سُورَةُ النَّازِعَاتِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ آيَةً مكيّة و هى ست و أربعون اية بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ _________________________________ ١ وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً ٢ وَ النَّا شِطاتِ نَشْطاً الواو للقسم و جواب القسم محذوف اى لتبعثن و لتحاسبين يدل عليه ما بعده و المراد بالنازعت غرقا الملائكة التي تنزع أرواح الكفار غرقا فى النزع فغرقا اسم أقيم مقام المصدر فهو مفعول مطلق من غير لفظ العامل نحو قعدت جلوسا يقال أغرق النازع فى القوس اى استوفى مدها بقوة و شدة و بالناشطات نشطا الملائكة التي يخرجون أرواح المؤمنين برفق من نشط الدلو إذا اخرج بلا كره او من نشط الحبل او امده حتى انحل فان المؤمن كان فى مصائب الدنيا كانه معقود محبوس فالملائكة الناشطات أخلصته و حلت حلا رقيقا كما ينشط العقال من يد البعير كذا حكى القراء و فى الحديث فى حال أرواح المؤمن كانما انشط من عقال عن البراء بن عاذب قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان العبد المؤمن إذا كان فى انقطاع من الدنيا و اقبال من الاخرة تنزل اليه ملائكة بيص الوجوه كان وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة و حنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجئ ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند راسه فيقول أيتها النفس المطمئنة اخرجى الى مغفرة من اللّه و رضوان قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من السقاء فياخذها فاذا أخذها لم يدعها فى يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلها فى ذلك الكفن و فى ذلك الحنوط و يخرج كاطيب نفحة مسك الحديث و ان العبد الكافر إذا كان فى انقطاع من الدنيا تنزل اليه من السماء ملائكة سوداء الوجوه معهم المسوح فيجسلون منه مد البصر ثم تجئ ملك الموت حتى تجلس عند راسه فيقول أيتها النفس الخبيثة اخرجى الى سخط من اللّه قال فتفرق فى جسده فينزعها كما ينزع السفود من الصوف المبلول فياخذها فاذا أخذها لم يدعوها فى يده طرفة عين حتى يجعلوها فى تلك المسوح و يخرج منها كنتن ريح جيفة و فى رواية و ينزع نفسه يعنى الكافر مع العروق رواه احمد قال البغوي قال ابن مسعود ينزعها يعنى نفس الكافر ملك الموت من تحت كل شعره و من الأظافير و اصول القدمين و يرددها فى جسده بعد ما ينزعها حتى إذا كادت تخرج ردها جسده فهذا عمله بالكافر و قال مقاتل ملك الموت و أعوانه ينزعون روح الكافر كما ينزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبتل (فائده) و من هاهنا يظهر ان النفس جسم لطيف على حسب الجسم الكثيف سار فى البدن ناش من العناصر الاربعة تفاميه الروح و القلب و غيرهما من لطايف عالم الأمر الجواهر المجردة الا مكانية التي تظهر فى النظر الكشف للطافتها و تجردها فى عالم المثال فوق العرش قالت الصوفية انه بكمال قدرته تعالى لا جعلت النفس فى معاملتها بمنزلة المرآة فى مقابلة الشمس فى النفس و اقتلت النفس بها كما تمتلى المرآة بالشمس إذا قوبلت بها و اتضاءت كالقمر إذا اتسق بانوار الشمس على راى الفلاسفة فحيوة البدن بالنفس و حيوة النفس بالأرواح المجردة و تنزع النفس من البدن عند أجل مسمى و لا يحل انتزاع الأرواح المجردة بالنفس ابدا كذا ما ورد فى الحديث ان النفس ينزع من البدن و يجعل فى الأكفان و الحنوط و المسوح يسعد بها فيفتح أبواب السماء لنفس المؤمنة الى السماء السابعة فيقول اللّه تعالى اكتبوا كتاب عبدى فى عليين و اعيدوه الى الأرض فانى منها خلقتهم و فيها أعيدهم و منها أخرجهم تارة اخرى و لا يفتح أبواب السماء للكافر بل يطرح روحه الى الأرض صريح على كونه جسما مخلوقا من الأرض و على هذا التحقيق لا