سُورَةُ الطَّارِقِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ سَبْعَ عَشَرَةَ آيَةً مكيّة و هى سبع عشرة اية بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قال الكلبي اتى ابو طالب النبي صلى اللّه عليه و سلم فاتحفه بخبز و لبن فبينما هو جالس يأكل إذا نحط نجم فامتلأ ماء ثم نارا ففزع ابو طالب و قال اى شى هذا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هذا نجم رمى به و هو اية من آيات اللّه عز و جل فعجب ابو طالب فانزل اللّه تعالى _________________________________ ١ وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ و هو فى الأصل لسانك الطريق و اختص عرفا بالآتي ليلا ثم استعمل للبادى و فيه الإجمال هاهنا فسره فيما بعد. ٢ وَ ما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ فانه مجمل و يحتمل ان يكون الاستفهام لتعظيم امره فان فيه منافع كثيرة من طرد الشياطين و زينة السماء و تخويف العباد و غير ذلك و جملة ما الطارق فى محل المفعول الثاني لادريك ثم فسر المجمل فقال. ٣ النَّجْمُ اللام للجنس و المراد به جنس النجوم او جنس الشهب التي يرجم بها او للعهد و المراد به الثريا كذا قال ابن زيد و العرب تسميه النجم و قيل هو الزحل الثَّاقِبُ فمن قال المراد بالنجم الزحل قال انما سمى به لارتفاعه قال العرب للطاير إذ الحق ببطن السماء ارتفاعا قد ثقب و هذا لا يستقيم الأعلى قول الحكماء القائلين بكون الزحل فى السماء السابعة و الظاهر ان المراد بالثاقب المعنى المتوهج كذا قال مجاهد كانه يثقب الظلام لضوئه فينفذ فيه. ٤ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ قرأ ابن عامر و عاصم و حمزة لما بتشديد الميم بمعنى الا على لغة هذيل استثناء مفرغ فعلى هذا ان نافية و المعنى ماكل نفس كاينا على حال الأعلى حال ثبوت حافظ عليها و الباقون بالتخفيف فعلى هذا ان مخففة من المثقلة و اسمها ضمير الشان محذوف فاصلة و ما مزيدة يعنى انه كل نفس من البشر ثابت او ثبت عليها حافظ من ربها يحفظ عملها و يحصى عليها ما يكتب من خير او شر قال ابن عباس هم الحفظة من الملائكة و قيل حافظ يحفظها من الآفات فاذا استوفى رزقها و أجلها ماتت و المراد بحافظ الجنس حتى يصدق على الواحد و الكثير فلا منافاة بين هذه الاية و قوله تعالى و ان عليكم لحافظين بصيغة الجمع او المراد لحافظ هاهنا هو اللّه سبحانه و الحفظة ان يحفظون بامره فيضاف فعلهم اليه تعالى و الجملة على القراءتين جواب للقسم اخرج ابن ابى حاتم عن عكرمة ان أبا اسد كان يقوم على الأديم فيقول يا معشر قريش من أذى النبي صلى اللّه عليه و سلم عنه فله كذا و يقول ان محمدا يزعم ان خزنة جهنم تسعة عشر فانا أكفيكموهم وحدي عشرة و اكفوني تسعة فنزلت. ٥ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ط الفاء للسببية فان وجود الحفظة سبب لوجوب المراقبة على اعماله حتى يستدل به على صحة إعادة فيستوجب الايمان باللّه و رسوله و الإتيان بما امر به من الأعمال و الانتهاء عما نهى عنه و من ابتدائية و ما استفهامية و الجار و المجرور متعلق بخلق نايب مناب فاعله و الجملة فى محل النصب بالمفعولية من النظر اى فى جواب هذا السؤال الحاصل بالنظر فقال. ٦ خُلِقَ مِنْ ماءٍ اى منى و المراد به الممزوج من المائين ماء الرجل و ماء المرأة دافِقٍ صفة لماء أسند الدفق الى الماء مجازا او كما فى عيشة الراضية اى مرضية فهو فاعل بمعنى المفعول اى