سُورَةُ الْبُرُوجِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ آيَةً

مكيّة و هى اثنتان و عشرون اية

 بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

_________________________________

١

وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ البرج الحصن سمى الحصن بها لظهوره يقال تبرجت المرأة اى ظهرت و الظاهر ان فى السماء بيوتا سميت بالبروج قال عطية العوفى البروج اى القصور فيها الحرس ورد فى الصحيحين فى حديث المعراج ثم رفع الى البيت المعمور يعنى فى السماء السابعة بحذاء الكعبة و قد مر فى سورة المطففين قول وهب بن منبه ان للّه فى السماء السابعة دارا يقال لها البيضاء يجتمع فيها أرواح المؤمنين او المراد بالبروج أبواب السماء فان النوازل يخرج منها و تظهر و زعم العوام باتباع الفلاسفة ان السماء منقسم بالقسمة الوهمية الى اثنى عشر حصة سميت كل حصة منها ببرج يكون فيها الثوابت و ينزلها السيارات و سموا البروج بالحمل و الثور و الجوزاء و نحوها نظرا الى هيئة الكواكب الثوابت على سورة الحمل و الثور و نحو ذلك و هذا ليس بشئ لان مبنى ذلك على كون السموات متحركة دائما و كون الكواكب مرتكزة فيها و كل ذلك باطل و الثابت من الكتاب و السنة ان الكواكب كل منها فى فلك يسبحون فليس فى السموات كواكب ثوابت حتى يسمى حصة من السماء برجا بحسب تلك الثوابت و لا يجوز ان يكون المراد فى كلام اللّه تعالى مصطلح الفلاسفة الكفرة فكيف الحصص الموهومة بالبروج التي اصل تركيبها الظهور و اللّه تعالى اعلم و قيل المراد بالبروج عظام الكواكب سميت بروجا لظهورها كذا قال الحسن و مجاهد و قتادة.

٢

وَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ اى يوم القيمة.

٣

وَ شاهِدٍ اى يوم الجمعة او جنس شاهد يشهد بالحق- وَ مَشْهُودٍ ط اى يوم عرفة او جنس ما شهد عليه شاهد صدق اقسم اللّه تعالى بهذه الأمور لتعظيمها روى احمد و الترمذي عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اليوم الموعود يوم القيمة و المشهود يوم عرفة و الشاهد يوم الجمعة فيه ساعة لا يوافقها عبد مومن يدعو اللّه فيها بخير الا استجاب له و لا يستعيذ من شر الا أعاذه منه قال الترمذي هذا حديث غريب لا يعرف الا من حديث موسى ابن عبيدة و هو يضعف و روى الطبراني بسند ضعيف عن ابى مالك الأشعري نحوه و فيه يوم الجمعة خصه اللّه لنا و الصلاة الوسطى صلوة العصر و روى يوسف بن مهران عن ابن عباس الشاهد محمد صلى اللّه عليه و سلم قال اللّه تعالى و جئنا بك على هؤلاء شهيدا و المشهود يوم القيمة قال اللّه تعالى ذلك يوم مجموع له الناس و ذلك يوم مشهود و لكن هذا يلزم التكرار فى اليوم الموعود و المشهود و قيل الشاهد الحفظة و المشهود ابن ادعم و قال الحسين بن الفضل الشاهد هذه الامة و المشهود سائر الأمم قال اللّه تعالى جعلنكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس و قال سالم بن عبد اللّه سألت سعيد بن جبير عن قوله تعالى و شاهد و مشهود قال الشاهد هو اللّه تعالى و المشهود نحن بيانه و كفى باللّه شهيدا و قيل الشاهد أعضاء بنى آدم قال اللّه تعالى يوم تشهد عليهم ألسنتهم و أيديهم و أرجلهم و قيل الشاهد الأنبياء و المشهود محمد صلى اللّه عليه و سلم و إذ أخذ اللّه ميثاق النبيين الى قوله فاشهدوا و انا معكم من الشاهدين قلت و عندى انه لو صح الحديث فى تاويل الاية فذاك و الّا فلا وجه للتخصيص بل المقسم جنس شاهد يشهد بالحق و جنس الحق المشهود به قال اللّه تعالى شهد اللّه انه لا اله الا اللّه الا هو و الملائكة و أولوا العلم فالشاهد هو اللّه تعالى و الملائكة و الحفظة منهم و الأنبياء و محمد صلى اللّه عليه و اله و سلم و المؤمنون خصوصا امة محمد صلى اللّه عليه و سلم خصوصا أولوا العلم منهم و من يشهد بالحق الخصومات و اقامة الحدود و مشهود هو كلمة التوحيد و صدق الأنبياء و تبليغهم و اعمال بنى آدم و كل كلمة حق اشهد به شاهد صدق قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أكرموا الشهود فان اللّه يستخرج بهم الحقوق و يدفع بهم الظلم رواه الخطيب و ابن عساكر عن ابن عباس بسند ضعيف و اللّه تعالى اعلم و جواب القسم قيل قوله تعالى.