مجال لانكار عذاب القبر على ما ذهب اليه اهل الهواء مع قطع النظر من البدن الكثيف و عند اهل الحق عذاب القبر يمكن على البدن الكثيف ايضا و لا يمنعه الموت كما مر تحقيقه فى سورة البقرة و اللّه تعالى اعلم. ٣ وَ السَّابِحاتِ سَبْحاً قال مجاهدهم الملائكة ينزلون من السماء مسرعين كالفرس الجواد. ٤ فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً قال مجاهد هى الملائكة سبقت ابن آدم بالخير و العمل الصالح و قال مقاتل هى الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين الى الجنة يعنى الى الثواب قلت و أرواح الكفار الى العذاب قلت و هم الذين ورد ذكرهم فى حديث البراء المذكور ان ملك الموت إذا أخذ نفسا لم يدعها فى يده طرفة عين حتى يأخذها و عن ابن مسعود السابقات هى انفس المؤمنين تستبق الى الملائكة الذين يقبضونها شوقا الى لقاء اللّه و كرامة غاية السرور. ٥ فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً اخرج ابن ابى الدنيا عن ابن عباس فى المدبرات امرا قال ملائكة مع ملك الموت يحضرون الموتى عند قبض أرواحهم فمنهم من يعرج بالروح و منهم من يؤمن على الدعاء و منهم من يستغفر للميت حتى يصلى عليه و يدلى فى حفرته و قال البغوي قال ابن عباس هم الملائكة الذين و كلوا بامور عرفهم اللّه عز و جل العمل بها قال عبد الرحمن بن سابط يدبر الأمر فى الدنيا اربعة جبرئيل و ميكائيل و ملك الموت و اسرافيل اما جبرئيل فوكل بالرياح و الجنود و اما ميكائيل فوكل بالمطر و النبات و اما ملك الموت فوكل بقبض الأنفس و اما اسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم قال قتادة. غير بجمعيتها غير المدبرات بالنجوم فانها تنزع من أفق الى أفق ثم تغيب و تنشط من أفق الى أفق اى تذهب و قال اللّه تعالى فيها كل فلك يسبحون و تسبق بعضها على بعض فى السير و هذا قول ضعيف فانه لا فرق حينئذ بين النزع و النشط و السبح و لا وجه لذكر شى ء واحد اربع مرات و الفرق بين النزع و النشط بان حركتها من المشرق الى المغرب قسرية فتغرب بالنزع غرقا و حركاتها من برج الى برج طبعية ملايمة فسمت بالنشط مبنى على مذهب الفلاسفة القائلين بانطباق السموات بعضها على بعض حتى يتصور القصر و الثابت من الشرع ان مسافة ما بين السماء الى السماء خمسمائة عام و ذكر فى تاويل هذه الاية وجوه اخر بناء على احتمال العقل من غير نقل من السلف قال البيضاوي هى صفات للنفوس الفاضلة حال المفارقة فانها تنزع من الأبدان نزعا شديدا من إغراق النازع فى القوس فتنشط الى عالم الملكوت و تسبح فيه و تستبق فى خطاير القدس حتى يصير لشرفها و قوتها من المدبرات او حال سلوكها فانها تنزع عن الشهوات و تنشط الى عالم القدس فتسبح فى مراتب الارتقاء فتسبق الى الكمالات حتى تصير من الكمالات او صفات انفس الغزاة اى أيديهم بنزع القسي بإغراق السهم و ينشطون بالسهم للرحى و يسبحون فى البر و البحر فيسبقون الى حرب العدو فيدبرون أمرها او صفات خيلهم فانها تنزع فى أعنتها و تغرق فى عرقها و الاعنة أطول أعناقها و يخرج من دار الإسلام الى دار الكفر و تسبح فى جريها و تسبق الى العدو فتدبر امر الظفر و اللّه تعالى اعلم. ٦ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ متعلق بجواب القسم المحذوف يعنى لتبعثن و لتحاسبين يوم ترجف الراجفة و ظرفية ذلك اليوم باعتبار اجزائها فان مقدار ذلك اليوم خمسين الف سنة من النفخة الاولى الى دخول الجنة او النار اخرج البيهقي عن مجاهد فى قوله تعالى ترجف الراجفة فقال ترجف الأرض و الجبال و هى الزلزلة تتبعها الرادفة قال دكتا دكة واحدة. ٧ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ فى موضع الحال من فاعل ترجف و المراد بالراجفة النفخة الاولى و بالرادفة النفخة الثانية كذا اخرج البيهقي