سُورَةُ الطَّلَاقِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ اثْنَتَا عَشَرَةَ آيَةً مدنية و هى اثنتا عشرة اية و فيها ركوعان بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اخرج الحاكم عن ابن عباس قال طلق عبد يزيد ابو ركانة أم ركانة ثم نكح امرأة مزينة فجاءت الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقالت يا رسول اللّه ما يغنى عنى الا ما يغنى هذه الشعرة فنزلت _________________________________ ١ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ قال الذهبي الاسناد واه و الخبر خطاء و عبد يزيد لم يدرك الإسلام و اخرج ابن ابى حاتم من طريق قتادة عن انس قال طلق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صفية فاتت أهلها فانزل اللّه تعالى هذه الاية فقيل لها راجعها فانها صوامة قوامة و اخرج ابن جرير عن قتادة مرسلا و ابن المنذر عن ابن سيرين مرسلا و اخرج ابن ابى حاتم عن مقاتل فى هذه الاية قال بلغنا انها نزلت فى عبد اللّه بن عمرو بن العاص و طفيل بن عمرو بن سعيد بن العاص و اللّه تعالى اعلم قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ خص النداء بالنبي صلى اللّه عليه و سلم و عم الخطاب بالحكم لانه امام امة فندائه كندائهم او لان الكلام معه و الحكم يعمهم و قيل مجازة يا ايها النبي قل لامتك إذا طلقتم النساء اى أردتم تطليقهن على تنزيل المشارف له بمنزلة الشارع كما فى قوله تعالى إذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و إذا قرأت القران فاستعذ باللّه فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ قال الشافعية اللام بمعنى الوقت اى وقت عدتهن و أيده البغوي بانه كان ابن عباس و ابن عمر على ان الطلاق فى الحيض حرام لحديث ابن عمر انه طلق امرأته و هى حائض فى عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فذكر عمر لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فتغيظ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثم قال ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فان بدأ له ان يطلقها فليطلقها طاهرا قبل ان يمسها فتلك العدة التي أمرها اللّه ان يطلق بها النساء متفق عليه قال البغوي نزلت هذه الاية فى هذه القصة يعنى طلاق ابن عمر امرأته فى الحيض فيظهر بذلك ان العدة بالاطهار دون الحيضات و المراد بالقروء فى العدة الاطهار و قالت الحنفية اللام للوقت بمعنى فى غير معهود فى الاستعمال و سيلزم ذلك تقديم العدة الطلاق او مقارنته لاقتضائه وقوعه فى وقته بل اللام هاهنا للعاقبة على طريقة لدو للموت و ابنوا للخراب يعنى طلقوهن حتى تعقبه العدة او اللام صلة لمحذوف و التقدير طلقوهن مستقبلات لعدتهن يقال فى التاريخ بإجماع اهل العربية خرجت لثلث يقين من رمضان و فى حديث ابن عمر المذكور فى رواية مسلم انه صلى اللّه تعالى عليه و سلم تلى إذا طلقتم النساء فيطلقوهن لقبل عدتهن و معنى قراءة ابن عباس و ابن عمرو طلقوهن فى قبل عدتهن اى فى استقبال عدتهن فظهر ان العدة بالحيضات دون الاطهار و قد مر الخلاف فى مسئلة العدة بالحيضات او الاطهار و مسئلة حرمة الطلاق فى الحيض فى سورة البقر (مسئله) اجمع العلماء ايضا على ان الطلاق فى الطهر الذي جامعها فيه حرام ايضا لقوله صلى اللّه تعالى عليه و اله و سلم فيطلقها طاهرا قبل ان يمس و على انه لا يحرم طلاق امرأة حائض لم يدخل بها و لاطلاق صغيرة لم تحض و لا آيسة بعد ما جامعها لان الحرمة لتطويل العدة و لا عدة على غير المدخول بها و عدة الصغيرة و الآئسة بالأشهر و ذا لا يمتد بالطلاق بعد الجماع ايضا وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ يعنى اضبطوها بالحفظ و امكثوها ثلثة قروء كوامل لئلا يقع الرجعة بعد العدة او التزوج بزوج اخر قبل انقضاء العدة و كل ذلك لا يجوز وَ اتَّقُوا اللّه رَبَّكُمْ ج فى تطويل العدة و الإضرار بهن لا تُخْرِجُوهُنَّ اى المطلقات رجعيات كن او بوائن مِنْ بُيُوتِهِنَّ اى من مساكنهن فى وقت الطلاق و هى بيوت الأزواج حتى تنقضى عدتهن وَ لا يَخْرُجْنَ باختيارهن و من هذه الاية يثبت انه لا يجوز للمطلقة مطلقا رجعية كانت او بائنة الخروج من بيت الزوج ليلا و نهارا الا بضرورة فان الضرورة مستثناة فى العبادات و هى تبيح المحذورات و الضرورة مثل انهدام البيت او خوف السرقة او عدم وجدان كراء البيت او ضيق المنزل عليهما او كون الزوج فاسقا و الطلاق بائنا و لم يكن هناك قادر على حيلولة او نحو ذلك و قال احمد يجوز للمطلقة البائنة ان تخرج من بيتها فى حوايجها نهارا و عن الشافعي كالمذهبين قال البغوي ان كانت لها حاجة من بيع غزل او شراء قطن او نحو ذلك يجوز لها الخروج نهارا و لا يجوز ليلا اجماعا احتجوا بحديث جابر قال طلقت خالته فارادت ان تجد نخلها فزجرها رجل ان تخرج فاتت النبي صلى اللّه تعالى عليه و اله و سلم فقال بلى تجدى نخلك فانه عسى ان تصدقى او تفعلى معروفا رواه مسلم قال ابو حنيفة حديث الآحاد لا يعارض الاية القطعية غير انها تخرج فى ضرورة ملجئة اجماعا (مسئله) إذا لزمت العدة فى السفر فى غير موضع الاقامة ان لم يكن بينها و بين مصرها الذي خرجت منه مسيرة سفر رجعت و ان كانت تلك فى كل جانب خيرت بين الرجوع و التوجه الى القصد سواء كان معها ولى او لا و الرجوع اولى ليكون الاعتداء فى منزل الزوج و قيل يختار أقربها و ان كانت هاهنا و بين مصرعا مسيرة سفر و بينها و بين المقصد اقل يتوجه الى المقصد و ان كانت فى موضع الاقامة تعتد ثمه عند ابى حنيفة رحمه اللّه تعالى و عند ابى يوسف رح و محمد رح ان كان معها ولى جاز له الرجوع الى الوطن و المسير الى المقصد على التفصيل المذكور (مسئله) يجوز للمتوفى عنها زوجها فى العدة الخروج من بيت زوجها نهارا و لا يجوز ليلا و قال الشافعي يجوز مطلقا و قد مر المسألة فى سورة البقر قال البغوي ان رجالا استشهدوا بأحد فقالت نسائهم نستوحش فى بيوتنا فاذن لهن النبي صلى اللّه عليه و سلم ان يتحدثن عند