١٠

فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى اى لخصلة التي يودى الى العسر و الشدة و هى العمل بما يكرهه اللّه تعالى و دخول النار قال مقاتل يعسر عليه ان يأتي خيرا عن على رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما منكم من أحد الا و قد كتب مقعده من النار و مقعده من الجنة قالوا يا رسول اللّه أ فلا نتكل على كتابنا و ندع العمل قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له اما من كان من اهل السعادة فسنيسره بعمل اهل السعادة و اما من كان من اهل الشقاوة فسنيسره بعمل اهل الشقاوة ثم قرا فاما من اعطى و اتقى و صدق بالحسنى قسنيسره لليسرى متفق عليه

قال البغوي قيل نزلت فى ابى بكر الصديق اشترى بلالا عن امية بن خلف ببردة و عشر أواق فانزل اللّه تعالى سورة الليل الى قوله ان سعيكم لشتى سعى ابو بكر و سعى امية كذا روى عن ابن مسعود

و اخرج ابن ابى حاتم و غيره من طريق الحاكم بن ابان عن عكرمة عن ابن عباس ان رجلا كانت له نخلة فرعها فى دار رجل فقير ذى عيال فكان الرجل إذا جاء فدخل الدار فصعد الى النخلة لياخذ منها الثمرة و بما يقع التمرة فياخذها صبيان الفقير فينزل من نخلة فياخذ الثمرة من أيديهم و ان وجدها فى فم أحدهم ادخل إصبعيه يخرج التمرة من فيه فشكى ذلك الرجل يعنى الفقير الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال اذهب و لقى النبي صلى اللّه عليه و سلم صاحب النخلة فقال له أعطني نخلتك التي فرعها فى دار فلان لك نخلة فى الجنة فقال الرجل لقد أعطيت و ان لى نخلا كثيرا و ما فيه نخلة اعجب الى تمرة منها ثم ذهب الرجل و لقى رجلا كان يسمع الكلام من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و من صاحب النخلة فاتى الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال أ تعطيني يا رسول اللّه ما أعطيت الرجل يعنى صاحب النخلة و ان انا أخذتها قال نعم فذهب الرجل فلقى صاحب النخلة و لكليهما نخل فقال له أشعرت ان محمدا صلى اللّه عليه و اله و سلم أعطاني بنخلتك التي فى دار فلان نخلة فى الجنة فقلت له لقد أعطيت و لكن يعجبنى تمرها ولى نخل كثير ما فيه نخل اعجب الى تمرة منها فقال له الاخر أ تريد بيعها فقال لا الا ان أعطني بها ما أريد و لا أظنه اعطى و قال فكم فيها قال أربعين نخلة قال لقد جئت بامر عظيم ثم سكت عنه فقال له انا أعطيك أربعين نخلة قال فاشهد لى ان كنت صادقا فدعا قومه فاشهد له ثم ذهب الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال يا رسول اللّه ان النخلة قد صارت لى فهى لك فذهب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى صاحب الدار فقال النخلة لك فأنزل اللّه تعالى و الليل إذا يغشى قال ابن كثير غريب جدا و ذكر البغوي عن على بن حجر عن اسحق بن نجيح عن عطاء نحوه و فيه ان صاحب النخلة شكى الى النبي صلى اللّه عليه و سلم تناول صبيان الجار من نخلة فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم بعينها بنخلة فى الجنة فابى فخرج فلقيه ابو الدحداح الى اخر القصة قال فأنزل اللّه تعالى و الليل إذا يغشى الى قوله ان سعيكم لشتى و الصحيح هى الرواية الاولى يعنى نزلت فى ابى بكر الصديق و امية بن خلف لان السورة مكية و قصة صاحب النخلة و ابى الدحداح يقتضى كونها مدنية و على تقدير صحة الرواية الثانية فنقول نزول الاية بمدح ابى الدحداح رضى اللّه عنه قال اللّه تعالى فاما من اعطى و اتقى كابى الدحداح و صدق بالحسنى اى بما وعد النبي صلى اللّه عليه و سلم فسنيسره لليسرى يعنى الجنة و لما كان حكم الاية عاما و ان كان موردها خاصا عقبه بما يقيده من الوعيد فقال و اما من بخل و استغنى الاية و ليست هذه الجملة للوعيد فى حق صاحب النخلة فانه كان رجلا من الأنصار لم يكن ممن استغنى من ثواب اللّه تعالى و نعيم الجنة و كذب بالحسنى بل كان مصدقا بها و النخل المستوجب للنار انما هو منع الزكوة المفروضة كما لا يخفى و اللّه تعالى اعلم.

﴿ ١٠