سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ سِتٌّ وَخَمْسُونَ آيَةً

مكيّة و هى ست و خمسون اية

 بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

 روى الشيخان فى الصحيحين عن يحى بن كثير قال سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القران قال يايها المدثر قلت يقولون اقرء باسم ربك قال ابو سلمة سالت جابرا عن ذلك و قلت له مثل الذي قلت لى فقال لى لا أحدثك الا ما حدثنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال جاورت بحراء شهرا فلما قضيت هبطت فنوديت فنظرت عن يمينى فلم ار شيئا و نظرت عن شمالى فلم ار شيئا و نظرت عن خلف فلم ار شيئا فرفعت راسى فرايت شيئا فاتيت خديجة فقلت دثرونى دثرونى و صبوا على ماء باردا فنزلت يايها المدثر قم فانذر و ربك فكبر و ثيابك فطهر و الرجز فاهجر و ذلك قبل ان يفرض الصلاة قلت و المرفوع من الحديث لا يدل على نزول هذه السورة قبل اقرأ و الصحيح ان نزول اقرء قبل ذلك كما سنذكر فى شان نزوله فى تلك السورة ان شاء اللّه تعالى و يدل على هذا ما رواه الشيخان عن جابر ايضا انه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يحدث عن فترة الوحى فبينا انا امشى سمعت صوتا من السماء فرفعت بصرى فاذا الملك الذي جاء فى بحراء قاعد على كرسى بين السماء و الأرض فجئت فيه رعبا حتى هويت الأرض فجئت أهلي فقلت زملونى زملونى فانزل اللّه تعالى يايها المدثر قم فانذر و ربك فكبر و ثيابك فطهر و الرجز فاهجر ثم حمى الوحى و تتابع فان هذه الرواية صريحة فى ان نزول سورة المدثر بعد فترة الوحى و كان روية الملك بحراء قبل ذلك

و اخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس ان وليد بن مغيرة صنع لقريش طعاما فلما أكلوا قالوا ما تقولون فى هذا الرجل فقال بعضهم ساحر و قال بعضهم ليس بساحر و قال بعضهم كاهن و قال بعضهم ليس بكاهن و قال بعضهم شاعر و قال بعضهم ليس بشاعر و قال بعضهم سحر يوثر فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه و سلم فحزن و رفع راسه و تدثر فانزل اللّه تعالى يايها المدثر الى قوله وَ لِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ...

_________________________________

١

يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ

٢

قُمْ من مضجعك او قم قيام عزم وجد فَأَنْذِرْ حذف المفعول ليدل على التعميم يعنى انذر الناس أجمعين بعذاب العالمين لمن أشرك به.

٣

وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ الفاء فيه و فيما بعده لافادة معنى الشرط تقديره اما ربك فكبر يعنى مهما يمكن من شى ء و كنت على اى حال فكبر ربك قلت و يحتمل ان يكون تقديره و كبر ربك فكبره و الغرض بالتكرار استمرار نفسه عليه و معنى كبر عظمه عن الحدوث و عن سمات النقص و الزوال و عن التشريك فى وجوب الوجود و الالوهية و التشريك فى العبادة و التشبيه بشى ء من الممكنات فى شى ء من الذات و الصفات و الافعال وصفه باوصاف الكمال ما لا يتصف به غيره و هذا أول ما يجب على الإنسان و أهم من جميع الواجبات و لا يحتمل العفو و السقوط و يحكم به العقل قبل النقل لكن العقل غير كاف فى دركه كما ينبغى (مسئلة:) احتج الفقهاء لهذه الاية على فرضية التكبير لتحريمة الصلاة لكن قال ابو حنيفة رض و محمد رض انها تنعقد لكل لفظ يوجب التعظيم نحو اللّه أجل و اللّه أعظم و لا اله الا اللّه و الرحمن اكبر و غير ذلك لا بلفظة اللّه اكبر وحده لان المأمور به التكبير و هو التعظيم و قال ابو يوسف رض ان كان يحسن ان يقول اللّه اكبر فلا يجزيه الا ذاك او اللّه الأكبر او اللّه الكبير لان الالف و اللام ابلغ فى الثناء و افعل و فعيل فى أوصافه سواء و قال الشافعي رض لا يجوز الا اللّه اكبر و اللّه الأكبر و قال مالك رض و احمد لا يجوز الا اللّه اكبر فقط و الصحيح ان هذه الاية ليست فى تكبير التحريمة كما فى الصحيحين انه أول القران نزولا و ذلك قبل ان يفرض الصلاة و القول بان التكبير لم يجب خارج الصلاة و اصل الأمر للوجوب فالثابت بهذه الاية وجوبها فى الصلاة ممنوع بل التحقيق ان التكبير هو التوحيد أول ما يجب على الإنسان و لا يحتمل السقوط و التحقيق فى باب التحريمة ان الصلاة مجمل الحق بها فعل النبي صلى اللّه عليه و سلم بيانا و قد تواتر صيغة اللّه اكبر للتحريمة و لم ينقل عنه صلى اللّه عليه و سلم و لا عن أحد من الصحابة شروع الصلاة بغير ذلك و لو كان الشروع بغير ذلك جائز الفعل ذلك للجواز فظهر انه بعينه هو الفريضة لا غير و قد ورد فى بعض طرق حديث رفاعة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال لا يقبل اللّه صلوة امرأ حتى يسبغ الوضوء ثم يستقبل و يقول اللّه اكبر.