إحداهن فاذا كانت وقت النوم تلوى كل امرأة الى بيتها و ذكر فى سورة البقر حديث اخت ابى سعيد الخدري قال لها النبي صلى اللّه عليه و سلم فى عدة وفاة زوجها امكثى فى بيتك حتى يبلغ الكتاب اجله إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ط استثناء مفرغ فى محل الظرف اى لا تخرجوهن فى وقت من الأوقات الا وقت ان يأتين قال ابن عمرو السدى و ابراهيم النخعي يجوز للفاحشة خروجها من بيتها قبل انقضاء العدة و به أخذ ابو حنيفة رح قال ابن همام هذا أبدع و اغرب يقال فى الخطابيات لا تزنى الا ان تكونى فاحشة و لا تشتم انك الا ان تكون قاطع رحم و نحوه و على هذا التأويل استثناء من الثاني و قال ابن مسعود الفاحشة الزنا فتخرج لاقامة الحد عليها ثم ترد الى منزلها و به أخذ ابو يوسف قال ابن همام و هذا اظهر من جهة وضع اللفظ لان إلا غاية و الشي ء لا يكون غاية لنفسه و قال ابن عباس الفاحشة المبينة ان تبذوا على اهل زوجها فيحل إخراجها و كذا قال قتادة ان معناه ان يطلقها على نشوزها و على هذين التأويلين استثناء من الاول يعنى لا تخرجوهن وَ تِلْكَ الاحكام المذكورة حُدُودُ اللّه وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّه فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ بان عرضها للعقاب لا تَدْرِي ايها الخاطب و جملة لَعَلَّ اللّه يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً فى تاويل المفرد مفعول للاتدرى اى لا تدرى حدوث امر بعد ذلك تعليل لقوله احصوا العدة و لا تخرجوهن و المعنى لعل اللّه يحدث بعد بغضها و ارادة فراقها و الرغبة عنها فى قلب زوجها محبتها و الرغبة فيها فتندمون على الطلاق و تريدون الرجعة. ٢ فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ الضمير راجع الى الرجعيات من المطلقات و ذكر حكم خاص ببعض ما تناوله الصدر لا يبطل عموم الصدر كما فى قوله تعالى و المطلقات يتربّصن بانفسهن ثلثة قروء الى قوله بعولتهن أحق بردهن و المعنى قرين من انقضاء عدتهن فَأَمْسِكُوهُنَّ اى راجعوهن بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ فتبين منكم من غير ضرار بان يراجعها ثم يطلقها تطويلا للعدة وَ أَشْهِدُوا على الرجعة او الفرقة ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ تبريا عن الريبة و قطعا للتنازع و الأمر بالإشهاد امر استحباب و لا يشترط الشهود للرجعة عند ابى حنيفة و مالك و احمد فى رواية و عند الشافعي فى أصح قوليه و فى قول للشافعى و رواية احمد يشترط الشهود للرجعة و الأمر امر إيجاب قلنا ايضا الاشهاد على الطلاق ليس بواجب اجماعا فالامر للاستحباب كما فى قوله تعالى و اشهدوا إذا تبايعتم و لا يمكن ان يكون الأمر للوجوب فى حق الرجعة و للاستحباب فى حق الفرقة و الا يلزم الجمع بين الحقيقة و المجاز وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ ايها الشهود إذا دعيتم إليها للّه اى خالصا لوجهه لا لغرض دنيوى ذلِكُمْ الذي ذكر يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللّه وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ ط فانه هو المنتفع به و المقصود تذكيره اخرج ابن مردوية من طريق الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس قال جاء عوف ابن مالك الأشجعي فقال يا رسول اللّه ان ابني اسره العدو جزعت امه فما تأمرني قال أمرك و إياها ان تستكثر من قول لا حول و لا قوة الا باللّه فقالت المرأة نعم ما أمرك فجعلا يكثران فغفل عنه العدو فاستاق غنمهم فجاء بها الى أبيه قال البغوي و هى اربعة آلاف شاه فنزلت و من يتق اللّه الاية قال البغوي اتى عوف بن مالك النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال يا رسول اللّه اسرا العدو ابني و شكى اليه ايضا الفاقة فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم اتق اللّه و اصبر و اكثر من قول لا حول و لا قوة الا باللّه ففعل الرجل ذلك فبينما هو فى بيته إذ أتاه ابنه و قد غفل عنه العدو فاصاب ابلا فجاء بها الى أبيه و اخرج ابن جرير مثله عن سالم بن ابى الجعد و السدى و أخرجه الحاكم من حديث ابن مسعود و اخرج ايضا عن جابر قال نزلت فى رجل من أشجع كان فقيرا خفيف ذات اليد كثير العيال فذكر مثله و اخرج الخطيب فى تاريخه من طريق جرير عن الضحاك عن ابن عباس و أخرجه الثعلبي من وجه اخر ضعيف و ابن ابى حاتم من وجه اخر مرسل فقد صح الحديث بكثرة الشواهد فلا بأس بما قال الذهبي فى حديث جابر انه حديث منكر و معنى الاية وَ مَنْ يَتَّقِ اللّه فى المصيبة و البلاء فيصبر و يترك الجزع و ارتكاب المحرم يَجْعَلْ اللّه لَهُ مَخْرَجاً من ذلك البلاء و المصيبة. ٣ وَ يَرْزُقْهُ بعد فقره رزقا حلالا مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ط كما رزق الأشجع عن عبد اللّه بن مسعود قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من انزل به فاقة فانزلها لم يسد فاقته و من نزلت به فاقة فانزلها باللّه فيوشك اللّه ان يرزق عاجلا او أجلا رواه ابو داود و الترمذي و صححه هو و الحاكم الا انه قال او شك اللّه له بالغنى اما بموت عاجل او غنى و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من جاء او احتاج فكتمه الناس و أقضي به الى اللّه كان حقا على اللّه ان يفتح له قوت سنة من حلال (فائدة) قال البغوي قال مقاتل أصاب ابنه يعنى عوف بن مالك الأشجعي غنما و متاعا ثم رجع الى أبيه فانطلق أبوه الى النبي صلى اللّه عليه و سلم و أخبره الخبر و ساله أ يحل له ان يأكل ما اتى به ابنه فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم نعم فانزل اللّه تعالى هذه الاية (فائدة) اختار المجدد لجلب المنافع و دفع المضار الدينية و الدنيوية إكثار لا حول و لا قوة الا باللّه و عين فى مقدار الإكثار ان يقرأها فى كل يوم خمسمائة مرة و يصلى على النبي صلى اللّه عليه و سلم قبله ماية مرة و بعده مايه مرة و قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من