عن ابن عباس و انما سميت الاولى بالراجفة لانها توقع الزلزلة فيحرك بها كل شى ء و يموت منها الخلائق و الثانية بالرادفة لانها رديفة الاولى اخرج ابن المبارك من مرسل الحسن بين النفختين أربعون سنة الاولى يميت اللّه بها كل ميت قال الحليمي اتفقت الروايات على ان بين النفختين أربعون سنة و فى الصحيحين عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما بين النفختين أربعون قالوا يا أبا بريرة أربعون يوما قال أبيت قالوا أربعون شهرا قال أبيت ثم ينزل اللّه من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل و ليس من الإنسان شى الا يبلى الا عظما واحدا و هو عجب الذنب و منه يركب الخلق يوم القيامة و اخرج ابن ابى داود فى البعث عن ابى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم نحوه و فيه بين النفختين أربعون عاما و الاول أصح و اخرج ابن ابى حاتم عن ابن عباس يسيل واد من ماء فيما بين النفختين و مقدار ما بينهما أربعون فينبت كل خلق بلى من انسان او حيوان و دابه و لو مر عليهم مار قد عرفهم قيل ذلك على وجه الأرض لعرفهم فتنبتون ثم يرسل الأرواح فيزوج بالأجساد فذلك قول اللّه تعالى. وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ. قُلُوبٌ مبتداء يَوْمَئِذٍ متعلق بفعل يدل عليه واجِفَةٌ خبر اى مضطربه اضطرابا شديدا مستعار من الواجف بمعنى سريع السير. أَبْصارُها اى أبصار أصحابها خاشِعَةٌ ذليلة من الخوف الجملة خبر بعد خبر لقلوب او صفة لواجفة. ١٠ يَقُولُونَ تعليل لواجف قلوبهم و خشوع أبصارهم يعنى يلحقهم الاضطراب و الزلزلة انهم ينكرون البعث و يقولون فى الدنيا هذا القول أَ إِنَّا لَمَرْدُودُونَ الاستفهام للانكار يعنى كنا مردودين قرا ابو جعفر انا بحذف همزة الاستفهام لفظا و إرادته معنى فِي الْحافِرَةِ اى فى الحيوة الاولى يعنى حيوة بعد الموت يقال رجع فلان فى الحافرة يعنى طريقه التي جاء فيها فحفرها اى اثر فيها بمشيته كقولهم عيشة راضية او على تشبيه القابل ما يقابل و قال ابن زيد الحافرة النار. ١١ أَ إِذا كُنَّا عِظاماً قرأ نافع و الكسائي و يعقوب و الحمزة و عامر إذا كنا بغير همزة الاستفهام و الباقون بالهمزة للانكار بعد الإنكار للتاكيد و الظرف متعلق بمحذوف تقديره انبعث إذا كنا و يحتمل ان يكون متعلقا بمردودون نَخِرَةً يابسة قرا أبو بكر و حمزة و الكسائي بالألف ناخرة و الباقون بغير الف اخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب قال لما نزل قوله تعالى يقولون ء إنا لمردودون فى الحافرة قال كفار قريش لئن رجعنا بعد الموت لنخسرن فنزل. ١٢ قالُوا عطف على يقولون او حال بتقدير قد من فاعل يقولون لكن نزول تلك الاية كما يدل عليه رواية سعيد بن منصور عن محمد بن كعب يابى على كونه حالا تِلْكَ اشارة الى الرجعة المفهوم من قوله ء إنا لمردودون فى الحافرة مبتداء إِذاً اى كان كذلك اى كما يقول محمد شرط استغنى عن الجزاء لوقوعه فى وسط جملة تدل على الجزاء تقديره إذا كان كذلك فتلك الرجعة كَرَّةٌ رجعة خاسِرَةٌ اى ذات خسران و خاسر أصحابها و المعنى انها ان صحت فنحن خاسرون لتكذيبنا و هذا استهزاء منهم. ١٣ فَإِنَّما هِيَ اى النفخة الثانية زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فى الصحاح الزجر الطرد بالصوت يقال زجرته فانزجر و منه هذه الاية فان الناس يطردون فى الأرض بصوت ينفخ فى الصور ثم يستعمل تارة فى الصوت كما فى قوله تعالى و الزاجرات زجرا يعنى الملائكة التي زجرن السحاب بالصوت و تارة بالطرد كما فى قوله تعالى مجنون و ازدجر يعنى طرد و منع. ١٤ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ الفاء للعطف و إذا للمفاجاة أضيفت الى جملة اسمية جعلها فى قوة الفعلية معطوفا على فعلية تقديره يقولون فى الدنيا