصار اتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال أخبرنا عن يوم الجمعة ماذا فيه من الخير قال فيه خمس خلال و ساق الى اخر الحديث و عن ابى هريرة قال قيل لاى شى ء سمى الجمعة قال ان فيها طبقت طينة أبيك أدم و فيها الصعقة و البعثة و فيها البطشة و فى آخرها ثلث ساعات منها ساعة من دعا اللّه فيها استجيب له رواه احمد و عن ابى الدرداء قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أكثروا الصلاة علىّ يوم الجمعة فانه مشهود يشهده الملائكة و ان أحدا لم يصل علىّ الا عرضت علىّ صلوته حتى يفرغ منها قال قلت و بعد الموت قال ان اللّه حرم على الأرض أجساد الأنبياء فبنى اللّه حى يرزق رواه ابن ماجة و عن عبد اللّه بن عمرو قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما من مسلم يموت يوم الجمعة او ليلة الجمعة إلا وقاه اللّه فتنة القبر رواه احمد و الترمذي و قال هذا حديث غريب و ليس اسناده بمتصل و عن انس قال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول ليلة الجمعة ليلة أغر و يوم الجمعة يوم أزهر رواه البيهقي فى الدعوات الكبير (فائدة) ذكر الحافظ ابن حجر فى فتح الباري فى ساعة الجمعة بضعة و أربعين قولا و اختار الجزري صاحب الحصن منها ما رواه مسلم من حديث ابى موسى هى ما بين ان يخرج الامام الى ان يقضى الصلاة و اختار اكثر العلماء ما ذكر من حديث ابى هريرة عن عبد اللّه بن سلام هى اخر ساعة من يوم الجمعة و كذا روى النسائي و غيره من حديث جابر التمسوها اخر ساعة بعد العصر قال البيهقي كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يعلم هذه الساعة بعينها ثم انسيها كما انسى ليلة القدر روى ذلك ابن خزيمة فى صحيحه عن ابى سعيد قال سالنا عنها النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال انى علمتها ثم أنسيتها كما أنسيت ليلة القدر قال الأثرم لا يخلو هذه الأحاديث من أحد وجهين اما ان يكون بعضها أصح من بعض و اما ان يكون هذه الساعة منتقلة فى الأوقات المذكورة كما تنتقل ليلة القدر فى ليالى العشر الأخير قلت و يمكن الجمع بين حديثى ابى موسى و عبد اللّه بن سلام بان عبد اللّه بن سلام كان يحكى عن التورية و لم يكن فى زمن موسى عليه السلام يصلى صلوة الجمعة بل كانوا يعظمون السبت و يصلون فيه فاذا لم يصل صلوة الجمعة فى قرية او بادية فالساعة فى حقهم اخر ساعة من الجمعة و إذا يصلى صلوة الجمعة فالساعة فى حقهم ساعة الصلاة كما يدل عليه حديث ابى موسى و ليس غير هذين القولين قولا له سند معتمد عليه و اللّه تعالى اعلم (فصل) عن ابى هريرة انه صلى اللّه تعالى عليه و اله و سلم كان يقرأ فى الركعة الاولى من صلوة الجمعة سورة الجمعة و فى الركعة الثانية سورة المنافقين رواه مسلم و عن النعمان بن بشير قال كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يقرأ فى العيدين و فى الجمعة سبح اسم ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية و ربما اجتمعا فى يوم واحد فيقرء بهما رواه مسلم و لابى داود و النسائي و ابن حبان من حديث سمرة انه صلى اللّه عليه و سلم كان يقرأ فى صلوة الجمعة سبح اسم و هل أتاك حديث الغاشية و روى البغوي انه سئل النعمان بن بشير ماذا كان يقرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم الجمعة على اثر سورة الجمعة فقال كان يقرأ هل أتاك حديث الغاشية و عن ابى سعيد مرفوعا من قرا سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين و له شاهد من حديث ابن عمر فى تفسير ابن مردوية (فصل) عن جابر مرفوعا لا يقيم أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالفه فى مقعده و لكن ليقل افسحوا رواه مسلم عن أرقم بن أرقم مرفوعا الذي يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة و يفرق بين الاثنين بعد خروج الامام كالجار فصيه رواه البيهقي و عن عبد اللّه بن عمر من لغا و تخطى رقاب الناس كانت له ظهر رواه ابو داود.

