سُورَةُ الْقَدْرِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ خَمْسُ آياَتٍ

مكّيّة و هى خمس آيات

 بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

 اخرج الترمذي و الحاكم و ابن جرير عن الحسن بن على عليهما السلام قال ان النبي صلى اللّه عليه و سلم ارى بنى امية على منبره فساءه ذلك فنزلت انا أعطيناك الكوثر و نزلت

_________________________________

١

إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

٢

وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ

٣

لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يملكها بنى امية قال القاسم بن الفضل الهمداني فعددنا فاذا هى الف شهر لا يزيد و لا ينقص قال الترمذي غريب و قال المزني و ابن كثير منكر جدا

و اخرج ابن ابى حاتم و الواحدي عن المجاهد ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذكر رجلا من بنى إسرائيل لبس من السلام فى سبيل اللّه الف شهر فحجب المسلمون من ذلك فنزلت انا أنزلناه فى ليلة القدر و ما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر التي ليس ذلك الرجل السلاح فى سبيل اللّه فيها

و اخرج ابن جرير عن مجاهد قال كان فى بنى إسرائيل رجلا يقوم حتى يصبح ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسى فعمل ذلك الف شهر فانزل اللّه تعالى ليلة القدر خير من الف شهر عملها ذلك الرجل و روى مالك فى المؤطا انه سمع من يثق به من اهل العلم يقول ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تفاصر فى أعمار أمته لا يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم فى طول العمر فاعطاه اللّه ليلة القدر خير من الف شهر قلت هذا مرسل لكنه أصح ما ورد فى الباب و هذا يدل على ان ليلة القدر من خصائص هذه الامة و به جزم ابن حبيب من المالكية و نقله عن الجمهور صاحب العدة من الشافعية و يرد عليه حديث ابى ذر عند النسائي حيث قال قلت يا رسول اللّه أ يكون مع الأنبياء فاذا ماتوا رفعت قال بل هى باقية و رجح الحافظ ابن حجر كونها فى الأمم الماضية و قال ما رواه المالك بلاغا يحمل التأويل فلم يدفع الصريح قلت ما رواه مالك اصرح فى الدلالة من المرفوع فى حديث ابى ذر فان لفظ المرفوع بل هى باقية يحتمل ان يكون معناه بل هى باقية بعد نبينا صلى اللّه عليه و سلم لكن حديث ابى ذر يدفع قول من قال انها لم تكن الا فى سنة واحدة فى حبور النبي صلى اللّه عليه و سلم و ما قيل انها رفعت بعده صلى اللّه عليه و سلم و كذا يدل على تأييده ما روى عن ابى هريرة قيل زعموا ان ليلة القدر رفعت قال كذب من قال ذلك رواه عبد الرزاق قال الراوي قلت هى فى كل شهر رمضان استقبله قال نعم قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ يعنى القران كناية عن غير مذكور تفخيما و شهادة له بالعظمة المغنية عن تصريح فى انتقال الذهن اليه كما عظمه بان أسند انزاله الى نفسه و قدم المسند اليه على الخبر الفعلى لزيادة التأكيد و التقوى او للتخصيص ثم عظمه باعتبار وقت نزوله فقال فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يقدر اللّه تعالى فيها امر السنة فى عباده و بلاده الى السنة المستقبلة قيل للحسين بن الفضل أ ليس قد قدر اللّه تعالى المقادير قبل ان يخلق السموات و الأرض قال نعم قيل فما معنى ليلة القدر قال سوق المقادير الى المواقيت و تنفيذ القضاء المقدر يعنى اطلاع الملائكة الموكلة على الأمور فى تلك الليلة على ما قدر اللّه تعالى امر السنة فى عباده و بلاده الى السنة المقبلة و قال عكرمة تقدير المقادير و إبرام الأمور فى ليلة النصف من الشعبان فيها ينسخ الاحياء من الأموات فلا يزداد فيهم و لا ينقص منهم و يؤيده ما رواه البغوي ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال يقطع الآجال من شعبان الى شعبان حتى ان الرجل لينكح و يولد له و لقد خرج اسمه فى الموتى قلت لعل تقدير المقادير بنحو من الانجاء او بعضها فى ليلة النصف من شعبان و تقديرها كلها و تسليمها الى أربابها انما هو فى ليلة القدر قال اللّه تعالى فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ قال ابن عباس يكتب من أم الكتاب فى ليلة القدر ما هو كاين فى السنة من الخير و الشر و الأرزاق و الآجال حتى الحاج يقال يحج فلان و فلان و روى ابو الضحى عن ابن عباس ان اللّه يقضى الا قضية ليلة النصف من شعبان و يسلمها الى أربابها فى ليلة القدر كذا ذكر البغوي و قال الزهري سميت بها للعظمة و الشرف قال اللّه تعالى و ما قدروا اللّه حق قدره اى ما عظموه و قيل لان العمل الصالح فيه يكون ذا قدر عند اللّه و اجر جزيل و معنى نزول القران فى ليلة القدر على ما روى مفهم عن ابن عباس انه قال انزل القران جملة واحدة من اللوح المحفوظ ليلة القدر من شهر رمضان الى بيت العزة فى السماء الدنيا ثم نزل به جبرئيل عليه السلام على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نجوما نجوما فى عشرين سنة فذلك قوله بمواقع النجوم و روى عن ابى ذر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال انزل صحف ابراهيم فى ثلث مضين من رمضان و يروى فى أول ليلة من رمضان و أنزلت تورية موسى فى ست ليال مضين من رمضان و إنزال الإنجيل فى ثلث عشرة مضت من رمضان و انزل زبور داود فى ثمان عشرة ليلة من رمضان و انزل القران على النبي صلى اللّه عليه و سلم فى اربعة و عشرين لست بقين بعدها

