سُورَةُ الْكَوْثَرِ وَهِيَ ثَلاَثَ آيَةً مكيّة و هى ثلث آيات بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ روى مسلم عن انس قال بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذات يوم بين أظهرنا إذا أغفى اغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما اضحكك يا رسول اللّه قال أنزلت على آنفا سورة فقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم انا أعطيناك الكوثر فصل لربك و انحر ان شانئك هو الأبتر قال أ تدرون ما الكوثر قلنا اللّه و رسوله اعلم قال فانه نهر و عدنيه ربى عليه خير كثير هو حوض يرد عليه أمتي يوم القيامة انيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم فاقول رب انه أمتي فيقول ما تدرى ما أحدث بعدك و اخرج الطيراني بسند ضعيف عن ابى أيوب قال لما مات ابراهيم ابن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مشى المشركون بعضهم الى بعض فقالوا ان هذا الصابي قد بتر الليلة فانزل اللّه تعالى انا أعطيناك الكوثر و كذا اخرج ابن المنذر عن ابن جريج و اخرج ابن جرير عن شهر بن عطية قال كان عقبة بن ابى معيط يقول لا يبقى لمحمد ولد و هو ابتر فانزل اللّه فيه ان شانئك هو الأبتر و اخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير فى قوله فصل لربك و انحر قال أنزلت يوم الحديبية أتاه جبرئيل فقال انحر و ارجع فقام فخطب خطبة القصر و النحر ثم ركع ركعتين ثم انصرف الى البدن فنحرها و فيه غرابة شديدة و اخرج البزار و غيره بسند صحيح عن ابن عباس قال قدم كعب بن الأشرف مكة فقالت له قريش أنت سيد اهل المدينة الا ترى الى هذا المتصبر المنتبز من قومه يزعم انه جرمنا و نحن اهل الحجيح و اهل السقاية و اهل السدانة قال أنتم خير منه فنزلت ان شانئك هو الأبتر و اخرج ابن ابى شيبة فى المصنف و ابن المنذر عن عكرمة قال لما اوحى الى النبي صلى اللّه عليه و سلم قالت قريش بتر محمد منا فنزلت ان شانئك هو الأبتر و اخرج ابن ابى حاتم عن السدى قال كانت قريش تقول إذا مات ذكورا الرجل بتر فلان فلما مات ولد النبي صلى اللّه عليه و سلم قال العاص بن وائل بتر محمد فنزلت و اخرج البيهقي فى الدلائل مثله عن محمد ابن على بن الحسين و سمى الولد القاسم و اخرج البيهقي فى الدلائل عن مجاهد قال فنزلت فى العاص ابن وائل قال انا شاتى محمد و ذكر البغوي ان العاص بن وائل السهمي راى النبي صلى اللّه عليه و سلم يخرج من المسجد و هو يدخل فالتقيا عند باب بنى سهم و تحدثا و أناس من صناديد قريش جلوس فى المسجد فلما دخل العاص قالوا من الذي تحدث معه قال ذلك الأبتر يعنى النبي صلى اللّه عليه و سلم و كان قد توفى ابن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من خديجة و ذكر محمد بن اسحق عن يزيد بن رومان قال كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال دعوه فانه رجل ابتر لا عقب له فاذا هلك انقطع ذكره فانزل اللّه هذه السورة قلت و الصحيح عندى ان نزول انا أعطيناك الكوثر لم يكن عند وفات ابن النبي صلى اللّه عليه و سلم فان القاسم مات بمكة قبل الهجرة و فى رواية قبل البعثة و ما روى عن محمد بن على فهو من رواية جابر الجعفي و هو كذاب و ابراهيم مات سنة عشر جزم به الواقدي و قال يوم الثلثاء بعشر خلون من ربيع الاول كذا فى سبيل الرشاد و الصحيح فى نزول هذه السورة رواية مسلم عن انس و رواية البزار عن ابن عباس حين قدم كعب بن الأشرف مكة و اللّه اعلم قوله تعالى _________________________________ ١ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ قال اهل اللغة الكوثر فوعل من الكثرة كنوفل من النفل و العرب تسمى كل شى ء كثير فى العدد او كثير فى القدر و الخطر كوثر و من