٤

قُتِلَ اى لعن لكن هذا القول ضعيف لشذوذ جواب القسم بدون اللام و الاولى ان يقال جواب القسم محذوف يدل عليه ما بعده يعنى اقسم ان كفار قريش ملعونون كما قيل و قال أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ عن صهيب ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال كان ملك باليمن فيمن كان قبلكم و كان له ساحر فلما كبر الساحر قال للملك انى قد كبرت فابعث الى غلاما اعلمه السحر فبعث اللّه غلاما يعلمه و كان فى طريقه راهب إذا سلك اليه و سمع كلامه فاعجبه فكان إذا اتى الساحر مر بالراهب فقعد اليه فاذا اتى الساحر ضربه و إذا رجع من عند الساحر فقعد الى الراهب و سمع كلامه فاذا اتى اهله ضربوه فشكى الى الراهب فقال إذا خشيت الساحر فقل حبسنى أهلي فاذا خشيت أهلك فقل حبسنى الساحر فبينما هو كذلك إذ اتى عليه دابة عظيمة قد حبست الناس فقال اليوم اعلم ان الراهب أفضل أم الساحر فاخذ حجرا فقال اللّهم ان كان امر الراهب أحب إليك من امر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضى الناس فرماها فقتلها فمضى الناس فاتى الراهب فأخبره فقال الراهب اى بنى أنت اليوم أفضل منى قد بلغ من أمرك ما ترى و انك ستبتلى فان ابتليت فلا تدل على فكان الغلام يبرء الأكمه و الأبرص و يداوى الناس لسائر الأدواء فسمع جليس للملك و كان قد عمى فاتاه بهدايا كثيرة فقال انها لك ان أنت شفيتنى قال لا أشفي أحدا انما يشفى اللّه فان امنت باللّه دعوت اللّه فشفاك فامن باللّه فشفاه اللّه فأتى الملك فجلس اليه كما كان يجلس فقال له الملك و من رد عليك بصرك قال ربى قال و لك رب غيرى قال ربى و ربك اللّه فاخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فجيئ بالغلام فقال له الملك اى بنى قد بلغ من سحرك ما يبرء الأكمه و الأبرص و تفعل ما تفعل قال انى لا أشفي أحدا انما يشفى اللّه فاخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب فجئ بالراهب فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدعى و وضع المنشار فى مفرق راسه حتى وقع شقاه ثم جئ بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فابى فدفعه الى نفر من أصحابه فقال اذهبوا الى جبل كذا و كذا فاصعدوا به فاذا بلغتم ذروته فان