مدفوق و الدفق هو الصب بمرة فالاسناد على الحقيقة. ٧ يَخْرُجُ صفة اخرى لماء مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ صلب الرجل اى ظهره قال فى الصراح الصلب الشديد باعتبار الشدة سمى الظهر صلبا وَ التَّرائِبِ ط اى ترائب المرأة فى القاموس الترائب عظام الصدر او ما ولى الترقوتين او ما بين الثديين و الترقوتين او لربع أضلاع من يمين الصدر و اربع من يسرته او لليدان و الرجلان و العينان او موضع القلادة فى البيضاوي ان النطفة تتولد من فضل الهضم الرابع و تنفصل عن جميع الأعضاء حتى تستعد بان يتولد منها مثل تلك الأعضاء و مقرها عروق ملتف بعضها عند البيضتين و الدماغ أعظم الأعضاء معونة لى توليدها لذلك تشيع و تسرع الفراط فى الجماع بالضعيفة و له خليفة و هو النخاع و هو فى الصلب و شعب كثيرة نازلة الى الترائب و هما اقرب الى اوعية المنى فلذلك خصا بالذكر. ٨ إِنَّهُ الضمير راجع الى الخالق المفهوم من قوله خلق من ماء عَلى رَجْعِهِ اى إعادته بعد الموت كذا قال قتادة لَقادِرٌ ط لامكان الاعادة فمن خلق اولا فلا يجوز إنكاره بعد ما اخبر به مخبر صادق شهد المعجزة على صدقة و الجملة مستأنفة. ٩ يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ متعلق برجعه او بمضمر دل عليه رجعه اى يبعث الإنسان يوم يظهر الخفايا من الأعمال و العقائد و النيات و الضمائر يعنى يوم القيمة قال ابن عمر يبدئ اللّه يوم القيامة كل سر فيكون زينا فى وجوه. ١٠ فَما لَهُ اى للانسان المنكر للبعث و الفاء جزاء لشرط مقدر تقديره فاذا رجع فما له مِنْ قُوَّةٍ منعة فى نفسه يمتنع بها من العذاب وَ لا ناصِرٍ ط يعينه و يدفع عنه العذاب. ١١ وَ السَّماءِ قسم اخر معطوف على القسم السابقة ذاتِ الرَّجْعِ اى المطر سمى لانه يرجع كل عام و يتكرر الكواكب فيها الى موضع من السماء الذي يتحرك منها بعد يوم و ليلة او بعد شهر او بعد سنة. ١٢ وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ اى الشق بالنبات و العيون و نحو ذلك و جواب القسم. ١٣ إِنَّهُ اى القران لَقَوْلٌ فَصْلٌ فاصل بين الحق و الباطل. ١٤ وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ باللعب و الباطل بل هو جد كله فمن حقه يرتفع قاريه و سامعه من ان يلم بهزل او يتفكه بمزاح و ان يخشع له القلب. ١٥ إِنَّهُمْ اى اهل مكة يَكِيدُونَ النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم كَيْداً و يظهرون ما هم على خلافه او المعنى انهم يجيلون فى ابطال امر النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم و اطفاء نور الحق حيلة. ١٦ وَ أَكِيدُ كَيْداً ج كيد اللّه استدراجه إياهم من حيث لا يعلمون او المعنى اجزيهم فى الاخرة جزاء كيدهم و جملة انهم يكيدون كيدا مستانفة كانه فى جواب سائل فما شان منكرى البعث. ١٧ فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ و لا تشتغل بالانتقام منهم او لا تستعجل باهلاكهم بالدعاء عليهم و هذا منسوخ باية القتال على تقدير النهى عن الانتقام منهم أَمْهِلْهُمْ تأكيد لمهل و التأكيد مع تغير البناء لزيادة التسكين او التحسين فى اللفظ رُوَيْداً ع اى اروادا اى امهالا يسيرا او رويدا تصغير اى الارواد بحذف الزوائد و يسمى تصغير ترخيم مشتق من راودت الريح ترود رودا إذا تحركت حركة ضعيفة و لا يستعمل بها الا مصغرة قال ابن عباس هذا وعيد من اللّه عز و جل قد أخذهم اللّه يوم بدر- و اللّه تعالى اعلم. |
﴿ ٠ ﴾