٤

وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ قال قتادة و مجاهد نفسك فطهرها من الذنب كنى عن النفس بالثوب و هو قول ابراهيم و الضحاك و الشعبي و الزهري و قال عكرمة سئل عن ابن عباس عن قوله و ثيابك فطهر قال لا تلبسها على معصية و على عذرة ثم قال سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي و انى بحمد اللّه لا ثوب فاجر لبست و لا من عذرة أتقنع- و كذا قال ابى بن كعب و روى عن الضحاك معناه عملك فاصلح و قال السدى يقال للرجل إذا كان صالحا انه طاهر الثياب و إذا كان فاجرا انه لخبيث الثياب و قال سعيد بن جبير و قلبك و بيتك فطهر و قال الحسن و خلقك فحسن و قال ابن سيرين و ابن زيد امر بتطهير الثياب من النجاسات التي لا يجوز الصلاة معها و ذلك ان المشركين لا يتطهرون ثيابهم و قال طاؤس و ثيابك فقصر لان تقصير الثوب طهارة لها قلت و الظاهر عندى انه امر بتطهير الثياب فالواجب بالمنطوق و عبارة النص انما هو تطهير الثوب و بدلالة النص يجب تطهير البدن بالطريق الاولى فان اللّه سبحانه القدوس المطهر الطاهر لما لم يرض بنجاسة الثوب فكيف يرضى بنجاسة البدن و هو فوق ذلك و اقرب منه و بنجاسة النفس او القلب فانه اقرب من البدن ان اللّه يحب التوابين و يحب المتطهرين (مسئلة:) احتج الفقهاء بهذه الاية لاشتراط طهارة الثوب و المكان و البدن عن النجاسة الحقيقية للصلوة و الصحيح عندى انه لا دلالة على اشتراطها للصلوة بل على وجوب الطهارة الثلث فى جميع الأحوال لكن انعقد الإجماع على اشتراطها للصلوة و السند للاجماع انه ثبت بمحكم التنزيل الطهارة من الأحداث فيجب لطهارة عن الاخباث بالطريق الاولى قال اللّه تعالى فى اية الوضوء ما يريد اللّه ليجعل عليكم من حرج و لكن يريد ليطهركم و قال اللّه تعالى طهّرا بيتي للطائفين و العاكفين و الركع السجود و اللّه تعالى اعلم- عن ابن عباس قال مر النبي صلى اللّه عليه و سلم بقبرين فقال انهما يعذبان و ما يعذبان فى كبيرة اما أحدهما فكان لا يستتر من البول و فى رواية لمسلم لا يستنزه من البول و اما الاخر فكان يمشى بالنميمة الحديث متفق عليه.

٥

وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ قرأ ابو جعفر و حفص عن عاصم و يعقوب الرجز بضم الراء و الباقون بكسرها و هما لغتان و معناهما واحد قال مجاهد و عكرمة و قتادة و الزهري و ابن زيد و ابو سلمة المراد بالرجز الأوثان قال فاهجرها و لا تقربها و روى عن ابن عباس ان معناه اترك الإثم و قال ابو العالية و الربيع الرجز بضم الراء الصنم و بالكسر النجاسة و المعصية و قال الضحاك يعنى الشرك و قال الكلبي يعنى العذاب يعنى اهجر ما يوجب العذاب من العقائد و الأعمال.

٦

وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ اى لا تعط مالك لتعطى اكثر منه هذا قول اكثر المفسرين قال قتادة لا تعط شيئا طمعا لمجازاة الدنيا بل لوجه اللّه خالصا و جملة تستكثر حال من فاعل لا تمنن قيل هذا نهى تنزيهى و قال الضحاك و مجاهد كان هذا الحكم فى حق النبي صلى اللّه عليه و سلم خاصة قال الضحاك بهما ربوان حلال و حرام اما الحلال فالهدايا اما الحرام فالربوا و قال الحسن معناه لا تمنن على اللّه بعملك فتستكثر يعنى مستكثرا عملك و قال لا تستكثرون عملك فى عينك فانه فيما أنعم اللّه عليك قليل و روى خصيف عن مجاهد و لا تضعف ان تستكثر من الخير عن قولهم جهل منين اى ضعيف و قال ابن زيد معناه لا تمنن بالنبوة على الناس فتاخذ عليها عوضا و اجرا من الدنيا و قيل معناه لا تمنن على الفقير إذا أعطيته مستكثرا اعطائك.

٧

وَ لِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ط تقديره و اما لربك فاصبر على طاعاته و أوامره و نواهيه و المصائب لاجل ثواب اللّه تعالى و ابتغاء مرضاته و التقدير و اصبر لربك فاصبر كرر للتاكيد او لتنوع انواع الصبر

و قال مجاهد فاصبر اليه على ما أوذيت و قال ابن زيد معناه حملت امرا عظيما محاربة العرب و العجم فاصبر عليه للّه عز و جل و قيل فاصبر تحت موارد القضاء لاجل اللّه.

