٢ وَ النَّا شِطاتِ نَشْطاً الواو للقسم و جواب القسم محذوف اى لتبعثن و لتحاسبين يدل عليه ما بعده و المراد بالنازعت غرقا الملائكة التي تنزع أرواح الكفار غرقا فى النزع فغرقا اسم أقيم مقام المصدر فهو مفعول مطلق من غير لفظ العامل نحو قعدت جلوسا يقال أغرق النازع فى القوس اى استوفى مدها بقوة و شدة و بالناشطات نشطا الملائكة التي يخرجون أرواح المؤمنين برفق من نشط الدلو إذا اخرج بلا كره او من نشط الحبل او امده حتى انحل فان المؤمن كان فى مصائب الدنيا كانه معقود محبوس فالملائكة الناشطات أخلصته و حلت حلا رقيقا كما ينشط العقال من يد البعير كذا حكى القراء و فى الحديث فى حال أرواح المؤمن كانما انشط من عقال عن البراء بن عاذب قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان العبد المؤمن إذا كان فى انقطاع من الدنيا و اقبال من الاخرة تنزل اليه ملائكة بيص الوجوه كان وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة و حنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجئ ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند راسه فيقول أيتها النفس المطمئنة اخرجى الى مغفرة من اللّه و رضوان قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من السقاء فياخذها فاذا أخذها لم يدعها فى يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلها فى ذلك الكفن و فى ذلك الحنوط و يخرج كاطيب نفحة مسك الحديث و ان العبد الكافر إذا كان فى انقطاع من الدنيا تنزل اليه من السماء ملائكة سوداء الوجوه معهم المسوح فيجسلون منه مد البصر ثم تجئ ملك الموت حتى تجلس عند راسه فيقول أيتها النفس الخبيثة اخرجى الى سخط من اللّه قال فتفرق فى جسده فينزعها كما ينزع السفود من الصوف المبلول فياخذها فاذا أخذها لم يدعوها فى يده طرفة عين حتى يجعلوها فى تلك المسوح و يخرج منها كنتن ريح جيفة و فى رواية و ينزع نفسه يعنى الكافر مع العروق رواه احمد قال البغوي قال ابن مسعود ينزعها يعنى نفس الكافر ملك الموت من تحت كل شعره و من الأظافير و اصول القدمين و يرددها فى جسده بعد ما ينزعها حتى إذا كادت تخرج ردها جسده فهذا عمله بالكافر و قال مقاتل ملك الموت و أعوانه ينزعون روح الكافر كما ينزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبتل (فائده) و من هاهنا يظهر ان النفس جسم لطيف على حسب الجسم الكثيف سار فى البدن ناش من العناصر الاربعة تفاميه الروح و القلب و غيرهما من لطايف عالم الأمر الجواهر المجردة الا مكانية التي تظهر فى النظر الكشف للطافتها و تجردها فى عالم المثال فوق العرش قالت الصوفية انه بكمال قدرته تعالى لا جعلت النفس فى معاملتها بمنزلة المرآة فى مقابلة الشمس فى النفس و اقتلت النفس بها كما تمتلى المرآة بالشمس إذا قوبلت بها و اتضاءت كالقمر إذا اتسق بانوار الشمس على راى الفلاسفة فحيوة البدن بالنفس و حيوة النفس بالأرواح المجردة و تنزع النفس من البدن عند أجل مسمى و لا يحل انتزاع الأرواح المجردة بالنفس ابدا كذا ما ورد فى الحديث ان النفس ينزع من البدن و يجعل فى الأكفان و الحنوط و المسوح يسعد بها فيفتح أبواب السماء لنفس المؤمنة الى السماء السابعة فيقول اللّه تعالى اكتبوا كتاب عبدى فى عليين و اعيدوه الى الأرض فانى منها خلقتهم و فيها أعيدهم و منها أخرجهم تارة اخرى و لا يفتح أبواب السماء للكافر بل يطرح روحه الى الأرض صريح على كونه جسما مخلوقا من الأرض و على هذا التحقيق لا مجال لانكار عذاب القبر على ما ذهب اليه اهل الهواء مع قطع النظر من البدن الكثيف و عند اهل الحق عذاب القبر يمكن على البدن الكثيف ايضا و لا يمنعه الموت كما مر تحقيقه فى سورة البقرة و اللّه تعالى اعلم. |
﴿ ٢ ﴾