كذا فيفاجئون وقت كونهم بالساهرة و جملة فانما هى زجرة واحدة معترضة بين المعطوف و المعطوف عليه لبيان كون الرجفة التي أنكروها سهلة بينة عند اللّه تعالى استفهام اى قد اتيك الى غير مستصعبة و الساهرة وجه الأرض يعنى إذا هم احياء بوجه الأرض و قيل هى ارض القيامة و قال قتادة هى جهنم. ١٥ هَلْ أَتاكَ استفهام تقرير اى قد اتيك حَدِيثُ مُوسى جملة معترضية تسلية النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم على تكذيب قومه و تهديدهم بأن يصيبهم مثل ما أصاب من كان أعظم منهم. ١٦ إِذْ ناداهُ رَبُّهُ الظرف متعلق مفهوم حديث موسى اى هل اتيك الحديث المتعلق بموسى وقت نداء ربه إياه بِالْوادِ و الباء بمعنى فى الْمُقَدَّسِ طُوىً قرأ الكوفيون بالتنوين و يكسرون نونها لالتقاء الساكنين بتأويل كونه علما للمكان و قيل هى كثنى من الطى مصدر لنودى او المقدس اى نودى ندائين او قدس مرتين و قرا الباقون بغير تنوين لانه معدول تقديرى اى عن طاو و اسم لواد فعدل عن الصرف او لانه علم لمونث بتأويل البقعة فهو عطف بيان للوادى و اذهب بيان لنادى بتقدير القول اى قال. ١٧ اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى قبيل الذهاب. ١٨ فَقُلْ عطف على اذهب هَلْ لَكَ ميل إِلى أَنْ تَزَكَّى قرأ اهل الحجاز و يعقوب بتشديد الزاء و الباقون بالتخفيف بحذف احدى التاءين اى تسلم و تطهر من الشرك قال ابن عباس تشهد ان لا اله الا اللّه. ١٩ وَ أَهْدِيَكَ أريك لسبيل إِلى رَبِّكَ اى معرفته و عبادته و توحيده فَتَخْشى ج عقابه فتؤدى الواجبات و تترك المحرمات على ان أهديك و الفاء للسببية فان الخشية مسبب للمعرفة و المعرفة مسبب للّهداية. ٢٠ فَأَراهُ معطوف على محذوف يعنى ذهب و بلغ فاراه الْآيَةَ على صدقه الْكُبْرى صلى اى المعجزات الباهرة العظيمة فى الدلالة على صدقه و افرادها لان كلها من حيث الدلالة كالاية الواحدة او المراد بها قلب العصى حية. ٢١ فَكَذَّبَ فرعون موسى وَ عَصى اللّه و رسوله بعد ظهور صدقه بالمعجزات. ٢٢ ثُمَّ أَدْبَرَ من ذلك المكان حين راى الثعبان مسرعا فى مشيه اليه يَسْعى صلى حال من فاعل أدبر او المعنى عن الايمان و الطاعة حال كونه يسعى فى الفساد فى الأرض. ٢٣ فَحَشَرَ جمع جنودا و السحرة فَنادى صلى فى مجمعه. ٢٤ فَقالَ بيان لنادى و الفاء للتفسير أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى صلى يعنى لا رب لكم فوقى او ان أعلى من كل من يلى أمركم و قيل أراد ان الأصنام ارباب و انا ربها و ربكم. ٢٥ فَأَخَذَهُ اللّه نَكالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولى ط النكل فى اللغة الضعف و العجز و يقال لا يمنع الشي ء عن الشي ء و يعجزه عنه فيطلق على قيد الدابة و حديدة اللجام لكونهما مانعين و النكال اسم من التنكيل يقال نكلت به إذا فعلت به من عقاب الشديد ما يمنع غيره عن ارتكاب مثله فالنكال هاهنا اما صفة لمصدر محذوف مؤكد لما قبله اى اخذه اللّه أخذ أنكالا مانعا لمن أراه او سمعه ان يفعل مثله او اخذه اللّه نكله نكالا و إضافته اما بمعنى فى يغنى نكالا فى الاخرة بالإحراق و فى الدنيا بالاغراق كذا قال الحصن و قتادة او بمعنى اللام يعنى نكله نكالا للكلمة الاخرة و هى هذه قوله ما علمت لكم من اله غيرى و كان بينهما أربعون سنة كذا قال مجاهد و جماعة. ٢٦ إِنَّ فِي ذلِكَ الاخذ و النكال لَعِبْرَةً موعظة لِمَنْ يَخْشى ط لمن كان من شانه الخشية صفة لعبرة ثم خاطب منكرى البعث على سبيل الالتفات و احتج عليهم على البعث و كونه تعالى قادرا عليه بما ظهر من قدرته فى إيجاد العالم فقال. ٢٧ أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ ط مبتداء محذوف الخبر تقديره أنتم أشد خلقا أم السماء أشد خلقا منكم و الاستفهام للتقرير و المراد بالسماء