٨

فَإِذا نُقِرَ اى نفخ فِي النَّاقُورِ فى الصور فاعول من النقر بمعنى التصويت و أصله قرع الشي ء المفضى الى النقب و منه المنقار للطائر كذا فى الصحاح قال ابو الشيخ بن حيان فى كتاب العظيمة عن وهب بن منبة قال خلق اللّه الصور من اللؤلؤ البيضاء فى صفاء الزجاجة ثم قال للعرش خذ الصور فتعلق به ثم قال كن فكان اسرافيل فامره ان يأخذ الصور فاخذه و به نقب بعد و كل روح مخلوقة و نفس منفوسة لا يخرج روحان من نقب واحد و فى وسط الصور كوة كاستدارة السماء و الأرض و اسرافيل واضع فيه على تلك الكرة ثم قال له الرب تبارك و تعالى قد وكلتك فانت بالنفخة و الصيحة فدخل فى مقدم العرش ادخل رجله اليمنى تحت العرش و قدم اليسرى و لم يطرف قد خلقه اللّه ينتظر متى يوم مروا اخرج احمد و الترمذي و الطبراني بسند جيد عن زيد بن أرقم قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كيف أنعم و صاحب القرن قد التقم القرن و حتى جبهته و أصغى بالسمع متى يومر فشق ذلك على الصحابة فقال قولوا حسبنا اللّه و نعم الوكيل

و اخرج احمد و الحاكم عن ابن عباس نحوه بزيادة على اللّه توكلنا و الفاء فى فاذا نقر لسببية كانه قال اصبر على اذاهم فبين أيديهم زمان صعب تلقى فيه عاقبة صبرك و إذا ظرف لما دل عليه قوله.

٩

فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ

١٠

عَلَى الْكافِرِينَ معناه يعسر الأمر على الكافرين يومئذ لتضمن إذا معنى الشرط دخل الفاء فى قوله فذلك و ذلك اشارة الى وقت النقر مبتداء خبره يوم عسير و يومئذ بدله فه و فى محل الرفع مبنى الاضافة الى غير متمكن غَيْرُ يَسِيرٍ تأكيد بمنع ان يكون عسيرا من وجه و يسيرا من وجه و فيه اشارة الى كونه يسيرا على المؤمنين ذكر البغوي ان اللّه تعالى لما انزل على النبي صلى اللّه عليه و سلم حم تنزيل الكتاب من اللّه العزيز الحكيم غافر الذنب و قابل التوب شديد العقاب ذى الطول لا اله الا اللّه هو اليه المصير قام النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم بالمسجد و الوليد بن مغيرة قريب منه يسمع قرأته فلما فطن النبي صلى اللّه عليه و سلم لاستماعه قرأته أعاد قراءة الاية فانطلق الوليد حتى اتى مجلس قومه بنى مخذوم فقال و اللّه لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الانس و لا هو من كلام الجن ان له لحلاوة و ان عليه لعلاوة و ان أعلاه لمثمر و ان أسفله لمعذق و ان يعلو و لا يعلى ثم انصرف الى منزله فقالت قريش صبا و اللّه الوليد و اللّه ليصبان قريش كلهم و كان يقال للوليد ريحانة قريش فقال ابو جهل انا أكفيكموه فانطلق فقعد الى جنبه حزينا فقال مالى أراك حزينا يا ابن أخي فقال ما يمنعنى ان لا احزن و هذه قريش يجمعون لك بقية يعنونك على كبر سنك و يزعمون انك زينت كلام محمد و تدخل على ابن كثير و ابن ابى قحافة ليتنال من فضل طعامهم فغضب الوليد فقال الم يعلم قريش ان من أكثرهم مالا و ولدا و هل شبع محمد و أصحابه من الطعام فيكون لهم فضل ثم قام مع ابى جهل حتى اتى مجلس قومه فقال لهم تزعمون ان محمدا مجنون فهل رايتموه ينطق قط قالوا اللّهم لا قال تزعمون انه كاهن فهل رأيتموه قط يكهن قالوا اللّهم لا قال تزعمون انه شاعر فهل رأيتموه ينطق يشعر قالوا اللّهم لا قال تزعمون انه كذاب فهل جربتم عليه شيئا من الكذب قالوا اللّهم لا و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يسمى الامين قبل النبوة من صدقه و قالت قريش للوليد فما هو فتفكر فى نفسه ثم نظر و عبس فقال ما هو الا ساحر من رايتموه تفرق بين الرجل و اهله و ولده و مواليه فهو ساحر بقوله سحر يوثر

و اخرج الحاكم و صححه عن ابن عباس نحوه و قال فحينئذ نزلت.

١١

ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ

و اخرج ابن جرير و ابن ابى حاتم من طرق اخر نحوه و الواو بمعنى مع كما مر فى قوله ذرنى و المكذبين اى ذرنى معه وَحِيداً حال من مفعول ذرنى يعنى لاتهتم به و ذرنى وحدي معه فانى أكفيكه او من فاعل خلقت اى خلقته وحيدا لم يشاركنى فى خلقه غيره رد من ضمير مفعول العائد المحذوف اى من خلقته وحيدا فريدا لا مال له و لا ولدا و المعنى خلقته وحيدا فى الشرارة و وحيدا غير منسوب الى اب لانه كان زنيما

قال البغوي انه كان يسمى فى قومه وحيدا فسماه اللّه به تهكما و استهزاء و ما على تسمية نفسه وحيدا.