أنعم اللّه عليه نعمة فاراد بقاءها فليكثر من قول لا حول و لا قوة الا باللّه رواه الطبراني من حديث عقبة بن عامر و فى الصحيحين عن ابى مولى مرفوعا انها كنز من كنوز الجنة و فى رواية للنسائى من قال لا حول و لا قوة الا باللّه كان دواء من تسعة و تسعين داء أيسرها الهم (مسئله) إذا دخل المسلم دار الحرب أسيرا او سارقا مختفيا بلا أمان و استولى على مال حربى بسرقتا و غصب او غير ذلك و احرزه بدار الإسلام ملكه ملكا حلالا و ليس عليه إخراج الخمس و ان وضع عنده حربى ماله امانة او دخل دار الحرب بامان تاجرا او سياحا و استولى على ما لهم و احرزه بدار الإسلام ملكه بملك حرام لاجل الغدر و نقض العهد و لا خمس عليه و ان أخذ ما لهم عنوة فحكمه حكم الغنيمة يجب فيه الخمس و اللّه تعالى اعلم قال البغوي قال عكرمة و الشعبي و الضحاك معنى الاية و من يتق اللّه فيطلق للسنة يجعل له مخرجا الى الرجعة و قال ابن مسعود من يتق اللّه يجعل له مخرجا من كل شى ء ضاق على الناس و قال ابو العالية مخرجا من شدة و قال الحسن مخرجا عما نهاه عنه قلت نظم الاية يطابق قصة الأشجعي و يفيد الحكم العام بحيث يناسب سياق السورة و الجملة اعتراضية موكدة لما سبق يعنى من يتق اللّه من الرجال و لم يظلم على زوجة بالنشوز و العدوان إذا أراد الفراق لنشوزها او لغرض صحيح اخر و لم يطلق فى الحيض و لا قصد اضرارها بتطويل العدة و غير ذلك و لا أخرجها من المسكن و لم يتعد حدود اللّه يجعل له مخرجا من المعصية و من سوء معاشرتها و يرزقه بدلا منها زوجة صالحة لم يخطر باله و كذا فى المرأة إذا اتقت اللّه فلم تظلم زوجها بالنشوز و طلب الطلاق بلا إضرار منه او صبرت على إيذائه يجعل لها مخرجا منه و يرزقها من الطعام و من الرجال بعلا صالحا من وجه لا يخطر ببالها و تفيد حكما عاما لعامة المتقين بالخلاص عن مضار الدارين و الفوز بخيرهما و من ثم قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انى لاعلم اية لو أخذ الناس بها لكفتهم و من يتق اللّه يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب رواه احمد و ابن ماجة و الدارمي من حديث ابى ذر و كذا روى ابن حبان فى صحيحه و الحاكم و زاد فما زال عليه السلام يقرأها و يعيدها وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه فَهُوَ حَسْبُهُ اى كافيه فيما يهمه عن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول اللّه ص يقول لو انكم توكلتم على اللّه حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا اخماصا و تروح بطانا رواه الترمذي و ابن ماجة و عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم يدخلون الجنة من أمتي سبعون الفا بغير حساب هم الذين لا يسترقون و لا تيطيرون و على ربهم يتوكلون متفق عليه و زاد فى رواية و لا يكتوون إِنَّ اللّه بالِغُ أَمْرِهِ يبلغه على ما يريده و لا يفوته مراده لا يرد قضاءه قرا حفص بالغ بالاضافة بغير تنوين و امره بالجر و الباقون بالتنوين و نصب امره قال مسروق ان اللّه بالغ امره توكل عليه او لم يتوكل غير ان المتوكل عليه يكفر عنه سياته و يعظم له اجرا قَدْ جَعَلَ اللّه لِكُلِّ شَيْ ءٍ قَدْراً اى تقديرا و مقدارا و فيه تقدير لما تقدم من تاقيت الطلاق بزمان و العدة و الأمر بإحصائها و تمهيد لما سياتى من مقاذيرها او المعنى جعل لكل شى ء من الشدة و الرخاء أجلا ينتهى اليه لا يتاتى تغييره و لا يفيد الجزع فيه فهو بيان لوجوب التوكل و يناسب هذا التأويل قول مسروق و اخرج ابن جرير و اسحق بن راهويه و الحاكم و غيرهم بسند صحيح عن ابى بن كعب قال لما نزلت الاية فى سورة البقر فى عدة النساء قالوا قد بقي عدد من النساء لم يذكرن الصغار و الكبار و أولات الأحمال فانزلت. ٤ وَ اللَّائِي مر اختلاف القراء فى سورة المجادلة يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مصدر ميمى بمعنى الحيض مِنْ نِسائِكُمْ يعنى اللاتي لا يرجون الحيض لكبرهن و قدرها بعض العلماء بخمس و خمسين سنة و بعضهم بستين سنة إِنِ ارْتَبْتُمْ اى شككتم فى عدتهن كان فى هذا الشرط اشارة الى ان عدة اللائي يئسن و اللائي لم يحضن يمكن استنباطها من قوله تعالى و المطلقات يتربصن بانفسهن ثلثة قروء فان ثلثة قروء غالبا يوجد فى ثلثة أشهر فاذا لا يوجد القروء يجب رعاية زمان يوجد فيه غالبا القروء الثلاثة كما ان العلماء حكموا بالبلوغ بمضى خمسة عشر سنة او سبعة عشر سنة او نحو ذلك لعدم خلو هذا السن من البلوغ غالبا و كما ان الشرع اقام حولان الحول على المال فى وجوب الزكوة مقام النماء لوجود النماء غالبا فى الحول و له نظائر كثيرة مثل تقدير الا ياس بالسنين فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ الاية اخرج مقاتل فى تفسيره ان خلاد بن عمر بن الجموح سال النبي صلى اللّه عليه و سلم عن عدة التي لا تحيض فنزلت هذه الاية وَ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ سواء كانت صغيرة او مراهقة او بالغة بالسن مبتدأ خبره محذوف دل عليه ما سبق يعنى كذلك عدتهن ثلثة أشهر قوله و اللّائي يئسن مع ما عطف عليه معطوف على مفهوم قوله تعالى طلقوهن لعدتهن و احصوا العدة فان الاضافة فى لعدتهن و لام التعريف فى العدة للعهد اى عدتهن المعهودة المعلومة من قوله تعالى و المطلقات يتربصن بانفسهن ثلثة قروء فدلت الاضافة و اللام على ان عدة اللائي يحضن من المطلقات ثلثة حيض فعطف عليه هذه الاية مختصة بالمطلقات الحرائر اجماعا سواء كن رجعيات او بائنات او مختلعات مسلمات او كتابيات تحت مسلم و اما الإماء قنات او مكاتبات او مدبرات فعدتهن إذا لم تكن من ذوات الأقراء فنصب عدة الحرائر اعنى شهرا و نصف شهر بالإجماع و قد ذكرنا فى سورة البقر طلاق الامة طلقتان و عدتها حيضتان و لما كان الحيض و الطلاق غير متجز كملنا و الشهر متجز فصار شهرا و نصف شهر روى الشافعي ثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن مولى ابى طلحة عن سلمان بن يسار عن عبد اللّه بن عتبة عن عمر قال ينكح