و اخرج احمد و الطبراني من حديث و أيلة بن الأسقع نزلت صحف ابراهيم أول ليلة من رمضان و أنزلت التورية لست مضين و الإنجيل لثلث عشرة و القران لاربع و عشرين و بناء على تلك الأحاديث قال بعض العلماء ان ليلة القدر ليلة اربع و عشرين من رمضان و روى هذا القول عن ابن مسعود و الشعبي و الحسن و قتادة و يويد قولهم ما روى احمد عن بلال مرفوعا التمسوا ليلة القدر ليلة اربع و عشرين و فيه ابن لهيعة قال الحافظ ابن حجر اخطأ ابن لهيعة فى رفعه قلت و تلك الأحاديث لو صحت لا تدل على ان يكون ليلة القدر فى كل عام ليلة اربع و عشرين بل كونها كذلك سنة نزول القران الى بيت العزة او فى سنة حكى عنه بلال (فائدة) اختلف العلماء فى تعيين ليلة القدر على نحو من أربعين قولا و الصحيح انها ليلة منتقلة فى العشر الأواخر من كل رمضان جمعا بين الأحاديث الصحاح و إعراضا عما يخالفها منها حديث سلمان الفارسي قال خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى اخر يوم من شعبان فقال يا ايها الناس قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك شهر فيه ليلة خير من الف شهر و قد مر هذا الحديث فى سورة البقر و فضائل رمضان و هذا الحديث يدفع ما قيل انها يكون فى رمضان و غيره كذا ذكر قاضيخان مذهب ابى حنيفة لا يقال لعلها كانت فى سنة نزول القرآن او عما حكى عنه سلمان خاصة فى رمضان فلا يدفع بهذا الحديث و لا بالآية لانا نقول ورد فى حديث سلمان نعوت شهر رمضان مطلقا حيث قال جعل اللّه صيامه فريضة و قيام ليلة تطوعا و من تطوع فيه كان كمن ادى فريضة فى غيره و من ادى فريضة كان كمن ادى سبعين فريضة و انه شهر الصبر و شهر المواساة و غير ذلك و ليس شى ء من تلك النعوت مختصا برمضان تلك السنة فكذا هذا و منها حديث عائشة قالت كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يجتهد فى عشر الأواخر ما لا يجتهد فى غيره رواه مسلم و قالت كان إذا دخل العشر شد ميزره و أحيا ليله و أيقظه اهله متفق عليه و قالت كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه اللّه ثم اعتكف أزواجه بعده متفق عليه و قالت كان يجاور العشر الأواخر من رمضان و يقول تحروا الليلة القدر فى العشر الأواخر من رمضان رواه البخاري و منها حديث ابى سعيد الخدري ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اعتكف العشر الاول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط فى قبة تركية ثم اطلع رأسه فقال انى اعتكف العشر الاول التمس هذه الليلة ثم اعتكف العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لى انها فى العشر الأواخر فمن اعتكف معى ظيعتكف العشر الأواخر فانى اريت هذه الليلة ثم أتيتها و قد رايتنى اسجد فى الماء و الطين من صبيحتها فالتمسوها فى كل وتر قال فمطر السماء تلك الليلة و كان المسجد على عريش فوكف المسجد فيضرب عينى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و على جبهته اثر الماء و الطين من صبيحة احدى و عشرين متفق عليه فى المعنى و روى مسلم من حديث ابى سعيد قال اعتكف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم العشر الأوسط من رمضان يلتمس