١٢

وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً مبسوطا كثيرا اى ممدودا بالنماء كالزرع و الضرع و التجارة قال مجاهد و سعيد بن جبير الف دينار و قال قتادة اربعة آلاف دينار و قال سفيان الف الف و قال ابن عباس تسعة آلاف مثقال فضة و قال مقاتل كان له بسمتان بالطائف لا ينقطع ثماره شتاء وصيفا و قال عطاء عن ابن عباس كان له بين مكة و الطائف ابل و خيل و غنم و كان له عين كثيرة و عبيد و جوارى.

١٣

وَ بَنِينَ شُهُوداً حضورا بمكة بلقائهم لا يحتاجون الى السفر بطلب المعاش و كانوا عشرة و قال مقاتل كانوا سبعة و هم الوليد بن الوليد و خالد و عمارة و هشام و العاص و قيس و عبد الشمس اسلم منهم خالد و هشام و عمارة.

١٤

وَ مَهَّدْتُ لَهُ اى بسطت له الرياسة و ألحاه العريض حتى يقال ريحانة قريش و التوحد باستحقاق الرياسة و التقدم او مهدت له فى طول العمر تَمْهِيداً بسطا.

١٥

ثُمَّ يَطْمَعُ يرجو أَنْ أَزِيدَ له مالا و ولدا و تمهيدا.

١٦

كَلَّا ط ردع اى لا افعل ذلك لكفرانه

قال البغوي قالوا فما زال الوليد بعد نزول هذه الاية فى نقصان ماله و ولده حتى هلك إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً ط معاندا حيث أنكر و قال سحر يوثر تعليل للردع فان الكفران و معاندة آيات النعم زوال النعمة و بمنع الزيادة.

١٧

سَأُرْهِقُهُ ساغشيه صَعُوداً عذابا شاقا يغلبه و يعلوا كل عذاب عن ابى سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فى قوله تعالى سارهقه صعودا قال هو جبل فى النار من نار يكلف ان يصعده فاذا وضع يده ذابت فاذا رفعها عادت فاذا وضع رجليه ذابت فاذا رفعها عادت رواه البغوي عنه و عن عمر بن الخطاب و رواه احمد و الترمذي و ابن حبان و الحاكم و صححه عن ابى سعيد عن النبي صلى اللّه عليه و سلم انه جبل فى النار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوى و هو كذلك فيه ابدا و قال الكلبي الصعود صخرة ملساء فى النار يكلف ان يصعدها لا يترك نفس فى صعوده بجذب سلاسل الحديد و يضرب من خلفه بمقامع من حديد فيصعدها فى أربعين عاما فاذا بلغ ذروتها أحد الى أسفلها ثم يكلف ان يصعدها يجذب من امامه و يضرب من خلفه فذلك دابه ابدا.

١٨

إِنَّهُ فَكَّرَ فيما تخيل طعنا فى القران وَ قَدَّرَ فى تفسير ما يقول هذه الجملة بيان لعناده و تعليل لما يستحقه من العذاب.

١٩

فَقُتِلَ لعن و قال الزهري عذب كَيْفَ قَدَّرَ تعجيب من تقدير استهزاء به و فيه انكار و توبيخ و كيف حال من فاعل قدر و الجملة تعليل لقوله قتل و جملة فقتل معترضة دعائية و الفاء فيه للاعتراض.

٢٠

ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ كرر للتاكيد و كلمة ثم للدلالة على ان الثانية ابلغ من الاولى.

٢١

ثُمَّ نَظَرَ عطف على فكر و قدر اى فكر و قدر ثم نظر فى أم القران متراخيا مرة بعد اخرى.

٢٢

ثُمَّ عَبَسَ وجهه لما لم يجد فيه طعنا و لم يدر ما يقول او نظر الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم و عبس وجهه عداوة وَ بَسَرَ بمعنى عبس و قهر تأكيد له.

٢٣

ثُمَّ أَدْبَرَ عن الحق و الايمان به او الرسول صلى اللّه عليه و سلم وَ اسْتَكْبَرَ عن اتباعه.

٢٤

فَقالَ الفاء للدلالة على انه لما خطرت هذه الكلمة بباله تقولها من غير تلبث و تفكر إِنْ هذا اى القران إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ يروى عن غيره.

٢٥

إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ تأكيد للجملة الاولى و لذا لم يعطف.

٢٦

سَأُصْلِيهِ سَقَرَ بدل اشتمال من سارهقه صعودا و سقر اسم من اسماء جهنم.

٢٧

وَ ما أَدْراكَ ما سَقَرُ تفخيم لشانها و جملة ما سقر بتأويل المفرد مفعول لادريك.

٢٨

لا تُبْقِي شيئا يلقى فيها وَ لا تَذَرُ ج اى لا تدع حتى تهلكه قال مجاهد معناه لا تبقى حيا و لا تذر من فيها ميتا كلما احترقوا جددوا قال الضحاك لكل شى ء ملال و فطرة الا سقر هذه الجملة و الجملتين بعدها مستأنفات لبيان تفخيم شأن سقر و احوال من سقر.