١٠

فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ اى أديت صلوة الجمعة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللّه اى الرزق امر اباحة بعد المنع لاجل الصلاة قال ابن عباس ان شئت فاخرج و ان شئت فاقعد و ان شئت فصل الى العصر و قيل فانتشروا فى الأرض ليس لطلب الدنيا و لكن لعيادة مريض و حضور جنازة و زيارة أخ فى اللّه أخرجه ابن جرير من حديث انس مرفوعا و ابن مردوية عن ابن عباس موقوفا و

قال البغوي قال الحسن و سعيد بن جبير و مكحول و ابتغوا من فضل اللّه هو طلب العلم فعلى هذه الأقوال الأمر للاستحباب وَ اذْكُرُوا اللّه كَثِيراً فى مجامع أحوالكم و لا تحصوا ذكره بالصلوة عن عمر بن الخطاب ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال من دخل السوق فقال لا اله الا اللّه وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحى و يميت و هو حى لا يموت بيده الخير و هو على كل شى ء قد يركتب اللّه له الف الف حسنة و محى عنه الف الف سيئة و رفع له الف الف درجة رواه الترمذي و قال غريب رواته ثقات الا أزهر بن سنان ففيه خلاف و عن عصمة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أحب الأعمال الى اللّه سبحانه الحديث و ابغض الأعمال الى اللّه التحريف

قلنا يا رسول اللّه ما سبحانه قال يكون القوم يتحدثون و الرجل يسبح

قلنا يا رسول اللّه و ما التحريف قال القوم يكونوا بخير فيسالهم الجار و الصاحب فيقولون نحن بشر رواه الطبراني لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ اى لكى تفلحوا بخير الدارين اخرج الشيخان عن جابر بن عبد اللّه قال كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يخطب يوم الجمعة إذا قبلت عير قد قدمت فخرجوا إليها حتى لم يبق الا اثنا عشر رجلا و قال ابن عباس فى رواية الكلبي لم يبق فى المسجد الا ثمانية رهط و فى صحيح ابى عوانة ان جابرا قال كنت فيمن بقي رواه الدار قطنى بلفظ فلم يبق الا أربعون رجلا و اسناده ضعيف تفرد به على بن عاصم و خالف اصحاب حصين فيه و روى العقيلي من حديث جابر ايضا و زاد كان من الباقين ابو بكر و عمر و عثمن و على و طلحة و الزبير و سعد و سعيد و ابو عبيدة او عمار الشك من اسد بن عمر الراوي و بلال و ابن مسعود و هؤلاء أحد عشر رجلا و جابر ثانى عشر فانزل اللّه تعالى.

١١

وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا اى تفرقوا إِلَيْها الجملة الشرطية معطوفة على الشرطية السابقة و فيها التفات من الخطاب الى الغيبة أفرد الضمير للتجارة برد الكناية إليها لانها المقصود فان المراد من اللّهو الطبل الذي كانوا يستقبلون به العير و الترديد للدلالة على ان منهم من انفض لمجرد سماع و رويته

