سُورَةُ الَّيْلِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ إِحْدَى وَ عِشْرُونَ آيَةً مكّيّة و هى احدى و عشرون اية بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ _________________________________ ١ وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى الشمس او النهار كما فى قوله تعالى يغشى الليل النهار او كل شى ء يوارى بظلامه و الكلام فى إذا يغشى كما مر فى و الليل إذا يغشها من كونه متعلقا بفعل القسم او بمضاف محذوف اى حصول الليل و كونه صفة له او بمعنى الوقت فينسلخا عن الظرفية. ٢ وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى اى ظهر يزوال ظلمة الليل او بطلوع الشمس. ٣ وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى اى القادر الذي خلق صنفى الذكر و الأنثى من كل نوع له توالد او آدم و حوا و يجوز ان يكون مصدرية و جواب القسم. ٤ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ط يعنى ان عملكم لمختلف منكم ساغ فكاك رقبة من النار و صعود درجات القرب و مدارج الجنة و منكم ساع فى عطيها قال البغوي عن ابى مالك الأشعري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها او موبقها ثم فصل اللّه سبحانه فقال. ٥ فَأَمَّا مَنْ أَعْطى ماله فى سبيل اللّه او ادى كل ما وجب عليه وَ اتَّقى عذاب ربه فاجتنب مجاريه و فى الحديث اتقوا النار و لو بشق ثمرة رواه الشيخان عن عدى بن حاتم و احمد عن عائشة و البزار و الطبراني عن انس فى الأوسط و عن ابن عباس و ابى امامة فى الكبير و البراء عن النعمان بن بشير و ابى هريرة. ٦ وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى قال ابو عبد الرحمن السلمى و الضحاك و صدق بلا اله الا اللّه و هى رواية عطية عن ابن عباس و قال مجاهد بالجنة قال اللّه تعالى للذين أحسنوا الحسنى يعنى الجنة و قيل أيقن ان اللّه سيخلفه و هو رواية عكرمة عن ابن عباس و قال قتادة و مقاتل و الكلبي بموعود اللّه تعالى ان يفى به. ٧ فَسَنُيَسِّرُهُ اى نسهله و نهيئه لِلْيُسْرى اى للخلقت اليسرى التي يودى الى يسر و راحة و هى العمل و ما يرضى اللّه و دخول الجنة من يسر الفرس لا هبته المركوب باليسر بالسرج و اللجام. ٨ وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ بالنفقة بالخير و بما امر به اللّه تعالى و فى الحديث البخيل من ذكرت عنده فلم يصل على رواه الترمذي و النسائي عن على و ابن حبان و الحاكم عن انس وَ اسْتَغْنى بشهوات الدنيا عن الثواب فى الاخرة و عن القادر به. ٩ وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى بالكلمة الحسنى. ١٠ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى اى لخصلة التي يودى الى العسر و الشدة و هى العمل بما يكرهه اللّه تعالى و دخول النار قال مقاتل يعسر عليه ان يأتي خيرا عن على رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما منكم من أحد الا و قد كتب مقعده من النار و مقعده من الجنة قالوا يا رسول اللّه أ فلا نتكل على كتابنا و ندع العمل قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له اما من كان من اهل السعادة فسنيسره بعمل اهل السعادة و اما من كان من اهل الشقاوة فسنيسره بعمل اهل الشقاوة ثم قرا فاما من اعطى و اتقى و صدق بالحسنى قسنيسره لليسرى متفق عليه قال البغوي قيل نزلت فى ابى بكر الصديق اشترى بلالا عن امية بن خلف ببردة و عشر أواق فانزل اللّه تعالى سورة الليل الى قوله ان سعيكم لشتى سعى ابو بكر و سعى امية كذا روى