٢٩

لَوَّاحَةٌ اى هى لواحة لِلْبَشَرِ ج جمع بشرة مغيرة للجلد من البياض الى السواد فقال ابن عباس و زيد بن اسلم محترقة للجلد و قيل معناه لائحة للناس قال الحسن و ابن كيسان يلوح لهم حتى يردها عيانا نظيره و برزت الجحيم للغاوين.

٣٠

عَلَيْها اى على النار تِسْعَةَ عَشَرَ من الملائكة و هم خزنتها مالك مع ثمانية عشر اخرج ابن المبارك و البيهقي أحدهم عن ابى العوام قال هم تسعة عشر ملكا بين منكبى كل منهم مسيرة كذا و كذا

و اخرج ابن وهب عن زيد بن اسلم قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما بين منكبى أحدهم مسيرة سنة نزعت عنهم الرحمة برفع أحد منهم سبعين الفا فيرميهم حيث أراد من جهنم

قال البغوي قال ابن عباس و قتادة و الضحاك و كذا اخرج البيهقي عن ابن اسحق انه لما نزلت هذه الاية قال ابو جهل لقريش ثكلتكم أمهاتكم اسمع ابن ابى كبشة يخبر ان خزنة النار تسعة عشر و أنتم الدهم الشجعان أ فيعجز كل عشر منكم ان تبطشوا لواحد من خزنة جهنم قال ابو الأسد بن كلده الجمعى انا أكفيكم منهم سبعة عشر عشرة على ظهرى و سبعة على بطني و كفونى أنتم اثنين

و اخرج البيهقي عن السدى لما نزلت عليها تسعة عشر قال رجل من قريش يدعى أبا الاسدين يا معشر قريش لا يهولنكم التسعة عشر انا ادفع عنكم بمنكبي الايمن عشرة و بمنكبي الأيسر تسعة فانزل اللّه تعالى.

٣١

وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ يعنى خزنتها إِلَّا مَلائِكَةً ص لا رجالا آدميين حتى يمكن من الكفار تدافعهم وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ اى عددهم فى القلة إِلَّا فِتْنَةً عدو الذي اقتضى فتنتهم اى ضلالتهم و كفرهم لاستقلالهم و الاستهزاء بهم و استبعادهم ان يتولى هذا العدد القليل تعذيب جميع الكفار لِلَّذِينَ كَفَرُوا حتى قالوا ما قالوا لِيَسْتَيْقِنَ متعلق بفعل محذوف دل عليه السباق اى نبئناك بعددهم ليستيقن الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ نبوتك و صدق القران حين يوافق ذلك فى التورية و الإنجيل وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا بالايمان او بتصديق اهل الكتاب له إِيماناً مصدر او تميز من النسبة وَ لا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ الْمُؤْمِنُونَ فى عددهم تأكيد للاستيقان و زيادة الايمان فعطف لا يرتاب عطف تفسيرى اخرج ابن ابى حاتم و البيهقي فى البعث عن البراء بن عاذب ان رهطا من اليهود سألوا أرجلا من اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم عن خزنة جهنم فجاءوا النبي صلى اللّه عليه و سلم فنزلت عليه ساعتئذ عليها تسعة عشر فصار هذا سببا لاستيقان الذين أوتوا الكتاب و ازدياد المؤمنين ايمانا وَ لِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ شك او نفاق عطف على ليستيقن و هذا اخبار بمكة بما سيكون فى المدينة بعد الهجرة من المنافقين و لم يكن بمكة منافق وَ الْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللّه بِهذا مَثَلًا ط المستغرب استغراب المثل و قيل لما استبعدوه حسوا انه مثل مضروب فكلمة مثلا اما حال من هذا و عامل فيه معنى الاشارة او تنبيه او تميز و هذا اسم تام بتنوين مقدر كَذلِكَ متعلق بما بعده اى كما أضل اللّه بذكر عدد الخزنة قوما و هدى به قوما يُضِلُّ اللّه مَنْ يَشاءُ ط اى اللّه تعالى إضلاله وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ اللّه هدايته وَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ يعنى كنههم و كيفية قوتهم و اما عددهم فقد ذكر انهم تسعة عشر لا يحتمل الزيادة و النقصان إِلَّا هُوَ ط قال مقاتل هذا جواب ابى جهل حين قال ما لمحمد أعوان الا تسعة عشر قال عطاء و ما يعلم جنود ربك الا هو يعنى الملائكة الذين خلقهم لتعذيب اهل النار لا يعلم عدتهم لا اللّه يعنى ان تسعة عشر خزنة النار و لهم من الأعوان و الجنود ما لا يعلم الا اللّه اخرج هناد عن كعب قال يومر بالرجل الى النار فيبتدر مائة الف ملك قال القرطبي المراد بقوله تسعة عشر رؤسائهم اما جملة خزنة فلا يعلم عددهم الا اللّه وَ ما هِيَ و ما سقر او عدة الخزنة او السورة إِلَّا ذِكْرى اى تذكرة لِلْبَشَرِ

٣٢

كَلَّا ردع لمن أنكرها او انكار لان يتذكر بها و ان كان فى نفسه ذكرى وَ الْقَمَرِ

٣٣

وَ اللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ قرأ نافع و حفص و حمزة و يعقوب بإسكان الذال و أدبر على وزن افعل و الباقون إذا بالألف بعد الذال دبر على وزن فعل و معنى دبروا دبروا حد كقيل بمعنى أقيل يقال دبر الليل و أدبر إذا ولى ذاهبا و قال ابو عمرو بلغة قريش و قال قطرب دبر بمعنى اقبل تقول العرب دبرنى فلان اى جاء خلفى و الليل يأتي خلف النهار.

