سُورَةُ الْفَلَقِ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ خَمْسُ آياَتٍ

مدنيّة و هى خمس آيات

 بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

 اخرج البيهقي فى دلائل النبوة من طريق الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس قال مرض رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و اله و سلم مرضا شديدا فاتاه ملكان فقعد أحدهما عند راسه و الاخر عند رجليه فقال الذي عند رجليه للذى عند راسه ما ترى قال طب قال ما طب قال سحر قال من سحره قال لبيد بن الأعصم اليهودي قال اين هو قال فى شراك فلان تحت صخرة فى ركية فاتو الركية فانزحوا و ارفعوا الصخرة ثم خذوا الكدية و أحرقها فلما أصبح رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و اله و سلم بعث عمار بن ياسر فى نفر فاتوا الركية فاذا ماءها مثل ماء الحناء ثم رفعوا الصخرة و اخرجوا الكدية و احرقوها فاذا فيها وتد فيه أحد عشر عقدة و أنزلت عليه هاتان السورتان فجعل كلما قرا اية انحلت عقدة قل أعوذ برب الفلق قل أعوذ برب الناس

و اخرج ابو نعيم فى الدلائل من طريق ابى جعفر الرازي عن انس قال صنعت اليهود لرسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم شيئا فاصابه من ذلك وجع شديد فدخل عليه أصحابه فظنوا انه المايه فاتاه جبرئيل بالمعوذتين فعوذبهما فخرج الى الصحابة صحيحا و له شاهد فى الصحيحين بدون نزول السورة و ذكر البغوي قول ابن عباس و عائشة كان غلام من اليهود يخدم رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم فدبت اليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذوا مشاطة راس النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم و عدة أسنان مشطة فاعطاها اليهود فسحروا فيها و تولى ذلك لبيد بن الأعصم رجل من اليهود فنزلت السورتان و روى البغوي بسنده عن عائشة ان النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم طب حتى انه ليخيل انه قد صنع شيئا و ما صنعه و انه دعا ربه ثم قال ان اللّه أفتاني فيما استفتيته فيه فقالت عائشة و ما ذاك يا رسول اللّه قال جاءنى رجلان فجلس أحدهما عند راسى و الاخر عند رجلى فقال أحدهما لصاحبه ما وجع الرجل قال الاخر مطبوب قال من طبه قال لبيد بن الأعصم قال فيما ذا قال فى مشط و مشاطة و جف طلعة ذكر قال فاين هو قال فى ذروان بير بنى زريق قالت عائشة فاتاها رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم ثم رجع الى عائشة فقال و اللّه لكان ماءها نقاعة الحناء و لكان نخلها رؤس الشياطين فقلت يا رسول اللّه فلا أخرجته قال اما انا قد شفانى اللّه كرهت ان اثير على الناس شرا

قال البغوي و روى انه كان تحت صخرة فى البير فرفعوا الصخرة و اخرجوا جف الطلعة فاذا فيه مشاطة راسه و أسنان مشطة و روى البغوي بسنده عن يزيد بن أرقم قال سحر النبي صلى اللّه عليه و سلم رجل من اليهود فاشتكى لذلك إياها قال فاتاه جبرئيل فقال ان رجلا من اليهود سحرك فعقد لك عقدا فارسل رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم عليا فاستخرجها كلما حل عقد وجد لذلك خفة فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم كانما نشط عن عقال فما ذكر ذلك اليهودي و لا راه فى وجهه

و اخرج ابن مردوية و البيهقي فى الدلائل عن عائشة ان يهوديا سحر النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم فى أجد عشر عقدة فى و تردسه فى بير فمرض النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم و نزلت معوذتان و أخبره جبرئيل بموضع السحر فارسل عليا فجاء به فقرأهما عليه فكان كلما قرا اية انحلت عقدة و وجد بعض الخفة و روى انه لبث فيه ستة أشهر و اشتد عليه ثلث ليال فنزلت معوذتين و روى مسلم عن ابى سعيد ان جبرئيل اتى النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم فقال يا محمد اشتكيت فقال نعم قال بسم اللّه أرقيك من كل شى ء يؤذيك من شر كل نفس او عين حاسد اللّه يشفيك بسم اللّه أرقيك قوله تعالى

_________________________________

١

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ اى فلق الصبح و هو قول جابر بن الحسن و سعيد بن جبير و مجاهد و قتادة من قوله تعالى فالق الإصباح و قيل فلق الحب و النوى بالشطا و السحاب بالماء و الأرض بالعيون و الأرحام بالأولاد و قال الضحاك يعنى الفلق و هى رواية الوالبي عن ابن عباس و المشهور هو الاول و قال اكثر المفسرين و هى رواية عن ابن عباس انه سجن فى جهنم رواه ابن جرير و قال الكلبي واد فى جهنم

و اخرج ابن جرير عن ابى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال الفلق جب فى جهنم مغطى