هى و ما فيها بقرينة ذكر الأرض و الجبال فى مقام التفصيل و الحاصل ان السماء و ما فيها أشد خلقا منكم البتة لانكم بعض ما فيها و الكل أعظم و أشد من الجزء بالبداية و الاعادة أهون من اللّه بَناها صفة للسماء اما على ان اللام زايدة على طريقة لقد امر على اللئيم يسبنى او على حذف الموصول اى التي بناها او جملة ثانية معطوفة على الاول بحرف مقدر و يحصل من القضيتين مادة البرهان تقديره ان اللّه بنى السماء التي هى أشد خلقا منكم و كل من هو قادر على بناءها قادر على إعادة ما هو أضعف منها. ٢٨ رَفَعَ سَمْكَها السمك الارتفاع و المعنى جعل مقدار ارتفاعها من الأرض او جعل تحتها الذاهب فى العلو رفيعها و الجملة بيان لجملة بناها او بدل اشتمال منه فَسَوَّاها عمد لها و جعلها مستوية بلا قطور. ٢٩ وَ أَغْطَشَ لَيْلَها اى جعلها ذا ظلمة يقال غطش الليل إذا اظلم أضاف الليل الى السماء لحدوثها بحركة الشمس المستقر فيها وَ أَخْرَجَ ضُحاها اى ابرز ضوء شمسها و جعل النهار موجودا منها. ٣٠ وَ الْأَرْضَ منصوب بفعل محذوف على شريطة التفسير يعنى و دحى الأرض بَعْدَ ذلِكَ اى بعد خلق الس ماء دَحاها بسطها للسكنى قال ابن عباس خلق اللّه الأرض بأقواتها فى يومين من غير ان يدحوها قبل السماء ثم استوى الى السماء فسويهن سبع سموات فى يومين بعد ذلك ثم دحى الأرض فى يومين بعد ذلك فخلقت الأرض و ما فيها من شى ء فى اربعة ايام و قيل معناه الأرض مع ذلك دحيها كقوله تعالى عتلّ بعد ذلك زنيم فى التفسير البيضاوي حمل كلمة بعد هاهنا على الحقيقة و قال فى قوله تعالى ثم استوى الى السماء ان ثم لتفاوة ما بين خلقتى السماء و الأرض من الفصل كما فى قوله تعالى ثم كان من الذين أمنوا و التأويل الاول لكونه مستفادا من كلام السلف اولى. ٣١ أَخْرَجَ مِنْها اى من الأرض ماءَها ينفجر العيون فيها وَ مَرْعاها ص كلائها تسمية الحال باسم المحل او مصدر بمعنى المفعول و جملة اخرج معطوفة على الأرض نظيره له. ٣٢ وَ الْجِبالَ أَرْساها ٣٣ مَتاعاً اى تمتيعا منصوب على العلية من دحى و ارسى على سبيل التنازع لَكُمْ ايها الناس وَ لِأَنْعامِكُمْ ٣٤ فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى الفاء للسببية يعنى إذا ثبت البعث بأخبار اللّه تعالى بعد إمكانه و ظهور قدرته سبحانه تعالى عليه بما ظهر من قدرته فى إيجاد العالم فاعلموا صفته وقت مجيئه و غيرها بالطامة الكبرى ليعلم بعض صفاته من عنوانه و الطم فى اللغة الغلبة و يقال للبحر لانه يغلب كل شى ء و الطامة عند العرب الداهية التي لا يستطاع من ذلك سميت القيامة طامة لانها تطم الدواهي كلها و تغلبها ثم وصفها بالكبرى لمزيد تأكيدها فى الطم و إذا ظرف يتضمن معنى الشرط و. ٣٥ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ بدل منه ما سَعى ما مصدرية او موصولة يعنى يرى اعماله عدد ما فى صحيفته و كان قد نسيها من قبل لفرط الغفلة او طول المدة. ٣٦ وَ بُرِّزَتِ عطف على يتذكر اى يوم يبرز يظهر الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى لكل من يرى قال مقاتل يكشف عنها الغطاء فيظهر إليها الخلق اما الكفار فيدخلها و اما المؤمن فيمرون من الصراط على ظهرها او المراد لمن يرى الكفار و جواب إذا قيل محذوف دل عليه يوم يتذكر و الظاهر ان جوابه ما بعده من التفضل و لا ضرورة فى التقدير. ٣٧ فَأَمَّا مَنْ طَغى اى جاوز الحد فى العصيان حتى كفر. ٣٨ وَ آثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا على الاخرة باتباع الشهوات و هواء النفس. ٣٩ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى هى فصل او مبتداء و اللام فى المأوى يدل على المضاف اليه عند الكوفيين اى ماواه و عند السيبويه و البصريين تقديره هى المأوى له عن ابى موسى قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم من أحب دنياه اخر آخرته و من أحب آخرته اخر بدنياه فاثروا ما يبقى على ما يغنى رواه احمد و البيهقي فى الشعب و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم حجبت النار بالشهوات و حجبت الجنة بالمكاره متفق عليه و عند مسلم حفت مكان حجبت و عنه ان الدنيا ملعونة و ملعون ما فيها الا ذكر اللّه و ما والاه و عالم او متعلم رواه الترمذي و ابن ماجه. ٤٠ وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ اى مقامه يوم القيامة لحساب ربه وَ نَهَى النَّفْسَ الامارة بالسوء عَنِ الْهَوى فى الصحاح الهوى ميل النفس مما يشتهيه قيل سمى به لانه يهوى صاحبه فى الدنيا الى كل داهية و فى الاخرة الى الهاوية و الهوى الانهدار و السقوط عن علو اعلم ان الهوى راس المنهيات و أساس المحرمات قال ابو بكر الوراق ان اللّه لم يخلق خلقا أخبث من الهوى قلت و هو قبيح عقلا و شرعا اما عقلا فلان حقايق الأشياء كما هى فى نفس الأمر لا سيما حقائق المبدأ و المعاد و عواقب الأمور من الأخلاق و الافعال و غيرها المستدعية لحسنها و قبحها مما لا يدرك غالبا بالرأي و ان أدرك بعضها بالرأي فلا يليق بالوثوق ما لم يستفاد من علام الغيوب بتوسط الرسل عليهم السلام و الا لما احتيج الى الرسل فتحصيل العقائد الصحيحة و العلم بالأعمال الحسنة و القبيحة و العمل بها و بالأخلاق الشريفة و الرذيلة لا يتصور الا باتباع الرسل على خلاف الهوى و اتباع الهوى يضاده و اما شرعا فلان اللّه سبحانه قال و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون و فى الصحاح العبودية اظهار التدلل و العبادة ابلغ منها و هى ضربان عبادة بالتسخير كما يدل عليه قوله تعالى و للّه يسجد من فى السموات و الأرض طوعا و كرها و عبادة بالاختيار و هو مطلوبة من الثقلين فكما ان الأشياء كلها بالتسخير و الاضطرار لا يتصور منه الا ما شاء اللّه و أراد فلا بد ان يكون كذلك بالاختيار لا يصدر منه شى ء من افعال القلوب و الجوارح و صفات النفس الا ما أراد اللّه و امر به بلا مدخل للّهواء فيه و ضده و اتباع الهوى فهو ينافى العبودية فكل باطل قبيح منشعب من الهوى و منبعث من الآراء الكاسدة قالت الكفار بناء على فساد رأيهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام و يمشى فى الأسواق ابشرا منا واحدا نتبعه قالت المجسمة الباري موجود و كل موجود جسم متحيز و قالت المعتزلة و غيرهم لا يتصور عذاب القبر و وزن الأعمال و الصراط و نحو ذلك و الفساق مع اعترافهم بوجوب امتثال الرسول و القران و علمهم بعذاب الاخرة و على مساوى الأخلاق و الأعمال لم يثبتوا على الشرائع باتباع الهوى و الشهوات فتركوا الواجبات و ارتكبوا المحرمات و المكروهات فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم ثلث مهلكات هوى الى بئس العبد عبد الهوى يضله رواه الترمذي و البيهقي عن اسماء بنت عميس و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم ثلث مهلكات هوى متبع و شح مطاع و إعجاب المرأ بنفسه و هى أشد هن رواه البيهقي عن ابى هريرة قلت و الثلث كلها راجعة الى الهوى و ان كان المراد فى الحديث بالهوى بعض افرادها (فائدة) ترك الهوى على مراتب أدناه اجتناب ما هو يخالف ظاهر النصوص و اجماع السلف فى العقائد و به يصير مسلما سنيا و أوسطه ما قال مقاتل ان يهم الرجل المعصية فيذكر مقامه للحساب فيتركها و من تمام هذه المرتبة ترك المشتبهات و اجتناب عمالا بأس به حذرا عما به بأس قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم من اتقى المشتبهات و يتر العرضه و دينه و من وقع فى المشتهيات وقع فى المحرمات كراعى يرعى حول الحمى يوشك ان يواقع متفق عليه عن النعمان بن بشير و ايضا من تمامه قصر دايرة المباح على بالابد