ليلة القدر فلما انقضين امر بالبناء نوقض ثم أنسيت و انها فى العشرة الأواخر فامر بالبناء فاعيد ثم خرج على الناس فقال يا ايها الناس انها كانت اريت لى ليلة القدر و انى خرجت لاخبركم فجاء رجلان معهما شيطان فنسيتها فالتمسوها فى العشرة الأواخر من رمضان و التمسوها فى التاسعة و السابعة و الخامسة قال قلت يا أبا سعيد انكم اعلم بالعدد منا قال أجل نحن أحق بذلك منكم قال التاسعة و السابعة و الخامسة قال إذا مضت واحدة و عشرون فالتى تليها ثنتان و عشرون فهى التاسعة و إذا مضى ثلث و عشرون فالتى تليها السابعة و إذا مضى خمس و عشرون فالتى تليها الخامسة و روى الطيالسي عن ابى سعيد مرفوعا ليلة القدر ليلة اربع و عشرين و منها حديث عبد اللّه بن أنيس مرفوعا اريت ليلة القدر ثم أنسيتها و أراني صبيحتها اسجد فى الماء و الطين قال فمطرنا ليلة ثلث و عشرين فصلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعنى الفجر فانصرف و اثر الماء و الطين على جبهته و انفه رواه مسلم و ابو داود عنه قال قلت يا رسول اللّه ان لى بادية أكون فيها فمر لى بليلة انزل فقال انزل ليلة ثلث و عشرين و فى رواية عنه انه سال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن ليلة القدر صبيحة احدى و عشرين فقال كم الليلة قلت ليلة اثنين و عشرين قال هى الليلة او القابلة و منها حديث ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من كان متحريا فليتحرها ليلة سبع و عشرين رواه احمد و ابن المنذر معناه و حديث جابر بن سمرة نحوه أخرجه الطبراني و حديث معاوية بن ابى سفيان عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فى ليلة القدر قال ليلة القدر سبع و عشرين رواه ابو داود بأحاديث ليلة سبع و عشرين أخذ احمد و هى رواية عن ابى حنيفة و به جزم ابى بن كعب و حلف عليه فقيل لابى باى شى ء تقول ذلك يا أبا المنذر قال بالعلامة التي أخبرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انها يعنى الشمس تطلع يومئذ لا شعاع لها رواه مسلم و روى هذا القول ابن ابى شيبة عن عمرو حذيفة و أناس من الصحابة و يستدل بهذه المقالة بما رواه مسلم عن ابى هريرة قال تذاكرنا ليلة القدر فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أيكم يذكركم حين طلع القمر كانه شق جفنه قال ابو الحسن الفارسي اى ليلة سابع و عشرين فان القمر يطلع فيها بتلك الصفة قال المراد به كمال وقته و ذا بالسابع و العشرين و هذا الاستدلال ضعيف لان الظاهر من الحديث انه كما ان الشمس من صبيحتها تطلع بلا شعاع كذلك القمر فى تلك الليلة يطلع بلا شعاع لا لاجل كمال وقته بل لمعنى اخر فهذه الأحاديث لا تدل الا على كون ليلة القدر تارة ليلة سابع و عشرين لا على انها لا تكون الا تلك الليلة و منها حديث ابن عمر راى رجل ليلة القدر ليلة السابعة و عشرين فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم اراى روياكم فى العشر الأواخر فاطلبوها فى الوتر فيها رواه مسلم و منها حديث ابن عمر مرفوعا فليتحرها ليلة السابعة رواه عبد الرزاق و روى احمد عن ابن عباس نحوه يعنى السابعة بعد العشرين او السابعة من الليالى الباقية و