٤ تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ قرأ الكسائي يعرج بالياء على التذكير و الباقون بالتاء على التأنيث و الجملة صفة للمعارج على طريقة و لقد امر على اللئيم يسبنى و الرابط محذوف اى تعرج فيها الملائكة و الروح اليه و الروح جبرئيل عليه السلام و أفرده لفضله او أعظم خلق من الملائكة قلت و يحتمل ان يكون المراد بالروح روح البشر الذي هو من عالم الأمر فان أرواح البشر من الأولياء و الأنبياء تعرج من خفض البعد و الغفلة الى معارج القرب و الحضرة إِلَيْهِ اى الى اللّه سبحانه او الى عرشه فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ج الظرف متعلق بمحذوف دل عليه واقع اى يقع العذاب بهم فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة يعنى يوم القيامة كذا اخرج البيهقي عن عكرمة عن ابن عباس و قال يمان يوم القيامة فيه خمسين موطنا كل موطن الف سنة روى الشيخان فى الصحيحين عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما من صاحب كنز لا يؤدى زكوة الكنز الا احمى عليه فى نار جهنم فيجعل صفائح فيكوى بها جنباه و جبينه حتى يحكم اللّه بين عباده فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة ثم يرى سبيله اما الى الجنة و اما الى النار و ما من صاحب ابل لا يودى زكوتها الا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقركا و فرما كانت تستن عليه لا يفقد منها- فصيلا واحدا يطأ بأخفافها و تعضه بأفواهها كلما مر عليه أوليها رد عليه أخريها فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله اما الى الجنة و اما الى النار و ما من صاحب غنم لا يودى زكوتها الأبطح له بقاع فرقر لا يفقد منها شيئا ليس فيها عقصاء و لا جلجاء و لا غضباء تنطحه بقرونها و تطأه باظلافها كما مر عليه أوليها رد عليه أخريها فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله اما الى الجنة و اما الى النار و اخرج احمد و ابو يعلى و ابن حبان و البيهقي بسند حسن عن ابى سعيد قال سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن يوم كان مقداره خمسين الف سنة ما أطول هذا اليوم فقال و الذي نفسى بيده انه ليخفف على المؤمن حتى يكون أهون من الصلاة المكتوبة يصليها فى الدنيا قلت فعلى هذا التأويل لا تصادم بين هذه الاية و بين قوله تعالى فى تنزيل السجدة يدبّر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون إذ معناه يحكم اللّه تعالى بالأمر و ينزل به جبرئيل من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه جبرئيل فى يوم من ايام الدنيا و كان قدر سيره الف سنة خمسمائة سنة نزوله و خمسمائة عروجه لان ما بين السماء و الأرض خمسمائة عام يعنى لو سار تلك المسافة واحد من بنى آدم لم يقطعه الا فى الف سنة لكن الملائكة يقطعون فى يوم واحد بل فى ادنى زمان اخرج البيهقي من طريق ابى طلحة عن ابن عباس فى قوله تعالى تعرج اليه فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون قال هذا فى الدنيا تعرج الملائكة فى يوم كان مقداره الف سنة و فى قوله تعالى فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة قال هذا يوم القيامة جعله اللّه تعالى على الكافرين مقدار خمسين الف سنة و قيل المراد من الآيتين يوم القيامة يكون على بعضهم أطول و على بعضهم اقصر حتى يكون على المؤمنين أهون من الصلاة المكتوبة كما مر و اخرج الحاكم و البيهقي عن ابى هريرة مرفوعا و موقوفا يكون على المؤمنين كمقدار ما بين الظهر و العصر و حينئذ معنى قوله تعالى يدبّر الأمر من السماء الى الأرض مدة ايام الدنيا ثم يعرج اى يرجع الأمر و التدبير اليه بعد فناء الدنيا و انقطاع امر الأمراء و حكم الحكام فى يوم كان مقداره الف سنة و قيل الظرف فى هذه الاية اعنى قوله تعالى فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة متعلق بيعرج كما هو متعلق فى سورة التنزيل و وجه الجمع بين الآيتين ان المراد فى اية سورة التنزيل انه يدبر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه من الأرض الى السماء فى يوم و قدر مسيره الف سنة لان ما بين السماء و الأرض خمسمائة عام فصار نزوله و عروجه الف سنة و المراد فى هذه السورة مدة المسافة من منتهى الأرض السابعة الى منتهى أعلى السموات فوق السماء السابعة قال البغوي روى ليث عن مجاهد ان مقدار هذا خمسين الف سنة و قال محمد بن اسحق لو سار ابن آدم من الدنيا الى موضع العرش سيرا طبيعنا له سار خمسين الف سنة و من هاهنا قالت الصوافية العلية ان فناء القلب الذي يحصل للصوفى بالجذب من اللّه تعالى بتوسط النبي صلى اللّه عليه و سلم و المشائخ لو أراد واحد ان يحصله بالعبادات و الرياضات من غير جذب من الشيخ فانما يحصل له فى زمان كان مقداره خمسين الف سنة و إذا لم يتصور بقاء أحد بل بقاء الدنيا الى هذه المدة ظهران الوصول الى اللّه تعالى من غير جذب منه تعالى بتوسط أحد من المشائخ كما هو المعتاد و بلا توسط روح رجل كما يكون لبعض الآيسين من الافراد محال و اللّه المستعان. |
﴿ ٤ ﴾