سُورَةُ الْإِنْسَانِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ إِحْدَى وَثَلاَثُونَ آيَةً

مكيّة و هى احدى و ثلثون اية قال قتادة و مجاهد مدنية بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

_________________________________

١

هَلْ أَتى استفهام تقرير و معناه قد اتى و مضى عَلَى الْإِنْسانِ المراد به الجنس او آدم عليه السلام حِينٌ

قال البيضاوي اى طائفة محدودة من الزمان و فى القاموس الجنس وقت مبهم يصلح لجميع الا زمان طال او قصر و قيل يختص بأربعين سنة او ستين سنة او شهر او شهرين مِنَ الدَّهْرِ اى من الممتد الغير المحدود و فى القاموس الدهر الزمان الطويل او الف سنة قلت هو مدة عمر آدم عليه السلام و فى الصحاح الدهر فى الأصل اسم لمدة العالم من مبدأ وجوده الى انقضائه و على ذلك قوله هل اتى على الإنسان حين من الدهر الاية ثم يعبر به عن كل مدة كثيرة دهر فلان مدة حيوته لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً حال من الإنسان اى حال كونه لا يذكر و لا يعرف و لا يدرى ما اسمه و لا ما يراد او صفة لحين و العائد محذوف اى لم يكن فيه شيئا مذكورا و هذا الكلام يقتضى كونه شيئا و الا لم يوصف بانه قد اتى عليه و يقتضى كونه غير مذكور بل منسيا فقال المفسرون و ذلك ان أريد به آدم عليه السلام فذلك الحين حين صورة اللّه تعالى من الطين فكان ملقى بين مكة و الطائف أربعين سنة قبل ان ينفخ فيه الروح و قال ابن عباس ثم خلقه اللّه تعالى بعد عشرين و مائة سنة و ان أريد به الجنس فذلك الحين اربعة أشهر حين كان نطفة او علقة او مضغة الى نفخ الروح و ستة أشهر اقل مدة الحمل و سنتين أكثرها و قيل اكثر مدة الحمل سبع سنين و على التقديرين لا يخلو الكلام عن التسامح لان ذلك الحين لم يأت على الإنسان بل على الطين المصور النطفة و نحوها و الظاهر ان الكلام يقتضى كونه إنسانا لان عقد الوضع قبل عقد الحمل فالاولى ان يحتمل ذلك الكون على كونه فى مرتبة الأعيان الثابتة التي اهتدى إليها الصوفية و يدل على هذا التأويل تنكير حين فانه للتكثير روى عن ابن عمر انه سمع رجلا يقرأ هذه الاية لم يكن شيئا مذكورا فقال ليتها تمت يريد ليته بقي على ما كان غير مذكور ابدا و هذا القول اولى بالتأويل الأخير دون ما سبق و للصوفية هاهنا تاويل اخر هل اتى على الإنسان اى على الصوفي حين من الدهر لم يكن لا شيئا مذكورا بعد ما كان مذكورا بالانسانية و غيرها من الصفات و ذلك حين الاستهلاك و الفناء الأتم بحيث لا يبقى فى علمه شيئا مذكورا قال المجدد رض نعم رب قد اتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا لا عينا و لا اثرا و لا شهودا و لا وجودا ثم يصير بعد ذلك ان شئت حيا بحياتك و باقيا ببقائك و متخلقا باخلاقك بل صار باقيا بك و بفضلك فى عين الفناء و ما ينافيك فى عين البقاء قلت و قول المجدد رض ثم يصير بعد ذلك إلخ كانه تفسير لقوله تعالى فمن ابتدائية و الدهر يعد من اسماء اللّه تعالى الحسنى كذا فى القاموس و فى الصحيحين عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال اللّه تعالى يوذينى ابن آدم يسب الدهر و انا الدهر بيدي الأمر اقلب الليل و النهار.

﴿ ١