العبد امرأتين و يطلق تطليقتين و تعتد الامة بحيضتين فان لم تكن تحيض فشهرين او شهرا و نصفا (مسئلة:) الشابة التي كانت تحيض فارتفع حيضها قبل بلوغ سن الإياس ذهب اكثر أهل العلم الى ان عدتها لا تنقضى حتى يعاودها الدم فيعتد ثلثة اقرأ او تبلغ سن الإياس فتعتد بثلاثة أشهر و هو قول عثمن و على و زيد بن ثابت و ابن مسعود و به قال عطاء و اليه ذهب ابو حنيفة و الشافعي و وجه هذا القول ظ فانها غير داخلة فى اللائي يئسن و اللائي لم يحضن و حكى عن عمر انها يتربصن تسعة أشهر فان لم تحضن فى تلك المدة تعتد بثلاثة أشهر و هو قول مالك و قال الحسن تتربصن ستة فان لم تحضن تعتد بثلاثة أشهر (مسئله) ان حاضت المطلقة حيضتين ثم بلغ سن الإياس و انقطع دمها تستانف العدة بالشهور و ان اعتدت الآئسة بالأشهر ثم رأت الدم بعد انقضائها او فى خلالها انتقض ما مضى من عدتها و ظهر فساد نكاحها الكائن بعد تلك العدة هذا إذا رات الدم على العادة بان يكون الدم أسودا و احمر و لو رات اصفر او اخضر او تربية لا يكون حيضا الا إذا كانت عادتها قبل الإياس اصفر فرأته كذلك او علقا فرأته كذلك ان وقع الطلاق فى أول شهر اعتدت بالأشهر الهلالية اتفاقا و ان وقع فى أثناء الشهر اعتبر كلها بالأيام فلا ينقضى عدتها الا بتسعين يوما عند ابى حنيفة و عند صاحبيه يكمل الاول ثلثين يوما و الأخيران المتوسطان بالاهلة (مسئلة:) ليس حكم هذه الاية فى المتوفى عنها زوجها فان عدتها إذا لم تكن حاملا اربعة أشهر و عشر سواء كانت صغيرة او آيسة او شابة و الداعي الى تخصيص حكم هذه الاية بالمطلقات دون المتوفى عنهن أزواجهن مع كون اللفظ عاما الإجماع و سند الإجماع ما ذكرنا فى سبب النزول من حديث ابى بن كعب قالوا قد بقي عدد من النساء لم يذكرن الصغائر و الكبائر و أولات الأحمال فانزلت هذه الاية و قوله تعالى ان ارتبتم و لا شك ان عدة النساء لم يبق الا من قوله تعالى و المطلقات يتربصن بانفسهن ثلثة قروء بخلاف قوله تعالى و الذين يتوفون منكم فانه عام شامل لجميع اقسام المتوفى عنهن أزواجهن لم يشذ منها شى ء و ايضا لا يحتمل تلك الاية الارتياب فان الارتياب انما يتصور فى ما ثبت بدليل ظنى و تلك الاية لعمومه يشتمل جميع اقسام المتوفى عنها زوجها قطعا يقينا فان قيل هذا الدليل كما يقتضى اختصاص هذه الاية بالمطلقات يقتضى ايضا ان يختص به ايضا قوله تعالى وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ مع انه لم يقل به أحد فكيف ترك دليل الاختصاص هناك مع كون الجمل الثلث فى نسق واحد قلنا كان دليل التخصيص هاهنا الإجماع و الا فحديث الآحاد ما لم يعتقد بالإجماع لا يصلح مخصصا للقطع عندنا و الإجماع هناك على خلاف ذلك يعنى على شمول الأحمال أولات الأحمال المطلقات و المتوفى عنهن أزواجهن لابن علية و ابن عباس رض قالا لا بد للمتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملة من الوضع و الاربعة الأشهر و عشرا جمعا بين الآيتين احتياطا و الجمهور على انه تنقضى عدتها بالوضع كذا روى مالك فى الموطأ عن ابن عمرو عن عمر بن الخطاب و لم يقل أحد ان الوضع فى حقها غير معتبر أصلا و فى موطاء مالك عن سليمان بن يسار ان عبد اللّه بن عباس و أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف اختلفوا فى المرأة متنفس بعد زوجها بليال فقال ابو سلمة إذا وضعت ما فى بطنها فقد حلت و قال ابن عباس اخر اجلين فقال ابو هريرة انا مع ابن أخي يعنى أبا سلمة فارسلوا كريبا مولى ابن عباس الى أم سلمة زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم يسالها عن ذلك فاخبرهم انها قالت ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفات زوجها بليال فذكرت ذلك للنبى صلى اللّه عليه و سلم فقال قد حللت فانكحى من شئت و فى الصحيحين حديث عمر بن عبد اللّه بن أرقم انه دخل على سبيعة بنت الحارث الاسلمية فسالها عن حديثها فاخبرته انها كانت تحت سعد بن خولة و هو من بنى عامر بن لوى و هو كان ممن شهد بدرا فتوفى عنها فى حجة الوداع و هى حامل فلم تنشب ان وضعت حملها فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها ابو السنابل بن يعكك رجل من بنى عبد الدار فقال مالى أراك متجملة لعلك ترجين النكاح و اللّه ما أنت بناكحة حتى يمر عليك اربعة أشهر و عشر قالت فلما قال لى ذلك جمعت على ثيابى حين أمسيت فاتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فسالته عن ذلك فافتانى انى قد حللت حين وضعت حملى و أمرني بالتزوج ان بدا لى و إذا ثبت ان قوله تعالى و او لان الأحمال شاملة للمتوفى عنها زوجها ايضا كما يدل عليه حديث ابى بن كعب قلت للنبى صلى اللّه تعالى عليه و اله و سلم و أولات أحمال أجلهن ان يضعن حملهن للمر ثلاثا و المتوفى عنها زوجها فقال هى للمر ثلاثا و المتوفى عنها زوجها و لكن فيه المثنى بن صباح متروك قال الشافعي رحمه اللّه تعالى بان هذه الاية مخصصة لاية التربص اربعة أشهر و عشرا بناء على انه يجوز التخصيص بالمتراخي عنده قال البيضاوي المحافظة على عموم هذه الاية اولى من المحافظة على عموم قوله تعالى و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا لان عموم أولات الأحمال بالذات و عموم أزواجا بالعرض و الحكم معلل هاهنا بخلاف ثمه و لحديث سبيعة و قال ابو حنيفة هذه الاية ناسخة لحكم اية البقر مقدار ما يتناول عليه و هو المروي عن ابن مسعود و اخرج البخاري عن ابن مسعود قال أ تجعلون عليها التغليظ و لا تجعلون لها الرخصة نزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى يريد بالقصرى هذه السورة و بالطولى البقرة و فى رواية عنه انه قال من شاء باهلته ان سورة النساء القصرى نزلت بعد سورة النساء الطولى و اخرج ابو داود و النسائي و ابن ماجة بلفظ من شاء لاعنته لا نزلت سورة النساء القصرى بعد الاربعة أشهر و عشرا و اخرج البزاز بلفظ من شاء حالفته (مسئلة:) لا فرق بين عدة الحامل بين الحرة و الامة لان الوضع لا يحتمل التجزى (مسئلة:) اما التوامين تنقضى عدتها