رجع عن دينه و الا فاطرحوا فذهبوا به الجبل فقال اللّهم اكفينهم بما شئت فرجعت بهم الجيل فسقطوا فجاء يمشى الى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك فقال كفانيهم اللّه فدفعه الى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به فاحملوه فى قرقور فتوسطوا به البحر فان رجع عن دينه و الا فاقذفوه فذهبوا به فقال اللّهم اكفينهم بما شئت فانكفات بهم السفينة فغرقوا و جاء يمشى الى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك قال كفانيهم اللّه فقال للملك لست بقاتلي حتى تفعل ما أمرك قال و ما هو قال تجمع الناس فى صعيد واحد و تصلبنى على جذع ثم خذ سهما من كنانتى ثم ضع السهم فى كبد القوس و قل بسم اللّه رب الغلام ثم ارمنى فانك إذ فعلت ذلك قتلتنى فجمع الناس فى صعيد واحد و صلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم فى كبد قوسه ثم قال بسم اللّه رب الغلام ثم رماه فوقع السهم فى صدغه فمات فقال الناس أمنا برب الغلام ثلثا فاتى الملك فقيل له رايت بما كنت تحذر قد نزل بك حذرك قد أمن الناس فامر بالأخدود بأفواه السكك فخدت و اضرم النيران و قال من لم يرجع عن دينه فاقحموه فيها او قيل لاقتحم قال فافعلوا حتى جاءت امرأة معها صبى لها فتقاعست ان تقع فيها فقال لها الغلام يا أماه اصبري فانك على الحق رواه مسلم فى صحيحه و روى عطاء عن ابن عباس نحو هذه القصة و ذكر انه كان بنجران ملك من ملوك حمير يقال له يوسف ذو نواس بن شرحبيل فى الفترة قبل مولد النبي صلى اللّه عليه و سلم بسبعين سنة و ذكر اسم الغلام عبد اللّه بن تامر و ذكر محمد بن اسحق عن وهب بن منبه القصة و ذكر انه احرق اثنى عشر الفا ثم غلب ارباط على اليمين فخرج ذو نواس هاربا فاقتحم البحر بفرسه فغرق فقال الكلبي ذو نواس قتل عبد اللّه بن تامر و قال محمد بن عبد اللّه بن ابى بكر ان جارية اختفرت فى زمن عمر بن الخطاب فوجد عبد اللّه بن تامر واضعا يده على ضربة فى راسه إذا بسطت يده عنها انبعث دما و إذا تركت ارتدت مكانها و فى يده خاتم من حديد فيه ربى اللّه فبلغ ذلك عمر فكتب ان العبد و الخاتم على اى على الذي وجدتم عليه و قد روى فى اصحاب الأخدود روايات اخر، لا يوازى رواية المسلم فى القوة فلا يلتفت إليها.

