٤ وَ اللَّائِي مر اختلاف القراء فى سورة المجادلة يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مصدر ميمى بمعنى الحيض مِنْ نِسائِكُمْ يعنى اللاتي لا يرجون الحيض لكبرهن و قدرها بعض العلماء بخمس و خمسين سنة و بعضهم بستين سنة إِنِ ارْتَبْتُمْ اى شككتم فى عدتهن كان فى هذا الشرط اشارة الى ان عدة اللائي يئسن و اللائي لم يحضن يمكن استنباطها من قوله تعالى و المطلقات يتربصن بانفسهن ثلثة قروء فان ثلثة قروء غالبا يوجد فى ثلثة أشهر فاذا لا يوجد القروء يجب رعاية زمان يوجد فيه غالبا القروء الثلاثة كما ان العلماء حكموا بالبلوغ بمضى خمسة عشر سنة او سبعة عشر سنة او نحو ذلك لعدم خلو هذا السن من البلوغ غالبا و كما ان الشرع اقام حولان الحول على المال فى وجوب الزكوة مقام النماء لوجود النماء غالبا فى الحول و له نظائر كثيرة مثل تقدير الا ياس بالسنين فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ الاية اخرج مقاتل فى تفسيره ان خلاد بن عمر بن الجموح سال النبي صلى اللّه عليه و سلم عن عدة التي لا تحيض فنزلت هذه الاية وَ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ سواء كانت صغيرة او مراهقة او بالغة بالسن مبتدأ خبره محذوف دل عليه ما سبق يعنى كذلك عدتهن ثلثة أشهر قوله و اللّائي يئسن مع ما عطف عليه معطوف على مفهوم قوله تعالى طلقوهن لعدتهن و احصوا العدة فان الاضافة فى لعدتهن و لام التعريف فى العدة للعهد اى عدتهن المعهودة المعلومة من قوله تعالى و المطلقات يتربصن بانفسهن ثلثة قروء فدلت الاضافة و اللام على ان عدة اللائي يحضن من المطلقات ثلثة حيض فعطف عليه هذه الاية مختصة بالمطلقات الحرائر اجماعا سواء كن رجعيات او بائنات او مختلعات مسلمات او كتابيات تحت مسلم و اما الإماء قنات او مكاتبات او مدبرات فعدتهن إذا لم تكن من ذوات الأقراء فنصب عدة الحرائر اعنى شهرا و نصف شهر بالإجماع و قد ذكرنا فى سورة البقر طلاق الامة طلقتان و عدتها حيضتان و لما كان الحيض و الطلاق غير متجز كملنا و الشهر متجز فصار شهرا و نصف شهر روى الشافعي ثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن مولى ابى طلحة عن سلمان بن يسار عن عبد اللّه بن عتبة عن عمر قال ينكح العبد امرأتين و يطلق تطليقتين و تعتد الامة بحيضتين فان لم تكن تحيض فشهرين او شهرا و نصفا (مسئلة:) الشابة التي كانت تحيض فارتفع حيضها قبل بلوغ سن الإياس ذهب اكثر أهل العلم الى ان عدتها لا تنقضى حتى يعاودها الدم فيعتد ثلثة اقرأ او تبلغ سن الإياس فتعتد بثلاثة أشهر و هو قول عثمن و على و زيد بن ثابت و ابن مسعود و به قال عطاء و اليه ذهب ابو حنيفة و الشافعي و وجه هذا القول ظ فانها غير داخلة فى اللائي يئسن و اللائي لم يحضن و حكى عن عمر انها يتربصن تسعة أشهر فان لم تحضن فى تلك المدة تعتد بثلاثة أشهر و هو قول مالك و قال الحسن تتربصن ستة فان لم تحضن تعتد بثلاثة أشهر (مسئله) ان حاضت المطلقة حيضتين ثم بلغ سن الإياس و انقطع دمها تستانف العدة بالشهور و ان اعتدت الآئسة بالأشهر ثم رأت الدم بعد انقضائها او فى خلالها انتقض ما مضى من عدتها و ظهر فساد نكاحها الكائن بعد تلك العدة هذا إذا رات الدم على العادة بان يكون الدم أسودا و احمر و لو رات اصفر او اخضر او تربية لا يكون حيضا الا إذا كانت عادتها قبل الإياس اصفر فرأته كذلك او علقا فرأته كذلك ان وقع الطلاق فى أول شهر اعتدت بالأشهر الهلالية اتفاقا و ان وقع فى أثناء الشهر اعتبر كلها بالأيام فلا ينقضى عدتها الا بتسعين يوما عند ابى حنيفة و عند صاحبيه يكمل الاول ثلثين يوما و الأخيران المتوسطان بالاهلة (مسئلة:) ليس حكم هذه الاية فى المتوفى عنها زوجها فان عدتها إذا لم تكن حاملا اربعة أشهر و عشر سواء كانت صغيرة او آيسة او شابة و الداعي الى تخصيص حكم هذه الاية بالمطلقات دون المتوفى عنهن أزواجهن مع كون اللفظ عاما الإجماع و سند الإجماع ما ذكرنا فى سبب النزول من حديث ابى بن كعب قالوا قد بقي عدد من النساء لم يذكرن الصغائر و الكبائر و أولات الأحمال فانزلت هذه الاية و قوله تعالى ان ارتبتم و لا شك ان عدة النساء لم يبق الا من قوله تعالى و المطلقات يتربصن بانفسهن ثلثة قروء بخلاف قوله تعالى و الذين