سُورَةُ الْهُمَزَةِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ تِسْعُ آياَتٍ مكيّة و هى تسع آيات بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ _________________________________ ١ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ قال ابن عباس هم المشاءون بالنميمة المفرقون بين الاحبة الباغون للبراء العيب و معناهما واحد و هو عياب و قال مقاتل الهمزة الذي يعيبك فى الوجه و اللمزة الذي يعيبك فى الغيبة و قال ابو العالية و الحسن على ضده و قال سعيد بن جبير و قتادة الهمزة الذي يأكل لحوم الناس و يغتابهم و اللمزة الطعان فيهم و قال ابن زيد الهمزة من يهمز الناس بيده و يضرهم و اللمزة الذي يلمزهم بلسانه و يعيبهم و قال سفيان الثوري يهمزه بلسانه و يلمز بعينه و مثله و قال ابن كيسان الهمزة الذي يوذى جليسه باللفظ و اللمزة الذي يومض بعينه و يشير برأسه و يرمز بحاجبه قلت الهمزة فى الأصل الكسر و النخس فى الحديث اللّهم انى أعوذ بك من همزات الشياطين و اللمز الطعن ثم شاعا فيما ذكره هو الكسر فى اعراض الناس و الطعن فيهم و بناء فعله للاعتياد فلا يق ضحكة و شجرة و لعهة و همزة و لمزة الا للمكثر المتعود و اخرج ابن ابى حاتم عن عثمن بن عمر قال مازلنا نسمع ان ويل لكل همزة نزلت فى ابى بن خلف و اخرج عن السدى قال نزلت فى اخنس بن شريق بن وهب الثقفي و اخرج ابن جرير عن رجل من اهل الرقة قال نزلت فى جميل بن عامر و اخرج ابن المنذر عن ابن اسحق كان امية بن خلف الجمحي إذا راى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم همزة و لمزة فانزل اللّه تعالى ويل لكل همزة السورة كلها و قال مقاتل نزلت فى الوليد بن المغيرة كان يغتاب النبي صلى اللّه عليه و سلم من ورائه و يطعن عليه فى وجهه و الاية عامة بصيغتها لكل من هذه صفة و ان كانت نازلة فى واحد منهم. ٢ الَّذِي جَمَعَ قرأ جعفر و ابن عامر و حمزة و الكسائي بتشديد الميم على التكثير و الباقون بالتخفيف و الموصول اما مجرور بدل من كل او منصوب على الذم او مرفوع خبر مبتداء محذوف اى هو الذي جمع مالًا وَ عَدَّدَهُ اى أحصاه و جعله عدة للنوازل و عده مرة بعد اخرى. ٣ يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ ان مع الجملة قائم مقام المفعولين ليحسب اى يجعله خالدا فى الدنيا لا يموت مع يساره كانه يزعم ان من لا مال له يموت بالجوع و من كان له مال لا يموت ابدا و هذا كناية عن طول أمله و غفلته عن الموت و حبه للمال و ليس على الحقيقة فان أحدا لا يزعم انه لا يموت ابدا او فيه تعريض بان المخلد هو الايمان و الأعمال الصالحة دون المال عن عبد اللّه بن مسعود قال خط النبي صلى اللّه عليه و سلم خطا مربعا و خط خطا فى الوسط خارجا منه و خط خطوطا صغارا الى هذا الذي فى الوسط من جانب الذي فى الوسط فقال هذا انسان و هذا اجله محيط به و هذا الذي هو خارج أمله و هذه الخطط الصغار الاعراض فان أخطأه هذا نهشه هذا و ان أخطأه نهشه هذا و عن انس قال خط النبي صلى اللّه عليه و سلم خطوطا فقال هذا الأمل و هذا اجله فبينما هو كذلك إذ جاءه الخطا الأقرب روى من المحدثين البخاري. ٤ كَلَّا ردع عن الخصال المذكورة من الهمزة و اللمزة و حب المال و طول الأمل لَيُنْبَذَنَّ جواب قسم محذوف و جاز ان يكون كلا بمعنى حقا مفيد المعنى القسم فعلى هذا قوله لينبذن جواب قسم مذكور فِي الْحُطَمَةِ ج و هى اسم من