|
٤٨ فَاصْبِرْ يا محمد صلى اللّه عليه و سلم على اذاهم فانهم لا يقولون ما يقولون الا بلا حجة لِحُكْمِ رَبِّكَ لقضائه بأخذ الكفار بالامهال و الاستدراج و لا تضجر و لا تعجل وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ فى الضجر و الاستعجال معطوف على فاصبر قال وهب ان يونس بن متى عليه السلام كان عبدا صالحا و كان فى خلقه ضيق فلما حمل عليه أثقال النبوة تضح تحتها تفسح الربع تحت الحمل الثقيل يقذفها بين يديه و يخرج هاربا منها فلذلك أخرجه اللّه من اولى العزم و قال للنبى صلى اللّه عليه و سلم فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل و لا تكن كصاحب الحوت و قصته على ما ذكره ابن مسعود و سعيد بن جبير و وهب ان اللّه تعالى أرسله الى اهل نينوى من ارض الموصل و هم مائة الف او يزيدون فدعاهم الى اللّه تعالى فابوا فاخبرهم ان العذاب صبحهم الى ثلث فقالوا لم يحزب عليه كذبا فانظروا فان بات فيكم تلك الليلة فليس بشئ و ان لم يبت فاعلموا ان العذاب مصبحكم فخرج يونس عليه السلام فى جوف تلك الليلة من بينهم فلما أصبحوا لفشاهم العذاب فكان فوق رؤسهم على قدر ميل و غامت السماء غيما اسودها بل يدخن دخانا شديدا فهبط حتى غشى مدينتهم و اسودت سطوحهم فلما رأوا ذلك تيقنوا بالهلاك فطلبوا يونس بينهم فلم يجدوه فقذف اللّه فى قلوبهم التوبة فخرجوا الى الصعيد بانفسهم و نسائهم و صبيانهم و دوابهم و لبسوا المسوح و أظهروا الايمان و التوبة و أخلصوا النية و فرقوا بين كل والدة و ولدها من الناس و الانعام فحسن بعضهم الى بعض و علت أصواتها و تضرعوا الى اللّه عز و جل و قالوا أمنا بما جاء به يونس فرحمهم ربهم و استجاب دعائهم فكشف عنهم العذاب بعد ما أظلهم و ذلك يوم عاشوراء و كان يونس قد خرج ينتظر العذاب و هلاك قومه فلم ير شيئا و كان من كذب و لم يكن له بينة قبل فقال يونس عليه السلام كيف ارجع الى قومى و قد كذبتم فانطلق فاتى البحر فاذا قوم يركبون سفينة فعرفوه فحملوه بغير اجر فوقعت السفينة لا ترجع و لا يتقدم فقالوا ان لسفينتنا لشانا قال يونس عليه السلام قد عرفت شانها ركبها رجل ذو خطيئة قالوا و من هو قال انا اقذفونى فى البحر قالوا ما كنا نطرحك من هاهنا حتى نفداك فى شانها فاستهموا فاعترفوا ثلث مرات فادحض سهمه و الحوت عند رجل السفينة فاغرقاه منتظرا امر ربه فيه فقال يونس عليه السلام انكم و اللّه لتهلكن جميعا او لتطرحونى فيها فقذفوه فيه فانطلقوا و أخذته الحوت و فى رواية ابن عباس انه قال الملاحون حين احتبست السفينة هاهنا رجل عاص او عبد ابق هذا رسم السفينة و من رسمنا ان نقرع فاقترعوا ثلثا و وقعت القرعة على يونس فالقى نفسه فى الماء فابتلعه الحوت و ابتلع هذا الحوت حوت اخر اكبر منه اوحى اللّه تعالى الى الحوت انا لم نجعل يونس لك قوتا انما جعلنا بطنك حرزا و مسجد او فى رواية سجنا و روى ان اقام قبل القرعة و قال انا العبد العاصي الآبق فقالوا لا نلقينك يا رسول اللّه حتى نستاهم فوجب القرعة عليه فالقى نفسه فى الماء و روى فى القصة انه لما وصل الى البحر كانت معه امرأته و ابنان له فجاء مركب و أراد ان يركب فقدم امرأته لتركب بعدها فحال الموج بينه و بين المركب ثم جاءت موجة اخرى و أخذت ابنه الأكبر و جاء ذئب و أخذ الابن الأصغر فريدا فجاء مركب اخر فركبه فاحتبست السفينة إلخ قال ابن مسعود و ابتلعه الحوت فاهوى به الى قرار الأرض السابعة و كان فى بطنه أربعين ليلة فسمع تسبيح الحصى فنادى فى الظلمات ان لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين و ذلك قوله تعالى إِذْ نادى وَ هُوَ مَكْظُومٌ اى حملوا غيظا و غما لاجل الوقوع فى المعصية و التعب و الظرف متعلق بمحذوف اى اذكر لا بالنهى لان ندائه سبحانه امر حسن لا يمكن ان يكون منهيا عنه و تقدير الكلام لا تكن كصاحب الحوت مستعجلا فى عقوبة الكفار و اذكر إذ نادى بالتوبة و هو مكظوم حيث لم يكظم الغيظ الا لاستعجاله و عدم صبره. |
﴿ ٤٨ ﴾