يتوفون منكم فانه عام شامل لجميع اقسام المتوفى عنهن أزواجهن لم يشذ منها شى ء و ايضا لا يحتمل تلك الاية الارتياب فان الارتياب انما يتصور فى ما ثبت بدليل ظنى و تلك الاية لعمومه يشتمل جميع اقسام المتوفى عنها زوجها قطعا يقينا فان قيل هذا الدليل كما يقتضى اختصاص هذه الاية بالمطلقات يقتضى ايضا ان يختص به ايضا قوله تعالى وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ مع انه لم يقل به أحد فكيف ترك دليل الاختصاص هناك مع كون الجمل الثلث فى نسق واحد قلنا كان دليل التخصيص هاهنا الإجماع و الا فحديث الآحاد ما لم يعتقد بالإجماع لا يصلح مخصصا للقطع عندنا و الإجماع هناك على خلاف ذلك يعنى على شمول الأحمال أولات الأحمال المطلقات و المتوفى عنهن أزواجهن لابن علية و ابن عباس رض قالا لا بد للمتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملة من الوضع و الاربعة الأشهر و عشرا جمعا بين الآيتين احتياطا و الجمهور على انه تنقضى عدتها بالوضع كذا روى مالك فى الموطأ عن ابن عمرو عن عمر بن الخطاب و لم يقل أحد ان الوضع فى حقها غير معتبر أصلا و فى موطاء مالك عن سليمان بن يسار ان عبد اللّه بن عباس و أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف اختلفوا فى المرأة متنفس بعد زوجها بليال فقال ابو سلمة إذا وضعت ما فى بطنها فقد حلت و قال ابن عباس اخر اجلين فقال ابو هريرة انا مع ابن أخي يعنى أبا سلمة فارسلوا كريبا مولى ابن عباس الى أم سلمة زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم يسالها عن ذلك فاخبرهم انها قالت ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفات زوجها بليال فذكرت ذلك للنبى صلى اللّه عليه و سلم فقال قد حللت فانكحى من شئت و فى الصحيحين حديث عمر بن عبد اللّه بن أرقم انه دخل على سبيعة بنت الحارث الاسلمية فسالها عن حديثها فاخبرته انها كانت تحت سعد بن خولة و هو من بنى عامر بن لوى و هو كان ممن شهد بدرا فتوفى عنها فى حجة الوداع و هى حامل فلم تنشب ان وضعت حملها فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها ابو السنابل بن يعكك رجل من بنى عبد الدار فقال مالى أراك متجملة لعلك ترجين النكاح و اللّه ما أنت بناكحة حتى يمر عليك اربعة أشهر و عشر قالت فلما قال لى ذلك جمعت على ثيابى حين أمسيت فاتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فسالته عن ذلك فافتانى انى قد حللت حين وضعت حملى و أمرني بالتزوج ان بدا لى و إذا ثبت ان قوله تعالى و او لان الأحمال شاملة للمتوفى عنها زوجها ايضا كما يدل عليه حديث ابى بن كعب قلت للنبى صلى اللّه تعالى عليه و اله و سلم و أولات أحمال أجلهن ان يضعن حملهن للمر ثلاثا و المتوفى عنها زوجها فقال هى للمر ثلاثا و المتوفى عنها زوجها و لكن فيه المثنى بن صباح متروك قال الشافعي رحمه اللّه تعالى بان هذه الاية مخصصة لاية التربص اربعة أشهر و عشرا بناء على انه يجوز التخصيص بالمتراخي عنده قال البيضاوي المحافظة على عموم هذه الاية اولى من المحافظة على عموم قوله تعالى و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا لان عموم أولات الأحمال بالذات و عموم أزواجا بالعرض و الحكم معلل هاهنا بخلاف ثمه و لحديث سبيعة و قال ابو حنيفة هذه الاية ناسخة لحكم اية البقر مقدار ما يتناول عليه و هو المروي عن ابن مسعود و اخرج البخاري عن ابن مسعود قال أ تجعلون عليها التغليظ و لا تجعلون لها الرخصة نزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى يريد بالقصرى هذه السورة و بالطولى البقرة و فى رواية عنه انه قال من شاء باهلته ان سورة النساء القصرى نزلت بعد سورة النساء الطولى و اخرج ابو داود و النسائي و ابن ماجة بلفظ من شاء لاعنته لا نزلت سورة النساء القصرى بعد الاربعة أشهر و عشرا و اخرج البزاز بلفظ من شاء حالفته (مسئلة:) لا فرق بين عدة الحامل بين الحرة و الامة لان الوضع لا يحتمل التجزى (مسئلة:) اما التوامين تنقضى عدتها بوضع آخرهما لان قوله تعالى حملهن يقتضى وضع تمام حملها وَ مَنْ يَتَّقِ اللّه فى أحكامه يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً يعنى يسهل عليه امر الدنيا و الاخرة يوفقه للخير. |
﴿ ٤ ﴾