٢ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ط يعنى خلقكم اللّه تعالى ثم صار بعضكم كافرا و بعضكم مؤمنا يدل على ذلك فاء التعقيب كما فى قوله تعالى و اللّه خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشى على بطنه و منهم من يمشى على رجلين الاية وَ اللّه بِما تَعْمَلُونَ من الايمان و الكفر و الطاعة و المعصية بَصِيرٌ فيجازيكم عليه ليس فى هذه الاية دليل للمعتزلة على ان الايمان و الكفر ليسا بتقدير اللّه تعالى و لا مخلوقا له بل مخلوقا للعبد فان الأشياء كلها مقدرة فى الأزل قال اللّه تعالى كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ و افعال العباد التي فيه نوع اختيار للعبد حيث يسمى العبد كاسبا لها و يترتب عليها الثواب او العذاب كلها مخلوقة للّه تعالى قال اللّه تعالى خلقكم و ما تعملون هذا هو المذهب الصحيح الذي انعقد عليه اجماع الصحابة و من بعدهم لا يجوز تاويل الآيات على خلاف هذا المذهب فانها مفضية الى النار قال اللّه تعالى وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ عن انس بن مالك قال و كل اللّه بالرحم ملكا فيقول اى رب نطفة اى رب علقة اى رب مضغة فاذا أراد اللّه ان يقضى خلقها قال رب إذ كرام أنثى أشقى أم سعيد فما الرزق فما الاجل فيكتب كذلك فى بطن امه رواه البخاري و فى الصحيحين عن ابن مسعود مرفوعا نحو ذلك و فى آخره فو الذي لا اله غيره ان أحدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيدخلها و روى مسلم عن عبد اللّه بن عمرو مرفوعا كتب اللّه مقادير الخلائق قبل ان يخلق السموات و الأرض بخمسين الف سنة قال و عرشه على الماء و فى الباب أحاديث كثيرة و روى عن ابن عباس فى تفسير الاية انه قال ان اللّه خلق بنى آدم مؤمنا و كافرا ثم يعيدهم كما خلقهم مؤمنا و كافرا يعنى خلقهم مقدرا من بعضهم كفره موجها اليه ما يحمله عليه و من بعضهم إيمانه موفقا لما يدعوه اليه روى البغوي عن ابن عباس عن ابى بن كعب قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا و قال اللّه تعالى و لا يلدوا الا فاجرا كفارا. |
﴿ ٢ ﴾