٨

فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها بقوله و ما سوّيها حيث يلزم عطف الفعل على المصدر الا ان الضمير فيها اسم اللّه المعلم به و قال فى بحر الأمواج ألهمها معطوفة على سوّيها و المعنى و نفس و تسويه فالهمها فجورها و تقويها فلا يلزم ما ذكر انتهى و تنكير نفس للتكثير و التعميم كما فى قوله تعالى علمت نفس ما أحضرت او للتعظيم و الافراد و المراد به نفس آدم عليه السلام و قال عطاء يريد جميع ما خلق اللّه من الانس و الجن و المراد بالهام الفجور و التقوى ان بين لها الخير و الشر و الطاعة و المعصية حتى يأتي بالخير و الطاعة و يتقى عن الشر و المعصية كذا روى عن ابن عباس و المراد به إلزامها الفجور او التقوى و خلق الميل فى قلبه الى أيهما شاء و توفيقه إياها بالتقوى و خلق بالتقوى على يد المؤمن و خذلانه إياها للفجور و خلق الفجور يد الكافر كذا قال سعيد بن جبير و ابن زيد و اختاره الزجاج عن عمران بن حصين ان رجلين من مزنية قالا يا رسول اللّه ارايت ما يعمل الناس اليوم و يكدحون فيه شى ء قضى عليهم و مضى فيهم من قدر سبق او فيما يستقبلون به مما أتاهم به تبيهم و ثبت الحجة عليهم فقال لا بل شى ء قضى عليهم و مضى فيهم و تصديق ذلك فى كتاب اللّه و نفس و ما سوّيها فالهمها فجورها و تقويها رواه مسلم و عن عبد اللّه بن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان قلوب بنى آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اللّهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعاتك رواه مسلم قدم الفجور على التقوى لان الأصل كونها امارة بالسوء ايضا فيه رعاية رؤس الاى و الواو الاول للقسم بالاتفاق و كذا الثانية و الثالثة و ما بعدها عند البعض و ليست للعطف لزم العطف على معمول عاملين مختلفين فى مثل قوله و الليل إذا يغشيها فان قوله الليل مجرور بواو القسم و إذا يغشى منصوب بفعل القسم المقدر فلو جعلت الواو فى و النهار إذا جليها للعطف كانت الواو قايمة مقام الفعل و حرف الجر معا و الصحيح ان كلها للعطف سوى الاولى منها فان إدخال القسم فى القسم قبل تمام الاول لا يجوز و واو العطف قائمة مقام واو القسم فقط لكن واو القسم نزلت منزلة الباء و الفعل حتى لم يجز إبراز الفعل معها فصارت كانها هى العاملة نصبا و جرا فصارت كعامل واحد له عملان فيجوز العطف على معموليه و ذلك جائز بالاتفاق و نحو ضرب زيد عمرو او بكر خالدا هذا إذا كانت الظروف متعلقة بفعل القسم و اما على تاويل صاحب البحر فلا حاجة الى هذا التوجيه.

﴿ ٨