بوضع آخرهما لان قوله تعالى حملهن يقتضى وضع تمام حملها وَ مَنْ يَتَّقِ اللّه فى أحكامه يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً يعنى يسهل عليه امر الدنيا و الاخرة يوفقه للخير. ٥ ذلِكَ اى احكام المذكورة مبتداء خبره أَمْرُ اللّه أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ ط حال من امر اللّه و العامل فيه معنى أشير وَ مَنْ يَتَّقِ اللّه فى أحكامه فيراعى حقوقها يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ فان الحسنات يذهبن السيئات وَ يُعْظِمْ لَهُ أَجْراً بالمضاعفة. ٦ أَسْكِنُوهُنَّ متصل بقوله تعالى لا تخرجوهن مستانفة كانه فى جواب من قال اين تسكنهن و الضمير راجع الى النساء المطلقات المذكورات فى أول السورة فهى تعم الرجعيات و البائنات الحرائر و الإماء صغيرات كن او حائضات او آيسات مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ من زائدة و المعنى حيث سكنتم او للتبعيض و الموصوف محذوف يعنى مكانا كاينا بعض المكان الذي سكنتم فيه و قيل من بمضى فى كما فى قوله تعالى من قبل ان تنزل التورية مِنْ وُجْدِكُمْ اى من وسعكم اى الذي تطيقونه وَ لا تُضآرُّوهُنَّ فى السكنى لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ط فى المساكن ببعض الأسباب من إنزال لا يوافقها او شغل مكانها و غير ذلك فتلجوهن الى الخروج وَ إِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ج اعلم ان المطلقة الرجعية يستحق على زوجها النفقة و السكنى اجماعا ما دامت فى العدة فان كانت الدار ملكا للزوج يجب على الزوج ان يخرج عنها و يترك الدار مدة عدتها ان كان لا يريد الرجعة و ان كان باجارة فعلى الزوج الاجرة و اما المعتدة البائنة بالخلع او بالطلقات الثلث او باللعان او بالكنايات على مذهب ابى حنيفة فلها السكنى حاملا كانت او حائلا عند اكثر اهل العلم لعموم قوله تعالى أسكنوهن من غير فصل و روى عن ابن عباس و الحسن و الشعبي انه لا سكنى لها و اختلفوا فى نفقها فذهب قوم الى انه لا نفقة لها الا ان تكون حاملا روى ذلك عن ابن عباس و هو قول الحسن و الشعبي و عطاء و به قال الشافعي و احمد و الحجة لهؤلاء مفهوم الشرط لهذه الاية و حديث فاطمة بنت قيس ان أبا عمرو بن حفص طلقها البتة و هو غائب بالشام فارسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال و اللّه مالك علينا من شى ء فجاءت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فذكرت ذلك له فقال لها ليس لك عليه نفقة و أمرها ان تعتد فى بيت أم شريك ثم قال تلك امرأة يغشها أصحابي فاعتدى عند ابن أم مكتوم فانه رجل أعمى تضعين ثيابك فاذا حللت فاذنينى قالت فلما حللت ذكرت له ان معوية ابن سفيان و أبا جهم خطبانى فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اما ابو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه و اما معاوية فصعلوك لا مال له انكحى اسامة بن زيد فكرهته ثم قال انكحى اسامة فنكحته فجعل اللّه فيه خيرا و اغتبطت به رواه مسلم و روى مسلم ايضا و قال فيه لا نفقة لك و لا سكنى و رواه ايضا و قال فيه ابن المغيرة خرج مع على بن ابى طالب فارسل الى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقية من تطليقها و على هذا يحمل رواية الثلث على انه أوقع واحدة فى تمام الثلث و امر لها الحارث بن هشام و عباس بن ربيعة بنفقة فسخطتها فقالا و اللّه ليس لك نفقة الا ان تكونى حاملا فاتت النبي صلى اللّه عليه و سلم فذكرت له قولهما فقال لا نفقة لك و فى رواية لمسلم ان أبا حفص بن المغيرة طلقها ثلاثا ثم انطلق الى اليمن و قال لها اهله ليس لك علينا نفقة فانطلق خالد بن الوليد فى نفر فاتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى بيت ميمونة الحديث و قال ابو حنيفة لها نفقة حاملة كانت او لا بهذه الاية فان قوله تعالى من وجد متعلق بمحذوف و التقدير اسكتوهن من حيث سكنتم و أنفقوا عليهن من وجدكم لان قدر السكنى اتضح بقوله من حيث سكنتم و لا تضاروهن لتضيقوا عليهن و لو لا تقدير أنفقوا عليهن فلا فائدة لقوله من وجد و انما هو لبيان مقدار النفقة و به جاءت قراءة ابن مسعود و هو حجة عند ابى حنيفة و المفهوم ليس بحجة عنده و فائدة التقييد بقوله و ان كن أولات حمل التأكيد و دفع توهم عدم النفقة على المعتدة الحامل فى تمام الحمل لطولها و عدم الاقتصار على قدر ثلث حيض او ثلثة أشهر و الجواب عن حديث فاطمة انه و انكانت مرويا بسند صحيح لكنه شاذ مردود غير مقبول رده السلف و معارض و مضطرب اما الاضطراب فقد سمعت فى بعض الروايات انه طلقها و هو غائب و فى بعضها طلقها ثم سافر و فى بعضها انها ذهبت الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و سالته و فى بعضها ان خالد بن وليد ذهب فى سفر فسالوه صلى اللّه عليه و سلم و فى بعض الروايات سمى الزوج أبا عمرو بن حفص و فى بعضها أبا حفص بن المغيرة اما الرد من السلف فقد طعن فى الحديث أكابر الصحابة ممن سنذكر مع انه ليس من عادتهم الطعن بسبب كون الراوي امرأة او أعرابيا فقد قبلوا حديث قريعة بنت مالك اخت أبا سعيد فى اعتداد المتوفى عنها زوجها فى بيت زوجها مع انها لا تعرف الا بهذا الحديث بخلاف فاطمة بنت قيس و قبل عمر خبر الضحاك بن سفيان الكلابي وحده و هو أعرابي و أسوة من رد هذا الحديث عمر بن الخطاب روى مسلم فى صحيحه عن ابى اسحق قال كنت مع اسود ابن زيد جالسا فى المسجد الأعظم و معنا الشعبي فحدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لم يجعل لها سكنى و لا نفقة فاخذ الأسود من حصى فحصبه به فقال ويلك تحدث بمثل هذا قال عمر لا نترك كتاب ربنا و لا سنة نبينا بقول امرأة لا ندرى حفظت أم نسيت لها السكنى و النفقة قال اللّه تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن و لا يخرجن الا ان يأتين بفاحشة مبينة فعمر رد حديث فاطمة و بيّن ان سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان لها النفقة و السكنى و قول الصحابي