و اخرج ابن جرير و البيهقي عند عبد الجبار الخولاني قال قدم علينا رجل من اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم فى دمشق فراى ما فيه الناس من الدنيا قال و ما يغنى عنهم أ ليس ورائهم الفلق قالوا و ما الفلق قال جب فى النار إذا فتح هرب منه اهل النار

و اخرج ابن ابى حاتم و ابن ابى الدنيا و ايضا عن عمرو بن عتبة قال الفلق بير فى جهنم إذا سعرت جهنم فمنه تسعر جهنم لتتاذى منه كما يتاذى بنو آدم من جهنم عليها الغطاء فاذا كشفت عنه خرجت منه نار تصيح منه جهنم من شدة حرما يخرج منه

و اخرج ابن ابى حاتم و ابن جرير عن كعب قال الفلق بيت فى جهنم إذا فتح صاح اهل النار من شدة حره

و اخرج ابن ابى حاتم عن زيد بن على عن ابائه الكرام الفلق جب فى قعر جهنم و انما خص ذكر اللّه سبحانه فى الاستعاذة بهذه الصفة لان جهنم و الفلق الذي هو أشد من اجزائه لما كان أدهى الا داهى و أعظم الأشياء شرا فخالقه و ربه اقدر على دفع كل شر و ان كان المراد بالفلق الصبح فالصبح دافع و مظهر الشرور غسق الليل فربه قادر على دفع كل شر فذكره تعالى بهذه الصفة داع الى دفع الشرور و اللّه تعالى اعلم.

٢

مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ اى من شر كل مخلوق فان الممكن لا يخلو من شر لان العدم داخل فى ماهيته غير انه كلما استضاء بالتجليات الذاتية و الصفاتية زال شره و تبدل بالخير أولئك يبدل اللّه سياتهم حسنات و قال عليه الصلاة و السلام اسلم شيطانى فلا يأمرنى الا بخير

قال البيضاوي خص عالم الخلق بالاستعاذة منه لانحصار الشر فيه فان عالم الأمر خير كله و شر عالم الخلق اما اختياري لازم كالكفر متعد كالظلم و اما طبيعى كاحراق النار و إهلاك السموم.

٣

وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ الغسق معناه الامتلاء قال اللّه تعالى انى غسق الليل اى امتلاءها ظلمة و يقال غسق العين إذا امتلئت دمعا و غسق القمر إذا امتلأ نورا و فى القاموس الغاسق القمر و الليل إذا غاب الشفق و الغسوق و الاغساق الاظلام و قيل معناه السيلان غسق الليل الضباب ظلامه و غسق العين سيلان دمعه و غسق القمر سرعة سيره و قيل الغسق البرد سمى الليل غاسقا لانها أبرد من النهار و القمر غاسقا لكونه أبرد من الشمس و لهذا يقال للقمر الزمهرير و المراد بالغاسق هاهنا القمر لحديث عائشة قالت أخذ النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم بيدي فنظر الى القمر فقال يا عائشة استعيذى باللّه من شر غاسق إذا وقب رواه البغوي بسنده فعلى هذا التقدير معنى قوله تعالى إِذا وَقَبَ إذا دخل فى الخسوف و أخذ فى الغيبوبة فان القمر لا يتخسف الا عند امتلاء نور الليلة البدر قال ابن عباس و الحسن و مجاهد المراد به الليل إذا اقبل و دخل سواده فى ضوء النهار و قال ابن زيد المراد به الثريا إذا أسقطت يقال الانتظام تكثر عند وقوعها و ترفع عند طلوعها.

٤

وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ يعنى النفوس السواحر او النساء الساحرات اللاتي ينفثن فى عقد الخيط حين يرقين و يسحرن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال ابو عبيد بناته بامره.

٥

وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ اى إذا اظهر حسده و عمل فى الإضرار بمقتضى حسده و انما قيد به لان ضرر الحسد قبل ذلك يعود الى نفس الحاسد لاغتمامه لسرور غيره و لا يتجاوز الى المحسود انما خص هذه الأشياء بالذكر بعد التعميم بقوله من شر ما خلق لكون دخل هذه الأشياء الثلاثة فى هذا الشر المخصوص اعنى سحر النبي صلى اللّه عليه و سلم و وسوسة شيطان الجن اعنى إبليس و شيطان الانس اعنى لبيد بن الأعصم أورد النفاثات بصيغة الجمع و لام العهد بخلاف غاسق و حاسد حيث أوردهما منكرا إذا الغرض فى الاستعاذة ملاحظة بنات لبيد بالتخصيص و التعين بخلاف غاسق و حاسد فان الغرض هناك استعاذة من شر اى غاسق و حاسد كان لان حساد النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم كانوا اكثر من ان يحصى و كانوا دائمين فى الحسد فاستعاذ منهم على وجه يأمن من شرهم فى المستقبل ايضا عن عقبة بن عامر قال قلت يا رسول اللّه اقرأ سورة هود و سورة يوسف قال لن تقرأ شيئا ابلغ عند اللّه من قل أعوذ برب الفلق رواه احمد و النسائي و الدارمي و اللّه تعالى اعلم.

﴿ ٠