عن ابن مسعود و اخرج ابن ابى حاتم و غيره من طريق الحاكم بن ابان عن عكرمة عن ابن عباس ان رجلا كانت له نخلة فرعها فى دار رجل فقير ذى عيال فكان الرجل إذا جاء فدخل الدار فصعد الى النخلة لياخذ منها الثمرة و بما يقع التمرة فياخذها صبيان الفقير فينزل من نخلة فياخذ الثمرة من أيديهم و ان وجدها فى فم أحدهم ادخل إصبعيه يخرج التمرة من فيه فشكى ذلك الرجل يعنى الفقير الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال اذهب و لقى النبي صلى اللّه عليه و سلم صاحب النخلة فقال له أعطني نخلتك التي فرعها فى دار فلان لك نخلة فى الجنة فقال الرجل لقد أعطيت و ان لى نخلا كثيرا و ما فيه نخلة اعجب الى تمرة منها ثم ذهب الرجل و لقى رجلا كان يسمع الكلام من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و من صاحب النخلة فاتى الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال أ تعطيني يا رسول اللّه ما أعطيت الرجل يعنى صاحب النخلة و ان انا أخذتها قال نعم فذهب الرجل فلقى صاحب النخلة و لكليهما نخل فقال له أشعرت ان محمدا صلى اللّه عليه و اله و سلم أعطاني بنخلتك التي فى دار فلان نخلة فى الجنة فقلت له لقد أعطيت و لكن يعجبنى تمرها ولى نخل كثير ما فيه نخل اعجب الى تمرة منها فقال له الاخر أ تريد بيعها فقال لا الا ان أعطني بها ما أريد و لا أظنه اعطى و قال فكم فيها قال أربعين نخلة قال لقد جئت بامر عظيم ثم سكت عنه فقال له انا أعطيك أربعين نخلة قال فاشهد لى ان كنت صادقا فدعا قومه فاشهد له ثم ذهب الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال يا رسول اللّه ان النخلة قد صارت لى فهى لك فذهب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى صاحب الدار فقال النخلة لك فأنزل اللّه تعالى و الليل إذا يغشى قال ابن كثير غريب جدا و ذكر البغوي عن على بن حجر عن اسحق بن نجيح عن عطاء نحوه و فيه ان صاحب النخلة شكى الى النبي صلى اللّه عليه و سلم تناول صبيان الجار من نخلة فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم بعينها بنخلة فى الجنة فابى فخرج فلقيه ابو الدحداح الى اخر القصة قال فأنزل اللّه تعالى و الليل إذا يغشى الى قوله ان سعيكم لشتى و الصحيح هى الرواية الاولى يعنى نزلت فى ابى بكر الصديق و امية بن خلف لان السورة مكية و قصة صاحب النخلة و ابى الدحداح يقتضى كونها مدنية و على تقدير صحة الرواية الثانية فنقول نزول الاية بمدح ابى الدحداح رضى اللّه عنه قال اللّه تعالى فاما من اعطى و اتقى كابى الدحداح و صدق بالحسنى اى بما وعد النبي صلى اللّه عليه و سلم فسنيسره لليسرى يعنى الجنة و لما كان حكم الاية عاما و ان كان موردها خاصا عقبه بما يقيده من الوعيد فقال و اما من بخل و استغنى الاية و ليست هذه الجملة للوعيد فى حق صاحب النخلة فانه كان رجلا من الأنصار لم يكن ممن استغنى من ثواب اللّه تعالى و نعيم الجنة و كذب بالحسنى بل كان مصدقا بها و النخل المستوجب للنار انما هو منع الزكوة المفروضة كما لا يخفى و اللّه تعالى اعلم. ١١ وَ ما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ الذي بخل فيه نفى او استفهام انكار إِذا تَرَدَّى الظرف متعلق بيغنى و تردى تفعل من الردى بمعنى الهلاك قال مجاهد اى بات إذ المراد بالهلاك استيجاب العذاب او بمعنى السقوط يعنى تردى فى حفرة القبر او قعر جهنم قال قتادة و ابو صالح هوى فى جهنم. ١٢ إِنَّ عَلَيْنا كلمة على للتاكيد يعنى التزمنا الهداية بموجب قضائنا السابق او بمقتضى كلمتنا