من السنة كذا وقع فكيف إذا كان قايله عمر و هو اعلم بالسنن و الشرائع و فيما روى الطحاوي و الدار قطنى زيادة قوله سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول مبتداء للمطلقة ثلثا النفقة و اسكني و هذا صريح فى الرفع و المعارضة و قال سعيد بن منصور ثنا المعاوية ثنا الأعمش عن ابراهيم قال كان عمر إذا ذكر عنده حديث فاطمة قال ما كنا نغير فى ديننا بشهادة امرأة و هذا شاهد على ان المعروف المشهور عندهم كان وجوب النفقة و السكنى و لمن رد حديثها عائشة و كانت اعلم الناس بأحوال النساء فقد كن يأتين الى منزلها و يستفتين من البنى صلى اللّه عليه و سلم روى الشيخان فى الصحيحين عن عروة انه قال لعائشة الم ترى الى فلانة بنت الحكم طلقها زوجها البتة فخرجت فقالت بئس ما صنعت فقلت الم تسمعى اى قول فاطمة فقالت اما انه لا خير لها فى ذكر ذلك و فى صحيح البخاري عن عائشة انها قالت لفاطمة الا تتقى اللّه تعالى فى قولها لا سكنى لها و لا نفقة و ممن رد حديثها اسامة بن زيد حب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم روى عبد اللّه بن صالح قال حدثنى الليث بن سعد حدثنى جعفر عن ابى هريرة عن ابى سلمة بن عبد الرحمن قال كان محمد بن اسامة يقول كان اسامة إذا اذكرت فاطمة شيئا من ذلك يعنى من انتقالها فى عدتها رماها بما فى يده انتهى هذا مع انه هو الذي تزوجها بامر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و كان اعرف بالحال و هذا لم يكن الا لعلمه بان ذلك غلط او لعلم بخصوص سبب جواز انتقالها من اللسن او خيفة المكان قال ابن همام و قال الليث حدثنى عقيل عن ابن اشباب انا ابو سلمة بن عبد الرحمن فذكرت حديث فاطمة فانكر الناس عليها كانت تحدث من خروجها قبل ان تحل و ممن رد حديثها مروان روى مسلم فى صحيحه ان مروان بعث إليها قبيصة بن ابى ذويب فسالها عن الحديث فحدثته به فقال مروان لم تسمع الحديث الا من امرأة سناخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها قال ابن همام و الناس إذ ذاك هم الصحابة فهذا فى المعنى حكاية عن اجماع الصحابة و وصفه بالعصمة قال ابن همام من رد حديثها زيد بن ثابت و من التابعين ابن المسيب و شريح و الشعبي و الحسن و الأسود بن يزيد و ممن بعدهم الثوري و احمد بن حنبل و خلق كثير ممن تبعهم فالحديث شاذ و اما المعارضة فما ذكرنا من رفع عمرو فى معجم الطبراني بسنده عن ابراهيم ان ابن مسعود و عمر قالا المطلقة ثلثا لها السكنى و النفقة و اخرج الدار قطنى عن حزب بن العالية عن ابى الزبير عن جابر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال المطلقة ثلثا لها السكنى و النفقة لكن ضعف رفعه ابن معين و قال الأشبه وقفه على جابر (فائدة) و قيل فى توجيه حديث فاطمة بنت قيس على تقدير صحته انها كانت تطول لسانها على أحمائها و كان للسانها ذرابة و لذا أخرجها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من بيتها روى القاضي اسمعيل بسنده عن عائشة قالت لفاطمة بنت قيس انما اخرجك هذا اللسان و قال سعيد بن المسيب تلك امرأة يعنى فاطمة بنت قيس فتنت الناس كانت لسنة فوضت على يد ابن أم مكتوم رواه ابو داود و قال سليمان بن يسار خروج فاطمة انما كان عن سوء الخلق رواه ابو داود عنه و كان هذا سببا لخروجها من بيتها و اما سبب عدم نفقتها فلان زوجها كان غائبا و لم يترك مالا عند أحد سوى الشعير الذي بعث به إليها فطالبت هى من اهله على ما فى مسلم من طريق انه طلقها ثلثا ثم انطلق الى اليمن فقال لها اهله ليس لك علينا نفقة الحديث فكانه لذلك قال لها عليه الصلاة و السلام لا نفقة لك و لا سكنى لانه لم يترك مالا عند أحد و ليس يجب لك على اهله شى ء فلا نفقة لك فلم تفهم فاطمة الغرض من كلام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و جعلت تروى عدم النفقة مطلقا فوقع انكار الناس عليها (مسئلة:) المعتدة عن وفاة الزوج لا نفقة لها اجماعا حاملا كانت او حائلا و اختلفوا فى سكناها للشافعى رح فيه قولان أحدهما انه لا سكنى لها تعتد حيث تشاء و هو قول عائشة و ابن عباس و على و به قال الحسن و الجمهور على ان لها السكنى و هو قول عمر و عثمن و عبد اللّه بن مسعود و عبد اللّه بن عمرو به قال مالك و سفيان و الثوري و احمد و اسحق قلت و كذا قال ابو حنيفة رح لكنه يقول ان كان نصيبها من دار الميت لا يكفيها و أخرجها الورثة من نصيبهم انتقلت لان هذا انتقال بعذر و العبادات توثر فيها الاعذار فصارت كما إذا خافت سقوط المنزل او كانت فيها بأجر و لا تجد ما توويه و لا تخرج عما انتقلت اليه و الحجة للجمهور حديث فريعة بنت مالك بن سنان اخت ابى سعيد الخدري و قد ذكرناه فى سورة البقر فى تفسير قوله تعالى و الذين يتوفون منكم فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ اى المطلقات بعد وضع الحمل و تمام العدة أولادكم فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ على رضاعهن ذكرنا فى سورة البقر أن إرضاع الولد واجب على الام لقوله تعالى و الوالدات يرضعن أولادهن فان استاجر الرجل زوجة او معتدة لارضاع ولدها لا يجوز لانه أخذ الاجرة على فعل واجب عليها فلا يجوز و هذا كان يقتضى عدم جواز استيجار المطلقة بعد انقضاء العدة ايضا لكنا جوزنا ذلك بهذه الاية فظهر بهذه الاية ان وجوب الإرضاع على الام مقيد بوجوب رزقها على الأب بقوله تعالى و على المولود له رزقهن و كسوتهن ففى حالة الزوجية و العدة بعد الطلاق أبوه قائم برزقها و فيما بعد العدة ليس عليه رزق فيقوم الاجرة وَ أْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ج خطاب للزوجين اى ليقبل بعضكم من بعض إذا امره الاخر بشئ معروف و ما هو الأحسن و لا يقصد أحدهم إضرار الاخر قال الشافعي رح يعنى شاوروا و قال مقاتل بتراض الام و الأب على اجر مسمى و قال البيضاوي و ليامر بعضكم بعضا بجميل فى الإرضاع و الاجر وَ إِنْ تَعاسَرْتُمْ ايها الأبوين اى لان عسر الإرضاع على الام فابت ان ترضع ولدها فليس للاب اجبارها عليه و عذرت