منها حديث النعمان بن بشير مرفوعا سابعة تمضى او سابعة تبقى رواه احمد عن ابن عباس مرفوعا هى فى العشر الأواخر فى تسع يمضين او سبع يبقين و فى لفظ تسع يمضين رواه البخاري و فى لفظ للبخارى التمسوها فى العشر الأواخر فى تاسعة تبقى فى سابعة تبقى فى خامسة تبقى و منها حديث عبادة بن الصامت قال خرج النبي صلى اللّه عليه و سلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاقى رجلان من المسلمين فقال خرجت لاخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان و فلان فرفعت عسى ان يكون خيرا لكم فالتمسوها فى التاسعة و السابعة و الخامسة اواه او سبع يبقين و منها حديث ابى بكر فقال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول التمسوها يعنى ليلة القدر فى تسع يبقين او خمس يبقين او ثلث اواخر ليلة رواه الترمذي و روى احمد من حديث عبادة بن الصامت نحوه منها حديث ابن عمران رجلا من اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم راى ليلة القدر فى المنام فى السبع الأواخر فقال عليه السلام ارى روياكم قد تواطئت فى السبع الأواخر فمن كان متحريا فليتحرها فى السبع الأواخر فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم التمسوها فى السبع الأواخر و منها عن على مرفوعا ان غلبتم فلا تغلبوا فى السبع البواقي رواه احمد و حديث ابن عمر مرفوعا التمسوها فى العشر الأواخر فان ضعف أحدكم او عجز فلا يغلبن على السبع البواقي رواه مسلم و يظهر من هذه الأحاديث كلها ان ليلة القدر تكون فى العشر الأواخر من رمضان فتارة تكون ليلة احدى و عشرين كما ثبت من حديث ابى سعيد نحوه و تارة تكون ليلة ثلث و عشرين كما ثبت بحديث عبد اللّه بن أنيس و تارة ليلة اربع و عشرين التي انزل فيها القران و تارة ليلة سبع و عشرين كما ظهر على ابى بن كعب بالعلامة و تارة ليلة تاسع تبقى يعنى الثانية و العشرين او خامسة تبقى و هى السادسة و العشرين او ثلث تبقين و هى الثامنة و العشرين او تسع تمضين و هى التاسعة و العشرين اواخر ليلة و هى الثلثين فلا تعارض فى الأحاديث على هذا التأويل و اللّه تعالى اعلم و قيل معنى الاية انا أنزلنا القران فى فضل ليلة القدر و ذلك قوله تعالى وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ ما فى قوله ما أدريك استفهامية للانكار و الغرض منه التعظيم و التعجب و كذا فى ما ليلة القدر و جملة ما ليلة القدر بتأويل المفرد مفعول ثان لادراك و المعنى اى شى ء ادراك عظمة ليلة القدر و فضلها فان عظمتها و فضلها اكثر من ان يدرك و الجملة معترضة ثم بين اللّه فضلها و عظمها بجملة مستأنفة فقال لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ط ليس فيها ليلة القدر يعنى ان من أحياها بالعبادة كان له اجرا كثيرا لمن عمر الف شهر بالعبادة و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من قام ليلة القدر ايمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه رواه البخاري و عند مسلم بلفظ من يقم ليلة القدر فيوافقها و عند احمد من حديث عبادة بن الصامت من قامها ثم وافقت له يعنى قامها بطن ليلة القدر فوافقها فى نفس الأمر غفر له.