هاهنا ما روى البخاري و من طريق ابى بشر و عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه اللّه إياه قال ابو بشر قلت لسعيد بن جبير ان ناسا يزعمون انه نهر فى الجنة قال سعيد النهر الذي فى الجنة من الخير الذي أعطاه إياه فعلى هذا احمل ابن عباس اللام فى الكوثر للجنس و زعم ان الحوض فرد من افراده و كذا من قال هو النبوة و القران و الاولى حمل اللام على العهد تفسيره بما فسر به النبي صلى اللّه عليه و سلم كما ذكرنا حديث مسلم عن انس و فى الصحيحين عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دخلت الجنة فاذا انا ينهر حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت يدى الى ما يجرى فيه الماء فاذا مسك ازفر قلت ما هذا يا جبرئيل قال هذا الكوثر الذي اعطاك اللّه و عند احمد و الترمذي عنه مرفوعا قال هو أشد بياضا من اللبن و احلى من العسل و فيه طيور أعناقها كاعناق الجزر قال عمر يا رسول اللّه انها لناعمة قال أكلها أنعم منها يا عمر و اخرج الطبراني عن اسامة بن زيد ان امرأة حمزة بن عبد المطلب قالت يا رسول اللّه انك أعطيت نهرا فى الجنة تدعى الكوثر قال أجل و ارضه ياقوت و مرجان و زبرجد و لؤلؤ هو ما بين ايله و صنعاء فيه أباريق مثل عدد النجوم و اخرج الطبراني عن حذيفة فى قوله تعالى انا أعطيناك الكوثر قال نهر فى الجنة أجوف فيه آنية من الذهب و الفضة لا يعلمها الا اللّه تعالى و اخرج احمد و الترمذي و صححه و ابن ماجة عن ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الكوثر نهر فى الجنة حافتاه من ذهب و الماء يجرى على اللؤلؤ الحديث و اخرج البخاري عن عائشة انها سالت عن قوله تعالى انا أعطيناك الكوثر قالت نهر أعطاه اللّه تعالى نبيكم صلى اللّه عليه و سلم ذكر الحوض فى رواية بضع و خمسين صحابيا الخلفاء الاربعة و ابن مسعود و ابن عباس و الحسن بن على و حمزة بن عبد المطلب و عائشة و أم سلمة و ابو هريرة و ابى بن كعب و عبد الرحمن بن عوف و جابر بن عبد اللّه و غيرهم و سرد السيوطي فى البدور السافرة الأحاديث الواردة فيه نحوا من سبعين. ٢ فَصَلِّ الفاء للسببية يعنى فصل شكر اللّه تعالى على ما اعطاك فان الصلاة جامعة لاقسام الشكر باللسان و القلب و الجوارح و قيل معناه دم على الصلاة لِرَبِّكَ خالصا بوجهه خلافا لمن يصلون و ينحرون بغير اللّه و خلافا لمن يراؤن فيها وَ انْحَرْ ط البدن التي هى خيار اموال العرب و تصدق على اليتامى و المساكين خلافا لمن يدعون اليتامى و المساكين و يمنعون الماعون فهذه السورة كالمقابلة لسورة المقدمة قال عكرمة و عطاء و قتادة فصل لربك صلوة العيد يوم النحر و نحر نسكك فعلى هذا يثبت به وجوب صلوة العيد و الاضحية و قال سعيد بن جبير فصل الصلاة المفروضة بجمع و انحر البدن بمنى و روى عن ابن الجوزاء عن ابن عباس قال فصل لربك و انحر وضع اليمين على الشمال فى الصلاة عند النحر. ٣ إِنَّ شانِئَكَ عدوك مبغضك هُوَ الْأَبْتَرُ ع اى لا عقب له بمعنى انه لا يعقبه ذكر حسن و يعقبه اللعنة من اللّه و الملائكة و الناس أجمعين فلا يرد ما قيل ان العاص بن وائل كان له عقب و هو عمرو و هشام فكيف يثبت له البتر و انقطاع الولد و ان عمرو و هشام أسلما فقد انقطعت بينه و بينهما حتى لا يرثانه فهم من أبناء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أزواجه أمهاتهم و ذكر خبر ان معرفا باللام و إيراد ضمير الفصل للدلالة على الحصر يعنى لست بأبتر فانه يبقى ذكرك مع ذكر اللّه تعالى ابدا و يدوم حسن صيتك و اثار فضلك الى يوم القيامة و الاخرة خير لك من الاولى و يبقى ذكر المؤمنين من أمتك على السنة الملائكة و المؤمنين فى قولهم اللّهم اغفر للمومنين و المؤمنات و اللّه تعالى اعلم. |
﴿ ٠ ﴾