٣٤

وَ الصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ اى أضاء.

٣٥

إِنَّها اى سقر لَإِحْدَى الْكُبَرِ اى أحد البلايا الكبرى فانها كثيرة و السقر واحد منها او المعنى انها اى احدى البلايا الكبر جهنم و جهنم و لظى و الحطمة و السعيرة و الجحيم و الهاوية و انما جمع كبرى على كبر الحاقا لها بفعله تنزيلا للالف منزلة التاء كما ألحقت قاصعا بقاصعة فجمعت على قواصع و الجملة جواب القسم او تعليل لكلا و القسم معترض للتاكيد.

٣٦

نَذِيراً لِلْبَشَرِ تميز عن احدى الكبر انذارا او حال عما دلت عليها الجملة اى كبرت منذرة قال الحسن و اللّه ما انذر بشئ أدهى منها و قال الخليل النذير مصدر كالنكير و المذكر وصف به المؤنث يعنى جعل حالا للمؤنث و قيل نذيرا حال من فاعل و ما جعلنا اصحاب النار الا ملائكة منذرا للبشر و قيل معناه يايها المدثر قم نذير البشر فانذر.

٣٧

لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ بدل من قوله للبشر اى نذيرا للفريقين و حينئذ قوله أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ط مفعول لشاء اى من شاء ان يتقدم فى الخير و الطاعة و من شاء ان يتاخر فى الشر و المعصية و يحتمل ان يتقدم او يتاخر مبتداء و من شاء منكم خبرا مقدما عليه و المعنى لان يتقدم من شاء منكم و يتاخر من شاء نظيره قوله تعالى فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر فهو توبيخ و إنذار.

٣٨

كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ من السيئات رَهِينَةٌ مصدر كالشتيمة بمعنى رهن لا بمعنى المفعول اى مرهون و لو كان صفة لقيل رهين لان الفعيل بمعنى المفعول يستوى فيه المؤنث و المذكر و المعنى كل نفس بما كسبت من السيئات بكفرها محبوسة فى النار ابدا.

٣٩

إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ اى الذين يعطون كتبهم بايمانهم كذا روى عن ابن عباس اخرج ابن المبارك عن رجل من بنى اسد قال قال عمر لكعب قل من حديث الاخرة قال نعم يا امير المؤمنين إذا كان يوم القيامة وضع اللوح المحفوظ فلم يبق أحد من الخلائق الا هو ينظر الى عمله ثم يوتى بالصحف التي فيها اعمال العباد فتنشر من حول العرش ثم يدعى المؤمن فيعطى كتابه بيمينه فينظر فيه و قال مقاتل هم اهل الجنة الذين كانوا على يمين آدم يوم الميثاق قال لهم اللّه هؤلاء للجنة و لا أبالي و عن ابن عباس انهم الذين كانوا ميامين على أنفسهم و مال هؤلاء الأقوال واحد يعنى الا المؤمنين فانهم غير محبوسين فى النار ابدا بل ينجون اما بالمغفرة بعد العذاب بقدر ذنوبهم او بلا تعذيب بالشفاعة او بمحض الفضل و قال الحسن هم المسلمون المخلصون و قال القاسم كل نفس ماخوذة بكسبها من خير او شر الا من اعتمد على الفضل فان كل من اعتمد على الكسب رهين و من اعتمد على الفضل فهو غير ماخوذ و على هدين القولين معنى الاية كل نفس مرهونة اى ماخوذة باعمالها و او فى الجملة الا المسلمين الكاملين فانهم غير ماخوذين أصلا لكن اطلاق اصحاب اليمين على هؤلاء المخلصين لا دليل عليه و كذا روى سعد بن منصور و ابن ابى حاتم و الحكيم فى نوادر الأصول عن علىّ انهم أطفال المسلمين و زاد الحكيم لم يكسبوا فيرتهنوا بكسبهم و ما روى ابو ظبيان عن ابن عباس انهم الملائكة فما لم يصح الأثر به لا يمكن حمل اصحاب اليمين عليه.

٤٠

فِي جَنَّاتٍ خبر مبتداء محذوف اى هم فى جنات و الجملة فى مقام التعليل للاستثناء و يحتمل ان يكون حالا من اصحاب اليمين او من ضميرهم فى قوله يَتَساءَلُونَ اى يسأل بعضهم بعضا اى يسئل غيرهم و التفاعل لاجل تشاركهم فى السؤال.

٤١

عَنِ الْمُجْرِمِينَ اى عن حال المجرمين الكفار.

٤٢

ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ هذا الاستفهام مع جوابه حكاية لما جرى بين المسئولين و المجرمين و ما أجاب المجرمون به السائلين المسئولين و ايضا ان فى الكلام حذف للاختصار تقديره يتساءلون عن المجرمين فيقولون المسئولون ما سلككم فى سقر إلخ و قيل كلمة عن زائدة تقديره يتساءلون المجرمين بقولهم ما سلككم فى سقر.