٤

تَنَزَّلُ حذف أحد التاءين من تتنزل الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ مر تحقيق الروح فيما سبق فِيها فى تلك الليلة من السماء الى الأرض عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا كان ليلة القدر ينزل جبرئيل فى كبكبة من الملائكة يصلون على كل عبد قائم او قاعد يذكروا اللّه عز و جل بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ج متعلق بتنزل و جملة تنزل خبر بعد خبر لليلة القدر بين فضله اخرى لها او واقع مواقع التعليل للخبرية مِنْ كُلِّ أَمْرٍ قدر فيها.

٥

سَلامٌ اما خبر مبتداء محذوف اى هو سلام و الجملة صفة الأمر و المعنى تنزل الملائكة و الروح من أجل كل امر هو سلام و الحمل على المبالغة نحو زيد عدل او بحذف المضاف اى امر هو موجب للسلامة عن كل مكروه و الظاهر ان هذا الأمر هو الرحمة و البركة فى أجور الأعمال و السكينة النازلة على المؤمنين الذاكرين اللّه تعالى و على هذا قوله هِيَ مبتداء خبره حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ع و الضمير هى راجع الى الليل لا مطلقا فانه حمل غير مفيد فان ثبوت الليل الى مطلع الفجر امر معلوم بديهي بل مقيد بصفة الخيرية و نزول الملائكة او يقال هى مبتداء و سلام خبر مقدم عليه و الجملة خبر بعد خبر ليلة القدر و تقديم الخبر على المبتدا لقصد الحصر اى ما هى الإسلام و خير كلها ليس فيها شر قال الضحاك لا يقدر اللّه فى تلك الليلة الشر و لا يقتضى الإسلام

و قال مجاهد ليلة شاملة لا يستطيع الشيطان ان يعمل فيها سوء اولا ان يحدث فيها أذى و قيل ما هى الإسلام لكثرة ما يسلم الملائكة على المؤمنين و على هذا الظرف اعنى حتى مطلع الفجر اما متعلق بمفهوم سلام بمعنى تسليم يعنى ما تلك الليلة الا مقصورة على التسليم حتى مطلع الفجر او هو ظرف مستقر خبر مبتداء محذوف اى تلك حتى مطلع الفجر و هذه الجملة خبر اخر لليلة القدر او متعلق يتنزل و على هذين التقديرين سلام هى جملة معترضة قرا الكسائي مطلع الفجر بكسر اللام و الباقون بفتح اللام و هو اما مصدرا بمعنى الطلوع او ظرف زمان وقت طلوعه- (فائدة) قيل يرى فى ليلة القدر كل شى ء ساجدا و الأنوار فى كل مكان ساطعة و يسمع سلام و خطاب من الملائكة قلت و هذا امر قد يظهر بنظر الكشف على بعض الأكابر لا على كل منهم و لا يشترط لحصول الثواب ظهور شى ء فيها و لو كان ظهور تلك الأشياء امرا كليا او أكثريا لم يتصور خفاءها و ابهامها على الامة لا سيما على الصحابة و التابعين و من يليهم و أكابر الأولياء و لكن يشترط لحصول ثواب ليلة القدر عبادة اللّه تعالى كما يدل عليه قوله عليه السلام من قام ليلة القدر ايمانا و قوله عليه السلام يصلون على كل عبد قائم او قاعد يذكر اللّه

(مسئلة) من ادى صلوة العشاء و الفجر فى تلك الليلة بالجماعة فقد أدرك ثواب تلك الليلة و من زاد زاده اللّه عن عثمن رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من صلى العشاء فى جماعة فكانما قام نصف الليل و من صلى الصبح فى جماعة فكانما صلى الليل كله رواه مسلم يعنى من صلى الصبح فى جماعة بعد ما صلى العشاء فكانما صلى الليل كله فكل صلوة قايم مقام نصف الليل فانهما فريضتى الليل و اما المغرب فانها وتر النهار يستحب ان يكثر فى ليلة القدر اللّهم انك عفو تحب العفو فاعف عنى لحديث عايشة قالت قلت يا رسول اللّه ارايت ان علمت اى ليلة القدر ما أقول فيها قال قولى اللّهم انك عفو إلخ رواه احمد و ابن ماجة و الترمذي- و اللّه تعالى اعلم.

﴿ ٠