اسماء جهنم و انما سميت به لانها تحطم و تكسر كل ما يطرح فيها ثم بين شدة أمرها بقوله. ٥ وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ ط استفهام للتفخيم و التهويل و الجملة معترضة لاستعظام شانها يعنى أنت لا تدرى شدة أمرها فانها أعظم من ان يدرك او يخيل ثم فسرها بعد الإبهام بقوله. ٦ نارُ اللّه خبر مبتداء محذوف اى هى نار اللّه أضاف الى نفسه للتعظيم فانها مظهر قهر اللّه نعوذ باللّه منها و صفات اللّه تعالى كلها جلالية كانت او جمالية بالغة فى الكمال الى مرتبة لا يمكن فوقها و لا يدرك قدرها الْمُوقَدَةُ صفة للنار على البناء للمجهول يعنى أوقدها اللّه تعالى و ما اوقده اللّه تعالى لا يقدر غيره ان يطفئه عن ابى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال أوقد على النار الف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها الف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها الف سنة حتى اسودت فهى سوداء مظلمة رواه الترمذي. ٧ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ط اى تبلغ الى الافئدة و الاطلاع و البلوغ بمعنى واحد يحكى عن العرب من اطلعت ارضنا اى بلغت اخرج ابن المبارك عن خالد بن عمران بسنده الى النبي صلى اللّه عليه و سلم قال ان النار تأكل أهلها حتى إذا طلعت الى افئدتهم انتهت ثم يعود كما كان ثم تستقبله فتظلع على فواده فهو كذلك فذلك قوله تعالى نار اللّه الموقدة التي تطلع على الافئدة و كذا قال القرطبي و الكلبي قلت فذكر الفواد هاهنا للدلالة على تابيد العذاب فان نار الدنيا إذا أحرقت أحدا تميته قبل ان تطلع على فواده بخلاف نار جهنم او لان الفواد ألطف ما فى البدن و أشد تألما او لأنه محل العقائد الزائغة و منشأ الأعمال القبيحة فكانه هو منبع نار جهنم. ٨ إِنَّها عَلَيْهِمْ جمع الضمير رعاية لمعنى كل و الظرف متعلق بما بعده مُؤْصَدَةٌ جملة مستانفة كانها فى جواب ما بالهم لا يخرجون و لا يفرون فقال انها عليهم موصدة اى مطبقة كذا اخرج ابن مردوية عن ابى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم يعنى مغلقة من أوصدت الباب إذا اطبقه اخرج ابن جرير و ابن ابى حاتم و ابن ابى الدنيا و البيهقي عن ابن مسعود قال إذا بقي فى النار من يخلد فيها جعلوا فى توابيت من حديد فيها مسامير من حديد ثم جعلت تلك التوابيت فى توابيت من حديد ثم قذفوا فى أسفل الجحيم فما يرى أحدا بعذاب غيره و اخرج ابو نعيم و البيهقي عن سويد بن غفلة نحوه. ٩ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ع الظرف متعلق بمحذوف فى محل النصب على الحالية اى موثقين فى عمد و جاز ان يكون متعلقا بمؤصدة فيكون النار داخل العمد قرا حمزة و الكسائي و ابو بكر عمد بضم العين و الميم و الآخرون بفتحها و هما جمع عمود مثل أديم و آدم و آدم قاله القراء و قال ابو عبيد جمع عماد مثل إهاب واهب قال ابن عباس أدخلهم فى عمد فمدت عليهم بعماد و فى أعناقهم السلاسل و سدت عليهم بعماد لهما الأبواب و قال قتادة بلغنا انها عمد يعذبون بها فى النار و قيل هى أوتاد الاطباق الذي يطبق على اهل النار اى انها مطبقة عليهم بأوتاد ممدودة و هى فى قراءة عبد اللّه بعمد بالباء و قال مقاتل أطبقت الأبواب عليهم ثم سدت بأوتاد من حديد من نار حتى يرجع عليهم باب و لا يدخل عليهم ممددة صفة لعمد اى مطولة فتكون ارسخ من القصيرة- و اللّه تعالى اعلم. |
﴿ ٠ ﴾