قضاء لظن عجزها حين امتنعت عن الإرضاع مع وفور شفقتها فان كان الإرضاع غير متعسر عليها فى الواقع أتمت عند اللّه و ان عسر على الأب إعطاء أجرتها و كانت ثمه من ترضعه بغير أجر أو بأجر اقل من اجر المثل لا يجبر على الأب فى إعطاء اجر المثل للام و يسترضع الأب من غيرها عند ابى حنيفة رح و هى رواية عن مالك رح و قول للشافعى رح و قال احمد رح يجبر على الأب فى إعطاء اجر المثل و لا يجوز للاب الإرضاع من غيرها و ان وجد من ترضع بغير اجر و هى رواية عن مالك رح و قول للشافعى رح و هذه الاية حجة لابى حنيفة رح حيث قال اللّه تعالى فَسَتُرْضِعُ لَهُ اى للاب امرأة أُخْرى و فيه معاتبة للام على المعاسرة (مسئلة:) يشترط فى الإرضاع من غيرها ان يكون الإرضاع عند الام ما لم تنكح زوجا اخر غير محرم من الولد لان الحضانة لها لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان امرأة قالت يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان ابني هذا كان بطني لها و عاء و ثديى لها سقاء و حجرى لها حواء و ان أباه طلقنى و أراد ان ينزعه منى فقال عليه الصلاة و السلام أنت أحق به ما لم تنكحى رواه ابو داود و الحاكم و صححه و فى موطاء مالك رح عن القاسم بن محمد قال كانت عند عمر امرأة من الأنصار فولدت له عاصم بن عمر ثم فارقها عمر فركب يوما الى قبا فوجد ابنه يلعب بفناء المسجد فاخذه بعضده و وضعه بين يديه على الدابة فادركته جدة الغلام فنازعته إياه فاقبلا حتى أتيا أبا بكر فقال خل بينه و بينها فما راجعه عمر كذا روى عبد الرزاق و روى البيهقي و زاد ثم قال ابو بكر سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لابوى والدة عن ولدها و روى ابن ابى شيبة قال ابو بكر مسحها و حجرها و ريحها خير لها منك حتى يشب الصبى فيختار لنفسه (مسئلة:) ان طلبت الام اجر مثل ما تطلب غيرها فليس للاب ان يسترضع عن غيرها اجماعا. ٧ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ط اى على قدر غناه وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللّه ط على قدر طاقة (مسئلة:) اختلفوا فى ان نفقة الزوجات و المطلقات هل هى مقدرة بالشرع او معتبرة بحال الزوجين او بحال الزوج فقط فقال مالك و احمد و هى رواية عن ابى حنيفة و اختارها صاحب الهداية انها غير مقدرة بالشرع بل مفوض الى الاجتهاد و يعتبر بحال الزوجين فيجب على الموسر للموسرة نفقة الموسرين و على المعسر للمعسرة اقل الكفايات حالا و الباقي فى ذمته إذا قضى القاضي بنفقة المتوسط او رضيا بقدر و هذا القول يوخذ من هذه الاية لا تقتضى اعتبار حال الزوجة و تقتضى ان يكون على الموسر للفقيرة نفقة اليسار بقوله تعالى لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ و يقتضى ان يكون على الفقير بقدر طاقته و لا يكون شى ء فى ذمته و ان كانت زوجة موسرة لقوله تعالى لا يُكَلِّفُ اللّه نَفْساً إِلَّا ما آتاها ط فانه تعليل لعدم وجوب الزيادة و هذا هو ظاهر الرواية من مذهب ابى حنيفة قال ابن همام على ظاهر الرواية يجب فى صورة إعسار الزوج و يسار الزوجة نفقة الإعسار لانها و ان كانت موسرة لكنها لما تزوجت معسرا فقد رضيت بنفقة المعسرين و فى صورة يسار الزوج و إعسار الزوجة نفقة الموسر زوجه و من قال انه يجب على المعسر للموسرة نفقة متوسطة اعتبار حال الزوج ثبت بالقران و اعتبار حال الزوجة بحديث عائشة ان هذا بنت عتبة قالت يا رسول اللّه ان أبا سفيان رجل شحيح و ليس يعطنى ما يكفينى و ولدي الا ما أخذت منه و هو لا يعلم فقال خذى ما يكفيك و ولدك بالمعروف متفق عليه و يورد عليه انه حديث احاد لا يجوز به تغيير حكم ثبت بالقاطع و أفاد صاحب الهداية دفع هذا الإيراد بقوله نحن نقول بموجبه اى موجب القران انه مخاطب بقدر وسعه و الباقي فى ذمته فان المفاد بالنص باعتبار حاله فى الانفاق و نحن نقول ان المعسر لا ينفق فوق وسعه و هو لا ينفى اعتبار حالها فى قدر ما يجب لها عليه فى ذمته و الحديث أفاده فلا زيادة على النص لان موجبه تكليف بإخراج بقدر حاله و الحديث أفاد اعتبار حالها فى قدر الواجب الا المخرج فيجتمعان بان يكون الواجب عليه اكثر فيما إذا كانت موسرة و هو معسر و يخرج قدر حاله فبالضرورة يبقى الباقي فى ذمته و أورد عليه انه صلى اللّه عليه و سلم كان عالما بحال ابى سفيان لعله انه كان موسرا فلم ينص على حاله و اطلق لها بان أخذ كفايتها و ايضا ليس فى الحديث اعتبار حالها فان الكفاية تختلف ايضا و قوله عليه الصلاة و السلام بالمعروف اشارة الى رعاية حاله و أخذها من مال ابى سفيان ما يكفيها و ولدها لا يمكن الا إذا كان ابو سفيان مالكا لما يكفيها و ولدها ففيه دليل واضح على انه كان موسرا مانعا لاجل الشح و اللّه اعلم و قال الشافعي هى مقدرة بالشرع لادخل للاجتهاد فيها معتبرة بحال الزوج كما ينطق به الاية فعلى الموسر مدان و على المتوسط مد و نصف و على المعسر مد واحد و لا دليل فى الاية على التقدير (مسئلة:) اتفقوا على ان الزوجة إذا احتاجت الى خادم وجب اخدامها بشرط يسار الزوج و قال محمد يجب على المعسر ايضا نفقة خادم ثم اختلفوا فيما إذا احتاجت الى اكثر من خادم فقال ابو حنيفة و محمد و الشافعي و احمد لا يلزم الا خادم واحد و قال مالك فى المشهور عنه إذا احتاجت خادمين او ثلثة لزمه ذلك و قال ابو يوسف عليه نفقة خادمين فقط أحدهما لمصالح الداخل و الاخر لمصالح الخارج و اللّه تعالى اعلم ثم ذكر اللّه تعالى لتطييب قلوب المعسرين وعد اليسر سَيَجْعَلُ اللّه بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً اى عاجلا او أجلا. ٨ وَ كَأَيِّنْ بمعنى كم الخبرية مبتداء مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ اى عتى أهلها حذف المضاف و أسند الفعل الى المضاف اليه و كذا فى حاسبناها و عذبناها خبر كاين او صفة له و الخبر أعد اللّه لهم يعنى كثير من اهل القرية طعنت و أعرضت اعراض العاتي المعاند عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً حاسبنا مع ما عطف عليه