و اخرج ابن جرير عن جابر ايضا قال كان الجواري إذا نكحوا كانوا يموون بالكبر و المزامير و يتركون النبي صلى اللّه عليه و سلم قائما على المنبر فينفضون إليها فنزلت قال صاحب لباب النقول فكانها نزلت فى الامرين معا قال ثم رايت ابن المنذر أخرجه عن جابر بقصة النكاح و قدوم العير معا من طريق واحد و انها نزلت فى الامرين فللّه الحمد و على هذا فالوجه لافراد الضمير راجعا الى التجارة للدلالة على ان الانفضاض الى التجارة مع الحاجة إليها و الانتفاع بها إذا كان مذموما كان الانفضاض الى اللّهو أول بذلك و قيل تقديره إذا راوا تجارة انفضوا إليها و إذا راوا لهوا انفضوا اليه و قال الحسن و ابو مالك أصاب اهل المدينة جوع و غلا سعر فقدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام و النبي صلى اللّه عليه و سلم يخطب يوم الجمعة فلما راوه قاموا اليه بالبقيع خشوا ان يسبقوا اليه فلم يبق مع النبي صلى اللّه عليه و سلم الارهط منهم ابو بكر و عمر رض فنزلت هذه الاية فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و الذي نفس محمد بيده لو نتابعتم حتى لا يبقى منكم أحد سال بكم الوادي نارا و قال مقاتل بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يخطب يوم الجمعة إذ اقبل دحية بن خليفة الكلبي من الشام بالتجارة فكان إذا قدم لم يبق بالمدينة عاتق الا أتته و كان يقدم إذا قدم بكل ما يحتاج اليه من دقيق و يرو غيره فنزل عند أحجار الزيت و هو مكان من سوق المدينة ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه فيخرج اليه الناس ليبتاعوا منه فقدم ذات جمعة و كان ذلك قبل ان يسلم و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قائم على المنبر يخطب فخرج اليه الناس فلم يبق فى المسجد الا اثنا عشر رجلا و امرأة فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كم بقي فى المسجد فقالوا اثنا عشر رجلا و امرأة فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم لو لا هؤلاء لقد سومت لهم الحجارة من السماء فانزل اللّه هذه الاية و أراد باللّهو الطبل قيل كانت العير إذا قدمت المدينة استقبلوها بالطبل و التصفيق وَ تَرَكُوكَ قائِماً تخطب كذا صرح مسلم فى رواية انهم انفضوا و هو يخطب و رجحه البيهقي على رواية من روى و هو يصلى يجمع بينهما بان يراد من قال و هو يصلى يخطب مجازا و قد مر فيما سبق حديث كعب بن عجرة و قال علقمة سئل عبد اللّه كان النبي صلى اللّه عليه و سلم قائما او قاعدا قال اما تقرأ و تركوك قائما و فى قصة انفضاض الناس فى حالة الخطبة و بقاء اثنى عشر رجلا دليل على جواز الجمعة باقل من أربعين رجلا و احتمال انه صلى اللّه عليه و سلم لم يصل بهم الجمعة و صلى الظهر او انهم رجعوا الى النبي صلى اللّه عليه و سلم بعد الانفضاض او اجتمع اليه رجال آخرون غيرهم فصلى بهم امر لا يقتضيه سياق القصة و لا دليل عليه و لو كان شى ء من الاحتمالات المذكورة لنقل و اللّه تعالى اعلم و ليس فى القصة دليل على اشتراط اثنى عشر رجلا كما قال بعضهم كما انه لا دليل فى قصة اسعد بن زرارة انه صلى أول جمعة جمع بأربعين رجلا على اشتراط أربعين رجلا و لا فى صلوته صلى اللّه عليه و سلم فى بنى سالم بن عمرو بماية رجل على اشتراط الماية و اللّه تعالى اعلم (مسئله) لو شرع الامام الصلاة بعدد ينعقد بهم الجمعة على اختلاف الأقوال فذهب منهم واحد و لم يبق ذلك العدد قال ابو حنيفة رح ان ذهب قبل سجود الامام فى الركعة الاولى بطلت الجمعة و يستانف بالظهر و ان ذهب بعد سجوده أتمها جمعة و قال مالك ان انفضوا بعد تمام الركعة بسجدتيها أتمها جمعة و قال احمد ان انفضوا بعد إحرام أتمها جمعة و قال الشافعي رح فى أصح أقواله ان بقاء الأربعين الى اخر الصلاة شرط كما ان بقاء الوقت شرط الى اخر الصلاة و لو نقص من الأربعين واحد قبل أن يسلم الامام يجب على الباقين أن يصلوها أربعا ظهرا و فى قول للشافعى أن بقي معه اثنان أتمها جمعة و فى قول له ان بقي واحد أتمها جمعة و عند المزني ان انفضوا بعد ما صلى بهم الامام ركعة أتمها جمعة و ان لم يبق مع الامام واحد و ان كان فى الركعة الاولى يتمها أربعا ان انتقص من أربعين واحد و قال زفران نفروا قبل القعده بطلت الجمعة و استأنف ظهرا (مسئله) إذا أدرك المسبوق مع الامام شيئا من الصلاة سواء أدرك قعدة او سجدة سهو أتمها جمعة عند ابى حنيفة رح و عند مالك و الشافعي و احمد ان أدرك ركعة أدرك الجمعة و أتمها و ان أدرك دونها أتمها ظهرا و قال طاؤس لا يدرك الجمعة ما لم يدرك الخطبتين و اللّه تعالى اعلم قُلْ ما عِنْدَ اللّه من الثواب على الصلاة و الثبات مع النبي صلى اللّه عليه و سلم خَيْرٌ مِنَ اللّهوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ فان ذلك محقق قوى محلا بخلاف ما يتوهمون من نفعها وَ اللّه خَيْرُ الرَّازِقِينَ لانه يوجب الأرزاق فاياه فاسئلوا و منه اطلبوا (مسئله) يستجب الإجمال فى طلب الرزق و الاقتصاد و يكره الحرص و حب المال عن ابى حميدى الساعدي ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال اجملوا فى طلب الدنيا فان كلكم ميسر لما كتب له رواه الحاكم و ابو الشيخ و ابن ماجة نحوه و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يا ايها الناس ان الغنى ليس عن كثرة العرض لكن الغنى غنى النفس و ان اللّه يؤتى عبده ما كتب له من الرزق فاجملوا فى الطلب خذوا ما حل و دعوا ما حرم رواه ابو يعلى و سنده حسن و اوله متفق عليه و عن ابى الدرداء قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان الرزق ليطلب العبد كما يطلب الاجل رواه ابن حبان و البزاز و الطبراني و لفظه ان الرزق ليطلب العبد اكثر مما يطلبه و عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لوفر أحدكم من رزقه أدركه كما يدركه رواه الطبراني فى الأوسط و الصغير بسند حسن و عن سعد بن ابى وقاص يقول سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول خير الذكر الخفي و خير الرزق ما يكفى رواه ابو عوانة و ابن حبان و عن ابى ذر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من أصبح و همه الدنيا فليس من اللّه فى شى ء و من لم يهتم بالمسلمين فليس منهم و من اعطى الذلة فى نفسه طايعا غير مكره فليس منا رواه الطبراني و عن كعب بن مالك قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما ذئبان جايعان أرسلا فى غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال و السرف رواه الترمذي و صححه هو و ابن حبان و عن ابى هريرة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول اللّهم انى أعوذ بك من علم لا ينفع و من قلب لا يخشع و من نفس لا تشبع و من دعاء لا يسمع رواه النسائي و هو عند مسلم و الترمذي من حديث زيد بن أرقم عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لو كان لابن آدم واديان من مال لا تبغى إليهما ثالثا و ما يملأ جوف ابن آدم الا التراب و يتوب اللّه على من تاب.

﴿ ٠