منه و ترك الهوى فى الفضول منها قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من الإسراف ان تأكل كل ما اشتهيت رواه ابن ماجه و البيهقي عن انس قال المجدد رض قال سيدنا قبلتنا الشيخ الاجل الشيخ بهاء و الدين النقشبندي وجدت طريقا اقرب طرق الى اللّه سبحانه و هى المخالفة مع النفس يعنى مع زيادة الرعاية الشريعة و اللّه تعالى اعلم و هاهنا تدقيق و هى ان المعصية منها ما هو ظاهر يمكن التحرز عنها مخالفة المقام لجانب ربه العلام و منها ما هو أدق من دبيب النمل و ذلك ما كان منها فى لباس الحسنات كالرياء او العجب و تزكية النفس المنهي عنها فى كثرة النوافل و الطاعات و هذا من مزال الاقدام قال بعض الاكابرة لمريده يا بنى لا أخاف طرق الشيطان إليك من سبيل السيئات و لكن أخاف ان يطرق إليك من طريق الحسنات و التحفظ فى هذا المقام اتهام نفسه فى كل مأتى به و التضرع و الاستغفار- (أبيات) خالف النفس و الشيطان و اعصهما و ان هما محضاك النصح فاتهم و لا تطع منهما خصما و لا حكما فانت تعرف كيد الخصم و الحكم استغفر اللّه من قول بلا عمل لقد نسبت به نسلا لذى عقم و الحصين فى كل الحصين فى هذه المقام التشبث بذيل شيخ فإن فى اللّه باق به و ان لا يفعل شيئا الا بامره و اجازته ذكر الشيخ الامام يعقوب الكرخي رحمة اللّه عليه من بدأ حاله انه قال كنت نجارا فادركت فى نفسى تكاسلا و فى باطني شيئا من الظلمة فاردت ان أصوم أياما ليذهب ذلك فصمت و أصبحت عند الشيخ الامام الاجل بهاء الملة و الدين النقشبندي فامر الشيخ بإحضار الطعام و قال لى كل فانه بئس العبد عبد هوى تضاله و قال ان الاكل أفضل من الصوم ان كان بهوى النفس ففهمت انه لا بد فى العبادة النافلة ايضا من اذن من الشيخ الفاني فى اللّه المستخلص عن الهوى قال قلت للشيخ بهاء الدين ان لم يوجد شيخ كذلك فماذا يفعل المرء قال فقال الشيخ ليستغفر اللّه كثيرا او يستغفر بعد كل صلوة عشرين مرة فانه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انه ليغان على قلبى و انى لاستغفر اللّه كل يوم مأية مرة و أعلى المراتب الانتهاء عن الهوى سلب الهوى عن نفسه بالكلية بحيث لا يكون له مراد و مطلب غير اللّه سبحانه و غير مراده و لتحصيل هذه المرتبة تكثير الصوفية تكرار لا اله الا اللّه بملاحظة لا مقصود الا اللّه قال المجدد رض ان العبد ما دام فى هوى نفسه فهو عبد نفسه مطيع الشيطان و هذه الدولة العظمى يعنى سلب الهوى بالكلية منوط بالولاية الخالصة و مربوط بالفناء و البقاء الأكملين قلت و فى هذه المرتبة يحصل للصوفى الرضاء بما قدر اللّه له و ان كان خلاف طبعه و انه يدعو لدفع ضرر نزل به بناء على انه مامور بالدعاء او طلب العافية لا لاجل ضيق صدره من فقدان مراده و فى هذه المرتبة يكون عبد اللّه تعالى بالاختيار كما هو عبد اللّه بالتسخير و الاضطرار و ح لا يجد الشيطان اليه سبيلا الا نادر الان سبيله الى الإنسان غالبا يكون بتوسط لهوى الا ترى ان من هو محرور المزاج مغلوب الغضب يزين له الشيطان من اعماله القتل و الظلم و نحو ذلك و من هو مبرود المزاج ضعيف القلب يزين له الشيطان القرار من الزحف و ترك الغيرة فى الحق و النفاق و نحو ذلك و قس على هذا فاذا أزال الهوى منه انسد طرق الشيطان اليه كلها و ذلك مصداق قوله تعالى ان عبادى ليس لك عليهم سلطان و كفى بربك وكيلا و من هذا المقام قال شيخ الاجل يعقوب الكرخي ان الرجل لا يبلغ مبلغ الرجال حتى يخلص من الهوى و فى هذا المقام يطلق على العبد انه مومن حقيقى و هو المراد من قوله صلى اللّه عليه و اله و سلم لا يومن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به رواه البغوي فى الشرح الستة و قال النووي فى اربعينه حديث صحيح. ٤١ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ليس له ماوى