عطف على عتت يعنى حسابا بالاستقصاء و المناقشة و عدم العفو و التجاوز يعنى حاسبناها بعملها فى الدنيا و جزينها فى الدنيا او المراد استقصاء ذنوبهم و إثباتها فى صحف الحفظة وَ عَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً قرأ نافع و ابو بكر بضم الكاف و الباقون بالسكون يعنى منكرا فظيعا بالجوع و القحط و السيف و الاسر و الإهلاك. ٩ فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها اى عقوبة كفرها و معاصيها فى الدنيا وَ كانَ عاقِبَةُ أَمْرِها فى القبر و الاخرة خُسْراً لا ربح فيه أصلا حيث يعوض لهم بالجنة النار. ١٠ أَعَدَّ اللّه لَهُمْ فى الاخرة عَذاباً شَدِيداً كذا قال مقاتل فى تاويل الاية و قيل فى الاية تقديم و تأخير و مجازها فعذبناها فى الدنيا بالجوع و القحط و ساير البلاء و حاسبناها فى الاخرة حسابا شديدا و كان عاقبة أمرها خسرا و قال اكثر المفسرين المراد فى الكل حساب الاخرة و عذابها و التعبير بلفظ الماضي للتحقيق و على هذين التأويلين لا يجوز الا ان يكون عتت خبرا من كاين فَاتَّقُوا اللّه يعنى لا تطغوا و لا تعرضوا عن امر ربكم و رسله كيلا يصيبكم مثل ما أصابهم و الفاء للسببية فان الوعيد على الجفاء بسبب الاتقاء يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا بدل او نعت كاشفة فان مقتضى اللب الايمان و الجملة الندائية معترضة للتنبيه قَدْ أَنْزَلَ اللّه حال من فاعل فاتقوا او تعليل إِلَيْكُمْ ذِكْراً يعنى القران. ١١ رَسُولًا منصوب بفعل مقدر يعنى و أرسل رسولا او هو منصوب بالمصدر على المفعولية و المعنى انزل إليكم ذكر رسول او على البدلية بدل الكل من ذكر على انه بمعنى الرسالة او على حذف المضاف يعنى كتاب رسول او بدل اشتمال من الذكر بمعنى القران يعنى انزل ذكرا رسولا معه و قيل المراد بالذكر جبرئيل عليه السلام لكثرة ذكره او لنزوله بالذكر و هو القران او لانه مذكور فى السموات او ذا ذكر اى شرف او محمد صلى اللّه عليه و سلم لمواظبته على الذكر و تلاوة القران او تبليغه الذكر و عبر من إرساله بالانزال ترشيحا او لانه مسبب عن إنزال الوحى اليه و على هذين التأويلين رسولا بدل من ذكرا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ صفة للرسول على الحقيقة او للقران مجازا و جاز ان يكون حالا من اسم اللّه آياتِ اللّه مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ اى الكفر و الجهل إِلَى النُّورِ اى الايمان و الفقه و الأعمال الصالحة الموجبة للنور فى الاخرة و المراد بالموصول المؤمن بعد نزول القران الذين علم اللّه و قدر ايمانهم بعد الكفر و علمهم بعد الجهل اى ليحصل لهم ما هم عليه الان من الايمان و الأعمال الصالحة و العلوم الحقة و قوله ليخرج متعلق بانزل وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللّه وَ يَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ط قرا نافع و ابن عامر فدخله بالنون على المتكلم و الباقون بالياء على الغيبة وحّد ضمير ندخله و جمع خالدين حملا على لفظ من و معناه قَدْ أَحْسَنَ اللّه لَهُ رِزْقاً يعنى الجنة التي لا ينقطع نعيمها فيه تعظيم لما رزقوا. ١٢ اللّه الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ مبتداء و خبر وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ط يعنى سبعا عن ابى هريرة قال بينما نبى اللّه صلى اللّه عليه و سلم جالس و أصحابه إذا اتى عليهم سحاب فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم هل تدرون ما هذا قالوا اللّه و رسوله اعلم قال هذا العنان هذه زوايا الأرض يسوقها اللّه الى قوم لا يشكرونه و لا يدعونه ثم قال هل تدرون ما فوقكم قالوا اللّه و رسوله اعلم قال فانها الرفيع سقف محفوظ و موج مكفوف ثم قال هل تدرون ما بينكم و بينها قالوا اللّه و رسوله اعلم قال بينكم و بينها خمسمائة عام ثم قال هل تدرون ما فوقه ذلك قالوا اللّه و رسوله اعلم قال سماء ان بعد ما بينهما خمسمائة سنة ثم قال كذلك حتى عد سبع سموات ما بين السماء و الأرض ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك قالوا اللّه و رسوله اعلم قال ان فوق ذلك العرش و بينه و بين السماء بعد ما بين السماءين ثم قال هل تدرون ما الذي تحتكم قالوا اللّه و رسوله اعلم قال انها الأرض ثم قال هل تدرون ما تحت ذلك قالوا اللّه و رسوله اعلم قال ان تحتها ارض اخرى ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد سبع ارضين بين كل ارضين خمسمائة سنة ثم قال و الذي نفس محمد بيده لو انكم وليتم بحبل الى الأرض السفلى الهبط على اللّه ثم قرا هو الاول و الاخر و الظاهر و الباطن و هو بكل شى ء عليم رواه احمد و الترمذي و قد ذكرنا هذا الحديث و تحقيقه فى سورة البقرة فى تفسير قوله تعالى فسوّهن سبع سموات قال قتادة فى كل ارض من ارضه و سماء من سمائه من خلقه و امر من امر و قضاء من قضاء و قد ورد فى بعض الأحاديث ان فى كل ارض آدم كادمكم و نوح كنوحكم و ابراهيم كابراهيمكم و موسى كموسى و نبى كنبيّكم يعنى محمد صلى اللّه عليه و سلم و اللّه تعالى اعلم يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ اى يجرى امر اللّه و قضاءه بينهن و ينفد حكمه فهن كلهن و لو صح حديث فى كل ارض آدم كادمكم فجاز ان يكون المعنى يتنزل بالوحى بينهن من السماء السابعة الى الأرض السابعة السفلى- لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللّه عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اللّه قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عِلْماً فلا يخفى عليه شى ء و قوله لتعلموا علة لخلق او ليتنزل الأمر او لمقدر يعمها اى عمكم الخلق و التنزل لتعلموا الاية فان كلا منها يدل على كمال قدرته و علمه و علما منصوب على التميز من نسبة أحاط الى فاعله او مصدر من غير لفظه فمعنى أحاط بكل شى ء علما علم كل شى ء علما و جملة اللّه الذي خلق سبع سموت الاية تعليل لما سبق من قوله فاتّقوا اللّه. |
﴿ ٠ ﴾