للّهدى اى الإرشاد الى الحق بنصب الدلائل و بيان الشرائع كذا قال الزجاج و قتادة و قال الفراء معناه من سلك الهدى فعلى اللّه سبيله كقوله تعالى و على اللّه قصد السبيل يقول من أراد اللّه فهو على السبيل القاصد يعنى من سلك على طريق الهدى يصل الى اللّه سبحانه. ١٣ وَ إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَ الْأُولى ملكا و خلقا و تقديم الخبر للحصر فمن طلبها من غير مالكهما فقد اخطأ الطريق او فنعطى ثواب الهداية للمهتدين او فلا يضرنا ترككم الاهتداء. ١٤ فَأَنْذَرْتُكُمْ اى خوفتكم و الفاء للسببية فان كون الاخرة و الاولى كلاهما خالصا للّه تعالى سبب للتخويف ناراً تَلَظَّى ج احدى التاءين محذوف اى تتلظى تتوقد و تتلهب صفة للنار. ١٥ لا يَصْلاها صفة اخرى إِلَّا الْأَشْقَى قيل الأشقى هاهنا بمعنى الشقي فهو يعم الكافر و الفاسق الغير المغفور وصفه تعالى. ١٦ الَّذِي كَذَّبَ الرسول صلى اللّه عليه و سلم وَ تَوَلَّى عن الايمان باعتبار بعض افراده و ليس الاحتراز بل لان العادة و مقتضى الايمان ان لا يكون المؤمن شقيا إذ الايمان يقتضى التقوى و السعادة و الكافر المكذب هو الذي يكون شقيا عاصيا غالبا فتقيد الشقي بوصف التكذيب و التولي خرج مخرج العادة كما فى قوله تعالى و ربائبكم اللّتى فى حجوركم او المراد بالتكذيب أعم من التكذيب صريحا و هو الكفر او دلالة و هو ارتكاب المحرمات مع الايمان بتحريمها او أعم مما هو صادر عن اللسان و القلب فيكون كفر او نفاقا و مما هو صادر عن النفس الامارة بالسوء حال كون قلبه مطمئنة بالايمان و لسانه ما خلقنا به فيكون ايمانا مجازيا عاما و قيل الأشقى بمعناه للتفضيل و المراد به الكافر فانه أشقى من الفاسق لكن يصلى هاهنا ليس على إطلاقه بل المراد منه المقيد باللزوم و الشدة قال البيضاوي لا يصليها لا يلزمها مقاسيا شدتها الا الأشقى اى الكافر فان الفاسق و ان دخلها ان لم يغفر لا يلزمها فلا نقض فى الحصر و قيل لا حاجة الى هذه التكليف بل الضمير فى لا يصلها عائد الى نارا تلظى و لا يصلى نارا تتلظى و تتلهب الا الكافر و اما الفاسق فادخل جهنم لا يصلى نارا تتلهب بل نارا ضعيفة بالنسبة الى الكافر و هى الطبقة العليا من النار و عندى ان المراد بالأشقى هو الكافر كما هو الظاهر النار ايضا على عمومها فان التلهب توصف بها نار الدنيا ايضا و نار جهنم و ان كانت ضعيفة فهى أشد من نار الدنيا البتة لكن الحصر فى الاية إضافي بالنسبة الى المؤمنين الموجودين فى زمان النبي صلى اللّه عليه و سلم فالاية تدل على عدم دخول أحد من الصحابة فى النار كيف و قد انعقد الإجماع على ان الصحابة كلهم عدول و قد قال اللّه تعالى و كلا وعد اللّه الحسنى و قال كنتم خير امة أخرجت للناس و قال محمد رسول اللّه و الذين معه الاية و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا تمس النار مسلما رانى او راى من رانى رواه الترمذي عن جابر و قال أصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم رواه رزين عن عمر بن الخطاب فمن صدر منه معصية فهم على سبيل الندرة وفق غالبا للتوبة فان التائب كمن لا ذنب له رواه ابن ماجة عن ابن مسعود مرفوعا او أدركته الرحمة ببركة صحبة النبي صلى اللّه عليه و سلم كيف و قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى حق الصلحاء من أمته هم قوم لا يشقى جليسهم و لا يخاب انيسهم فى حديث فى الصحيحين و الترمذي عن ابى هريرة فما أظنك فيمن جالس سيد المرسلين فى حين من الدهر و اللّه تعالى اعلم و لما كان الناس فى زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم منحصرين فى فريقين اما مومن تقى اتقى الناس ممن سواهم او كافر فلذلك ترى كلام اللّه مشحونا من ذكر هذين الفريقين و قلما يستفاد حال عصاة المؤمنين من القران لان الكلام غالبا يبحث عن احوال الموجودين و اللّه تعالى اعلم فلا يجوز بهذه الاية استدلال المرجئة على ان المؤمن ان كان فاسقا لا يدخل النار و ان السيئات من الكبائر و الصغائر مطلقا لا يضر مع الايمان لان الحسنات مطلقا لا تنفع مع الكفر و به قال الروافض شيعة على و لا استدلال المعتزلة على ان مرتكب الكبيرة مخلد فى النار و ليس بمؤمن وجه استدلالهم ان ارتكاب الكبيرة موجب لدخول النار بالإجماع و ان خالف المرجئة فلو كان مرتكب الكبيرة مومنا لم يكن أشقى الناس فلا يصلها بهذه الاية و اهل السنة يأولون هذه الاية بما ذكرنا من التأويلات جمعا بين النصوص و جريا على ما انعقد عليه الإجماع من ان اللّه تعالى لا يغفران يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء سواء تاب او لم يتب و قال اللّه تعالى يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه ان اللّه يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم و قال يغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء و قال من يعمل مثقال ذرة خيرا يره فلا يجوز فى حق المؤمن الخلود فى النار و ان كان فاسقا غير مغفور و قد تواتر قوله صلى اللّه عليه و سلم من قال لا اله الا اللّه دخل الجنة و قال اللّه تعالى و من يعمل مثقال ذرة شرايره يعنى ان شاء اللّه ان يعذبه و لم يغفره يرى جزاء السيئة فى النار و لو لا مقتضى إتيان المحرمات و ترك الواجبات دخول النار كما قالت المرجئة لصارت الشريعة الآمرة بالمعروف و الناهية عن المنكر كلها سفسطة و لا يقولها الا كاهن او مجنون. ١٧ وَ سَيُجَنَّبُهَا عطف على لا يصليها و السين للتحقيق الْأَتْقَى اى الذي اتقى الشرك الجلى و الخفي و المعاصي القلبية و القالبية و النفسانية و ذلك بعد تزكية النفس و اطمينانها. ١٨ الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ الفقراء و فى فك الرقاب و وجوه الخير يَتَزَكَّى بدل من يوتى و لا محل له من الاعراب او منصوب على الحالية من فاعله اى يطلب ان يكون عند اللّه زاكيا لا يريد به رياء و لا سمعة او يتفعل من الزكوة و المفهوم عندنا غير معتبر فلا تدل تلك الاية على دخول تقى فى النار و كذا عند الشافعي إذا الكلام خارج مخرج الجواب فى حادثة لاتفاق المفسرين على ان الاية نزلت فى ابى بكر الصديق فالغرض منه توصيف الصديق بكونه اتقى الناس أجمعين غير الأنبياء و انما خصصنا بغير الأنبياء دلالة العقل و الإجماع و النصوص و ليس الغرض منه الاحتراز و الحكم بدخول التقى دون اتقى فى النار و لو سلمنا المفهوم فالمراد بالتقى الذي جاز دخوله فى النار التقى عن الشرك فقط دون المعاصي و اللّه تعالى اعلم اخرج ابن ابى حاتم عن عروة ان أبا بكر الصديق أعتق سبعة كلهم يعذب فى اللّه فنزلت و سيجنبها الأتقى الى اخر السورة قلت فحينئذ اللام للعهد و اخرج حاكم عن عامر بن عبد اللّه بن الزبير عن أبيه قال قال ابو قحافة لابى بكر أراك تعتق رقابا ضعفا فلو انك اعتقت رجالا اجلد يمنعونك و يقومونك دونك فقال يا أبت انما أريد ما عند اللّه فنزلت هذه الاية فاما من اعطى و اتقى الى اخر السورة و ذكر محمد بن اسحق قال كان بلال لبعض بنى جمع و هو بلال بن رباح و اسم امه حمامه و كان صادق الإسلام طاهر القلب و كان امية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره ببطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول لا يزال على هذا حتى يموت او تكفر لمحمد فيقول و هو فى ذلك البلاء أحد أحد قال محمد بن اسحق عن هشام بن عروة عن أبيه قال مر به ابو بكر يوما و هم يصنعون به ذلك و كانت دارابى بكر فى جمح فقال لاميّة الا تتقى فى هذا المسكين قال أنت أخذته فانقذه مما ترى قال افعل عندى غلام أسودا جلد منه و أقوى على ذلك أعطيتك قال قد فعلت فاعطاه ابو بكر غلامه و اخذه فاعتقه ثم أعتق معه على الإسلام قبل ان يهاجر رقاب بلال سابعهم عامر بن فهيرة شهد بدرا و أحدا و قتل يوم بير معونة شهداء و أم عميس و زبير فاصيب بصرها حين أعتقها فقالت قريش ما اذهب بصرها و أعتق ابنتها الهدنة و كانتا لامراة من عبد الدار بمنزلهما و قد بعثتها سيدتها يطحنان و هى تقول و اللّه لا اعتقكما ابدا فقال ابو بكر حلا فلان فقالت حلا أنت افدتهما فاعتقهما قال فيكم قالت بكذا و كذا قال فاخذتهما و هما حرتان و مر بجارية بنى مومل و هى يعذب فابتاعها فاعتقها و قال سعيد بن المسيب بلغني ان امية بن خلف قال لابى بكر فى بلال حين قال ابتعيه قال نعم أبيعه بنسطاس عبد لابى بكر صاحب عشر آلاف دينار و غلمان و جوارى و مواش و كان حمله ابو بكر على الإسلام على ان يكون ماله له فابى فابغضه ابو بكر فلما قال له امية أبيعه بغلامك نسطاش اغتنمه ابو بكر و باعه منه فقال المشركون ما فعل ذلك ابو بكر ببلال الا ليد كان له عنده فانزل اللّه عز و جل. ١٩ وَ ما لِأَحَدٍ بلال و لا لغيره من الغلمان عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى و كذا اخرج البزار عن ابن الزبير انها نزلت فى ابى بكر و الجملة حال من فاعل يوتى ماله او مستأنفة كانه فى جواب بل كان لاحد ممن يوتيه ماله عنده يجزى ان يكافيه عليهما و يقصد بإعطائه او اعتاقه مجازا بها. ٢٠ إِلَّا استثناء منقطع اى لكن يفعل ذلك ابو بكر ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى ج طلبا لرضاه و يجوز ان يكون متصلا عن محذوف تقديره لا يوتى ماله لغرض من الأغراض و مكافاته لنعمة الا لغرض ابتغاء وجه اللّه و طلب رضائه. ٢١ وَ لَسَوْفَ يَرْضى ع اللّه عنه بما يفعل او يرضى عن اللّه تعالى بما يعطيه من الجزاء فى الاخرة من الجنة و الكرامة عطف على و سيجنبها و هذه الاية لابى بكر كقوله تعالى لنبيه صلى اللّه عليه و اله و سلم و لسوف يعطيك ربك فترضى و كون ابى بكر اتقى الناس بعد الأنبياء دليل على كونه أفضلهم لقوله تعالى ان أكرمكم عند اللّه أتقاكم و عليه انعقد الإجماع عن ابن عمر قال كنا فى زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم لا نعدل بابى بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك اصحاب النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم لا تفاضل بينهم رواه البخاري و سال محمد بن الحنيفة عن على اى الناس خير بعد النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم قال ابو بكر قال ثم من قال عمر رواه البخاري و قد بسطنا الكلام فى هذه المسألة و ذكرنا فيها الأحاديث و الآثار و روايات الإجماع و المنقول فى كتابنا السيف المسلول انصرافا على الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا امال حمزة و الكسائي اواخر هاتين السورتين و الليل و الضحى الا قرنه تعالى سبحى فان حمزة فتحها و امال ابو عمرو للعسرى و لليسرى و ما سواهما بين بين و ورش جميع ذلك بين بين و الباقون بإخلاص الفتح فى الكل- و اللّه تعالى اعلم. |
﴿ ٠ ﴾