سواها اخرج ابن حاتم من طريق جبير عن الضحاك عن ابن عباس ان مشركى مكة سالوا النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم فقالوا متى تقوم الساعة استهزاء منهم فأنزل اللّه تعالى. ٤٢ يَسْئَلُونَكَ اى كفار قريش عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها ط اى متى قيامها مصدر من الراس بمعنى القيام و الثبوت و اخرج الحاكم و ابن جرير عن عائشة قالت كان النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم يسال عن الساعة حتى انزل اللّه عليه يسالونك عن الساعة إلخ فانتهى و اخرج الطبراني و ابن جرير عن طارق بن شهاب قال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم يكثر ذكر الساعة حتى نزلت. ٤٣ فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها ط احرج ابن حاتم عن عروة مثله و الحاصل ان النبي صلى اللّه عليه و سلم بشدة حرصه على جواب السائلين عن وقت قيامها كان يسال اللّه سبحانه عنها نزلت هذه الاية فظهران فى اخفائها حكمة و انه لا يرجى علمها فانتهى عن السؤال عنها و ما فى فيم استفهامية للانكار و من ذكريها بيان لما اى فى شى ء أنت فى ذكر الساعة و بيان وقتها لا يجوز كذلك و لا يتصور لانك لا تعلمها و لا يجوز ان يعلم لحكمة فى اخفائها او المعنى فى اى شى ء أنت حال كون ذلك الشي ء من ذكر الساعة و بيان وقتها يعنى لست فى شى ء من ذكرها و علمها يعنى ليس شى ء من علمها عندك يقال ليس فلان فى العلم من شى ء يعنى ليس شى ء من العلم عنده و يحتمل ان يكون فيم خبر مبتداء محذوف يعنى فيم هذا السؤال و اى فايدة فيه ثم استأنف و قال أنت من ذكريها اى من علاماتها و موجب تذكرها فانك ختم الأنبياء عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعثت انا و الساعة كهاتين متفق عليه و عن المستورد بن شداد عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال بعثت فى نفس الساعة فاسبقتها كما سبقت هذه هذه بإصبعيه السبابة و الوسطى رواه الترمذي و قيل فيم أنت من ذكريها متصل بالسؤال يعنى يسئلونك عن الساعة أيان مرسها و يقولون و اين أنت من ذكرانها و بيان وقتها فتذكر وقتها على التعيين. ٤٤ إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها ط يعنى مدة تقوم الساعة عند انقضائها مفوض الى ربك لا يعلمها غيره فهذه التعليل للانكار السابق جوابا للسوال و ان كان من تتمة السؤال فهذا جواب. ٤٥ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها ط يعنى لم تبعث لبيان وقت الساعة انما بعثت لتنذر منها من يخشى شدايدها حتى تجتنب من موجباتها من يخشى لانه هو المنتفع الشدائد و العلم بوقوع الساعة قطعا يكفى للانذار و لا حاجة فيه الى بيان وقت وقوعها و تخصيص من يخشى لانه هو المنتفع بالإنذار و هذه الجملة تأكيد لما سبق من التعليل لانكار السؤال. ٤٦ كَأَنَّهُمْ اى الناس يَوْمَ يَرَوْنَها اى الساعة و الظرف متعلق بمعنى التشبيه المفهوم من كان لَمْ يَلْبَثُوا خبر كان اى لم يلبثوا فى الدنيا و القبور زمانا إِلَّا عَشِيَّةً اى عشية يوم واحد أَوْ ضُحاها امال حمزة و الكسائي اواخر هذه السورة من قوله تعالى هل اتيك حديث موسى الى آخرها الا دحيها فان حمزة فتحها و ورش ما ليس فيه هاؤ الف بين بين و غيرها بالفتح الا ذكريها فبين بين و ابو عمرو ما فيه راء امال و غيرها بين بين و الباقون بالفتح كلها اى ضحى تلك العشية أضيف الضحى الى العشية لملابسة اجتماعها فى يوم واحد يعنى انهم يزعمون مدة لبثهم فى الدنيا و القبور لكونها متناهية و لانقضائها و انعدامها كان لم يكن و لعدم تناهى زمان للعذاب و لشدة ذلك العذاب زمان قصير جدا نظيره قوله تعالى لبثنا يوما او بعض يوم و هذه الاية كانه جواب لسوالهم عن وقت مجيئها يعنى ان قيام الساعة قريب جدا. |
﴿ ٠ ﴾