٥

النَّارِ بدل اشتمال من الأخدود ذاتِ الْوَقُودِ وصف اى النار بالعظمة لكثرة الالتهاب و اللام للجنس قال الربيع بن انس نجى اللّه المؤمنين الذين القوا فى النار بقبض أرواحهم قبل ان تمسهم النار و خرجت النار الى من على شفير الأخدود من الكفار فاحرقتهم.

٦

إِذْ هُمْ عَلَيْها اى على حافات الأخدود قُعُودٌ قال مجاهد كانوا قعودا على الكراسي عند الأخدود و الظرف متعلق بقعود.

٧

وَ هُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ من التعذيب شُهُودٌ اى حضور لم يكن هذا التعذيب منهم على غفلة او المعنى كان يشهد بعضهم لبعض عند الملك بانه لم يقصر فيما امر به او يشهدون على أنفسهم يوم القيمة حين يشهد ألسنتهم و أيديهم و أرجلهم و الجملة اما معطوفة على هم عليها قعود او حال من فاعل قعود.

٨

وَ ما نَقَمُوا اى ما كره الكفار و ما أنكروا مِنْهُمْ اى من المؤمنين إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا اى لايمانهم فعلى هذا مفعول له و صيغة المضارع بمعنى الماضي بقرينة نقموا اى لان أمنوا بِاللّه يعنى ما كان منهم حسنا لذاته و كمالا و شرفا زعموه لفرط جهلهم و شقاوتهم عيبا منكرا موجبا للعذاب الْعَزِيزِ فى ملكه الغالب على كل شى ء يخشى عذابه الْحَمِيدِ المحمود المنعم الذي يرجى ثوابه.

٩

الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ط و ما فيهن لا اله غيره تقرير لحصر الخوف و الرجاء عليه سبحانه وصف اللّه سبحانه نفسه بهذه الأوصاف لدلالته على كون المؤمنين محقين فى ايمانهم مستحقين للثواب و كون الكفار مبطلين ظالمين فيما فعلوا مستحقين اللعن و العذاب وَ اللّه عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ يجازى كلا على حسب ما عمل من خير او شر و الجملة تذئيل او حال من مفعول يومنوا و جملة ما نقموا معترضة او حال من شهود.

١٠

إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا اى عذبوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ الموصول شامل لاصحاب الأخدود و غيرهم سواء كانوا مؤمنين او كفارا و المؤمنون يعم المطروحين فى الأخدود و غيرهم ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا من تلك المعصية فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ فى الاخرة يعنى هم مستحقون العذاب بتعذيبهم و ذلك لا ينافى المغفرة ان كانوا مؤمنين و يحتمل ان يكون المراد بالموصول الكفار فقط للملاحظة الحيثية فى المؤمنين يعنى الذين فتنوا المؤمنين لاجل ايمانهم وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ تأكيد لما سبق او المراد لهم عذاب الحريق فى الدنيا فان من الغالب انه من حفر بيرا لاخيه فقد وقع فيه و قد مر فى ما سبق انها خرجت النار الى من على شفر الأخدود من الكفار فاحترقتهم و ان ذو نواس غرق فى البحر و جملة ان الذين فتنوا مستأنفة كانه قيل ما يفعل باصحاب الأخدود و أمثالهم.

١١

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ يصغر بالنسبة إليها الدنيا و ما فيها.

١٢

إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ اى اخذه بعنف لَشَدِيدٌ لا يمكن مدافعته هذه الجملة متصلة بجملة ان الذين فتنوا كانها تعليل لها و جملة ان الذين أمنوا معترضة بينهما لذكر جزاء المؤمنين رديف الجزاء الكفار كما هو عادة اللّه تعالى فى المثال.

١٣

إِنَّهُ اى ربك هُوَ يُبْدِئُ الخلق وَ يُعِيدُ لا اله غيره حتى يمكنه دفع بطشه او المعنى يبدء البطش بالكفار فى الدنيا و يعيده فى الاخرة.

١٤

وَ هُوَ الْغَفُورُ لذنوب المؤمنين الْوَدُودُ المحب لمن أطاعه و المحبوب إليهم.

١٥

ذُو الْعَرْشِ قال العرش مالكه القاهر على كل شى ء الْمَجِيدُ قرأ حمزة و الكسائي بالجر صفة للعرش و مجده و عظمته و كونه مطرحا لتجليات رحمانية مختصة به و الباقون بالرفع على انه خبر بعد حبر لهو و مجده تعالى كونه عظيما فى ذاته و صفاته واجبا وجوده تاما قدرته و حكمته.

١٦

فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ لا يعجزه شى ء و لا يمنع عليه ما أراد خبر بعد خبر لهو او خبر مبتداء محذوف اى هو فعال لما يريد و جملة انه هو يبدء و يعيد إلخ معترضة مادحة للّه تعالى يوضح ما يفعل بالمؤمنين من المغفرة و المودة و بالكافرين من انواع التعذيب.

١٧

هَلْ أَتاكَ استفهام للتقرير بمعنى قد اتيك حَدِيثُ الْجُنُودِ الكافرة الذين يجندوا على الأنبياء.