٤٣

قالُوا اى المجرمين فى جوابهم لَمْ نَكُ سقطت النون بالجزم لمشابهته بحرف العلة فى امتداد الصوت فان النون غنة فى الخيشوم كما ان حرف العلة مدة فى الحلق مِنَ الْمُصَلِّينَ الصلاة الواجبة.

٤٤

وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ما يجب اعطائهم فيه دليل على ان الكفار مخاطبون بفروع الأعمال لاجل المؤاخذة فى الاخرة و انما سقط عنهم الخطاب فى الدنيا لفقد شرط ادائه و هو الايمان و لا وجه بسقوط التكليف فان الكفر موجب للتشديد دون التخفيف لكن حقوق اللّه تعالى من العبادات و العقوبات تسقط بالإسلام فلا يوخذ من اسلم على ما فات عنه فى حالة الكفر قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الإسلام يهدم ما كان قبله و قد مر هذا الحديث فيما قبل.

٤٥

وَ كُنَّا نَخُوضُ فى اللّهو و الباطل ما نهى اللّه تعالى عنه مَعَ الْخائِضِينَ فيه.

٤٦

وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ آخره لتعظيمه اى و كنا بعد ذلك كله مكذبين يوم الجزاء.

٤٧

حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ ط يعنى الموت.

٤٨

فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ط و لو شفعوا جميعا هذه الجملة اما متصلة بقوله كل نفس رهينة او بقوله قالوا لم نك من المصلين و مفهوم هذا الاية تقتضى ان المؤمنين و ان كانوا فساقا تنفعهم شفاع ة الشافعين اخرج اسحق بن راهويه فى مسنده عن أم حبيبة او أم سلمة قالت كنا فى بيت عائشة فدخل رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم فقال ما من مسلم يموت له ثلثة من الولد أطفال لم يبلغوا الحلم الا جئ بهم حتى يوقفوا على باب الجنة فيقال لهم ادخلوا الجنة فيقولون ان دخل ابوانا فيقال فى الثانية و الثالثة ادخلوا الجنة و آبائكم فذلك قوله تعالى فما تنفعهم شفاعة الشافعين و قال ابن مسعود يشفع الملائكة و النبيون و الشهداء و الصالحون و جميع المؤمنين فلا يبقى فى النار الا اربعة ثم تلى قالوا لم نك من المصلين الى قوله بيوم الدين و قال عمران بن حصين الشفاعة نافعة دون هؤلاء الذين تسمعون فقول ابن مسعود و عمران هذا مشعر بان الشفاعة لا تنال لتاركى الصلاة و مانعى الزكوة و الخائضين فى اللّهو و الباطل و ان كانوا مؤمنين و مبنى قولهما هذه الاية فان تعقبها بالفاء للسببية و ترتبها على الاربعة المذكورة يدل على كونها سببا لعدم نيل الشفاعة و الصحيح انها معقب على مجموع الأمور الاربعة فيها التكذيب بيوم الدين لا على كل واحد منها فلا تمنع الشفاعة الا المجموع دون كل واحد منها و قد انعقد الإجماع على جواز الشفاعة لكل مؤمن فبعض من يستحق النار من المؤمنين لا يدخلها بالشفاعة و بعض من يدخلها يخرج منها بالشفاعة و أنكر الشفاعة اهل الهواء من المعتزلة و الخوارج و غيرهم قبحهم اللّه تعالى و قد تواترت فى ذلك الأحاديث تواترا معنويا و لو ذكرنا الأحاديث كلها لطال الكلام و لنذكر منها طائفة عن على قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم اشفع لامتى حتى ينادى ربى أ رضيت يا محمد فاقول اى ربى رضيت رواه البزار و الطبراني و ابو نعيم و عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي رواه الترمذي و ابن حبان و الحاكم و احمد و ابو داود و عن جابر نحوه رواه الترمذي و ابن حبان و الحاكم و ابن ماجة و عن ابن عباس نحوه رواه الطبراني و عن ابن عمر و كعب بن عجرة نحوه رواه الخطيب عن عثمان بن عفان عن النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم يجاء بالعالم و العائد فيقال للعائد ادخل الجنة و يقال للعالم قف حتى تشفع رواه الاصبهانى و عنه عن النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم نعم الرجل الا شرار أمتي قيل كيف يا رسول اللّه قال اما اشرار أمتي فيدخلهم اللّه الجنة بشفاعتى و اما خيارهم فيدخلهم اللّه الجنة بأعمالهم رواه الطبراني و ابو نعيم و عن ابن عمر موقوفا يقال للعالم اشفع فى تلا مذتك و لو بلغت عدد النجوم السماء رواه الديلمي و عن ابى الدرداء مرفوعا الشهيد يشفع فى سبعين من اهل بيته رواه ابو داود عن انس عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال يصف الناس يوم القيامة صفوفا ثم يمر الرجل من اهل الجنة على الرجل من اهل النار فيقول يا فلان اما تذكر يوم استسقيتنى فاسقيتك شربة فيشفع له فيمر الرجل على الرجل فيقول اما تذكر يوم ناولتك طهورا فيشفع له و يمر الرجل على الرجل فيقول يا فلان اما تذكر يوم نمشى لحاجة كذا و كذا فذهبت لك فيشفع له مسئله لا تنال الشفاعة لحديث انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم من كذب بالشفاعة فلا نصيب له و من كذب بالحوض فليس له فيه نصيب رواه سعيد بن منصور و عن زيد بن أرقم و بضعة عشر من الصحابة قوله صلى اللّه عليه و سلم شفاعتى يوم القيامة حق فمن لم يؤمن بها لم يكن من أهلها رواه ابن منيع و عن عبد الرحمن ......