١٨

فِرْعَوْنَ بدل من الجنود و بحذف المضاف اى جنود فرعون وَ ثَمُودَ أمثالها انهم اهلكوا بالغرق او الصيحة او نحو ذلك ثم ادخلوا نارا و اصبر على تكذيب قومك و حذرهم بمثل ما أصاب من كان من قبلهم أمثالهم فى الكفر.

١٩

بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا من قومك اولى بنزول العذاب من الجنود الماضية و الأمم الخالية فانهم سمعوا قصة السابقين و راوا اثار هلاكهم و مع ذلك هم فِي تَكْذِيبٍ عظيم للقران أشد من تكذيبهم مع انه معجز نظمه دون الكتب السابقة و التنكير للتعظيم و قيل بل هنا ليس للاضراب بل ابتدائية بمعنى لكن و الجملة للاستدراك متصلة بجواب القسم و ما بينهما معترضات وجه الاتصال انه لما اتضح جواب القسم بالقسم نشأ تصديق السامعين من الكفار فلدفع هذا الوهم استدرك و قال بل الذين كفروا اى لكن الذين كفروا فى تكذيب و قوله فى تكذيب ظرف اعتباري فان الصفة يعتبر محيطا بالموصوف بناء على المبالغة.

٢٠

وَ اللّه مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ ط احاطة ذاتية بلا كيف مستكرما لقربه و قهرمانه فهو عالم بأحوالهم قادر على الانتقام منهم لا يمكن ان يفوتون و الجملة معترضة للوعيد او حال من فاعل الظرف المستقر فى تكذيب.

٢١

بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ كريم شريف عالى الطبقة فى الكتب وحيد معجز نظمه و معناه و الجملة معناه متصل بقوله بل الذين كفروا فى تكذيب يعنى ليس تكذيبهم على شايبة من الحق بل هو يعنى ما كذبوا به لا ينبغى ان يكذب به من له ادنى شعور فى النظم و المعنى.

٢٢

فِي لَوْحٍ اخرج الطبراني عن ابن عباس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ان اللّه خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء و صفحاتها من ياقوت حمراء قلمه نور و كتابته نور اللّه فى كل يوم ستون و ثلاثمائة لحظة يخلق و يرزق و يميت و يحى و يعز و يذل و يفعل ما يشاء روى البغوي بسند عن ابن عباس قال ان فى صدر اللوح لا اله الا اللّه وحده دينه الإسلام و محمد عبده و رسوله فمن أمن باللّه عز و جل و صدق بوعده و اتبع رسله ادخله الجنة قال و اللوح لوح من درة بيضاء طوله ما بين السماء و الأرض و عرضه ما بين المشرق الى المغرب و حافتاه الدر و الياقوت و دفتاه ياقوت حمراء و قلمه نور و كتابه نور و كل شى ء فيه مسطور و قيل أعلاه معقود بالعرش و أصله فى حجر ملك قال مقاتل اللوح المحفوظ عن يمين العرش مَحْفُوظٍ قرأ الجمهور بالجر على انه صفة لوح فانه محفوظ من الشياطين و من الزيادة و النقصان و لذلك سمى باللوح المحفوظ و هو أم الكتاب و منه نسخ الكتاب

و قرا نافع بالرفع على انه صفة القران قال اللّه تعالى انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون فلا يجوز اى لا يمكن فيه الإلحاق لحفظه تعالى و ايضا لاعجاز نظمه و لا التحريف و لا الحذف و قالت الروافض الحق بالقرآن ما ليس منه و حذف منه بقدر عشرة اجزاء من أربعين جزء فبقيت ثلثون جزء مغيرة محرفة فعليهم قوله تعالى بل الذين كفروا فى تكذيب لما بين دفتى المصحف و اللّه من ورائهم محيط بل هو قران مجيد فى لوح محفوظ- و اللّه تعالى اعلمه.

﴿ ٠