...... قوله صلى اللّه عليه و اله و سلم شفاعتى مباحة الا لمن سب أصحابي رواه ابو نعيم فى الحلية و عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتى يوم القيامة المرجئة و القدرية رواه ابو نعيم (مسئلة:) و قد ورد فى بعض المعاصي انها مانعة للشفاعة عن عثمن بن عفان رضى اللّه تعالى عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من غش العرب لم ينله شفاعتى رواه البيهقي بسند جيد و عن معقل بن يسار قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم رجلان لا تنالهما شفاعتى يوم القيامة اما ظلوم خشوم عسوف و اخر غال فى الدنيا مارق منه رواه البيهقي و الطبراني بسند جيد و عن الدرداء و غيره قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم ذروا المراء فان الممارى لا اشفع له يوم القيامة رواه الطبراني.

٤٩

فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ يعنى عن القران او ما يعمه من المذكرات مُعْرِضِينَ الفاء للسببية و ما استفهامية مبتداء و لهم خبره و عن التذكرة استفهام للانكار عن شفاعة حالهم فى الدنيا المفضى الى العذاب فى الاخرة فان عذاب الاخرة سبب للانكار.

٥٠

كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ قرأ نافع و ابن عامر بفتح الفاء و الباقون بكسرها فمن قرا بالكسر فمعناها نفرة يقال نفر و استنفر كما يقال عجب و استعجب و من قرا بالفتح فمعناها منفرة مذعورة.

٥١

فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ط الجملة صفة لحمر و جملة كانهم بعد حال و ضمير لهم فى مالهم و كلمة كانهم اغنى عن واو الحال شبههم فى اعراضهم و نفورهم عن استماع الذكر بحمر نافرة من قسورة فعولة من القسر بمعنى القهر قال ابو هريرة هى الأسود و هو قول العطاء و الكلبي

و قال مجاهد و قتادة و الضحاك القسورة الرماة و لا واحد لها من لفظها و هى رواية عن عطاء عن ابن عباس و قال زيد بن اسلم عن رجال أقوياء و كل ضخم شديد عند العرب قسورة و عن ابى المتوكل لغط القوم و أصواتهم و روى عكرمة عن ابن عباس قال هى حيال الصيادين قال سعيد بن جبير هى القناص يعنى الصياد اخرج ابن المنذر عن السدى قال قالوا لئن كان محمد صادقا فليصبح تحت راس كل رجل منا صحيفة فيها براءة و امنة من النار فنزلت.

٥٢

بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً بل ابتدائية و ليست للاعراض عن التوبيخ بل هو انتقال من شى ء اى أمر أهم منه و قال المفسرون ان كفار قريش قالوا لرسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم ليصبح عند راس كل رجل منا كتاب منشور من انك لرسوله تومر فيه باتباعك و المنشرة جمع منشورة.

٥٣

كَلَّا ط ردع عن اقتراح الآيات بعد وضوح الأمر بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ فلذلك اعرضوا عن التذكرة و اقترحوا الآيات قيل ابتدائية كما سبق و ليس إضرابا عن الردع و يحتمل ان يكون إضرابا دل عليه السياق و تقديره انه لو أوتوا صحفا منشرة لا يومنون فان طلبهم ذلك ليس لان يتضح الأمر عندهم بل الأمر عندهم واضح و ليس ذلك الاقتراح الا لانهم لا يخافون الاخرة و وضوح الأمر لا يستلزم الخوف و الخشية بل هو امر وهبى.

٥٤

كَلَّا ردع و انكار على عدم الخوف و تأكيد للردع السابق او هو بمعنى حقا إِنَّهُ اى القران تَذْكِرَةٌ ج يذكر اللّه سبحانه و تعالى بصفاته الجمالية و الجلالية و الرحمة و العذاب.

٥٥

فَمَنْ شاءَ التذكر ذَكَرَهُ ط الفاء للسببية و تعليق الذكر بالمشية تخيبر لفظا و توبيخ معنى.

٥٦

وَ ما يَذْكُرُونَ قرأ نافع بالتاء على الخطاب و الباقون بالياء على الغيبة فى وقت من الأوقات إِلَّا وقت أَنْ يَشاءَ اللّه ط مشيتهم و ذكرهم فيه تصريح بان افعال العباد بمشية اللّه و إرادته هُوَ أَهْلُ التَّقْوى حقيق بان يتقى عقابه بالتقوى عما نهى عنه وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ع حقيق بأن يغفر عباده المؤمنين عن انس ان رسول قال فى هذه الاية هو اهل التقوى قال ربكم عز و جل انا اهل ان اتقى الشرك و لا يشرك بي غيرى و انا اهل لمن اتقى و لا يشرك بي ان اغفر له رواه احمد و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و الحاكم نحوه- و اللّه تعالى اعلم تمت سورة المدثر.

﴿ ٠